التحقيق بحرق عائلة دوابشة: طريق مسدود

​يبدو أن تحقيق جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) في قضية الإرهاب اليهودي وحرق عائلة الدوابشة في قرية دوما، يتجه إلى طريق مسدود، بسبب عدم استطاعة المحققين انتزاع اعتراف من المتهمين بالجريمة

التحقيق بحرق عائلة دوابشة: طريق مسدود

والدة الشهيد سعد الدوابشة تجلس مقابل قبور العائلة في دوما (أ.ف.ب)

يبدو أن تحقيق جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) في قضية الإرهاب اليهودي وحرق عائلة الدوابشة في قرية دوما، يتجه إلى طريق مسدود، بسبب عدم استطاعة المحققين انتزاع اعتراف من المتهمين بالجريمة، إذ يتذرع المحققون بعدم استطاعتهم استعمال أساليب تحقيق استثنائية معهم، مثل تلك التي يستعملونها مع الفلسطينيين.

وخلال 15 سنة الماضية، حققت الوحدة المسؤولة عن الإرهاب اليهودي في الشاباك والشرطة الإسرائيلية في أكثر من 10 قضايا إرهاب يهودية، شملت القتل وأعمال عنف بحق فلسطينيين، إحراق ممتلكات وتخريب المساجد والكنائس، وغالبية هذه الجرائم لن تحل ولم يقدم المذنبون للعدالة، وذريعة محققي الشاباك هي ذاتها، لا يمكن استخدام أساليب التحقيق الاستثنائية، والأساليب المستخدمة أقل عنفًا من تلك التي تستعمل مع الفلسطينيين.

وخلال التحقيق مع الفلسطينيين الذين تتهمهم إسرائيل بارتكاب أعمال إرهابية، لا يتردد محققو الشاباك باستعمال العنف الجسدي وأساليب وحشية أخرى، مع إعلام المشتبهين بنيتهم استخدام هذه الأساليب في حال عدم وجود خيار آخر، كوسيلة لردع وإرهاب المشتبه بهم وإجبارهم على الاعتراف.

ويقول محلل الشؤون العسكرية في صحيفة 'هآرتس' العبرية، إن المشتبهين بارتكاب أعمال إرهابية من اليهود، يمتلكون جاهزية تامة للتحقيق قبل وصولهم إلى غرف الشاباك، عن طريق ورشات مخصصة على يد نشطاء من اليمين المتطرف الإسرائيلي، يتلقون فيها أساليب المراوغة في التحقيق وعدم الاعتراف، كما وردوا في الكتاب الذي ألفه أحد أنصار كهانا، المستوطن نوعام فيدرمان في بداية العقد الماضي. والمشتبهين اليهود يعلمون جيدًا أنهم لن يدانوا إذا ما التزموا الصمت في التحقيق.

وفي حال وجد محققو الشاباك والشرطة ثغرة خلال التحقيق في قضية تتعلق بالإرهاب اليهودي، وهي حالة نادرة جدًا، يجدونها عن طريق جمع الأدلة الدامغة من ساحة الجريمة والاستعانة بالأجهزة التكنولوجية المختلفة، مثل قضية إحراق كنيسة الطابغة في طبريا الصيف الماضي، إذ استعان المحققون بنحو 400 كاميرا في أنحاء البلاد لإثبات وصول المشتبهين من مركز البلاد إلى الكنيسة، بالإضافة إلى وجود أدلة في مكان الجريمة.

وفي قضية أخرى، فشل محققو الشاباك والشرطة بإدانة مستوطنين في الضفة الغربية بسلسلة جرائم إرهاب يهودي، قاموا خلالها بإطلاق النار على فلسطينيين في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الثانية، وقتلوا سبعة فلسطينيين على الأقل. وفي النهاية أدين أحد المشتبهين بوضع متفجرات في مدرسة فلسطينية.

واعترف أحد المشتبهين بالتهم الموجهة إليه، وقاد المحققين إلى مخزن سلاح وذخيرة كبير قرب أحد المستوطنات، جهزت لارتكاب جرائم إرهابية ضد الفلسطينيين، تراجع المتهم عن إفادته وبقي معظم أعضاء الخلية الإرهابية طلقاء، واعتبر الشاباك أن القضية حلت لكن عدم كفاية الأدلة منع تقديم أفراد الخلية الإرهابية للمحاكمة.  

وفي قضية إحراق عائلة الدوابشة، هناك أسباب كافية لتشكيل ضغط كبير على المحققين لفك رموز الجريمة الإرهابية، وتتقاطع كلها مجبرة المحققين على تقديم المشتبهين للمحاكمة خلال فترة قصيرة.

أول هذه الأسباب هو تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل دولة قانون، وأنها يتقدم المجرمين للمحاكمة وتحقق العدالة. ثانيًا، خلال أقل من نصف سنة ستنتهي فترة ولاية رئيس الشاباك، يورام كوهين، وسيشكل عدم فك رموز الجريمة عائقًا جديًا أمام بقائه في منصبه. وثالثًا، وهو الأهم، أمل الشارع الفلسطيني في أن تحل القضية ويقدم الإرهابيون للمحاكمة، وفي حال عدم حدوث ذلك، لا يمكن ضمان نتائج حالة الإحباط ما يترتب عليها من أفعال في الضفة الغربية.

اقرأ أيضًا| عميل يهودي لـ"الشاباك" متورط بجريمة إرهابية في الضفة

جريمة إحراق عائلة الدوابشة، وتقاعس الشاباك عن اعتقال المشتبهين وفك رموز الجريمة، كما يفعل في حال كان الماتمون فلسطينيون، أثار انتقادات واسعة وموجة غضب في الضفة الغربية، واتهامات لإسرائيل بالتستر على إرهاب المستوطنين، كانت إحدى أسباب الهبة الشعبية المندلعة منذ أكثر من شهرين.

اقرأ أيضًا| المتهمون كانوا على قائمة الشاباك قبل تنفيذ العملية الإرهابية

وفي حال استمرت الهبة والضغوط المحلية والدولية، سيترتب على المحققين استعمال أساليب أخرى مع المشتبهين، كتلك التي يستعملونها عادة مع الفلسطينيين، لإغلاق القضية بسرعة وتقديم المجرمين للمحاكمة. 

التعليقات