"الغاز لا يعزز العلاقات مع العرب ولا يصد المقاطعة"

ردا على تصريحات نتنياهو بأن الغاز سيعزز علاقات إسرائيل مع الدول العربية ويجعلها أقل عرضة لتهديد المقاطعة تجدر الإشارة إلى أن كلا من مصر والأردن جمدتا الحديث عن استيراد الغاز من إسرائيل

"الغاز لا يعزز العلاقات مع العرب ولا يصد المقاطعة"

ردا على تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، التي قال فيها إن تصدير الغاز سوف يعزز علاقات إسرائيل مع الدول العربية، أشار تسفي برئيل، المختص بالشؤون العربية في صحيفة 'هآرتس' إلى تصريحات وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني، إبراهيم سيف اليوم الثلاثاء، التي نفى فيها وجود مفاوضات أو مشاريع بشأن استيراد الغاز من إسرائيل، كما أشار برئيل إلى قرار مصر تجميد المفاوضات حول استيراد الغاز من إسرائيل، بما يضع علامات استفهام حول تصريحات نتنياهو.

وكان وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني، إبراهيم سيف، قد أعلن، اليوم، أن صفقة الغاز بين بلاده والحكومة الإسرائيلية متوقفة. ورداً على سؤال قدمته النائب، رولى الحروب، حول مصير صفقة الغاز مع إسرائيل وما إذا كان قد بدأ العمل بتمديد الأنابيب لنقل الغاز الإسرائيلي، قال سيف، خلال جلسة رقابية لمجلس النواب الأردني: 'لا يوجد مشاريع تنفذ بهذا الخصوص، والأمر متوقف عند مذكرة التفاهم التي وقعتها شركة الكهرباء الوطنية الأردنية مع شركة نوبل إنيرجي الأميركية'.

وكانت شركة نوبل إنيرجي، صاحبة حق امتياز استخراج الغاز من إسرائيل، كشفت في أيلول/سبتمبر من العام الماضي 2014، عن توقيع خطاب نوايا مع شركة الكهرباء الوطنية المملوكة بالكامل للحكومة الأردنية، لتصدير الغاز من أحد الحقول الإسرائيلية إلى الأردن لمدة 15 عاماً بقيمة تقدر بنحو 15 مليار دولار. وقد أثار توجه الحكومة شراء الغاز من الاحتلال الإسرائيلي غضباً شعبياً ونيابياً كبيراً، حيث شهد الشارع الأردني العديد من المسيرات الاحتجاجية، وأوصى مجلس النواب الحكومة بالتراجع عن الاتفاقية.

وأطلق ناشطون أردنيون حملة للمطالبة بإلغاء مذكرة التفاهم تحت شعار 'غاز العدو احتلال'، كما انطلقت حملة شعبية لإسقاط صفقة الغاز، وكشفت الحملة في دراسة خاصة أن: 'حصة الحكومة الإسرائيلية من قيمة الصفقة ستبلغ 8.4 مليارات دولار، ستذهب إلى تمويل آلة الحرب والعدوان الإسرائيلي وتمويل المستوطنات'.

اقرأ أيضًا | نتنياهو: محطات توليد كهرباء تعرضت لقصف حماس وحزب الله

وبحسب برئيل، فإن قرارات الأردن ومصر، في الأيام الأخيرة، تضعف الرؤية الأمنية التي استند إليها نتنياهو في ادعاءاته، بشأن ضرورة استخدام 'البند 52'، التي تمنح صلاحيات لوزير الاقتصاد بداعي السياسة الخارجية أو أمن الدولة، بيد أن نتنياهو عرض ادعاءين آخرين، الأول هو أن تصدير الغاز يعتبر القاعدة لتأسيس علاقات خارجية مع دول عربية، أما الثاني فهو يحاول الإقناع بأن الدولة التي تصدر الغاز تكون أقل عرضة للتهديد بالمقاطعة.

ويضيف الكاتب أن ادعاءات نتنياهو تنقصها الأسس الوقائعية، فعلاقات إسرائيل مع الدول التي وقّعت معها اتفاقيات سلام، مصر والأردن، لم تستند على الغاز أو النفط، وإنما على مصالح أمنية وآمال اقتصادية وتعهدات بحل القضية الفلسطينية وضغوط أميركية. كما أن مصر تتعاون مع إسرائيل في 'الحرب على الإرهاب' بدون أية علاقة للغاز، إضافة إلى أن التعاون الأمني بين الأردن وإسرائيل بدأ قبل توقيع اتفاق السلام.

ويضيف أن التهديد الذي يواجهه الاتفاق مع الأردن لا يكمن في إلغاء تزويد الغاز الإسرائيلي لشركة الكهرباء الأردنية، وإنما بما تصفه الأردن على أنه 'محاولة إسرائيلية للسيطرة على الحرم المقدسي'. وحتى لو حاولت إسرائيل أن تعرض على الأردن 'صفقة غاز من قبيل الأحلام' فإنها لن تستبدل المصالح الوطنية للأردن في تهدئة المعارضين للتعاون الاقتصادي بين الدولتين.

ويتابع برئيل أنه ما هو صحيح بالنسبة للأردن، صحيح بالنسبة للفلسطينيين الذين لن يتنازلوا عن آمالهم في إقامة دولة، حتى لو كان ذلك مقابل كل الغاز. وبالنسبة لباقي الدول العربية فإن الغاز الإسرائيلي لا يمكن أن يشكل رافعة لمنظومة علاقات مع دول الخليج التي تستخرج الغاز بنفسها وتنافس على الأسواق الأوروبية.

اقرأ أيضًا | نتنياهو: تصدير الغاز الإسرائيلي يجعل الدول العربية مستقرة مقابل 'داعش'

ويضيف أن لبيبيا واليمن لم تسعفهما حقول الغاز الموجودة في أراضيها لمواجهة القتال الدائرة فيها، في حين أن الجزائر، وهي من كبرى الدول المصدرة للغاز،  قد قتل فيها في سنوات التسعينيات أكثر من 150 ألفا، كما أن العراق لن تتأثر من ادعاءات نتنياهو بشأن دول الغاز كـ'عامل استقرار سياسي'.

وكتب أيضا أنه يوجد في المنطقة يمكن أن يؤدي توريد الغاز إليها إلى تحسين علاقاتها مع إسرائيل، وهي تركيا، ولكن من المشكوك فيه أن يكون الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، يبحث الآن عن فرصة لتحسين العلاقات مع إسرائيل. علاوة على ذلك، فإن تركيا وقعت، قبل أسبوع، على مذكرة تفاهم مع قطر لشراء الغاز القطري، وبناء أنبوب غاز في حال قررت روسيا تجميد بيع الغاز لتركيا.

أما بالنسبة للادعاء الثاني، وهو أن الغاز سيكون السور الواقي من المقاطعات والعقوبات الاقتصادية، فيقول الكاتب إنه من المثير معرفة ما إذا كان هذا الادعاء يقنع فلاديمير بوتين الذي فرضت عليه عقوبات أميركية وأوروبية، أو يقنع المرشد الإيراني علي خامينائي. ويتساءل في هذا السياق أيضا عن العقوبات التي فرضت على صدام حسين لمدة 12 عاما، ليخلص إلى نتيجة مفادها أن الغاز لم يحم أية دولة من العقوبات، كما يبدو أن الاتحاد الأوروبي لن يتراجع عن قراره وسم منتجات المستوطنات من أجل تصدير الغاز الإسرائيلي.

وينهي برئيل مقالته بالقول إن علاقات إسرائيل مع الدول العربية، والسور المنيع ضد المقاطعة، غير متعلقين بالمصادقة على مخطط الغاز أو بتوقيع اتفاقيات غاز، وإنما بحل سياسي تعرضه إسرائيل على الفلسطينيين. و'كل محاولة لعرض الغاز على أنه بديل للعملية السياسية، وبديل عن السلام مع الفلسطينيين، وأنه يفتح القنوات أمام إسرائيل للوصول إلى الدول العربية، ليس أكثر من خديعة'.

 

 

التعليقات