كيف أصبح الاميركيون اكثر شعوب العالم ترهلآ؟

كيف أصبح الاميركيون اكثر شعوب العالم ترهلآ؟
(*) اسم الكتاب ـ أرض البدانة..كيف اصبح الاميركيون اكثر شعوب العالم ترهلآ؟
(*) تأليف :جريج كريستر


الجميع يعرف ان الأميركيين لديهم شراهة كبيرة في تناول الطعام، خاصة الوجبات السريعة، وبالتالي تنتشر البدانة والأمراض المتعلقة بها في صفوفهم، يتساوى في ذلك الأطفال والشباب وكبار السن، الجميع يعرف يقيناً، غير انه ما من احد يعرف السبب الحقيقي الكامن وراء تلك الظاهرة التي اتخذت شكل الوباء.

يعد الكتاب الذي نناقشه هنا من أهم الكتب التي تناولت هذا الموضوع، فهو يغوص في أعماق الكيمياء الاجتماعية والغذائية التي جعلت من الأميركيين بدناء جداً وبسرعة بالغة، حيث يطرح المؤلف سؤالاً مهماً هو:
ما الذي تغير في المجتمع الاميركي بهذه الطريقة التي جعلت حوالي 60% من ابنائه يعانون من السمنة والبدانة وزيادة الوزن ودفع بالأمة الاميركية الى نفق مظلم أطلق عليه كبير الأطباء بأحد المستشفيات تعبير «البدانة الشائعة».

وقد حاول المؤلف جاهداً وضع يده على الأسباب التي جعلت الشعب الاميركي ينفرد بهذه البدانة الشائعة، وبادر الى تناول كل مناحي الحياة الأميركية ولم يترك جانباً واحداً الا وتطرق له، طبقياً وسياسياً وثقافياً واقتصادياً، من اجل التوصل الى اجابة عن السؤال الحائر التالي: لماذا أصبح الشعب الأميركي ثاني أكثر شعوب الأرض سمنة وبدانة بعد سكان جزر البحار الجنوبية؟

يلقي هذا الكتاب الضوء على بحث مثير يستعرض الدهون والسكريات الرخيصة، باعتبارها العناصر التي تسبب تغييرات كيماوية في الخلايا، وتمثل جرس الانذار في الوقت نفسه، والتي تجعل السعرات الحرارية تلتصق بأجسامنا من دون احتراق، كما يوضح البحث كيف ولماذا اصبح الاطفال الاميركيون الضحايا الرئيسيين للتغيرات الكيماوية في الخلايا التي تحدثها مثل هذه الأطعمة.

ولم يتناول شخص آخر من قبل هذا الموضوع بمثل هذا العمق ولا اخذ هذا الخط المتشدد تجاه هذا الموضوع الخطير، مثلما فعل مؤلف هذا الكتاب، الذي يدق ناقوس خطر آخر حين يؤكد ان الأميركيين كثيراً ما يأكلون وقليلاً ما يمارسون الرياضة.
وتناول المؤلف بالتحليل النمط الغذائي الذي يسير عليه تلاميذ المدارس في لوس انجلوس والعوامل السياسية والثقافية التي جعلت اللياقة البدنية للشعب الأميركي منخفضة.
يعد هذا الكتاب صرخة مدوية للأميركيين لأن يفعلوا شيئاً قبل فوات الاوان، واذا كان المؤلف قد اتخذ خطاً متشدداً وأورد ارقاماً مفزعة فإنما فعل ذلك من اجل ان يتنبه الاميركيون الى الخطر المحدق بهم.

وعلى الرغم من خطورة موضوع هذا الكتاب، والتي تتعلق بصحة الشعب الاميركي كله، الا ان مؤلفه عرضه بأسلوب ساخر، واستقى معلوماته من تجارب شخصية، وجعل منه عملاً مسلياً مليئاً بالمعلومات الى جانب الرعب الذي ادخله في قلوب القراء من اخطار السمنة والدهون الرخيصة وادمان الوجبات السريعة، الامر الذي جعل البنطلونات الفضفاضة التي تسمى «باجي» بعيدة عن ان تكون فضفاضة على اجسام الاميركيين.

ويؤكد المؤلف على حقيقة مهمة وهي ان الانسان يحصد ما يزرع، وتنطبق هذه المقولة على جميع المجالات، ولكنها تنطبق أكثر على المعنى المباشر.

وطبقاً للمؤلف، الذي يعد أحد الصحافيين الاختصاصيين في مجال الصحة وخاصة السمنة والبدانة، فإن الولايات المتحدة أصيبت منذ ثلاثين عاماً بجنون زراعة الذرة، وعقدت العزم على ان تجعل كل انسان اميركي يحصل على ما يريد متى ما يريد، وقد عقد وزير الزراعة الاميركي ايرل بوتز العزم على خفض أسعار الطعام.وذلك بالغاء القيود على التجارة والزراعة، وكانت نتيجة ذلك وجود وفرة هائلة من نبات الذرة الرخيص، وهو الأمر الذي أثار العلماء اليابانيين وحفزهم على اختراع مادة سكرية رخيصة تسمى «شراب الذرة عالي الفراكتوز»، هذا الاختراع يجعل شكل الطعام ومذاقه رائعاً الى حد انه عرف طريقه الى كل أنواع الطعام والشراب تقريباً بدءاً من الخبز الى الصودا، وتجاهل العلماء حقيقة ان هذا الاختراع عبارة عن مخزن دهون!

ويقول المؤلف ان هذا الاختراع التقى مع الوجبات السريعة وحققا مبيعات هائلة على حساب الجودة، أو على حساب الضمير، على حد قوله، وكانت النتيجة ان 61% من الأميركيين يعانون من الوزن الزائد و20% يعانون من السمنة المفرطة كما انتشر بين الاطفال والى حد الانفجار النوع الثاني من السكري (وهو الناجم عن السمنة او البدانة).

ويؤكد المؤلف ان سبب البدانة الأكثر التي يعاني منها فقراء اميركا يعود الى عدم الوعي، ولهذا السبب فإنه يؤكد ان الموقف جد خطير، ويحتاج الى تصرف سريع.

ويفجر المؤلف قنبلة حين يقول ان اصابة الفقراء والسود بالسمنة المفرطة هي مؤامرة ضد الأقليات الفقيرة والملونة في الولايات المتحدة وهو يطالب بضرورة اتخاذ الحكومة الأميركية موقفاً صارماً تجاه هذه الكارثة الصحية مشيراً الى انه منذ حوالي خمس سنوات واجهت مدارس سان انطونيو بولاية تكساس،وهي سلسلة المدارس الاسرع نمواً في الولايات المتحدة، حقيقة مؤلمة .فقد ذكرت احدى الدراسات الهامة انه ما لم تتخذ الادارة المدرسية اجراء صارماً فإن حوالي ثلاثة آلاف تلميذ في سلسلة المدارس المذكورة والبالغ عددها 50 مدرسة ابتدائية في منطقة واحدة سوف يصابون بالنوع الثاني من السكري.واشارت الدراسة الى ان السبب الرئيسي في ذلك يعود الى الزيادة المفرطة في الوزن.

وعلى الفور تحركت ادارة المدرسة لمواجهة ذلك التقرير الخطير ووضعوا خطة تناولت شقين: الشق الأول هو اعتبار ان السمنة المفرطة والنوع الثاني من السكري الذي أصاب تلاميذ المدرسة هو مسألة داخلية بحتة لابد من علاجها داخل جدران المدرسة وانها تختلف تماماً عن مسألة الأمراض المعدية وليست مشكلة تتعلق بالجينات ولكنها تتعلق بالفقر.

والشق الثاني من الخطة كان مثيراً للجدل فبدلاً من التركيز على الجزء الرئيسي لادارة المدرسة وعلى جهودها نحو التلاميذ انفسهم ركزت الادارة انتباهها على تغيير الادارة ذاتها.

ويقول المسئول عن هذا المشروع: نحن لا نعتقد انه يكفي لحل هذه المشكلة ان ننفق الدولارات على تنظيم دورة متخصصة في التغذية تستهدف تغيير عادات التلاميذ الغذائية ولكن رأينا من الأفضل ان نغير المناخ المحيط بهم بل وتغيير مناخ المدرسة ذاته.وقام المسئول وفريق العمل معه بتنظيم سلسلة من المحاضرات والدروس التي استهدفت تغيير البيئة الصحية لتلاميذ المدارس.
فمثلاً في كافتيريا المدرسة قام العاملون في مجال تقديم واعداد الطعام بتلقي دروس حول كيفية اعداد الطعام وفق أعلى مستويات الخدمة وكان اهم تلك الدروس التي تعلموها هو زيادة كميات الخضروات والفواكه الطازجة في الاطعمة التي يقدمونها للتلاميذ كل يوم الى جانب التقليل بقدر الامكان من كميات الدهون والسكريات المضافة.
وقد تضمنت الخطة ايضاً ان يشرف التلاميذ الاكبر سناً على عادات الأكل لدى التلاميذ الأصغر سناً اثناء تناول وجبة الغذاء.
وقد أدخلت المدرسة الى جانب ذلك حصصاً يتعلم التلاميذ من خلالها آداب التعامل في الكافتيريا من حيث طريقة الجلوس واختيار الطعام المناسب لهم من بين قائمة الطعام.
ولم تكتف ادارة المدرسة بذلك بل أعدت 32 درساً جديداً من خلال ألعاب الفيديو والألعاب التلفزيونية الاخرى يشاهدها التلاميذ خلال فترة ما بعد انتهاء اليوم الدراسي تتضمن أنشطة رياضية تساعد على حرق كميات الدهون والسكريات القليلة التي تناولوها في وجبة الغذاء.
وكان الهدف من ذلك هو تحويل البرامج المسائية الى ناد صحي يمارس فيها التلاميذ تدريبات تقليدية وغير تقليدية الى جانب البرامج الرياضية.

لم يكن كل ذلك هو ما قامت به ادارة المدرسة للحفاظ على صحة التلاميذ، بل فعلت ما هو اكثر من ذلك، فقد قامت ادارة المدرسة بتنظيم برامج خاصة لأولياء الامور والمدرسين والادارة الصحية للمدرسة.
وبعد عام كامل من تطبيق هذا النظام الصحي التربوي التثقيفي الرائع كانت النتيجة أكثر روعة مقارنة بتلك المدارس التي لم تطبق ذلك النظام فقد انخفضت نسبة السعرات الحرارية لدى التلاميذ من 34 الى 30% وهو ما تماشى مع توجيهات وارشادات الجهات الصحية العليا في الولايات المتحدة فقد قامت ادارة المدرسة بمضاعفة كميات الخضروات والفواكه التي يتناولها التلاميذ يومياً كذلك تحسنت اللياقة البدنية لدى التلاميذ بمعدلات كبيرة بعد ممارستهم للألعاب الرياضية يومياً بعد انتهاء اليوم الدراسي.
وكانت نتيجة ذلك كله ان انخفضت نسبة السكر في الدم بمعدلات كبيرة حيث انخفضت هذه النسبة من 123 الى 99 واصبح جميع تلاميذ هذه المدارس يتمتعون بنسبة جلوكوز طبيعية جداً في الدم.
يعترف المؤلف في المقدمة ان هذا الكتاب ليس تقريراً لكنه يعتمد في مضمونه على التجارب الشخصية التي تعرض لها بنفسه وتناولها مع اشخاص مصابين بالسمنة والبدانة، ويشير الى انه في الثاني عشر من سبتمبر عام 2001 افادت تقارير طبية ان معدلات السمنة والبدانة لدى الشعب الاميركي ارتفعت لتصل الى نسبة 26%.

وأكدت هذه التقارير ان زيادة الوزن سوف تقتل كل عام عدداً كبيراً من الأميركيين لا يحلم به اي منفذ لعمليات الحادي عشر من سبتمبر، وان هذا القتل سوف ينجم عن الاصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسكري وكل الأمراض الناجمة عن زيادة الوزن.

واشارت التقارير الى ان نصف الشعب الأميركي يعاني من السمنة، ولكن 26% من الشعب الاميركي يعاني من السمنة المفرطة، وقد أكد احد اطباء مركز العلوم الصحية بجامعة كولورادو انه بحلول عام 2050 سيصبح الشعب الاميركي كله مصاباً بداء السمنة والبدانة.

ويقول المؤلف انه للأسف الشديد فإن السمنة والبدانة لا تفرقان بين افراد الشعب الاميركي حيث تصيبان الاثرياء والفقراء والأطفال والكبار والعاملين والعاطلين على حد سواء.

ويشير المؤلف الى واقعة تؤكد ما يقول: فقد كان أحد اصدقائه الصحافيين في حاجة إلى ان يفقد 40 رطلاً من وزنه وذهب الى طبيب اختصاصي، فكانت الوصفة العلاجية له: ادوية يشتريها من الصيدلية وممارسة للرياضة في الحديقة المجاورة وزوجة تطهو له غذاء صحياً والمزيد من الثقافة الغذائية وكثيراً من الفلوس والوقت.

واستطاع هذا الصحافي ان يفقد تلك الأرطال الأربعين ووصف ذلك الانتصار بأنه انتصار لطبقته الاجتماعية والاقتصادية التي استطاع من خلالها ان يوفر كل ذلك، وليس انتصاراً لارادته.

وعلى العكس من ذلك، فقد حضر المؤلف حفل افتتاح احد مصانع الشيكولاته في ولاية كاليفورنيا وكان يقع في مدينة لاتينو التي يسكنها عدد كبير من ابناء الطبقة العاملة، وعندما سأل مدير المصنع لماذا اخترتم هذا المكان لافتتاح المصنع كانت اجابته: نحن نبحث عن مكان سكانه من ذوي الأعداد الكبيرة، اي يضم الكثير من الأطفال، وكلما كان هؤلاء الأطفال فقراء كانوا اكثر عرضة للبدانة والسمنة.

ويقول المؤلف ان هناك ارتباطاً شرطياً بين السمنة وانخفاض الوضع الاجتماعي في الولايات المتحدة على الرغم من ان كثيرين من البدناء يظهرون على شاشات التلفزيون والدموع تنهمر منهم وهم يؤكدون انهم ليسوا كسالى او من طبقة منخفضة.

ويشير المؤلف الى ان الطعام الذي نتناوله في المطاعم ليس أعلى في السعرات الحرارية (فهو يضيف إلينا 197 سعراً حرارياً يومياً) لكن هناك مأكولات معينة تضيف الينا المزيد من هذه السعرات، وعلى سبيل المثال فإن كمية البطاطس التي نتناولها مع وجبة ماكدونالدز كانت تضيف إلينا 200 سعر حراري في الستينيات، اما الآن فإنها تضيف 610 سعرات حرارية، هذا الى جانب ما نأكله بين الوجبات ونمط حياتنا الذي يركن الى السكون، ولا يعترف بالحركة.

ويذكر الكتاب العديد من الأرقام والاحصائيات التي تعزز الحقائق الواردة فيه فيقول ان 60% من الأميركيين يعانون من زيادة الوزن، وهو الأمر الذي يجعلهم يتعرضون لمشكلات صحية مباشرة ذات علاقة بالسمنة، ويشير ايضاً الى ان 20% من ابناء الشعب الاميركي يعانون من السمنة الى الدرجة التي تعرضهم للوفاة المبكرة.

ويؤكد حقيقة اخرى، وهي ان أكثر من خمسة ملايين أميركي يعانون من السمنة او البدانة المريضية، اي انهم في حاجة الى اجراء جراحة خاصة تستهدف تقليص هضم المعدة للطعام، وتفيد التقارير ان هناك قائمة انتظار طويلة تمتد الى عدة شهور من اجل اجراء هذه العملية.

ومن بين الحقائق الأخرى التي يذكرها مؤلف الكتاب ان 25% من الاميركيين تحت سن التاسعة عشرة يعانون من زيادة في الوزن او السمنة، كذلك يذكر الكتاب ان السمنة تصيب الفقراء اكثر كما تصيب الذين يعيشون تحت خط الفقر اكثر من غيرهم.

ويشير الى ان معدل اصابة الفقراء والسود بداء السكري يتراوح بين 16 الى 26% لمن هم في سن الخامسة والاربعين الى الرابعة والسبعين مقارنة بنسبة 12% من الأغنياء والبعض ممن هم في نفس السن.

ويقول المؤلف: اذا نحينا الاحصاءات والأرقام جانباً فإننا نجد ان معظم الأميركيين لا يعبأون بالمشكلات التي تسببها السمنة والخطر الذي تمثله على حياتهم بمن في ذلك المجتمع الطبي على الرغم من ان كثيراً منهم من الشباب.

ومن بين الحقائق الأخرى التي يذكرها الكتاب ان نسبة الوزن الزائد بين الأطفال من سن 6 الى 11 عاماً تضاعفت في أقل من عقدين من الزمن اما بالنسبة لمن هم في سن المراهقة فإن النسبة تضاعفت ثلاث مرات.

ويؤكد الكتاب ان الأطباء غالباً ما يعالجون مرضاهم دون تشخيص مبكر ويتساءل: هل يحدث ذلك بسبب قلة البرامج التعليمية الطبية ام زيادة استخدام الكمبيوتر ام بسبب الاستهلاك المتزايد للوجبات المدرسية المليئة بالدهون ام الاعتماد على الوجبات السريعة ام في نسبة الفراكتوز العالية الموجودة في حبوب الذرة التي يعشقها الاميركيون، ويرد المؤلف: انه لا توجد اجابة واحدة، ولا يوجد حل واحد.
يقول المؤلف ان هذه التجربة التي قامت بها مدارس سان انطونيو تعد من اهم وانجح التجارب في اميركا، أرض البدانة. فقد أثبتت هذه التجربة مصداقية وكفاءة البرامج الصحية الواجب اتباعها خاصة عندما يتعلق ذلك بالأطفال وصحتهم، وبالتالي تستطيع ان تتعرف على البرامج التي تناسب البالغين، وخاصة فيما يتعلق بالقضاء على مشكلة البدانة وما يصاحبها من أمراض.
ويؤكد المؤلف ان النتيجة التي خرجنا بها من تجربة مدارس سان انطونيو هي ان العلاج الوحيد للقضاء على السمنة وما تسببه من أمراض يكمن في شيئين لا ثالث لهما: الطعام وممارسة الرياضة حيث الاقلال من الأولى بقدر الامكان وزيادة الثانية بقدر المستطاع بمعنى قليل من الأكل كثير من الرياضة هو العلاج الطبيعي الناجح الذي لا خلاف عليه ولا خوف منه بل ونتائجه مضمونة مئة بالمئة دون حاجة الى مراجعة طبيب أو التردد على الصيدليات.
ويشير المؤلف الى ان كل التقارير التي أعدت في الولايات المتحدة وغيرها من الدول تؤكد ان تناول وجبات غذائية سليمة تعتمد على الخضروات والفواكه الطازجة والتي تقل فيها الدهون والسكريات الى جانب ممارسة الرياضة بشكل منتظم لن تؤدي فقط الى ان يكون الانسان في حالة صحية طبيعية ولكن ستؤدي الى الغاء بعض الامراض من قاموس حياتنا وعلى رأسها النوع الثاني من مرض السكري الناجم عن زيادة الوزن.

وذكر بحث اجراه المعهد الوطني لأمراض السكري والكلية والجهاز الهضمي نشر عام 2001 انه تم تقسيم مجموعة مكونة من 3300 شخص وهم مصابون بالنوع الثاني من السكري والتي تقل فيها قدرة الجسم على التخلص من سكر الدم دون ان تظهر عليهم اي اعراض خارجية لهذا المرض تم تقسيمهم الى ثلاث مجموعات: المجموعة الأولى تحصل على جرعة معينة يومياً من دواء ميتفورمين وهو علاج شهير للسكري الى جانب اتباع نظام غذائي ورياضي خاص.
المجموعة الثانية دواء غير فعّال اشبه بالمسكنات الى جانب اتباع نفس النظام الغذائي والرياضي السابق.
أما المجموعة الثالثة فلم تحصل على أية ادوية، بل تم تدريبهم على ادخال ممارسة نوع معين من الرياضة في برنامج حياتهم اليومي وان يمارسوا نظاماً غذائياً من انفسهم يقضي بتقليل الدهون والسكريات.
وبعد ثلاث سنوات تم نشر النتائج التي تم التوصل اليها وكانت هذه النتائج مذهلة بكل المقاييس.
فالمجموعة الثانية التي كانت تتناول دواء غير فعال بلغت نسبة المصابين بداء السكري بعد هذه السنوات الثلاث 11%، والمجموعة التي تناولت دواء ميتفورمين بلغت نسبة المصابين بالمرض فيها 8,7% وكانت المفاجأة الكبرى ان المجموعة الأخيرة التي لم تحصل على اي دواء وكان كل ما فعله افرادها هو ممارسة الرياضة يومياً مع تقليل تناولهم للدهون والسكريات فقد بلغت نسبة الاصابة بداء السكري بينهم 8,4% فقط.

والغريب ان من بين تلك المجموعة الأخيرة كان بعض افرادها ممن هم في سن الستين او اكثر ومع ذلك انخفضت نسبة اصابتهم بالسكري كما انخفضت نسبة السكري التي كانوا يعانون منها قبل ثلاث سنوات وبمعنى آخر ان ثلث عدد المجموعة الثالث كانت نسبة السكر في الدم لديهم طبيعية.
والرسالة التي اراد هذا البحث الخروج بها هي ان التغيير البسيط و«المتناسق» في النظام الغذائي وممارسة الرياضة له مفعول السحر في تغيير التفاعلات الكيميائية في الجسم وتخليصه من المواد الضارة كالدهون والسكريات.

ويقول المؤلف ان كلمة السر هنا هي «المتناسق» اي ان التنافس هنا بمعنى الاستثمار في مثل هذه المشروعات التي تتعلق بصحة الانسان ويضرب المؤلف على ذلك، التجربة التي قامت بها ادارة مدارس سان انطونيو التي دفعت الكثير من المال من اجل تغيير الغذاء ومن اجل مراقبة العادات الغدائية لدى التلاميذ وتغيير المناخ المدرسي كله.
ويتعلم اولياء الامور العادات المطلوبة غذائيا ورياضياً حتى تم التوصل الى النتائج المرجوة، فالنتائج لم تحدث عشوائياً او بقليل من المال والجهد ولكن بالتخطيط الجيد والاستثمار السليم جاءت النتائج التي كنا نرجوها ونتمناها وهو ان تتحول طريقة التلاميذ في الأكل وممارسة الرياضة الى عادة يومية.
اجرت جامعة ستانفورد تجربة اخرى مثيرة لتخليص التلاميذ من الوزن الزائد وذلك باستخدام تقنيات التغيير السلوكي الذي يصاحبه حمية غذائية خاصة الى جانب ممارسة الرياضة. كان العنوان الرئيسي لهذه التجربة هو: «الحمية الغذائية الضوئية» والتي تقضي بتحديد وتقسيم كل الأطعمة حسب السعرات الحرارية لكل منها ثم تم تقسيمها الى ثلاثة اقسام كل قسم اخذ احد ألوان اشارات المرور الأحمر والأصفر والأزرق.

الأغذية ذات اللون الأحمر تعني توقف عنها، والأطعمة ذات اللون الأصفر تعني كن حذراً عند تناولها والأطعمة ذات اللون الأخضر تعني كل ما شئت منها. وبهذه الطريقة يقوم التلميذ بمعرفة عدد السعرات الحرارية التي تناولها من كل لون من الألوان الثلاثة.

وخلاصة ما يقدمه هذا الكتاب ان ارض السمنة أو البدانة ليست في الولايات المتحدة فحسب فهي في كل أرض وفي كل مكان فعدد البدناء في كل دولة على وجه الأرض بالملايين او بمئات الآلاف على أقل تقدير كما ان عدد مرضى السكري يتزايدون بأعداد ضخمة كل عام، يتساوى في ذلك مختلف الأعمار السنية من الأطفال الى الشيوخ.
والنتيجة التي خلص اليها الكتاب سواء في التخلص من الأوزان الزائدة أو من الأمراض المسببة لها وأهمها السكري تتلخص في امرين التقليل من المواد الدهنية والسكرية بقدر الامكان وزيادة الخضروات والفواكه الطازجة الى جانب ممارسة الرياضة وعلى رأسها المشي يومياً.

اذا فعل كل منا ذلك وباخلاص وبانتظام فسنقول وداعاً لأمراض السكري والسمنة عموماً وليبحث الأطباء الاختصاصيون في هذه المشكلات عن مهنة أخرى.

______________________________________________

( المصدر - جريدة "البيان" الاماراتية، صفحة ترجمات عن الصحف الاجنبية)

التعليقات