03/05/2016 - 17:14

درهم "تفاؤل" خير من قنطار علاج

وتظهر الأبحاث التي أجرتها جامعة ستانفورد الأمريكية، أن المتفائلين يكونون أقدر على إقامة علاقات عاطفية أفضل وأطول أمدا، حيث يساعد التفاؤل حتى ولو كان من طرف واحد على حل الأزمات والمشاكل التي قد تشوب العلاقة.

درهم "تفاؤل" خير من قنطار علاج

كما أن للحزن والحالة المزاجية السيئة تأثيرا سلبيا على الإنسان، فإن للتفاؤل والسعادة تأثيرا إيجابيا على المرء، ينعكس على صحته العامة النفسية والعضوية، بل وعلاقاته الاجتماعية، وإنتاجيته في العمل، حيث يتمتع المتفائلون بمميزات كثيرة تجعل وضعيتهم وحياتهم أفضل.

الحالة النفسية السعيدة والتي تعرف بـ”التفاؤل”، تعتمد على التوقعات الإيجابية للأحداث المستقبلية والنظر إلى الجوانب الإيجابية للأحداث وللنفس والعالم من حولنا، بما لا يغفل وينكر الجوانب السلبية، وإنما مرونة التعامل معها وفقا للإمكانات المتاحة في إطار الواقع السائد، وتوقع نتائج إيجابية جيدة، مما يساعد على مواجهة الصعوبات والأزمات الحياتية، وربما يغيّرها إلى الأفضل.

ترتبط المستويات الإيجابية في الحالة النفسية للمرء بالتعامل بشكل أفضل في الأوقات الصعبة، وقدراته على المعالجة النفسية والتفاؤل بالقادم، بما يساهم في زيادة السعادة بشكل عام، ومن ثم المثابرة في مواجهة الصعاب والمساعي التعليمية حتى تحقيق الأهداف، مما يجعل الشخص المتفائل في وضع حياتي أفضل.

وقد توصلت دراسة حديثة أجرتها جامعة إلينوي في الولايات المتحدة، إلى أن الحالة النفسية السعيدة أفضل للقلب، وتقلل فرص الإصابة بأمراض القلب، واعتمدت في ذلك على تحليل الصحة النفسية والعقلية وضغط الدم وربطها بمستويات التفاؤل، لأكثر من خمسة آلاف من البالغين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 43- 87 عاما.

وأشار الباحثون إلى أن الأشخاص من ذوي المستويات العليا من التفاؤل يكون لديهم احتمالات كبيرة لأن يتمتعوا بأوعية دموية مثالية، بالمقارنة بالأشخاص الذين تقل لديهم مستويات الحالة السعيدة، ويسيطر عليهم التشاؤم والحزن، كذلك فإن التفاؤل والأمل والرضا العام عن الحياة يرتبطون بشكل مباشر مع انخفاض احتمالات الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.

وفسر المتخصصون ذلك بأن المشاعر الإيجابية التي يتمتع بها المتفائلون تجعلهم أقل عرضة للإصابات والأمراض من المتشائمين، كون أن تلك المشاعر الموجودة في التفاؤل والسعادة قد تؤدي إلى مقاومة أكبر للمرض.

واللافت أن المتفائلين إذا ما تعرضوا لأمراض يستفيقون بشكل أسرع، إذ كشفت دراسة أن فرص المتفائلين للتعرض لأمراض شائعة ومتكررة مثل البرد والإنفلونزا قليلة، حتى وإذا تعرضوا لهذه الأمراض يكونون أقدر على الاستفاقة منها والشفاء سريعا.

وتظهر الأبحاث التي أجرتها جامعة ستانفورد الأمريكية، أن المتفائلين يكونون أقدر على إقامة علاقات عاطفية أفضل وأطول أمدا، حيث يساعد التفاؤل حتى ولو كان من طرف واحد على حل الأزمات والمشاكل التي قد تشوب العلاقة.

وتكشف أبحاث أخرى أنه كلما حاول الشريكان إقناع نفسيهما بأنهما على علاقة رائعة حتى وإن ابتعد هذا الوصف عن حقيقة العلاقة، كلما كانا سعداء في علاقتهما، ونجحت واستمرت فترة أطول.

وأثبتت تجربة أُجريت في أحد التدريبات التجهيزية لبطولة سباحة دولية، أن السعادة ترتبط بالرياضة بشكل مباشر، حيث طلب المدرب من السبّاحين أن يسبحوا بأقصى سرعة لهم، وعندما أنهوا السباق، أخبرهم بنتائج غير صحيحة تؤخر وصولهم إلى خط النهاية مدة ثانيتين، ثم منحهم المدرب نصف ساعة للاستراحة، ليجعل كل منهم يفكر في الإخفاق الذي حققوه قبل الاستراحة.

وفي المحاولة الثانية قلت سرعة الذين يفكرون بتشاؤم بنسبة 2 بالمئة عن المحاولة الأولى، بينما زادت سرعة السبّاحين الذين يفكرون بتفاؤل بنسبة 5 بالمئة عن المحاولة الأولى، وهو ما يعكس تأثير التفاؤل الإيجابي على حركة عضلات الجسم، والأداء بشكل جيد، والوصول إلى الأداء الأفضل.

ومن كل ما سبق، يؤكد المتخصصون أن التفاؤل يؤثر إيجابيا على الصحة العامة للإنسان، ما يساعد في تمديد العمر، حيث هناك علاقة مباشرة بين التفاؤل والصحة، فبحسب الدراسات، فإن الأشخاص المتفائلين عاشوا حياة أطول تمتد من 8 لـ10أعوام، أكثر من الأشخاص الأقل تفاؤلا والمتشائمين.

وفي بحث تم إجراؤه في هولندا على 941 رجلا وامرأة تتراوح أعمارهم بين 63- 87، تبين أن الأشخاص الذين أظهروا التفاؤل منذ بداية الدراسة، كانوا أقل عرضة لمخاطر الوفاة بنسبة 45 بالمئة بمدة تصل إلى تسع سنوات.

ويشير د. محمود غلاب، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، إلى أن الصحة النفسية والحالة المزاجية تؤثر بشكل كبير على صحة الإنسان وإنتاجيته وحياته بشكل عام، سواء الاجتماعية أو العملية، حيث أن الشخص المتفائل السعيد والذي ينظر إلى الأشياء بشكل إيجابي ويتوقع الأفضل، يكون أكثر قدرة على التعامل مع المشاكل ومعالجتها والتغلب على الصعاب في حياته العملية والاجتماعية، ما يزيد من فرص النجاح لديه، لافتا إلى أن التفاؤل يبعث بطاقة إيجابية لدى المرء تجعله يصنع السعادة، حتى وإن كانت غير موجودة، وهو ما يجعل المتفائل أفضل من غيره صحيا واجتماعيا.

وتابع: التفاؤل لا يعني إغفال وإنكار الحوادث السلبية، وإنما مرونة التعامل معها وفقا للإمكانات المتاحة، ما يساعد على مواجهتها والتغلب عليها من خلال المشاعر الإيجابية الموجودة لدى الشخص المتفائل الذي يتمتع بحالة نفسية مريحة وسعيدة.

وقد أفادت شركة “متروبوليتان لايف” للتأمين على الحياة، أن الأشخاص الذين يفكرون بتفاؤل أكثر شراء لوثائق التأمين، من هؤلاء المتشائمين بنسبة 88 بالمئة، وهو ما يفسره د. دريك كاربنتر، المتخصص في الطاقة الإيجابية والسعادة، بأن المتفائلين لديهم قوة أكبر على التحمل والمقاومة من أجل تحقيق أهدافهم، لذلك فهم يتعاملون بشكل أسهل وأكثر مرونة مع الحوادث السلبية، ويستفيدون منها حتى لا تؤثر عليهم لاحقا، موضحا أن المتفائلين لديهم فرص أكبر لاصطياد الوظيفة بمجهود أقل بالمقارنة مع المتشائمين، ودائما ما يكون المديرون المتفائلون ناجحين ومؤثرين في مساعدة الآخرين لزيادة إنتاجيتهم وتحقيق أهدافهم.

اقرأ/ي أيضًا| خلافا للتوقعات: اتباع حمية غذائية يحسن الحالة المزاجية

التعليقات