12/05/2016 - 17:30

كيف تتكون شخصية الطفل؟

قوة الشخصية لدى الطفل لا تعني القوة الجسمانية الظاهرة، وإنما تنطوي على قوة الفكر، والبلاغة، والقدرة على المناقشة، وتحمل المسؤولية، وحسن التصرف في المواقف الصعبة

كيف تتكون شخصية الطفل؟

تشكيل شخصية الأبناء يبدأ في مرحلة الطفولة، والتي توضع فيها اللبنات الأولى للشخصية وتحدد ملامحها واتجاهاتها، فمن خلال طريقة التربية وأسلوب التعامل مع الطفل في محيطه الأسري والمدرسة والأصدقاء، تنمو لديه القدرة على اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية ومواجهة المواقف الصعبة، ومن ثم ينشأ الطفل صاحب شخصية قوية ومؤثرة.

قوة الشخصية لدى الطفل لا تعني القوة الجسمانية الظاهرة، وإنما تنطوي على قوة الفكر، والبلاغة، والقدرة على المناقشة، وتحمل المسؤولية، وحسن التصرف في المواقف الصعبة، واتخاذ القرارات، والقوة في إبداء الرأي وتكوين المواقف، إلى غير ذلك من المبادئ، والتي يحتاج الطفل لبعض المقومات والمهارات حتى يتمتع بتلك الشخصية القوية، ويمتلك من المبادئ والقيم ما يؤهله لتلك الشخصية.

ويشير متخصصون إلى أن آداب الحديث وكيفية التعامل مع الآخرين، تُعتبر من أهم مقومات الشخصية القوية، والتي تكسب الطفل القدرة على إقامة علاقات اجتماعية واسعة، ويكون ذلك من خلال كلمات معينة تعبر عن العديد من المواقف اليومية التي يمكن أن يمر بها الطفل، وهنا سينظر إليه الآخرون باحترام ويعاملونه كرجل وليس طفلا، مما يزيد من ثقته بنفسه ويقوي شخصيته، في نفس الوقت لا يحرم الطفل من طفولته، فيتحول إلى رجل في سن مبكرة، وهو ما يؤثر سلبا على شخصيته في المستقبل، بل يتم التعامل معه كطفل يعيش طفولته، مع إعطائه مساحة من الحرية في اتخاذ القرار والاعتماد على النفس ومساعدته على القيام بذلك.

وتقول د. منال رستم، خبيرة التربية: إن صناعة شخصية الطفل تتم في بيئتين: الأسرة، والمدرسة والأصدقاء، فكل منهما له دوره في تشكيل شخصية الطفل، وزراعة الثقة لديه، إلا أن الجزء الأكبر من المسؤولية يقع على عاتق الأسرة، لأنها هي المحيط الأكثر تعاملا وتأثيرا في الطفل.

وتابعت: أسلوب تعامل الوالدين مع الابن هو العامل الرئيس الذي يشكل شخصيته، والذي يجب أن يتضمن مجموعة من الأساليب والمبادئ التي تقوي شخصية الطفل وتمنحه الاستقلالية، ومنها مدح الطفل والثناء عليه أمام الغير، وعدم انتقاده المستمر، إضافة إلى مساعدته في اتخاذ القرارات، هذا بجانب مشاركته وأخذ رأيه باستمرار حتى يتعلم مهارات إبداء الرأي والتقديم، ويشعر بأهميته ومكانته، لافتة إلى أن وضع مبادئ وواجبات للطفل ليتبعها وينفذها، تساعده على الالتزام وأن يكون صاحب مبادئ وقيم.

وتؤكد رستم على ضرورة تعليم الطفل مهارة العمل الجماعي ضمن فريقه، ما يجعله صاحب مكانة بين أصدقائه الذين يمثلون بيئته الثانية بعد الأسرة، وهو ما يمثل له دافعا في حياته الاجتماعية يجعله شخصية قوية ومؤثرة، تدرك مكانتها وأهميتها في محيطها.

ويعتبر أخذ رأي الطفل في الأمور المختلفه، من أنجع الأساليب التي تخلق لديه القدرة على تشكيل شخصية قوية قادرة على تكوين رأيها واتخاذ القرارات، خاصة مع تعرضه لمواقف الفشل ليتعلم كيف يواجهها، ويتحمل مسؤولية تصرفاته، ويكون قادرا على التعامل مع نتائجها، وليس الهرب لينجو بنفسه فقط، أيضا بيان الجوانب الإيجابية في شخصية الطفل، ومدحه أمام الآخرين، وبالأخص الأصدقاء والأقارب، يخلقان حالة من الثقة بالنفس لدى الطفل، كذلك عدم انتقاده، أو الانتقاص من شأنه وتحقير ذاته وسبها، وخاصة إذا ارتكب خطأ ما، بل يوضح له الطريق الصحيح، حتى يتعود على معالجة أخطائه بدلا من اللوم والندم على ما كان.

وتشير د. مها معروف، أستاذة علم النفس بالجامعة الأمريكية في القاهرة، إلى أن الأصدقاء واللعب يعتبران من العوامل الأساسية التي تشكل شخصية الطفل، كونهما ينميان نواحي عديدة في حياته سواء الاجتماعية أو النفسية، ويجعلانه أكثر قدرة على التعامل مع الآخرين واتخاذ القرارات ومواجهة المواقف المختلفة التي تشكل له شخصية مستقلة وصاحبة رأي، موضحة أن الطفل خلال اللعب مع أصدقائه يقوم بتفريغ رغباته المكبوتة ونزعاته العدوانية ومخاوفه واتجاهاته السلبية، حيث يخرجها من داخله إلى اللعبة، لافتة إلى أن اللعب يعمل على مساعدة الطفل على التعبير عن انفعالاته، كما يستخدم اللعب الخيالي كمخرج للقلق والتوتر والكثير من الرغبات والحاجات التي لا يتحقق لها الإشباع في حياة الطفل اليومية، كذلك يساعد الاختلاط مع الرفقاء في اللعبة شخصية الطفل على التخلص من التوتر والعصبية والانفعالات الزائدة، وأن تكون أكثر قدرة على مواجهة الصعاب والتعامل مع المواقف والظروف المختلفة.

وأضافت معروف: “زرع القيم والمبادئ السليمة والكريمة في نفس الطفل من الصغر، تجعله قادرا على تقدير المسؤولية، ويمتلك الشجاعة في تحمل مسؤولية تصرفاته، هذا بالإضافة إلى مشاطرة الطفل في أحلامه وطموحاته، مما يخلق حافز لديه لأن يكون طموحا ويحقق أهدافه، مع التأكيد على جعله يشعر بالقرب والحب في محيطه الأسري ومن والديه، فهذا يمنحه الثقة والطمأنينة بما يقوي شخصيته”.

وتعتبر دعم شخصية الابن من وظائف الوالدين الرئيسية في تربيته، والعمل على إشعاره بذاته ودوره في الأسرة والمجتمع، وقدراته وكيفية تطويرها واستثمارها، هذا بجانب تنمية القيم الإيمانية لديه، وتعزيز صلته بالخالق، وإقامة العبادات مع إخوته وأصدقائه، حتى يكون شخصية سوية مكتملة الأركان، قادرة على تكوين رأيها وصناعة مستقبلها.

اقرأ/ي أيضًا| العزلة .. خطر اجتماعي يهدد الشباب

التعليقات