01/06/2016 - 12:34

المشروبات الغازية تعزز عدوانية الأطفال

المشروبات الغازية تجعل الطفل أكثر عرضة للأمراض النفسية العميقة، مثل الاكتئاب والتوتر، كنتيجة لما يحدث له من تشتت ذهني واتباع سلوكيات عنيفة، إضافة إلى سرعة بث إشارات من المخ إلى الجهاز العصبي، وتكرارها بصورة تصيبه باضطراب، ما يصعب معها تدا

المشروبات الغازية تعزز عدوانية الأطفال

تبين بعد رصد سلوكيات نحو ثلاثة آلاف طفل من جنسيات متعددة، أن هناك ثمة علاقة بين عدوانية الأطفال وزيادة تناولهم للمشروبات الغازية، هذا بحسب ما أكده باحثون من معهد مليمان بجامعة كولومبيا الأمريكية، والذين أشاروا إلى أن الأطفال لم يعانوا من إشكاليات أسرية تدفعهم إلى معاداة الآخرين أو تتسبب في تقليل تركيزهم وتشتيت انتباههم، حيث لوحظ أن 43 بالمئة من الأطفال الذين تصل أعمارهم إلى 5 سنوات يتناولون أكثر من زجاجة من المشروبات الغازية يوميا، وهو ما يزيد لديهم الرغبة في تحطيم ألعابهم والعراك مع الآخرين، بالإضافة إلى ضعف تحصيلهم الدراسي نتيجة عدم التركيز، حيث تحتوي المشروبات الغازية على نسب عالية من السكر والمواد الحافظة، الأمر الذي يسيء من حالتهم المزاجية، ويعزز لديهم الشعور بالطاقة، ما يجعلهم بحاجة إلى تفريغها، وبالتالي لا يجدون أمامهم سوى معاداة الآخرين واتباع سلوكيات عنيفة.

وتوضح د. هبة عبدالحليم، الأستاذ بالمعهد القومي للتغذية بالقاهرة، أن هناك ارتباط وثيق بين سلوكيات الأطفال وتناول المشروبات الغازية، حيث لا تحتوي هذه المشروبات سوى على مكسبات الطعم والرائحة والألوان الصناعية، فضلا عن نسب عالية من السكر والمواد الحافظة، وهو ما يكون له تأثير سلبي على الحالة النفسية للطفل على مدار اليوم، الأمر الذي يجعله عرضة لتبني سلوكيات عدوانية تجاه الآخرين، وهو ما أشارت إليه الأبحاث العلمية، أن المشروبات الغازية تزيد من حدة تعاملات الأطفال مع الآخرين، إلى جانب تأثيرها السلبي على البنية الجسمانية للطفل، وفاعلية العقل في استيعاب واستحضار المعلومات، حيث يصبح الطفل غير قادر على التركيز واستيعاب ما يستقبله من مضامين دراسية، ما يجعل تحصيله الدراسي ضعيفا نتيجة لتعرض خلايا المخ للتلف، بسبب عدم احتواء هذه المشروبات على المواد النافعة التي تعزز القدرات العقلية لدى الطفل.

وتضيف عبدالحليم: “المشروبات الغازية تجعل الطفل أكثر عرضة للأمراض النفسية العميقة، مثل الاكتئاب والتوتر، كنتيجة لما يحدث له من تشتت ذهني واتباع سلوكيات عنيفة، إضافة إلى سرعة بث إشارات من المخ إلى الجهاز العصبي، وتكرارها بصورة تصيبه باضطراب، ما يصعب معها تداركها سريعا”.

من جانبه، يؤكد د. مجدي نزيه، استشاري التغذية العلاجية، أن 43 بالمئة من الأطفال يتناولون المشروبات الغازية أكثر من 4 مرات يوميا لا سيما الكولا، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل السلوكيات العدوانية لديهم وانعدام رغبتهم في تلقي المضامين الدراسية نتيجة شعورهم بالتشتت وعدم التركيز، مقابل 5 بالمئة فقط من الأطفال الذين لا يفرطون في تناولهم لهذه المشروبات، ومن ثم يشعرون بالحيوية طيلة الوقت، ونمو قدراتهم الاستيعابية وقبولهم غير المحدود للآخرين، فضلا عن تحسن حالتهم المزاجية والنفسية، مشيرا إلى أن الأبحاث العلمية وجدت تناسبا بين زيادة معدلات العنف عند الأطفال الذين يتناولون المشروبات الغازية بكثرة، وبين زيادة معدلات إصابتهم بأمراض القلب، مما يعني أن الأمر لم يتوقف عند حد السلوكيات العنيفة، إنما يتطور إلى حد إصابة هؤلاء الأطفال بأمراض القلب وتصلب الشرايين، نتيجة تأثر حركة الدورة الدموية بمحتويات المشروبات الغازية وفي مقدمتها الصودا.

هذا وينوه د. حسن حسونة، أستاذ التغذية بالمعهد القومي للبحوث، إلى أن ارتفاع مستوى العدوانية لدى الأطفال نتيجة التناول المفرط للمشروبات الغازية يتجلى من خلال بعض الظواهر، مثل تكسير الألعاب التي يلعبون بها، والعراك بصورة دائمة مع الرفقاء، فضلا عن مهاجمة الآخرين دون وجود مبررات قوية لذلك، وهذا المستوى يتضاعف كلما زاد تناول الطفل للمشروبات الغازية، كما أنهم يشتكون من رغبتهم الدائمة في النوم رغم احتواء هذه المشروبات على مواد منبهة، ولكن يقابلها مواد أخرى تصيب المخ بالخمول، وهو ما يسبب ضعفا في التحصيل نتيجة فقدان القدرة على التركيز وإصابتهم بمشاكل تتعلق بمستوى الانتباه، مقارنة بغيرهم الذين لا يفرطون في تناول المشروبات الغازية، ويتمتعون بقدرات عقلية متوازنة تؤهلهم للقيام بأعمالهم الدراسية، واتساع دائرة علاقاتهم الاجتماعية وحسن تعاملاتهم مع الآخرين، لافتا إلى أن المشروبات الغازية تتسم بقوة تأثيرها على الأطفال، حيث تفتقر إلى المقومات الغذائية التي يحتاجها الأطفال دون عمر الخامسة من عناصر الحديد والكالسيوم واليود، التي تعزز قوة عظامهم خلال هذه الفترة التي يتكون فيها الجسم، والفيتامينات والمعادن التي تقلل من إصابتهم بالأمراض، وتقيهم الهزال الجسدي والضعف البنيوي، مقابل زيادة نسبة الصودا التي تجلب إليهم أمراض الحساسية وتصلب الشرايين، إضافة إلى الجلطات الدماغية، كما أنها تعتمد في تكوينها على السكر والغازات والنكهات، وهو ما يسبب الإصابة بهشاشة العظام على المستوى الظاهر والملموس.

وينصح حسونة بضرورة استبدال تلك المشروبات الغازية ببعض أنواع العصائر الطبيعية، والتي تحتوي على المواد الغذائية والفيتامينات التي تمكن الطفل من استعاضة ما يفقده جراء تناوله المشروبات الغازية فقط، وبالتالي يقل حجم المخاطر السلبية المتوقعة من تناول المشروب الغازي، حتى وإن استمر الطفل في تناوله لفترات طويلة وبكميات كبيرة، لأن العصائر تعزز من قدرته على مقاومة الأمراض النفسية والعضوية التي يتوقع إصابته بها.

اقرأ/ي أيضًا| الجهاز المناعي: الغضب يضعفه والضحك يقويه

التعليقات