29/05/2017 - 13:16

د. إغبارية: نسبة الوفيات بسرطان الرئة في المجتمع العربي مقلقة

قال مدير وحدة السرطان في مستشفى "بني تسيون" في حيفا، ومدير وحدة الأورام السرطانية في عيادات صندوق المرضى العام بالناصرة، د. عبد السلام إغبارية من قرية معاوية في منطقة وادي عارة، لـ"عرب 48"، إن "ظاهرة التدخين في المجتمع العربي مقلقة كونها متفشية بشكل كبير، وعلى الأخص بين الرجال، كما أن نسبة الوفيات في هذا المرض مرتفعة مقارنة بالمجتمع اليهودي والعالم الغربي"

د. إغبارية: نسبة الوفيات بسرطان الرئة في المجتمع العربي مقلقة

د. عبد السلام إغبارية

يعتبر سرطان الرئة من أكثر السرطانات شيوعا في العالم، بعد سرطان الجلد، سرطان الثدي عند النساء وسرطان البروستات عند الرجال، وهو المسبب الأكثر للوفاة بأمراض السرطان.

وسرطان الرئة هو السرطان الذي ينشأ في الرئة، وعادة ما يصيب الأشخاص فوق سن 45 عاما، ومن النادر أن يصيب الأصغر سنا.

ويؤكد الأطباء على أهمية الكشف المبكر وملاحظة أعراض سرطان الرئة حيث تزيد من فرص النجاة.

وقال مدير وحدة السرطان في مستشفى 'بني تسيون' في حيفا، ومدير وحدة الأورام السرطانية في عيادات صندوق المرضى العام بالناصرة، د. عبد السلام إغبارية من قرية معاوية في منطقة وادي عارة، لـ'عرب 48'، إن 'ظاهرة التدخين في المجتمع العربي مقلقة كونها متفشية بشكل كبير، وعلى الأخص بين الرجال، كما أن نسبة الوفيات في هذا المرض مرتفعة مقارنة بالمجتمع اليهودي والعالم الغربي'.

وأكد أن 'وضعنا ليس جيدا، فنسبة المدخنين تصل إلى 50% بين الرجال العرب، ومن بين 8 أشخاص مدخنين يُصاب شخص بمرض سرطان الرئة، ويتم اكتشاف المرض في مراحل متقدمة، لذلك تكون نسبة الشفاء منخفضة جدا، وهناك 75% من المرضى نكتشف لديهم سرطان الرئة ولا نستطيع معالجتهم، وفي نهاية الأمر نخسرهم'.

كيف اخترت تخصُص سرطان الرئة؟

د. إغبارية: إنها ليست صدفة فدائمًا كانت ميولي في هذا المجال، للتعامل مع مرضى السرطان، هؤلاء الذين يعانون من آلام شديدة، وشعرت أنني قادر من الناحية العلمية كطبيب أن أعطي وأتقدم في المجال وأساهم في البحث وإيجاد حلول لمرضى سرطان الرئة، ومن جهة ثانية، كان الدافع إنسانيا، وهذا الأمر مهم وأساسي من الناحية العلمية، بهدف تقديم المساعدة اللازمة، وأن يكون لدى الطبيب الرحمة والمحبة للمرضى وعائلاتهم، وهذا الأمر جذبني، إذ شعرتُ بمسؤولية تجاه المرضى.

ما هي إمكانيات الإقناع من قبل الطبيب تجاه المدخنين؟

د. إغبارية: صحيح أن تأثير الطبيب أكثر من غيره، لكن كطبيب واختصاصي معالجة الأورام السرطانية يصلني المرضى بحالات صعبة، وللأسف أنا لا أعمل في مجال الوقاية والتوعية للتدخين، بينما هناك طواقم طبية وأطباء عائلة يتابعون المرضى عن كثب. وعندما يدخُل المريض العيادة يكون مصابا بالسرطان بسبب التدخين، وفي لحظة اكتشاف المرض في مراحله المتقدمة تكون هناك أهمية كبيرة للتوقف عن التدخين، بينما يواجه المدمنون على التدخين صعوبة في الامتناع عنه، وأنا كطبيب لا أستطيع منع المريض عن التدخين، لكنني أطلب منه التقليل قدر الإمكان، وإذا سمحنا لهم بالتدخين بشكلٍ طبيعي فإنّهم يستمرون بالشعور بالضغط، وحين يوقف المريض التدخين تزيد عملية الضغط الشخصي والنفسي، وتصبح الحياة أكثر صعوبة.

ما هي أسباب الإدمان على التدخين؟

د. إغبارية: هي مجموعة أسباب، يمكن أن يكون بينها الفقر، البطالة والإحساس بالظلم، ما يجعل الإنسان لديه الكثير من أوقات الفراغ، وعند الفراغ يرغب الشخص بحرق الوقت من خلال حرق السجائر، والتدخين هي قصة ثقافة، فمن خلال نظرتنا للحياة نرى كثيرين يستخفون بحياتهم، وليس فقط في مجال التدخين بل في السياقة والتصرفات العادية، والاستهتار بالجسد تعني استهتار بقيمة الحياة ما يوصل مجتمعنا العربي إلى مجتمع مستهتر حتى بالمرض الخطير. واستهجن عدم شعورنا بقيمة الحياة واختيار ما يضرنا بدلا من الحفاظ على الصحة.

ماذا عن النجاح في معالجة مرضى سرطان الرئة؟

د. إغبارية: صحيح أن لدينا نجاحات في مجال الطب، لكن للأسف النجاحات ليست دائمة، ويؤسفني كثيرا مرافقة مرضى في نهاية مشوار حياتهم، أرافق أشخاصا يعانون من المرض ويتألمون وأشعر حجم عذاباتهم بسبب المرض، وعلي كطبيب العمل على تعزيز قوتي كي تبقى الطاقات الإيجابية للاستمرار في العمل، ومنح التفاؤل والأمل للآخرين، وعندما تودع مريضا وهو يحتضر عليك أن تتابع مسار حياتك ومعالجة الآخرين، ونحنُ كأطباء بحاجة إلى طاقات متجددة وتعزيز الثقة والتفاؤل، وكثيرا ما أنصح المرضى أن يخففوا من الشعور بالأعباء، والسيطرة على الغضب، والبحث عن الهدوء والسكينة في النفس ومن أجل الآخرين.

كيف يجري معاينة حالة المريض المصاب بسرطان الرئة؟

د. إغبارية: نبدأ في البداية بتشخيص حالة المريض المصاب بسرطان الرئة، في السابق كنّا نأخذ عينة تأخذنا إلى نوع المرض، أما اليوم فلدينا إمكانية ليس فقط رؤية العينة، بل أخذ العينة إلى المختبرات في الخارج، وبين المختبرات المهمّة 'بوستن'، إذ نقوم بإرسال العينة أو الخلايا نفسها ويتم إجراء فحوصات 'بيولوجيا جزئية'، وهذه البيولوجيا يمكن أن تعطينا عمليا جينات فيها خلل/ طفرة، وممكن لهذا الجين أن يهاجم المرض ويمنحه المناعة، باشرنا بهذه الخطوات حديثا، ونعتمد على فحص يدعى Foundation1 ويتم إجراء فحص خاص، تشارك فيه معظم صناديق المرضى والتأمينات المكملة، ويبقى لدى المريض قسم بسيط من المساهمة، وهذا العلاج يمنح الأمل للمرضى، إذ أن هناك حالات نجاح مثبتة.

ماذا عن العلاج البيولوجي والأدوية الجديدة؟

د. إغبارية: دخل مؤخرا العلاج البيولوجي والعلاج بالمناعة، إذ كُشف عن أدوية في السنوات الأخيرة أفضل من العلاج الكيميائي، ويمكن للمريض العودة لممارسة حياته بشكل طبيعي. وفي السنتين الأخيرتين، أصبح هناك ما يسمى تقوية العلاج (جهاز المناعة) OPDIVO، في هذا العلاج نسخِّر أقوى وأذكى جهاز في جسم الإنسان هو 'جهاز المناعة' لعلاج المرض. أما جهاز المناعة فوظيفته القضاء على الخلايا الغريبة: مثل الفيروس أو البكتيريا، ونحنُ نريد تقوية جهاز المناعة ليتعرّف على الخلايا السرطانيّة ويهاجمها ويقتلها ويخرجها من الجسم بمساعدة أدوية، وهناك أدوية متوفرة في سلة العلاج، ولدينا في مستشفيات الناصرة تجارب ناجحة في مجال العلاج، وهناك دواء يدعى (كيتروتا) وأصبح لدينا خبرة في OPDIVO، ونقوم بتقديمه كوصفة للمرضى ونتائجه ناجعة.

---------------------------------------------

أخيرا يجمع الأطباء أن تدخين السجائر هو السبب الرئيسي الوحيد للإصابة بسرطان الرئة، فكلما زادت كمية السجائر الذي يدخنها الشخص عبر الوقت، زادت فرصة الإصابة بسرطان الرئة. كما أن تدخين أنواع أخرى من منتجات التبغ مثل السيجار والغليون والأرجيلة (الشيشة) يزيد من فرصة الإصابة بسرطان الرئة.

إذا كنت من المدخنين، فأسرع في الإقلاع عن التدخين، فإنك تزيد من فرصة عدم الإصابة بسرطان الرئة. ومع هذا، يمكن أن يصاب غير المدخنين بسرطان الرئة.

التعليقات