27/06/2017 - 11:41

طريقة جديدة مبتكرة: أطباء يضيئون الأورام السرطانية لقتلها

تبدو فكرة استخدام الجهاز المناعي لمحاربة السرطان فكرة منطقية، فإذا كان الجهاز المناعي قادراً على تتبع وقتال الغزاة الأجانب، ألا يعني هذا أنه يمتلك القدرة أيضاً على قتل السرطان الذي ينتهك حرمة الجسد؟ احتار الكثير من العلماء حول أسباب عدم

طريقة جديدة مبتكرة: أطباء يضيئون الأورام السرطانية لقتلها

تبدو فكرة استخدام الجهاز المناعي لمحاربة السرطان فكرة منطقية، فإذا كان الجهاز المناعي قادراً على تتبع وقتال الغزاة الأجانب، ألا يعني هذا أنه يمتلك القدرة أيضاً على قتل السرطان الذي ينتهك حرمة الجسد؟ احتار الكثير من العلماء حول أسباب عدم قيام الجهاز المناعي بالقضاء على الخلايا السرطانية وتساؤلوا عن إمكانية تعلمها لذلك. وقد أدى هذا السؤال لازدهار مجال العلاج المناعي، والذي بات مصدر أمل كبير لعلاج السرطان.

ولكن أصبح التقدم في مجابهة السرطان عن طريق العلاج المناعي في وضع حرج. فأقل من 40% من المرضى الذين تم علاجهم بهذه الطريقة تمكنوا من تحقيق ذاك النوع من النتائج التي تُحدث تأثيراً بالنسبة للفرد المريض بالسرطان: ألا وهي الحياة الطويلة والقليل من المرض.

ولكن رأى الآن أحد الباحثين مصدر الضوء. حيث عَمِلَ مينسو كيم على استخدام علم البصريات ليسرِّع من قوة مجابهة السرطان في العلاج المناعي. فبحسب دراسة جديدة منشورة في مجلة ناتشور كويونيكيشنز Nature Communications، فإن هناك سبباً يشير إلى إمكانية نجاح هذا التوجه الرائد.

* مؤشر لا سلكي موصول بحزمة بطاريات صغيرة توجه شعاع الضوء ليشعَّ على الورم، وهو ما يوجِّه الخلايا التائية نحو الاتجاه المطلوب.

يتعرض هذا التوجه لتحدي أساسي في العلاج المناعي للسرطان، وهو التحكم بالخلايا المناعية. ففي بعض الأحيان، ينفعل الجهاز المناعي ويهجم من دون أن يتمكن من قتل السرطان، وبدلاً من ذلك، تكون استجابة الجهاز المناعي ضعيفة جداً أمام عدوٍ صعب كالسرطان. تتجنب الخلايا السرطانية أن يتم رصدها من الخلايا المناعية، وبالتالي تقمع الجهاز المناعي وتصبح مقاوِمَةً ضد العلاج. وأحد الحلول لذلك هو أن يتم إعطاء المريض خلايا تائية إضافية، وهي أحد عناصر المناعية الضرورية لمحاربة الغزاة، ولكن هذا يتسبب بتعطيل الجهاز المناعي، مما يتسبب بأضرار جانبية خطيرة، بما فيها تضرر أجهزة الجسم بحيث لا يمكن علاجها.

ولكن لدى كيم، وهو عالم في الجهاز المناعي من جامعة روتشستر، فكرة جيدة: فقد يكون من الممكن استعمال الضوء لمساعدة عقارات الجهاز المناعي لتفعيل استجابة ضد السرطان. ولتحقيق ذلك، استلهم كيم وزملاؤه فكرتهم من الطحالب.

يعرف العلماء منذ مدة طويلة بأن الطحالب تستجيب للضوء. فقد قام عالم ألماني يدعى غوتفريد تريفيرانوس برصد نشاط الطحالب الدقيقة الخضراء قبل 200 عام، ومنذ ذلك صدرت العديد من الدراسات التي كشفت عن المسارات والجزيئات التي تستعملها الطحالب الخضراء لإيجاد الضوء والقيام بالبناء الضوئي.  وفي بدايات الألفين، وجد باحثون ألمانيون آخرون سلاسل جينية تشفِّر حزيئاتٍ كانت مجهولة في السابق، وسموها قناة رودوبسين، حيث تستعملها الطحالب لجلب الأيونات المشحونة لنفسها.

وتسائل كيم وفريقه عن إمكانية استخدام قناة رودوبسين للتحكم بكيفية استجابة الخلايا التائية للأورام السرطانية لدى المرضى الذين يحصلون على العلاج المناعي. وكخطوة أولى لاستكشاف هذا التوجه، وهو توجه جديد ضمن المجال المتنامي لعلم البصريات الوراثي، قاموا بدراسة مجموعة من الفئران المصابة بسرطان الجلد في أذنها.

وقام الباحثون أولاً بحقن الفئران بمجموعة من الخلايات التائية التي تحمل قناة رودوبسين، كي تكون الجزيئات فعالة في الخلايات التائية الخاصة بالفئران. كما عملوا أيضاً مع فريق من علماء البصريات ليصنعوا رقاقة ضوئية LED، والتي زرعوها في تلك الفئران.

وباستخدام حُزَمٍ ضئيلة من البطاريات المتصلة بالفئران، أصبح بإمكان الباحثين التحكم بالضوء عن بعد ليوجهوها على الخلايا التائية الموجودة بالقرب من الورم. وعندما اصطدم الضوء بقناة رودوبسين الموجودة في الخلايا التائية، تمكنوا من قتل المزيد من الخلايا السرطانية. وتم طمس سرطان الجلد بالكامل تقريباً.

وكانت النتائج – بالرغم من كونها أولية جداً – مثيرةً للاهتمام لأن السرطان عادةً ما يقمع الجهاز المناعي بشكل قوي. وقال كيم في هذا السياق: "إن محفِّزنا الضوئي الذي استخدمناه يمكن أن يساعد الخلايا التائية على التغلب على عملية القمع هذه، كما أنها تقتل الأورام بشكل أفضل".

وقال ديريس تومر، والذي يدرِّس بيولوجيا الخلايا في مدرسة الطب في جامعة ييل وهو من المشاركين في هذه الدراسة: "إن استخدام الضوء للتحكم بالنشاط الخلوي سيستمر بالنمو بطريقة استثنائية، ولن أتفاجئ إذا ما صدرت جائزة نوبل في علم البصريات الوراثي خلال الخمس سنوات القادمة".

إنهم ينتظرون براءة اختراع في التكنولوجيا، ويأمل كيم أن يبدأ بتجريب ذلك على الإنسان. قد ينحصر هذا التوجه في الأورام الموجودة بالقرب من سطح البشرة، مثل سرطان الجلد، لأن تنشيط قناة رودوبسين في الخلايا التائية الموجود في المناطق العميقة بالجسم قد تكون صعبة بعض الشيء. ويشير تومر أيضاً أن تحويل هذه التكنولوجيا ليتم تطبيقها على خلايا الإنسان ليست بالأمر السهل أيضاً، ويقول: "ولكن هذا المجال يتطور بسرعة، ولن يكون أمراً بعيد المنال أن نتمكن من مهاجمة الأورام من خلال الضوء".

وإذا ما كان الضوء يوقظ جهاز مناعة الإنسان – كما حصل في هذه الدراسة – فمن الممكن أن نحصل على سلاح جديد في معركتنا ضد السرطان.

التعليقات