06/09/2017 - 18:57

"احذروا السالمونيلا لكن دون هوس"

نشر موقع "The Marker"، أمس الثلاثاء، خبرًا مفاده أن وزارة الزراعة الإسرائيليّة رصدت حوالي 11 مليون بيضة دجاج مصابة ببكتيريا السالمونيلا تم تسويقها من قبل شركة "يش-معوف"، بعدما تم رصد ارتفاع بعدد حالات الإصابة بالبكتيريا في الأشهر الأخيرة.

صورة توضيحيّة

نشر موقع "The Marker"، أمس الثلاثاء، خبرًا مفاده أن وزارة الزراعة الإسرائيليّة رصدت حوالي 11 مليون بيضة دجاج مصابة ببكتيريا السالمونيلا تم تسويقها من قبل شركة "يش-معوف"، بعدما تم رصد ارتفاع بعدد حالات الإصابة بالبكتيريا في الأشهر الأخيرة من قبل وزارة الصحة، ورجّحت أن يكون البيض أحد مسبباته.

قبل الخوض في القضية العينية، من المهم القول إن المشكلة الأساسية في التعامل مع البكتيريا هي كونها أجسامًا دقيقة غير مرئية وكوننا لا نستطيع أن نراها، وبالتالي لا نستطيع تفاديها أو الامتناع عن الإصابة منها، ما يقودنا للاستهتار بها وبأضرارها، الأمر الذي يدفعنا للاستخفاف في سبل الوقاية منها.

بدايةً، ما هي السالمونيلا، وما هي أعراضها؟

هي جرثومة عضوية تتخذ شكل 'العصا'، وهي كائن حي دقيق يمكن رؤيته بالمجهر، لها القدرة على إصابة الإنسان والحيوان، ومن ضمنه الطيور والأسماك، اكتشفها البيطري الأميركي دانيال سالمون، ومن هنا جاء اسمها، بالشراكة مع عالم الأوبئة الأميركي، تاوبلد سميث، في عام 1885.

هناك حوالي 2300 صنف معروف من السالمونيلا حتى الآن، 10% منها فقط من الممكن أن تسبب أمراضًا لدى الإنسان، ممكن تقسيمهم إلى قسمين:

1) "التيفوئيديم" هي الأنواع التي تصل من الأمعاء إلى الدورة الدموية وتؤدي إلى ما يسمى "تجرثم الدم"، والتي ممكن أن تصل إلى الكبد، الكلى والطحال وتصيبهم بالجرثومة.

2) "غير التيفوئيديت" هي الأنواع الموجودة في الأغذية الملوثة، والتي قد تصل أعراضُها إلى ارتفاع درجة الحرارة، وإسهال، ومغص في البطن، وشعور بالغثيان والقيء، حيث تظهر الأعراض عادة بعد 12 ساعة حتى ثلاثة أيام من الإصابة وتختفي بشكل عام بعد حوالي 4-7 أيام من الإصابة.

تزداد خطورة الإصابة عند من يملكون جهاز مناعة ضعيفًا، أي النساء الحوامل، الأطفال الرضع، الكبار في السن ومن لديهم أمراض مزمنة أو ضعف في جهاز المناعة (مرضى السكري، السرطان، أو مرضى مروا بزراعة أعضاء، مرضى الإيدز).

ثانيًا، طرق انتقال العدوى:

1) بكتيريا السالمونيلا تعيش في الجهاز الهضمي ومن هنا تستطيع البكتيريا الوصول إلى الغذاء عن طريق عدم اتّخاذ الوقاية، مثلًا: عدم غسل اليدين بعد استعمال المرحاض.

2) عن طريق الفم، عبر تناول أغذية ملوثة (تتواجد عادة في اللحوم، حيث تتلوث بعد الذبح أو أسماك بحرية، إذا استخرجت من مياه ملوثة أو لمس الغذاء من شخص مصاب أو انتقال الجرثومة من لحوم مصابة من خلال عصارات اللحمة أو جرّاء استعمال نفس السكينة في التقطيع أو بيض ملوث أو بيض ناتج من دجاج مصاب بالجرثومة).

3) بالتطرق للقضية العينية بخصوص البيض الملوث، فأسباب إصابة البيض عديدة، أرجح ذلك أنها انتقلت من خلال كائن حي مصاب آخر أو من خلال غذاء الدجاج (العلف) الذي قد يكون ملوثًا، أو بسبب إهمال عامل قد يكون مصابًا بالسالمونيلا ولم يتبع سبل النظافة الوقاية، أو قد يصاب البيض من خلال فضلات الدجاج ذاته، فإصابة الدجاج بهذا الصنف بالبكتيريا المشهورة بتواجدها في جهاز التكاثر عند الدجاج يزيد احتمال انتقال البكتيريا إلى البيض، الذي قد يصيب قشرة البيضة وفي بعض الحالات يمكن أن يصيب مح وزلال البيضة قبل تكون القشرة ومن ثم إلى المستهلك.

ثالثًا، سبل الوقاية:

1) الحفاظ على النظافة الشخصية، أي غسل اليدين بعد استعمال المرحاض.

2) غسل أدوات الطعام وسطح العمل واليدين بالماء والصابون قبل وبعد تحضير الطعام.

3) طبخ الدجاج واللحم والبيض، الابتعاد عن الأكل النيئ، الفصل بين الأكل النيئ والمطبوخ.

4) حفظ الأطعمة بالبرادات في درجة حرارة أقل من 5، الذي يمنع تطور البكتيريا.

5) شراء أطعمة من أماكن مخولة، مع ختم واضح وتاريخ واضح لانتهاء مدة الصلاحية.

أمّا بخصوص القضية العينية، البيض الملوث:

1) حفظ البيض بدرجات حرارة منخفضة، مفضّل أقل من 5 درجات مئوية.

2) طبخ البيض بشكل كامل وغسل اليدين بعد لمس قشرة البيض ورمي قشرة البيض مباشرة إلى سلة المهملات.

3) عدم غسل البيض، كون قشرة البيض رقيقة، الماء ممكن أن يساهم في ازدياد إمكانية تلوث البيضة.

4) شراء البيض من الأماكن المخولة، التأكد من سلامة البيض قبل شراءه وحفظه بالكرتون ذاته عند الوصول إلى البيت.

في النهاية، من المهم اتباع توصيات وزارة الصحة التي تم نشرها مؤخرًا في القضية العينية بخصوص الشركة المعينة ("يش-معوف") التي تم اكتشاف البيض الملوث فيها واتّباع تعليمات الوزارة (أي التخلص من البيض) في حال وجد في بيتكم، مع التأكيد أن الحذر في التعامل مع الأطعمة يجب أن يكون بشكل يوميّ، بغض النظر عن ظهور حالات مرضية من عدمها، مع التأكيد على منطق "السحري" في التعامل مع البكتيريا، أي "يجب الحذر لكن بدون هوس، وفي حال ظهور أعراض يجب التعامل بجدية لا باستهتار".


* اختصاصيّ في علوم الأحياء الدقيقة وباحث في جمعية "الجليل" - الجمعيّة القطريّة العربيّة للبحوث والخدمات الصّحيّة

التعليقات