16/07/2018 - 11:06

الجياع سلبيّو النظرة للأشياء مقارنةً بالشبعين

رصد الفريق البحثي دور المؤثرات والعوامل البيئية الخارجية، والوعي الذاتي أو العاطفي الداخلي للشخص الجائع، تجاه مواقف الحياة، وتأثير ذلك على حكمه على الأشخاص المحيطين به، اتسم الأشخاص الجائعون بنظرة سلبية، مقارنةً بأقرانهم الذين يشعرون بالشبع.

الجياع سلبيّو النظرة للأشياء مقارنةً بالشبعين

توضيحية (pexabay)

طرح باحثون في جامعة "نورث كارولينا" الأميركية تعريفًا جديدًا لمفهوم "الغضب المقترن بالجوع" ليتمّ اعتباره عاطفةً حقيقيّةً، وذلك ضمن دراسةٍ حول العلاقة بين الجوع والحالات العاطفيّة الناجمة عنه، نشرت في العدد الأخير من مجلة Emotion العلمية المتخصّصة في علم النفس.

رصد الفريق البحثي دور المؤثرات والعوامل البيئية الخارجية، والوعي الذاتي أو العاطفي الداخلي للشخص الجائع، تجاه مواقف الحياة، وتأثير ذلك على حكمه على الأشخاص المحيطين به، من خلال تجربتين متوازيتين تضمنتهما الدراسة واشترك فيهما نحو 650 شخصًا، اتسم فيهما الأشخاص الجائعون بنظرة سلبية، مقارنةً بأقرانهم الذين يشعرون بالشبع.

وتقول الدراسة إنّ الأبحاث التي تبحث في العلاقة بين مشاعر الجوع وتأثيرها على الإدراك والعاطفة تأثيرًا مباشرًا شحيحةٌ جدًّا، وليس منها ما يؤكّد وجود مثل هذا الرابط، لذا، فإنّ تفسير هذه الاختلافات في الوعي الذاتي للأشخاص الجائعين يمثل ضرورةً لتوضيح ما إذا كانوا أكثر عرضةً للشعور بالغضب، مقارنةً بالذين يشعرون بالشبع،

وانطلاقًا من هذه الفرضيّة، بُنِيَ البحث الأوّل لقياس التأثير الناجم عن جوع المشاركين وبيان تفاعُله مع السياق السلبي، والذي ترتَّب عليه مزيدٌ من التحيز في تقييماتهم العاطفية تجاه المؤثرات الغامضة.

فارتكز البحث على تحفيز "سياق سلبي" لدى المشاركين في التجربة، من خلال مشاهدتهم لصور سلبية، ومن ثمّ عرضِ صور رموز لغة "ماندرين" الصينية عليهم وسؤالهم عن تصنيفهم لشعورهم السلبي تجاه الصور في مقياس يتراوح بين 1 حتى 7، كما خضعوا بعدها لاستبيان حول كيفية أدائهم لهذه المهمة ومدى سهولتها، وكذلك أسئلة عن أحوالهم من الجوع والعطش والنعاس.

وأظهر التحليل الإحصائي أن الأشخاص الجائعين هم الأكثر تصنيفًا للصور الصينية على أنها سلبية، مقارنةً بالأشخاص الذين يشعرون بالشبع، وهو ما يعني استجابتهم للتأثير السلبي للمنبهات التي تعرضوا لها، وهو ما لم يتحقق في حالات الشعور بالعطش أو النعاس.

وتُعَدُّ هذه الدراسة نموذجًا لتجربة تركز على السياق الخارجي؛ إذ سُئل المشاركون للحكم على صفات الصور، بدلًا من سؤالهم عن الكيفية التي شعروا بها من جَراء رؤية هذه الصور.

أما التجربة الثالثة، فجاءت لتؤكّد نتيجة التجربتين السابقتين، من خلال التلاعب بمشاعر الجوع مقابل الشبع، وبحث تأثيرها على الإدراك العاطفي والإرادة للمشاركين. وخلال التجربة جرى تقسيمهم عشوائيًّا إلى مجموعتين، الأولى هي مجموعة الجوع، والتي صام أفرادها لمدة 5 ساعات، والثانية هي مجموعة الشبع.

تلا ذلك تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات فرعية، ما بين الغضب والحزن واللاشعور؛ وطلب منهم بعدها أداء تمرين كتابة مصمَّم لتوجيه تركيزهم على عواطفهم.

فوجد الباحثون ازديادًا في مشاعر التوتر والكراهية بين الأشخاص الجائعين، كما أنهم لم يركزوا بشكل واضح على فهم عواطفهم الخاصة، ولم يبلغوا عن هذه التحولات في مشاعرهم أو مفاهيمهم الاجتماعية خلال التجربة، وهو ما يعني أن حالة أجسامنا تؤدي دورًا كبيرًا في كيفية تعاملنا مع التجارب اليومية.

وتطرح نتائج البحث سؤالًا حتميًّا حول مصير الشعوب التي ترزح تحت خط الفقر والتي لا تملك ما يؤمن احتياجاتها من الغذاء اليومي؛ فكيف يمكن لهذه الشعوب أن تبني دولًا ومنظوماتٍ اجتماعيّة حرّة؟

وهو ما يفتح مجالاتٍ لأسئلةٍ بحثيّة أخرى مهمّة في مجالات العلوم الاجتماعية، فكيف يمكن أن تتأثر الشعوب التي تعاني الفقر والإملاق بما تقدّمه الحركات الإيديولوجية المختلفة من شعارات ورؤى؟ وكيف يتعامل الإنسان الجائع الذي تطغى غريزة البقاء على فكره مع قمع الحكومات والمنظومات الاجتماعية له؟

 

التعليقات