25/07/2018 - 10:09

"الحشيش لأغراض طبية": بين مطرقة القانون وسندان العلم

وكشفت الدراسة عن وجود أدلة كافية ودامغة، تدعم ثلاثة استعمالات طبية فقط، هي الحد من الغثيان، والقيء الناجم عن العلاج الكيميائي، ولعلاج الألم المزمن، والحد من التشنجات من مرض التصلب المتعدد.

أرشيفية

يترقّب الشعب اللبناني قانونًا جديدًا يتجه البرلمان لإقراره يسمح بزراعة القنب الهندي (الحشيش)، لاستخدامها حصرًا لأغراض طبية، يهدف للنهوض بالاقتصاد اللبناني، وذلك وفق توصيات لشركة "ماكينزي" الاقتصادية العالمية، التي طرحها رئيس مجلس النواب، نبيه بري، في مشروع قانون يتمّ العمل على إقراره وسط تأييد واسع من الأحزاب في البرلمان.

وأكّد النائب عن الحزب التقدّمي الاشتراكي اللبناني، فيصل الصايغ، في تعليق له لوكالة "الأناضول"، على أنّ دراسة القانون الجديد تتمّ بجدية، قائلًا إنّ "جميع الأطراف على توافق تامّ، وهذا المشروع سيتحوّل قريبًا إلى قانون، إذ نتوقع أن يصوّت عليه أغلبية الأعضاء الـ 128، خاصةً أننا نأمل من خلاله توفير فرص عمل مهمة وجديدة لفئة الشباب المحرومة في منطقة البقاع".

وذكر الصايغ في حديثه إنّ هذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها هذا القانون، فقد اقترحه وليد جنبلاط من قبل ولكن "سخر منه الجميع، أما اليوم وبعد دراسة أمريكية، أبدى الجميع موافقتهم ودعمهم" مضيفًا أنّ " زراعة الحشيش سبق وأن اعتمدتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وهولندا، لتحسين الوضع الاقتصادي وتطوير المجال الطبّي".

ففي ظلّ تشريعات عديدة في مختلف الدول التي تشرّع استخدام الحشيش "لأغراض طبية"، يلحّ السؤال عن الفوائد الطبية والأغراض التي يمكن للماريخوانا أن تخدمها وتساهم في علاجها، فحتى الآن، لا يوجد ما يكفي من الأبحاث التي تساهم في التوصل إلى أحكام قاطعة بشأن ما إذا كان الحشيش و"الماريخوانا" يمكنهما أن يكونا علاجًا فعالًا للكثير من الأعراض والأمراض التي ينصح بعض الأطباء بتناول هذه المواد المخدرة من أجلها.

وفي دراسة أجرتها الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب في الولايات المتحدة اشترك فيها 16 عالمًا من مختلف الجامعات الأميركية، تم إجراء تقييم واسع لأكثر من 100 استنتاج حول الآثار الصحية للماريخوانا، بما في ذلك الادعاءات الخاصة بكل من الآثار المفيدة والضارة لهذه المادة على حد سواء.

وكشفت الدراسة عن وجود أدلة كافية ودامغة، تدعم ثلاثة استعمالات طبية فقط، هي الحد من الغثيان، والقيء الناجم عن العلاج الكيميائي، ولعلاج الألم المزمن، والحد من التشنجات من مرض التصلب المتعدد.

ومن ضمن الاستخدامات التي كانت هناك أدلة محدودة تقطع بشأنها زيادة الشهية، وزيادة الوزن لمرضى فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، وتهدئة اضطرابات مرض نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) في الأطفال، وعلاج الصرع.

بالمقابل، ومن الناحية الطبية البحتة، يمكن أن يكون هناك أكثر من 50 فائدة للحشيش أو القنب. فهو يساهم في خفض الوزن بشكل واضح (ويمكنت ملاحظة نحافة مدخني الحشيش مع الوقت)؛ ويأتي هذا لكون القنب يساعد الجسم على تنظيم إنتاج هرمون الإنسولين، وهو هرمون له تأثير حارق قوي على الدهون والسكريات. من هنا نلاحظ أن هناك فائدة ثانية للقنب تتمثل في الوقاية أو تنظيم مرض السكر، وفقًا لما ذكرته الدراسة.

ولكن وفي الوقت عينه، نجد أنّ ثمة مخاطر مؤكدة لاستعمال الماريخوانا، ومنها تأثيرها على الصحة النفسية، إذ أنّ استخدام القنب يزيد من خطر الإصابة بمرض انفصام الشخصية، واضطرابات القلق الاجتماعي، وإلى حد أقل، الاكتئاب. متعاطو الماريخوانا بكميات كبيرة هم أكثر عرضة لتبني أفكار تتعلق بالانتحار أكثر ـ بشكل واضح ـ ممن لا يتعاطونه. كما أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب، والذين يستخدمون الماريخوانا، تقريبًا تظهر لديهم أعراض الانتحار بشكل يومي أكثر من غير المستخدمين.

كذلك أظهرت دراسات عديدة أنّ الأشخاص الذين يستخدمون الحشيش بكميات أكبر هم أكثر عرضة ليكونوا مدمنين، وأن الشباب الذين يبدأون في تعاطيه غالبًا ما تظهر لديهم الكثير من مشاكله المتعلقة بالإدمان. عدا عن زيادة خطر وقوع حوادث سيارات في حال القيادة بعد تدخين الماريخوانا. كما تشير الدلائل إلى أن الأطفال معرضون لخطر أكبر من تناول الماريخوانا، ويمكن لاستخدام القنب أيضًا أن يضر بالتنمية التعليمية والاجتماعية للمراهقين.

أحيانًا تحتاج إلى تناول عقار أقل ضررًا للتخلص من عقار آخر أكثر ضررًا. القنب يمكن أن يساعد الناس على التخلص من إدمانهم على الكحوليات، وعلى الرغم من أضرار تدخين القنب، إلا إنها لا تقارن بالأضرار التي يؤدي إليها إدمان الكحوليات.

وتمثل هذه الدراسة، المراجعة الأوسع نطاقًا من قبل الأكاديميات الوطنية للعلوم منذ عام 1999، بعد أن أقرت ولايتي كاليفورنيا وأريزونا أول قوانين الماريخوانا الطبية، وظهور الجدل العام بشأن ما إذا كان على الأطباء أن يصفوا الماريخوانا أم لا.

بالمقابل، كتب مدير مركز لانجون الطبي للصرع الشامل في جامعة نيويورك، أورين ديفينسكي، واصفًا التقرير الشامل بأنه "قيم جدًا". مردفًا أنّ "في العلم، أعتقد أنه عندما تقوم بعملية مراجعة بحثية، فإنه يجب أن تتضمن كل الأدلة المتعلقة بالمرض أو العرض. وأنا لا أعتقد أنهم فعلوا ذلك فيما يتعلق بإمكانية علاج الماريخوانا للصرع".

 

التعليقات