20/09/2018 - 08:27

المستوى الاجتماعي-الاقتصادي المتردي سبب للإصابة بالسكري

كشفت نتائج دراسة حديثة تمّ إجراؤها في فنلندا، أنّ العيش في مستوى اجتماعي منخفض قد يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني في مرحلة البلوغ

المستوى الاجتماعي-الاقتصادي المتردي سبب للإصابة بالسكري

(pixabay)

كشفت نتائج دراسة حديثة تمّ إجراؤها في فنلندا، أنّ العيش في مستوى اجتماعي منخفض قد يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني في مرحلة البلوغ، إذ ذكرت الدراسة أنّ "الجيرة" وما تفرضه منظومة العيش في بيئة ما بين أشخاص ينتمون لهذه البيئة، قد تزيد من احتمال الإصابة بالمرض عند البلوغ.

ارتكزت الدراسة المنشورة في مجلة "ذا لانسيت للصحة العامة" على متابعة ما يزيد عن 3400 مشارك على مدار 31 عامًا منذ أن كانوا في أعمار تتراوح بين 6 سنوات و18 سنة، ومراقبة صحتهم العامة، لتتوصل بنتائجها إلى أنّ "الحرمان الاجتماعي والمادي في الأحياء الفقيرة يُعد مؤشرًا قويًّا لمرض السكري" على حد تعبير الباحثين في مقدمة البحث.

وكان المشاركون الذين عاشوا طفولتهم بأكملها ومرحلة البلوغ في أحياء منخفضة المستوى الاجتماعي والاقتصادي هم الأعلى عرضةً للإصابة بمرض السكري بنحو 3.71 مرات أكثر من أولئك الذين تعرضوا للظروف ذاتها ولكن بشكل غير مستمر أو "تراكمي"، فيما تراجع معدل خطر الإصابة إلى 1.3 في المشاركين الذين عاشوا طفولتهم في أحياء تمتاز بمستوى اجتماعي واقتصادي متردٍّ، ثم انتقلوا لاحقًا إلى أحياء بمستوى متوسط.

ويعرّف الباحثون "الجيرة الفقيرة" أو ما سموه "الحرمان" الاقتصادي والاجتماعي للأحياء السكنية، من خلال 4 معايير، أولًا، الكثافة السكانية، نسبة البالغين الحاصلين على التعليم الابتدائي، والبطالة، ونسبة الساكنين بالأجرة.

لجأ الباحثون في الدراسة إلى مقارنة عوامل الخطورة للإصابة بالمرض بين المشاركين في مرحلة الطفولة، من خلال فحص السجلات الصحية الإلكترونية لتحديد الاختلافات في عشرة عوامل هي: نوعية العادات الغذائية، النشاط البدني، معدل التدخين اليومي، مؤشر كتلة الجسم، قياس ضغط الدم الانقباضي، مستوى الكوليسترول مرتفع الكثافة "الجيد"، الدهون الثلاثية، مستوى الجلوكوز في الدم عند الصيام، قياس الإنسولين في مصل/ بلازما الدم، وأخيرًا حساب معامل مقاومة الخلايا للإنسولين "HOMA".

وكشفت نتائج المقارنة عن التزايد الواضح في نسب عوامل الخطر مع نمو المشاركين، على الرغم من نسبتها القليلة في بداية المتابعة؛ إذ اتسم المشاركون الذين ينتمون إلى الأحياء التي تعاني الحرمان الاجتماعي والاقتصادي بنمط حياة يعتمد على تناول منخفض للفاكهة والخضراوات، واستبدالهم بها الأطعمةَ السكرية والنشوية، ما يمكن أن يحسِّن الشبع لديهم، بالاضافة إلى انخفاض مستويات أداء التمرينات البدنية، وكذلك زيادة انتشار التدخين بدايةً من عمر 12 عامًا، ما جعل الباحثين يعتمدون الحرمان الاجتماعي بين الجيران في الحي بوصفه مؤشرًا قويًّا على الإصابة بمرض السكري.

ويرتبط الحرمان الاجتماعي والاقتصادي للأحياء السكنية بالاختلافات في المخاطر الصحية خلال حياة ساكنيه، بما في ذلك عوامل نمط الحياة الضارة من الطفولة والمراهقة وما بعدها، واستقلاب الجلوكوز الأسوأ worse glucose metabolism في مرحلة البلوغ المبكر.

وفي منتصف العمر، يرتبط الحرمان الاجتماعي-الاقتصادي المتراكم بزيادة عوامل الخطر القلبية الوعائية وزيادة الإصابة بمرض السكري. ووفق نتائج الدراسة، يمكن للعيش في المناطق المحرومة اجتماعيًّا واقتصاديًّا تشكيل الصحة في مرحلتي الطفولة والبلوغ.

بينما لوحظ انخفاض في قياسات حساسية الإنسولين، مع الوصول إلى سن 27 عامًا في تلك المناطق ذات الحرمان الاجتماعي والاقتصادي العالي، مقابل أولئك الذين يعيشون في المناطق ذات الحرمان الاجتماعي الاقتصادي أقل. وذلك بالاعتماد على قياسات نسبة الأرجحية "Odds Ratio" التي تقيس مقدار الترابط بين المؤثِّر والنتيجة، لبيان ما إذ كان وجود هذا "المؤثِّر" وهو المستوى الاجتماعي والاقتصادي للسكن، مرتبطًا بحدوث "النتيجة"، وهي وجود عوامل الخطورة للإصابة بالمرض كما حددتها الدراسة الحالية.

وما تتميّز به هذه الدراسة، هي كونها الأوسع والأطول والأكثر دراسة للتأثير طويل الأمد من خلال متابعة المشاركين، كذلك بالدراسة المسبقة وترتيب المعطيات والبيانات لدراستها ودراسة تقاطعاتها، عدا عن التحاليل والفحوص الإكلينيكية المتكررة خلال المدى الزمني للدراسة، من أجل بيان كيف يؤثر الحرمان الاجتماعي والاقتصادي على عينة البحث في الفترة من الطفولة إلى سن الرشد.

التعليقات