14/03/2020 - 10:16

صاحب كتاب "شفاء بلا شقاء" يتحدث عن العلاج باليدين

"كايروبراكتيك" هي كلمة مأخوذة من اليونانية القديمة، وهي مركّبة من كلمتين "كايرو" وتعني اليد، و"براكتيك" وتعني علاج أو ممارسة، ومعنى المصطلح "كايروبراكتيك" هو العلاج باليدين، لكن المصطلح "العلاج باليدين" لا يظهر ولا يوضح ماهيّة هذا العلاج.

صاحب كتاب

د. حسام تلحمي ("عرب 48")

"كايروبراكتيك" هي كلمة مأخوذة من اليونانية القديمة، وهي مركّبة من كلمتين "كايرو" وتعني اليد، و"براكتيك" وتعني علاج أو ممارسة، ومعنى المصطلح "كايروبراكتيك" هو العلاج باليدين، لكن المصطلح "العلاج باليدين" لا يظهر ولا يوضح ماهيّة هذا العلاج، ولربما تكون القصة التي أنشأت هذا النوع من العلاج كفيلة بشرح المصطلح بشكل أدق من عبارة "العلاج باليدين".

المتخصص في العلاج باليدين وفي موضوع "كايروبراكتيك"، وصاحب كتاب "شفاء بلا شقاء"، د. حسام تلحمي، تحدث لـ"عرب 48" عن نشأة هذا العلاج وتطوره وتحوّله لواحد من أهم العلوم الطبية في العصر الحديث.

وروى د. تلحمي هذه القصة كمدخل لموضوع تخصصه: "في سنة 1895 في ولاية 'آيوا' في الولايات المتحدة، كان هناك شابا يدعى دانييل ديفيد بالمر يعمل في مجال الطب المغناطيسي 'هيلينغ' وفي يوم من الأيام كان هذا الشاب يحمل أغراضا ثقيلة وهو داخل إلى عيادته فبحث عن شخص يساعده على حمل أغراضه الثقيلة، فوجد بوّاب العمارة على مسافة بعيدة منه فراح يناديه، لكن البوّاب لم يسمعه، فترك الشاب الأغراض الثقيلة في السيارة وتوجه نحو البوّاب وظل يناديه حتى اقترب منه، لكن البوّاب لم يسمع إلا حين لمسه ووقف أمامه وجها لوجه، فسأل الطبيب الشاب 'هل أنت أطرش؟' فأجاب البواب 'نعم أنا ضعيف السمع' وسأله الطبيب 'هل ضعف السمع عاهة ولادية أم نتيجة حادث معين؟' فقال البواب إنه فقد سمعه قبل 17 عاما حين كان يحاول رفع جسم ثقيل حدث التواء في عنقي وسمعت 'طقة'، ومنذ ذلك الحين بدأت أفقد السمع تدريجيا، فدعاه الطبيب الشاب لفحص في عيادته، ووضعه على سرير منخفض وراح يتلمس عنق البوّاب فوجد فيها 'تقوّس' وتشنج حاد، وبدأ بتليين منطقة العنق وكرّر الطبيب عملية التليين هذا يوما بعد يوم حتى تحررت منطقة العنق، ثم بدأ السمع يعود للبواب تدريجيا، وبعد أسبوعين من العلاج عاد إليه السمع تماما. حدث ذلك في الوقت الذي لم يكن الطبيب دانييل بالمر، يدرك تماما حقيقة ما فعله فهو متخصص بالطب المغناطيسي وليس بالعلاج باليدين".

وأضاف د. تلحمي أنه "في ذلك الوقت ذاع صيت الطبيب بالمر، بعد أن أعلن في الصحيفة بأنه يعالج مشاكل السمع، وصار يقصده سكان المنطقة ممن يعانون من ضعف السمع، وكان يجري لهم عملية التليين، لكنهم لم يظهروا أي تحسن يذكر في مشاكل السمع، فأصيب الطبيب بالمر بخيبة أمل وإحباط وفكّر بأن يغلق عيادته. وبينما كان يجلس الطبيب بالمر في مقهى وإذ بشخص يربّت له على كتفه، وإذا برجل يقف خلفه ويقول له أريد أن أشكرك لأنك شفيتني من مرض الشقيقة 'ماغرينا' التي عانيت منها لمدة 40 عاما، وأصبح المرضى يقصدونه لأن آخرين تخلصوا من مشاكل الأمعاء بعد زيارتهم له وبعضهم تعافى من آلام المفاصل وبعضهم تحسن نظره، وما إلى ذلك، حتى بدأ الطبيب يدرك أن هناك شيئا ما يحدث من خلال تليين أعصاب العنق والعمود الفقري، لكنه لا يعلم حقيقة هذا الشيء".

وتابع د. تلحمي أنه "في ذلك الوقت، قرر هذا الطبيب الذي يعتبر رائدا في علاج 'كايروبراكتيك' أن يدرس ويبحث في تشريح الجسم، ثم انتقل إلى روسيا للعمل في تشريح جثث الموتى، حتى وصل لنتيجة مفادها أن الطب والتشريح والعلوم تؤكد على أن جهاز الأعصاب الذي يمر بين فقرات العمود الفقري، يحمل الرسائل بواسطة الطاقة الدماغية من الدماغ إلى جميع أنحاء الجسم، وأن أي تزحزح يحدث في إحدى الفقرات يتسبب بضغط على الأعصاب وبالتالي فإن الطاقة الدماغية تتشوش وهنا تحدث مشكلة عضوية، تماما كما لو أننا وضعنا حجرا على أنبوب المياه الذي يصل إلى تلم محدد في حقل زراعي فبالتالي هذا التلم سيتضرر بسبب نقص في الماء".

عرب 48: ألا ينطبق هذا المبدأ على العلاج بالطاقة والانسداد الذي يحدث في مسار الطاقة الذي يسمى "مريديان"؟

د. تلحمي: العلاج بالطاقة هو فلسفة صينية، بينما "كايروبراكتيك" نشأت في الولايات المتحدة، ولا علاقة لها بالفلسفة الصينية، ولا تتعامل مع مسارات طاقة وهميّة إنما مبنية على تشريح الأعصاب، فهي علم فيزيائي محض وليس مسارات طاقة افتراضية وغير مرئية. طريقة العلاج في "كايروبراكتيك" يدوية، لكن الأسلوب الفلسفي هنا مبني على علم واضح. نحن هنا نفحص ونرى الأعصاب كما في جهاز الرنين المغناطيسي "MRI" ونرى السرعة العصبية من خلال فحوصات دقيقة، كما نعتمد على صور الأشعة "أشعة رنتغن" لمشاهدة أي حركة أو تزحزح في فقرات العمود الفقري، لكن طريقة التطبيق والعلاج هنا طبيعية وليس باللجوء للعمليات الجراحية والأدوية إنما بتعديل أي خلل بواسطة اليدين، وهذا هو المبدأ الأساس في العلاج.

عرب 48: نفهم أن هذا العلاج يدمج ما بين الطب التقليدي الذي نعرفه في الفحص والتشخيص، لكنه يطرح طريقة جديدة في العلاج بالاعتماد على لمس المناطق المتضررة وعلاجها باليدين؟

د. تلحمي: الهدف من هذا العلاج هو تحسين صحة الجسد، بالاعتماد على الجهاز العصبي الذي مركزه في الدماغ، امتدادا لخلفية الرأس (جذع المخ) والعنق وصولا للعمود الفقري، وتخفيف الضغط التي يحدث في الفقرات، وأنا خبير في موضوع العلاقة بين العمود الفقري وجهاز الأعصاب.

عرب 48: ماذا يحدث هناك، ما العلاقة بين الجهاز العصبي وباقي أعضاء الجسم؟

يستعرض د. تلحمي صورة للجهاز العصبي في الجسم على شاشة الكمبيوتر الشخصي، ويشير إلى منطقة جذع الدماغ، ويقول على سبيل المثال إن في هذه المنطقة 12 عصبا مزدوجا، ترتبط مع 80% من أعضاء الجسم، من ضمنها حتى الأمعاء. ويؤكد أن هذا الجهاز مسؤول عن صحة البدن، لافتا إلى أن القشرة العلوية من الدماغ هي غير مسؤولة عن صحة الإنسان إنما هي مرتبطة بالكلام والحركة بمعنى أنها تحت سلطة العقل الواعي، بينما العقل اللاواعي هو المسؤول عن صحة البدن، فالطفل عندما يولد يعرف كيف يتنفس وكيف يهضم الطعام ويطور الخلايا، بواسطة الجزء اللاواعي أو المستقل من جهاز الأعصاب الذي يقسم لقسمين.

عرب 48: دعنا نحاول أن نفهم إذا كان المقصود من كلامك أن صحة العمود الفقري تعني صحة الجسم بأكمله؟

د. تلحمي: نعم، صحة العمود الفقري من رأسه إلى أساسه، من صحة بدننا، وهكذا نتأقلم مع الدنيا بأننا نحس أو نشعر ونتصرف بمعنى المعلومات الداخلة والخارجة من الجسم تنقلها الأعصاب، وكل فقرة أو (زردة) مسؤولة عن منطقة عصبية داخلية وبالتالي هي مرتبطة بمنطقة عضوية أو بمجموعة أعضاء.

عرب 48: كيف تتم عملية التشخيص؟

د. تلحمي: عملية التشخيص تتم من خلال فحص شامل لجهاز الأعصاب، بواسطة الأشعة تحت الحمراء، بالإضافة إلى تعبئة نموذج من قبل المريض يجيب من خلاله على أسئلة متعلقة بحالته المرضية وخلفية عامة عن صحته. فحص الأعصاب بالأشعة تحت الحمراء يظهر لنا مقدار الضغط في الأعصاب حسب الألوان، وكل عصب ليس باللون الأخضر يكون عصبا مضغوطا ومقدار الضغط يظهر بألوان أخرى كالأصفر ويعني (ضغط خفيف) ثم البرتقالي والأحمر وتشير إلى زيادة الضغط. هناك فحص آخر مهم وهو الفحص الجسماني، فحص القامة، (هيكل الجسم) يظهر انحناءات أو اعوجاج في أعضاء الجسم مرتبطة بالأوجاع وتحتاج لتعديل.

عرب 48: كم من الوقت تعمل في هذا المجال، وما الذي دفعك لهذا التخصص؟

د. تلحمي: أنا خريج جامعة "هيوارد" في كاليفورنيا عام 1994، وأنا لست طبيبا عاما ولا طبيب أعصاب، وإنما تخصصي واللقب الذي أحمله هو (DC) أي دكتور في موضوع "كايروبراكتيكا"، كان يقتصر تعليم هذا الموضوع على الولايات المتحدة ثم انتقل إلى كندا، ثم لبضع دول حول العالم، وبلادنا ومنطقة الشرق الأوسط ليست من بينها.

والحقيقة أن اختياري للموضوع جاء محض صدفة، كنت أستعد لدراسة الطب العام في إيطاليا، وكنت قد بدأت دورة في اللغة الإيطالية، وما أن انتهيت من هذه الدورة حتى غادرت البلاد لأميركا للمشاركة في عرس شقيقي هناك، وجمعتني الصدفة بصديق أخي الذي كان متخصصا في هذا الموضوع، وشجعني على تعلم هذا الموضوع الذي كان قد أدخل حديثا إلى الجامعات وقال لي إن نتائجه مذهلة، بدون أدوية ولا عمليات جراحية، والفكرة بدت لي رائعة. استشرت أهلي فشجعوني على الالتحاق بالموضوع نظرا لثقتهم الكبيرة بصديق شقيقي الذي كان ناجحا.

عرب 48: من الذي يقصدك للعلاج، وهل التوجه لعيادتك يكون مباشرة أم بتوجيه من صناديق المرضى؟

د. تلحمي: يصل إلى عيادتي هنا كل الناس من مختلف الأعمار والأجيال، أطفال يعانون من أوجاع والتهابات مزمنة سواء في الأذنين أو في أماكن أخرى ولا يستجيبون للعلاج التقليدي، طلاب يعانون من نقص في التركيز، أقوم بموازنة جهازه العصبي، أو أي شخص بالغ يعاني من آلام الظهر أو المفاصل أو في اليدين والكتفين وأوجاع العنق (الرقبة)، الصداع النصفي (الشقيقة)، انحناءات في العمود الفقري، مشاكل في البول والأمعاء، وغيرها الكثير.

عرب 48: هل كل مرض عضوي هو بالأساس ناجم عن خلل عصبي، حتى وإن كانت أمراضا جلدية؟

د. تلحمي: نعم، كل له علاقة. 1 من 200 حالة مرضية هي وراثية، وكل ما عدا ذلك هي أمراض مرتبطة بنمط حياة الإنسان، حتى لو كان لديه استعداد جيني للمرض وعاش حياة صحية، غذاء سليم ونشاط بدني وبدون ضغوط فلن تظهر عليه أعراض المرض، لكن إذا أهمل هذه العناصر الأساسية فانه سيكون معرضا لاستقبال المرض.

عرب 48: ما هو مفهوم الصحة في نظرك؟

د. تلحمي: في الحياة اليومية منذ الولادة نحن عرضة لثلاثة أنواع من الضغوطات هي: الضغط النفسي المتمثل بهموم الحياة، والضغط الجسدي من تأثير الجاذبية على الجسم، في حالات النوم والجلوس، والضغط البيوكيماوي، كالفيروسات والبكتيريا والتلوثات البيئية، والكيماويات الموجودة في غذائنا سواء في اللحوم أو الخضراوات. وفيروس "كورونا" الذي يقلق العالم هو خير دليل على ذلك. هذه الضغوطات يستقبلها الدماغ، بغض النظر عن لغة الإنسان وانتمائه، وتتجمع في جهازه العصبي، ما دمنا لا نقوم بتخليص الجسم منها ستبقى وتتراكم في أعصاب جذع الدماغ، وتبدأ تدريجيا بالتشويش على الطاقة العصبية أثناء انتقالها للخلايا وأعضاء الجسم. لذلك فإن أساس كل مرض هو ضغوطات تتحول من جسدية، كيماوية نفسية إلى عضوية، فعندما لا تحصل الخلية على المعلومة الصحيحة والطاقة الصحيحة تتحول مع الوقت لخلية مريضة، والمرض هو آخر مظاهر الضغوطات، لكن بين بداية هذا التشويش وبين تحوله لمرض عضوي هناك مساحة واسعة وفترة زمنية طويلة يستطيع من خلالها الإنسان التخلص من هذه الضغوط المتراكمة، وبالتالي كلما تفاقم المرض وطالت مدته يصبح من الصعب تعديله وإعادته لحالته الطبيعية، لكن الأمر ممكن وليس مستحيلا.

عرب 48: بعد تشخيص المرض كيف يكون العلاج؟

د. تلحمي: العلاج يكون عن طريق اليدين، بعد تشخيص الفقرات التي تسبب ضغطا على الأعصاب أبدأ بتلمس هذه الفقرات والضغط عليها لإعادتها لوضعها الطبيعي، وتحرير الأعصاب من الضغط. والإحساس عن طريق اليدين علم واسع وليس من السهل على المعالج أن يحدد الفقرة التي يقوم بمعالجتها وكيف يحركها، فالأمر يحتاج مهارة وخبرة. أذكر أننا في أحد الدروس كان المحاضر يضع لنا شعرة في "دفتر تلفونات" ونحن بدورنا نحدد الصفحة التي فيها الشعرة عن طريق اللمس والإحساس! وكنت أقول إن هذا هو علم التجبير العربي- الأميركي الذي يتم من خلاله تقويم أو تعديل الانحرافات الموجودة بين فقرات العمود الفقري.

عرب 48: هل العلاج يكون بالتوازي مع الطب التقليدي أم أنك تطلب من المريض أن يتوقف عن تناول الأدوية؟

د. تلحمي: العلاج يكون بالتوازي مع الطب وأنا لا أستطيع الطلب من المريض بأن يتوقف عن تناول الدواء فهذه مسؤولية كبيرة، وبالمقابل فهذا ليس نوعا من الطب البديل بقدر ما هو وقاية من تسلل الأمراض للجسم أولا ومن ثم معالجة ما تضرر منها وتقوية مناعة الجسم من خلال جلسات دورية مع طبيب (كايروبراكتيكور)، وإذا بدأنا من سن صغيرة هذه الجلسات الدورية فإننا نمنع الكثير من الأمراض مستقبلا.

التعليقات