10/05/2020 - 00:50

كورونا: نتائج واعدة للوصول لعلاج وما زالت التجارب جارية

أظهرت مئات التجارب الإكلينيكيّة الجارية لإيجاد علاج فعّال لفيروس كورونا المستجدّ، بعض المعطيات المشجعة حديثًا، بعد أكثر من أربعة أشهر من ظهور الفيروس.

كورونا: نتائج واعدة للوصول لعلاج وما زالت التجارب جارية

(أ ب)

أظهرت مئات التجارب الإكلينيكيّة الجارية لإيجاد علاج فعّال لفيروس كورونا المستجدّ، بعض المعطيات المشجعة حديثًا، بعد أكثر من أربعة أشهر من ظهور الفيروس.

ويعمل الباحثون على مسارات مختلفة لتمكين المرضى من محاربة هذا المرض متعدد الأوجه والذي أودى بحياة أكثر من 270 ألف شخص في العالم؛ من منع دخول الفيروس إلى الخلايا ومنع تكاثره فيها إلى التحكم في الاستجابة المناعية للجسم.

وتُجرى حاليًا أكثر من 800 تجربة إكلينيكية سعيًا إلى تقييم العشرات من العلاجات المحتملة، وفق مجلة "ذي لانسيت" الطبية بما في ذلك أكثر من 300 في الصين و125 في الولايات المتحدة، و45 في فرنسا.

وأعدت بروتوكولات الأبحاث في غضون أيام قليلة، والتصاريح صدرت بصورة عاجلة، والاستنتاجات تُنشر فورًا على الإنترنت قبل التحقق من صحتها، في مجلات مرموقة، وتعتبر العجلة سباق محموم للتوصّل إلى علاج.

وسعت البروفيسورة فلورنس أدير، التي تقود تجربة "ديسكَفري" الأوروبية، إلى تخفيف الحماس الذي تثيره كل هذه الأبحاث التي "قُتل كثير منها في مهده" نظرًا للعدد القليل جدًا من المرضى الذين شملتهم أو مع عدم التيقن من منهجيتها. وهي تنصح بتركيز الجهود على بعض "الدراسات الكبيرة". مثلما يدعو العديد من الباحثين إلى عدم التضحية بالدقة العلمية، لتجنب "عقد آمال كاذبة".

فرنسا (أ ب)

بالمقابل، يحلم جميع الباحثين والمختبرات بأن يكونوا أول من يعلن عن اكتشاف دواء لعلاج كوفيد-19 حتى إن بعض القادة لا يترددون في الترويج لتجارب على مركبات فاعليتها غير مثبتة. ففي الولايات المتحدة وفرنسا، أثارت معاهد كبيرة جدلًا بالإعلان عن نتائج "إيجابية" قبل نشر أعمالها كاملة.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن بلوغ "مرحلة مهمة" الأسبوع المقبل في تطوير العلاج التجريبي، ولكن لن تظهر على الأرجح أي "إشارة على فعالية" أي دواء قبل عدة أسابيع، وفق الباحثين المشاركين في الدراسة، بسبب التأخر في استقطاب المرضى المتطوعين.

ويذكر أن هذا العلاج التجريبي المضاد للفيروسات لمكافحة فيروس إيبولا الذي طور مختبر "غلياد" الأميركي، ولكن ثبت عدم فعاليته إزاء تلك الحمى النزفية، لكنه نجح في المختبر في منع قدرة فيروسات أخرى على التكاثر.

في هذا الصدد، يعمل دواء "رمديسيفير" من خلال استغلال نقطة ضعف لدى فيروسات الحمض النووي الريبوزي، التي تشكل فيروسات كورونا التاجية جزءًا منها؛ أثناء تكاثرها، يمكن أن تدمج عن طريق الخطأ أجزاء من هذا الجزيء في جينومها، فتخسر قدرتها على التسبب بالمرض. لكن البيانات حول فعالية المركب ضد كوفيد-19 لا تزال متناقضة وغير مكتملة.

في الولايات المتحدة التي تعول الكثير على هذا الدواء، أذنت إدارة الغذاء والدواء في الأول من أيار/ مايو باستخدامه بشكل عاجل خارج التجارب الإكلينيكية في المستشفيات، بناءً على تجربة عامة كبيرة خلصت إلى أنه يُقصِّر بأربعة أيام في المتوسط مدة شفاء المرضى المصابين بأمراض شديدة، إذ تراجعت مدة الشفاء من 15 إلى 11 يومًا.

الولايات المتحدة (أ ب)

ورأى العديد من الباحثين أن النتيجة "متواضعة"، ورأى آخرون أنها طريقة لتقليل الضغط على المستشفيات. ولم تُنشر النتائج الكاملة للدراسة، مما عرضها لانتقادات داخل المجتمع العلمي.

بالإضافة إلى ذلك، لم تجعل الدراسة من الممكن القول ما إذا كان "رمديسيفير" يقلل من الوفيات، لأن الفرق كان أقل من عتبة الموثوقية الإحصائية (8% من المعالجين به مقابل 1.6% في المجموعة المقارنة). هذا ولا سيما أن تجربة أصغر أخرى في الصين، نشرت في مجلة "ذي لانسيت"، خلصت إلى عدم وجود فائدة إكلينيكية. ويرجح البعض أيضا أن هذا الدواء يعمل في المرحلة المبكرة من المرض، قبل أن يتسبب الفيروس بالكثير من الضرر.

بالنسبة للمرحلة الثانية لدى ظهور الأعراض الشديدة للمرض والتي تنشأ من رد الفعل الالتهابي للجسم على الفيروس في ما يُسمى "عاصفة السيتوكين"، تجري تجارب على عائلة أخرى من الأدوية المنظمة للمناعة.

وأعلنت مستشفيات "أب-اش ب" الباريسية في نهاية نيسان/ أبريل، أن "توسيليزوماب" يقلل بشكل كبير من خطر وفاة مرضى فيروس كورونا المستجدّ من حالتهم خطيرة أو إدخالهم إلى العناية المركزة، ولكن بدون أرقام دقيقة كما أن الدراسة لم تُنشر.

وقال خبراء لجنة مراقبة الدراسة الذين استقالوا جميعهم إن ذاك الإعلان كان سابقًا لأوانه. وتجرى تجارب إكلينيكية أخرى منها دراسة هولندية نشرت في مجلة "نيتشر" الاثنين أظهرت أن الأجسام المضادة وحيدة النسلية التي تستهدف بشكل خاص بروتينًا على سطح "سارس كوف 2" قادرة على تحييده في المختبر.

ولكن حتى وإن ثبتت فعاليتها، فإن التكلفة العالية لهذه الأدوية الحيوية وإعطاءها عن طريق الوريد تشكل عقبات أمام تعميم استخدامها.

نيويورك (أ ب)

وأظهرت دراسة أجريت في مستشفيات في نيويورك ونشرت الخميس الماضي، في مجلة "نيو انغلند جورنال اوف مديسين" الأميركية أن "الهيدروكسي كلوروكوين" لم يؤد إلى تحسن أو تدهور الحالات شديدة الخطورة بشكل كبير، وتُجرى دراسات أخرى على الدواء في بلدان عدة.

ويعتقد أخصائيو علم الأدوية أنه لكي يعمل، يجب إعطاؤه للمرضى بجرعات عالية جدًا قد تكون سامة أو حتى مميتة. كما حذر مسؤولون صحيون من الآثار الجانبية الخطيرة على القلب قد تكون أكثر شيوعًا لدى المصابين بفيروس كورونا.

وخلصت دراسة صينية نشرت في "نيو انغلند جورنال أوف مديسين" في 19 آذار/ مارس إلى أن هذا العلاج لم يقلل لا من الوفيات ولا من فترة تعافي المرضى. ومع ذلك، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى فعالية في حال تناولهما المريض في وقت مبكر.

في هذا الصدد، تبيّن أن العلاج باستخدام "الكورتيكوستيرويدات" مع بداية انتشار الوباء، أظهر أنه يعرّض المريض لخطر الإصابة بأمراض أخرى وتأخير القضاء على الفيروس.

وتقوم الفكرة على نقل مصل "بلازما" من دم مرضى تعافوا، للقضاء على الفيروس بشكل أسرع وتقليل ضرره. وبدأت تجارب المصل في نيسان/ أبريل الماضي، وسُمح بهذا العلاج في المستشفيات، لا سيما في فرنسا والولايات المتحدة والصين والنمسا التي أعلنت نتائج مقنعة لدى ثلاثة مرضى يوم الخميس.

بالمقابل، أشارت الأكاديمية الفرنسية للطب إلى أن عدد وفعالية الأجسام المضادة "تتغير كثيرًا من متبرع لآخر" وهناك خطر حدوث آثار جانبية أو انتقال عوامل أخرى مُعدية.

وعوّلت بدلًا من ذلك على "الغلوبولين" للمناعة، الذي يمكن إنتاجه من "بلازما" المرضى الذين يحملون عددًا كبيرًا من الأجسام المضادة. ويمكن استخدام هذه البروتينات ليس فقط لعلاج الأشكال الحادة، ولكن أيضًا للوقاية لدى أقارب المرضى ومنذ بداية الإصابة لدى الأشخاص "الضعفاء".

ويجري العمل على استكشاف العشرات من الطرق الأخرى التي قلما يتحدث عنها الباحثون لوسائل الإعلام، لا سيما من خلال مراجعة فعالية جزيئات متوفرة مثل "الكلوربرومازين" المضاد للذهان والذي سيكون موضوع تجربة إكلينيكية في فرنسا.

وتوفر هذه الاستراتيجية الوقت، إذ إن الأدوية إما موجودة بالفعل في السوق أو أن الجزيئات لا تزال قيد التطوير ولكن أثبتت بالفعل عدم سميتها للاستخدام لدى البشر. ولفتت أدير إلى أنه "قد لا نجد في هذه الفئة جزيئًا معجزة"، فهذه الأدوية لم تصمم منذ البداية لاستهداف الفيروس، وفعاليتها المحتملة لن تكون كاملة وإنما جزئية.

وتذكر بأنه للحصول على "جزيئات من الجيل الثاني" تم إنشاؤها خصيصًا لمحاربة "سارس كوف 2" يجب التحلي بالصبر، إذ ما زال الباحثون يعملون على تقطيع جينوم الفيروس وبنيته لتحليلها جزءًا جزءًا وتحديد الأهداف ذات الصلة للأدوية المستقبلية.

التعليقات