08/03/2023 - 11:18

كيف تؤثر "الملوّثات الخفيّة" على جودة الحياة

يشير "التلوث الخفيّ" إلى الملوّثات الضارّة موجودة في بيئتنا، ولكنّها غير مرئيّة بالعين المجرّدة، ويمكن أن يكون لهذه الملوّثات تأثير كبير على الصحّة العامّة للناس والتسبّب بمجموعة من المشاكل الصحّيّة

كيف تؤثر

(Getty)

نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانيّة، نتائج دراسة حديثة، كانت قد توصّلت إلى أنّ فقط 1٪ من سكّان العالم، يتنفّسون هواءً خاليًا من التلوّث. وأجرى الدراسة علماء من أستراليا والصين، على أكثر من 5000 محطّة رصد حول العالم.

وقالت الدراسة في نتائجها، إنّ الدول الآسيويّة تواجه مجموعة من أشدّ المخاطر الصحيّة حول العالم.

وأكّدت الدراسة على أنّ 99.82٪ من العالم، معرّض لمستويات خطيرة من التلوّث عبر الجسيمات التي يبلغ قطرها 2.5 ميكرومتر، وهي نسبة أعلى من حدّ الأمان الذي توصي به منظّمة الصحّة العالميّة.

وتوصلت الدراسة إلى أنّ جودة الهواء مقلقة على نحو خاص في مناطق مثل آسيا وشرق آسيا، حيث تتجاوز التركيزات اليومية لهذه الجسيمات عتبة الـ15 ميكروغراماً في أكثر من 90% من الأيام.

وحذّر باحثون من خطورة التلوّث الخفيّ، أو التلوّث غير المرئيّ الذي يتعرّض له معظم سكّان العالم.

ويشير التلوّث الخفيّ إلى الملوّثات الضارّة موجودة في بيئتنا، ولكنّها غير مرئيّة بالعين المجرّدة، ويمكن أن يكون لهذه الملوّثات تأثير كبير على الصحّة العامّة للناس والتسبّب بمجموعة من المشاكل الصحّيّة، بما في ذلك مشاكل الجهاز التنفّسيّ وأمراض القلب والأوعية الدمويّة والسرطان.

ويعدّ تلوّث الهواء أحد أكثر أشكال التلوّث الخفيّ شيوعًا، وينتج عن مجموعة متنوّعة من المصادر، بما في ذلك الانبعاثات الصناعيّة وعوادم المركبات وحرق الوقود الأحفوريّ. ومن الأمراض التي يمكن أن يؤدّي إليها، بحسب عشرات الدراسات على مدار عقود، الربو والتهاب الشعب الهوائيّة وسرطان الرئة، كما يمكن أن يؤدّي أيضًا إلى أمراض القلب والأوعية الدمويّة والسكتة الدماغيّة، فضلًا عن تلف الدماغ والأعضاء الأخرى.

(Getty)

ومن الأشكال الأخرى للتلوّث الخفيّ تلوّث المياه، ويمكن أن يحدث تلوّث المياه نتيجة للنفايات الصناعيّة والجريان السطحيّ الزراعيّ ومصادر أخرى، وتكمن خطورته في إمكانيّة تتسرّبه من المعادن الثقيلة والمبيدات الحشريّة والبكتيريا، ممّا يؤدّي إلى مجموعة من المشاكل الصحّيّة، بما في ذلك مشاكل الجهاز الهضميّ والتهابات الجلد في بعض الحالات، وقد يؤدّي التعرّض للمياه الملوّثة إلى الإصابة بالسرطان.

ويعتبر علماء أنّ الملوّثات الخفيّ تمتدّ أيضًا إلى أشكال أخرى، مثل التلوّث الضوضائيّ، والذي قد يؤدّي إلى فقدان السمع واضطراب النوم وحتّى أمراض القلب والأوعية الدمويّة، وبالمثل، يمكن أن يؤدّي التلوّث الكهرومغناطيسيّ الناجم عن انتشار الأجهزة الإلكترونيّة إلى مجموعة من المشكلات الصحّيّة، بما في ذلك الصداع والأرق والمشكلات الإدراكيّة.

وعلى الرغم من التأثير الكبير الّذي يمكن أن يحدثه التلوّث الخفيّ على الصحّة العامّة، إلّا أنّه غالبًا ما يتمّ تجاهله في المناقشات حول الصحّة البيئيّة، هذا لأنّ الكثير من الناس يفترضون أنّه إذا لم يتمكّنوا من رؤية التلوّث، فلا يجب أن يكون كبيرًا، ومع ذلك، فإنّ الحقيقة هي أنّ التلوّث الخفيّ يمكن أن يكون ضارًّا، إن لم يكن أكثر من التلوّث المرئيّ. وهذا ما يجعله ضارًّا بشكل أكبر، إذ إنّه من الصعب اكتشاف التلوّث غير المرئيّ. ومن مسبّبات ضرره الكبير، هو أنّه غالبًا ما يكون منتشرًا. على سبيل المثال، يمكن أن يكون تلوّث الهواء في كلّ من البيئات الداخليّة والخارجيّة، وقد يكون من الصعب تجنّب التعرّض له، حتّى إذا اتّخذت احتياطات مثل ارتداء قناع أو استخدام جهاز تنقية الهواء. وبالمثل، يمكن أن يؤثّر تلوّث المياه على مجتمعات بأكملها، ممّا يجعل من الصعب على الأفراد حماية أنفسهم من التعرّض.

ويقول علماء، إنّ هناك عددًا من الخطوات التي يمكن للناس اتّخاذها لحماية أنفسهم من التلوّث الخفيّ. على سبيل المثال، يمكن استخدام أجهزة تنقية الهواء في المنازل لإزالة الملوّثات الضارّة من الهواء، ويمكن كذلك تجنّب مياه الشرب من المصادر الّتي قد تكون ملوّثة، مثل الآبار القريبة من المواقع الصناعيّة أو مناطق الجريان السطحيّ الزراعيّة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأشخاص اتّخاذ خطوات لتقليل تعرّضهم للتلوّث الضوضائيّ، مثل استخدام سدادات الأذن أو سمّاعات إلغاء الضوضاء.

ومع ذلك، فإنّ الإجراءات الفرديّة وحدها لا تكفي لمعالجة قضيّة التلوّث الخفيّ؛ فمن أجل حماية الصحّة العامّة حقًّا، يلزم إجراء تغييرات منهجيّة على مستويات واسعة، ويشمل ذلك تدابير مثل اللوائح الأكثر صرامة بشأن الانبعاثات الصناعيّة وعوادم المركبات، فضلًا عن زيادة الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومات والمنظّمات الأخرى الاستثمار في الأبحاث لفهم الآثار الصحّيّة للتلوّث غير المرئيّ بشكل أفضل وتطوير حلول فعّالة لمعالجتها، كما أشارت دراسات عديدة في هذا الخصوص.

التعليقات