10/04/2023 - 19:14

إلى أيّ مدى يمكن أن تؤثّر مرحلة الطفولة في حياة الإنسان؟

وجدت دراسة أجرتها جامعة مينيسوتا أنّ الأطفال الّذين عانوا من الإهمال أو سوء المعاملة لديهم أدمغة أصغر ونشاط دماغيّ منخفض في قشرة الفصّ الجبهيّ، وهي المنطقة المسؤولة عن اتّخاذ القرار والتعاطف والتنظيم العاطفيّ

إلى أيّ مدى يمكن أن تؤثّر مرحلة الطفولة في حياة الإنسان؟

(Getty)

لتجارب الطفولة تأثير عميق على الصحّة العقليّة للفرد ورفاهيّته، حيث يمكن أن تؤدّي التجارب الضارّة منها، أو كما يطلق عليها (ACEs) مثل الإهمال وسوء المعاملة والخلل الوظيفيّ المنزليّ إلى تطوّر حالات الصحّة العقليّة والقضايا الصحّيّة المزمنة في وقت لاحق من الحياة، ومن ناحية أخرى، يمكن لتجارب الطفولة الإيجابيّة أن تعزّز المرونة ومهارات التأقلم الّتي يمكن أن تساعد الأفراد على الازدهار في مرحلة البلوغ. وتعتبر الطفولة من أهمّ فترات التطوّر البشريّ؛ لأنّها تشكّل النموّ الجسديّ والعاطفيّ والنفسيّ للفرد، وتعدّ التجارب والبيئات الّتي يواجهها الأطفال خلال هذه المرحلة حاسمة لنموّهم، ويمكن أن يكون لها تأثيرات طويلة الأمد.

وبحسب علماء، فإنّ الدماغ يتطوّر بسرعة خلال السنوات الأولى من الطفولة، وللتجارب خلال هذه المرحلة تأثير عميق على نموّه، إذ تظهر الأبحاث أنّ الأطفال الّذين يتلقّون تجارب تغذية إيجابيّة في أثناء الطفولة المبكّرة لديهم فرصة أفضل لتطوير أدمغة صحّيّة تعمل بشكل جيّد، ومن ناحية أخرى ، فإنّ الأطفال الّذين يعانون من الإهمال أو سوء المعاملة أو الإجهاد المزمن خلال هذه المرحلة هم أكثر عرضة لتطوير مشاكل الصحّة العقليّة في وقت لاحق من الحياة.

ووجدت دراسة أجرتها جامعة مينيسوتا أنّ الأطفال الّذين عانوا من الإهمال أو سوء المعاملة لديهم أدمغة أصغر ونشاط دماغيّ منخفض في قشرة الفصّ الجبهيّ، وهي المنطقة المسؤولة عن اتّخاذ القرار والتعاطف والتنظيم العاطفيّ، كما وجدت الدراسة أيضًا أنّ آثار الإهمال وسوء المعاملة كانت أكثر حدّة لدى الأطفال الّذين عانوا من هذه المحن في سنّ أصغر.

ووجدت دراسة أجرتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أنّ التجارب السيّئة كانت مرتبطة بمجموعة من النتائج السلبيّة، بما في ذلك زيادة خطر الاكتئاب والقلق وتعاطي المخدّرات

وأكّدت الدراسة على أهمّيّة المعالجة من خلال التدخّل المبكّر وخدمات الدعم، فضلًا عن معالجة الأسباب الجذريّة لصدمات الطفولة مثل الفقر، والعنصريّة النظاميّة، وعدم المساواة الاجتماعيّة. حيث يمكن أن يكون لصدمة الطفولة تأثير كبير على الصحّة العقليّة للفرد ورفاهيته، إذ يمكن أن تؤدّي إلى تطوّر حالات الصحّة العقليّة مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والاكتئاب والقلق وتعاطي المخدّرات.

وجدت دراسة أجرتها الشبكة الوطنيّة لإجهاد الطفل أنّ الأطفال الّذين عانوا من الصدمات أكثر عرضة للإصابة بمشاكل الصحّة العقليّة، وأنّ شدّة الصدمة كانت مرتبطة بشدّة أعراض الصحّة العقليّة، ووجدت الدراسة أيضًا أنّ الصدمة يمكن أن تؤثّر في الطريقة الّتي ينظر بها الأطفال إلى أنفسهم والعالم من حولهم، ممّا يؤدّي إلى صورة سلبيّة عن الذات، وتدنّي احترام الذات، وصعوبة الثقة بالآخرين، ويمكن أن تستمرّ هذه المعتقدات السلبيّة حتّى مرحلة البلوغ، وتؤثّر في علاقات الفرد وقدرته على العمل في المجتمع.

وفي سياق متّصل وجدت دراسة أجراها مركز هارفارد حول تنمية الطفل أنّ التجارب الإيجابيّة للطفولة المبكّرة يمكن أن تساعد على الحدّ من الآثار السلبيّة لصدمات الطفولة والشدائد. وأكّدت الدراسة على أهمّيّة تعزيز تجارب الطفولة المبكّرة الإيجابيّة من خلال السياسات والبرامج الّتي تدعم الأسر والمجتمعات.

وبحسب دراسات عديدة أجريت على تأثير مراحل الطفولة في حياة الإنسان، فإنّ الصدمات النفسيّة وتعزيز تجارب الطفولة الإيجابيّة تعدّ أمرًا ضروريًّا لتعزيز النموّ الصحّيّ وتقليل مخاطر مشاكل الصحّة العقليّة والحالات الصحّيّة المزمنة. يمكن تحقيق ذلك من خلال التدخّل المبكّر وخدمات الدعم والسياسات والبرامج الّتي تعزّز بيئات آمنة ومستقرّة ورعاية للأطفال والأسر.

التعليقات