22/05/2023 - 18:34

التعلّم والتطوّر المعرفيّ: النظريّات الثلاث الأبرز

وفقًا لبرونر، يبني الأفراد بنشاط فهمهم للعالم من خلال عمليّة الاكتشاف وحلّ المشكلات، حيث اقترح ثلاث طرق للتمثيل: التمثيل النشط (القائم على العمل)، والتمثيل الأيقونيّ (القائم على الصورة)، والتمثيل الرمزيّ (القائم على اللغة)

التعلّم والتطوّر المعرفيّ: النظريّات الثلاث الأبرز

(Getty)

يعتبر التطوّر المعرفيّ البشريّ هو عمليّة معقّدة ومتعدّدة الأوجه تكمن وراء قدرتنا على الإدراك والتفكير والعقل والتعلّم، وعلى مرّ السنين، طرح الباحثون العديد من النظريّات لتوضيح الآليّات الكامنة وراء التطوّر المعرفيّ وتقديم رؤى حول كيفيّة اكتساب الأفراد للمعرفة والمهارات.

نظريّة جان بياجيه:

نظريّة جان بياجيه للتطوّر المعرفيّ هي واحدة من أكثر النظريّات تأثيرًا في هذا المجال، حيث اقترح بياجيه أنّ التطوّر المعرفيّ يحدث في أربع مراحل متميّزة: المرحلة الحسّيّة، ومرحلة ما قبل الجراحة، ومرحلة التشغيل الملموسة، ومرحلة التشغيل الرسميّة، وتتميّز كلّ مرحلة بقدرات وقيود معرفيّة فريدة تؤثّر في فهم الفرد للعالم، وشدّد بياجيه على دور الاستيعاب والتكيّف والتوازن في النموّ المعرفيّ، مسلّطًا الضوء على أهمّيّة التفاعل بين الأفراد وبيئتهم، ودعمت العديد من الدراسات نظريّة بياجيه، حيث عرضت الطبيعة التقدّميّة للتطوّر المعرفيّ وأهمّيّة الاستكشاف النشط والتجارب العمليّة في تعزيز التعلّم.

نظريّة فيجوتسكي الاجتماعيّة والثقافيّة:

تركّز النظريّة الاجتماعيّة والثقافيّة لليف فيجوتسكي بشدّة على التأثيرات الاجتماعيّة والثقافيّة على التطوّر المعرفيّ، ووفقًا لفيجوتسكي، فإنّ التعلّم عمليّة تتمّ بوساطة اجتماعيّة، حيث يكتسب الأفراد المعرفة والمهارات من خلال التفاعل مع الآخرين الأكثر معرفة، ويعتبر مفهوم منطقة التطوّر القريب (ZPD) أساسيًّا في نظريّة فيجوتسكي، ويمثّل ZPD الفجوة بين المستوى الحاليّ للفرد من الأداء المستقلّ وتنميته المحتملة مع التوجيه والدعم، حيث ادّعى فيجوتسكي بأنّ الممارسات التعليميّة يجب أن تركّز على توفير السقّالات المناسبة لمساعدة المتعلّمين على سدّ هذه الفجوة.

نظريّة برونر البنائيّة:

تؤكّد نظريّة جيروم برونر البنائيّة على البناء النشط للمعرفة من قبل المتعلّمين. ووفقًا لبرونر، يبني الأفراد بنشاط فهمهم للعالم من خلال عمليّة الاكتشاف وحلّ المشكلات، حيث اقترح ثلاث طرق للتمثيل: التمثيل النشط (القائم على العمل)، والتمثيل الأيقونيّ (القائم على الصورة)، والتمثيل الرمزيّ (القائم على اللغة).

قدّم برونر أيضًا مفهوم السقالات، بما يتوافق مع فكرة فيجوتسكي، والّتي تتضمّن تقديم الدعم والتوجيه للمتعلّمين لتسهيل تطوّرهم المعرفيّ، وأثبتت الدراسات فعّاليّة نظريّة برونر في تعزيز خبرات التعلّم الهادفة وتعزيز النموّ المعرفيّ من خلال الأنشطة العمليّة والمشاركة النشطة.

من خلال تطبيق الأفكار المستمدّة من هذه النظريّات، يمكن للمعلّمين تصميم ممارسات تعليميّة تلبّي القدرات المعرفيّة للطلّاب، وتعزّز التفكير النقديّ، وتعزّز التعلّم العميق، وتتضمّن بعض الاستراتيجيّات العمليّة خلق فرص للاستكشاف النشط، وتوفير "السقالات" لدعم المتعلّمين في منطقة التنمية القريبة، وتعزيز التفاعلات الاجتماعيّة والتعلّم التعاونيّ، واستخدام مجموعة متنوّعة من الأساليب التعليميّة الّتي تستخدم أنماطًا متعدّدة من التمثيل.

وأبرزت الدراسات البحثيّة فوائد هذه الأساليب التعليميّة، على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجريت عام 1972، فعّاليّة الدعم في بيئة ما قبل المدرسة، ووجدوا أنّ الأطفال الّذين تلقّوا هذا الدعم "السقالات" أثناء مهامّ حلّ المشكلات أظهروا مستويات أعلى من التطوّر المعرفيّ مقارنة بأولئك الّذين لم يتلقّوا أيّ توجيه، ووهذا يؤكّد أهمّيّة توفير الدعم والتوجيه المناسبين للمتعلّمين لتعزيز نموّهم المعرفيّ.

واستكشفت الدراسة دور العوامل الاجتماعيّة والثقافيّة في التطوّر المعرفيّ، حيث أجرى الباحثون بحثًا متعدّد الثقافات ووجدوا أنّ الأطفال من ثقافات السكّان الأصليّين الّذين شاركوا في مهامّ حلّ المشكلات التعاونيّة مع البالغين أظهروا قدرات معرفيّة متقدّمة مقارنة بأولئك الّذين شاركوا في المهامّ الفرديّة، كما وجدوا أنّ الموادّ التعليميّة الّتي تدمج النصّ والمرئيّات عزّزت نتائج التعلّم مقارنة بالموادّ الّتي تعتمد فقط على النصّ.

التعليقات