02/02/2018 - 14:58

دور الأهل في ظاهرة زيادة التعاطي بالكحول والمخدرات لدى الأولاد

يلجأ الأولاد وخاصة في ظروف عدم الرقابة والمرافقة والسيطرة، للتجربة وخاصة اذا وجدوا في بيئة تساعد على الانحراف وأصدقاء يدخنون المخدرات او يتعاطون الكحول يغريهم التجريب

دور الأهل في ظاهرة زيادة التعاطي بالكحول والمخدرات لدى الأولاد

التقينا بالدكتور وليد حداد في بيته في شفاعمرو وتحدثنا معه عن رأيه في دور الأهل بقضية شرب الكحول والتعاطي بالمخدرات، وخاصة بعد التقرير الأخير الذي صدر عن وزارة المعارف والثقافة عن امتحان "النجاعة" والذي يشير إلى ارتفاع بنسبة 5% بين الطلاب في الوسط العربي بشرب الكحول في السنة الاخيرة، من جيل 18-20، ونحن نتحدث عن مجتمع 90% فيه من الوسط الإسلامي الذي يحرم شرب الكحول، وظاهرة شرب الكحول تؤدي في الغالب لانحراف بالتعاطي بالمخدرات. وتشير الإحصائيات في وسطنا العربي إلى أن 20% من متعاطي الكحول، 9% منهم انحرفوا للمخدرات ، أي أن الكحول هي مؤشر ممكن أن يكون لبداية التعاطي بالمخدرات.

عن خطورة هذا الموضوع كان لا بد من وقفة مهمة أزاء هذا الوباء الذي قد يهدد الأجيال القادمة، والوقوف عند دور الأهل ومدى سيطرتهم على أولادهم من أجل درء الصدع قدر المستطاع.

الدكتور خالد حداد يقول: " أكثر مؤثر على كل تعاطي الأولاد بالمخدرات هو موقف الأهل من المخدرات بنسبة 40%، والمقصود في هذا في كيفية رؤية الأهل للتعاطي بالمخدرات (البحث كان في أمريكا، 20% تأثير وجود تجار مخدرات في المنطقة و20% تأثير أصدقاء متعاطين، و20% أسباب نفسية وتربوية وما شابه). موقف الاهل نعني به:

  1. كأن يعتبر الأهل أن الحشيش ماده طبيعية مخدرة من النباتات "خفيف " واذا استعمل بالتعقل لا يضر.
  2. الاب أو الأم يدخنون الحشيش وتنتقل العدوى للأولاد.
  3. غياب الأهل عن أولادهم وبعدهم عنهم، فهم لا يعرفون أصدقاءهم ولا أصدقاء الفيسبوك الافتراضيين الذين يتواصلون معهم لاتساع هذه الدائرة وخروجها عن سيطرة الأهل.
  4. تبني الأهل المصطلحات الديمقراطية، والتي بمعظمها آتية من نظريات غربية، يؤمنون بها فنراهم لا يدخلون غرفة ابنهم او ابنتهم ولا يراقبون، لعدم ازعاجهم تحت اسم التربية الحديثة في الوقت الذي تكون أحيانا أدوات ومواد المخدرات موجودة في الغرفة.
  5. الأهل باتوا الحلقة الأضعف في ظل كل هذه الفوضى والقيم المتغيرة، فقدوا السيطرة والسلطة وهذا التحدي الأكبر للأهل اليوم في كيفية إعادة تلك السلطة الوالدية وإعادة ترميمها."
الدكتور وليد حداد

وعن مفهوم المجتمع والعائلة والنظريات الغربية للتربية التي تبناها المجتمع والتي أثرت سلبا في كل قضية الفرد والأولاد فقال الدكتور وليد:

" كل النظريات التربوية الحديثة التي طرأت على مجتمعنا وبدأنا بتطبيقها ، هي نظريات غربية وفردية تناسب المجتمعات التي بها الفرد بمعزل عن العائلة والجماعة، بينما مجتمعنا الشرقي هو مجتمع جماعي، والمجتمع الشرقي القروي مزروع في "جينات" كل فرد حتى لو وجد في أي مدينة عالمية .

واليوم فقدنا للأسف الروابط الاجتماعية والعائلية والحمولة بمعناها الإيجابي والتي لعبت دورا أساسيا في تنشئة الفرد على الاحترام ، حيث كان الفرد يخجل من أن يقع في مشكلة حرصا وحسابا للمجموعة التي كانت تحاسبه على ذلك وتنبذه، أما اليوم فقد تحولنا إلى هجين مجتمع يقلد الغرب، وعبارة عن احياء فقر تكثر فيها ثقافة العربدة والعصابات ، أصبح الفرد لا يخاف شيئا ولا يحسب حسابا لأحد وغير منضبط.

عن العلاقات داخل الأسرة الواحده وعلاقة الوالدين بالأولاد يقول:

" الولد اليوم أصبح بالمركز، الأهل يلهثون من أجل إرضائه لشعورهم المستمر بالذنب تجاهه نتيجة غبابهم عنه لحاجات العمل وقضاء الوقت خارج البيت، يعوضونه ماديا وماليا ، لا يضعون حدودا له، تدار البيوت بالحاكوم "روموت كونترول" من خارج البيت، وهذا يصعب عملية التحكم بالولد والسيطرة على الأمور، وفي النهاية يقول الأهل أو الأب " ميش غادرله"، لا تصان الحقوق والواجبات في الأسرة ، الإغداق بالعطاء المادي والألعاب يعطيه الشعور بعدم وجود قيمة للأشياء وفقدان الحدود الضرورية للولد لإشعاره بالأمان، لا تحترم الكلمات ولا الوعود ، الشيء الذي يعلم الولد على عدم الانضباط الضروري كقيمة لأسس النجاح والتقدم."

وبالتالي في النتيجة والمحصلة يلجأ الأولاد وخاصة في ظروف عدم الرقابة والمرافقة والسيطرة للتجربة وخاصة اذا وجدوا في بيئة تساعد على الانحراف وأصدقاء يدخنون المخدرات او يتعاطون الكحول يغريهم التجريب الشيء الذي يخرج عن السيطرة لاحقا. وفي معظم الأحيان حتى الفطام لا يعيد الفدر الى حالته التي كانت بل يترك اثرا.

توصيات للأهل:

ترسيخ وتعليم الأولاد عن أسس ومهارات حياتية لمعرفة كيفية التصرف لحياة أمنة :

  • الحزم
  • القدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب
  • عدم التأثر من الضغط الاجتماعي والتأثر منه مهما كان.

* الدكتور وليد حداد من مدينة شفاعمرو، مفتش المجتمع العربي في سلطة مكافحة المخدرات، عامل اجتماعي حاصل على الدكتوراه في سياسات مكافحة المخدرات والجريمة

 

التعليقات