عالم يتغيّر من حولنا… بطاريّات للسيّارات الكهربائيّة مصنوعة من الأشجار!

تحاول الشركة حجز موقع لها في عالم الطاقة الجديد، مع تزايد عدد الأشخاص الذين يشترون السيّارات الكهربائيّة، إذ يمكن أن تشكّل هذه الصناعة نقلة نوعيّة مع نموّ الإقبال العالميّ على البطاريّات خلال السنوات المقبلة

عالم يتغيّر من حولنا… بطاريّات للسيّارات الكهربائيّة مصنوعة من الأشجار!

(Getty)

نشرت صحيفة "بي بي سي" البريطانيّة بنسختها الإنجليزيّة، تقريرًا حول صناعة الخشب والورق الآخذة في التراجع سنة بعد سنة، وأهمّ التقنيّات التكنولوجيّة التي يُجري عليها أبحاث هائلة في في مجال صناعة البطاريّات، والتي يمكن أن تسهم في تغيير قواعد اللعبة كليًّا.

بدأت صناعة الورق في التراجع. لقد أدرك منتجو الورق هذا الأمر منذ حوالي 8 سنوات، إذ أدّى ظهور الوسائط الرقميّة، وانخفاض الطباعة المكتبيّة، وتضاؤل شعبيّة إرسال البريد العاديّ بين الناس للتواصل فيما بينهم، إلى التحوّل عن هذه الصناعة، لكنّ سورتا إنسو، وهي واحدة من أكبر مالكي الغابات الخاصّة في العالم، ومقرّها في فنلندا، تعتقد غير ذلك، إذ إنّها تريد الآن تحويل صناعة المنتجات الخشبيّة والورق والتغليف التي تملكها - اعتمادًا على غاباتها الخاصّة - إلى صناعة البطاريّات، خاصّة بطاريّات السيّارات الكهربائيّة التي يتمّ شحنها في أقلّ من 8 دقائق.

استطاعت الشركة جذب المهندسين وتوظيفهم، للبحث في إمكانيّة استخدام ما يسمّى بـ"اللجنين"، وهو بوليمر يتواجد في الأشجار على نحو خاصّ، ويشكّل نحو 30٪ من الشجرة، وهو الغراء الموجود في الأشجار، والذي يجعلها شديدة الصلابة.

وقالت الشركة في دراستها، إنّ اللجنين يحتوي على الكربون، والذي يعتبر مادّة حيويّة في تصنيع البطاريّات، وتسمّى "الأنود"، والمتواجد في بطاريّات الأيون ليثيوم باسم "أنود جرافيت" بهياكل متعدّدة. وحسب التقرير المنشور، فإنّ المهندسين في الشركة، يمكنهم استخراج اللجنين من نفايات اللبّ الذي يتمّ إنتاجه في منشآتهم ومعالجته لاستخدامه في صناعة البطاريّات، حيث تخطّط الشركة لتصنيع هذه البطاريّات مع بداية عام 2025.

وتحاول الشركة حجز موقع لها في عالم الطاقة الجديد، مع تزايد عدد الأشخاص الذين يشترون السيّارات الكهربائيّة، إذ يمكن أن تشكّل هذه الصناعة نقلة نوعيّة مع نموّ الإقبال العالميّ على البطاريّات خلال السنوات المقبلة.

عالم يتغيّر من حولنا

(Getty)

كثيرة هي الشركات التي تحاول البحث في استخدام الموادّ المستدامة لتصنيع بطاريّات على نطاق أوسع، والتي يعتقد باحثون أنّها موجودة في الأشجار دون غيرها من الموادّ، ومن المعروف أنّ جميع أنواع البطاريّات تحتاج إلى الكاثود والأنود، أو بلغة أخرى، القطب الموجب والسالب، حيث تتدفّق بينهما الجسيمات المشحونة التي تسمّى أيونات، وعندما يتمّ شحن البطاريّة، ينتقل الليثوم من الكاثود (السالب) إلى القطب الموجب، كما توضّح المهندسة وعالمة البطاريّات جيل بيستانا.

وتضيف بيستانا "الخاصيّة الرئيسيّة التي نريدها هي إمكانيّة امتصاص الليثيوم عندما تفرغ البطاريّة، وليكن على سبيل المثال في سيّارة كهربائيّة، تعود الأيونات إلى القطب السالب بعد إطلاق الإلكترونات، ممّا يؤدّي إلى نقل الطاقة إلى السيّارة". وتضيف بيستانا، إنّ "الجرافيت هي مادّة مذهلة، لأنّها ببساطة تعمل بشكل جيّد، تمامًا كما يفعل القطب الموجب الذي يسمح بحدوث مثل هذه التفاعلات".

لم تكشف الشركة الطريقة التي استطاعت فيها تحويل اللجنين إلى بنية كربونيّة صلبة، ولكن ما أوضحته هو أنّها تقوم بذلك عن طريق التسخين، وتقول الشركة إنّ هذا قد يمكننا من صنع بطاريّة ليثيوم أيون أو بطاريّة أيون الصوديوم، والتي يمكن شحنها خلال أقلّ من ثماني دقائق، وهو هدف رئيسيّ لمطوّري بطاريّات السيارات الكهربائيّة.

أبحاث أخرى تفيد بأنّ هذا الابتكار يحتوي على الكثير من العيوب، والتي "تزيد من تفاعل الأنود مع الأيونات المنقولة في بطاريات أيون الصوديوم، وهذا ما أشار له بحث أجرته ماغدا تيتيريتشي في جامعة إمبريال كوليدج في لندن.

ما مستقبل بطاريّات السيّارات الكهربائيّة في 2023؟

(Getty)

لا يزال الإقبال شديد على السيّارات الكهربائيّة في مختلف دول العالم، والتحدّيات كثيرة أمام الشركات التي تستثمر كلّ ما تملك من أجل الفوز بالابتكار الذي من الممكن أن يغيّر قواعد اللعبة، إذ إنّ المعادن التي تستخدم في صناعة البطاريّات، هي معادن ثمينة ومكلفة، وليس بالأمر السهل الحصول عليها، ولذلك، تواجه هذه الصناعة صعوبات في إطالة أعمار بطاريّاتها، بالإضافة إلى تحدّيات أخرى، تتعلّق بأنّ الشركات المصنّعة لبطاريّات السيّارات الكهربائيّة، ليس لديها معايير مشتركة لمراقبة صحّة وجودة هذه البطاريّات، إذ تعمل كلّ شركة بشكل منفرد.

وبالتالي، فإنّ كلّ شركة تبحث عن مواد بديلة من المواد المكلفة التي تتكوّن منها البطاريّات، مثل الأبحاث الجارية على مادة اللجنين المستخرجة من الخشب، والتي تحتوي على الكربون، وابتكرتها الشركة الفنلنديّة، والتي بدأت شركات سويديّة أخرى باتّباع خطاها.

التعليقات