جذب برنامج المحادثة المغذى بالذكاء الاصطناعي Chat GPT أنظار العالم إليه، مؤخرا، بإجاباته الذكية المبنية على أسس علمية وأسباب منطقية، ولكن لهذا البرنامج جانبا سلبيا لا بد من التحدث عنه.
ما هو Chat GPT؟
يمكن القول إن Chat GPT عبارة عن مربع حوار مع الذكاء الاصطناعي يتميز بردوده السريعة والذكية. عند توجيه أي سؤال لـChat GPT فسرعان ما يعطيك جوابا يبدو كأنه جرى صياغته من قبل إنسان آخر وليس الآلة أو الذكاء الصناعي ويعود ذلك إلى قدرته على تعلم الأسلوب البشري من كميات هائلة من المعلومات والجمل التي قام الإنسان بكتابتها سابقا وحملها على الإنترنت مثل المعلومات الموجود على ويكيبيديا والمقالات العلمية والأكاديمية وحتى المنشورات الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي.
إن برنامج Chat GPT نمط تعلّم لغوي مصمم لتقليد طريقة الحوار البشرية ويمكنه تذكر أشياء قمت باطلاعه عليها في الماضي وأيضا على تصحيح الأخطاء التي قد يرتكبها شخصيا.
من السهل بالنسبة لأي شخص أن يتعلم طريقة تشغيل Chat GPT واستخدامه ولكن استكشاف مواطن ضعفه ومدى خطورته بحاجة إلى الخبراء المتخصصين.
أهم المخاوف التي تحيط بـChat GPT
إجابات Chat GPT ليست دائما صحيحة
في الحقيقة قد يفشل Chat GPT بحل بعض المعادلات الرياضية البسيطة، كما أنه فشل في بعض الحالات في الإجابة عن أسئلة منطقية تعتبر سهلة، وقد حدث سابقا أنه ناقش وشرح بعض الأدلة على حقائق أثبت العلم أنها غير صحيحة. ويستطيع رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن يشهدوا أن Chat GPT قدم إجابات أقل ما يقال عنها إنها خاطئة في عدة مناسبات.
ويبدو أن (OpenAI) الشركة المصنعة لـChat GPT تعرف حدودها حيث صرحت في السابق أن Chat GPT يصيغ في بعض الأحيان ردودا تبدو منطقية ولكن غير صحيحة أو غير علمية. ويطلق العلماء على هذا النوع من الإجابات الخاطئة اسم "الهلوسات" وهي تمزج ما بين الحقيقة والخيال وهي خطرة بشكل خاص عندما تتناول مواضيعا مثل النصائح الطبية.
على عكس مساعدات الذكاء الاصطناعي التقليدية، لا يعتمد Chat GPT على الإنترنت ليقدم الإجابة منقولة من مصدر محدد ما، وإنما يصيغ إجابته كلمة كلمة ويعتمد في ترتيب الكلمات على أنماط مبنية على السياق وعلى تدريبه.
بكلمات أخرى يتوصل Chat GPT إلى الإجابة عبر القيام بسلسلة من التخمينات ويعتبر ذلك أحد الأسباب التي تجعل Chat GPT قادرا على مناقشة الإجابات الخاطئة وكأنها إجابات صحيحة.
Chat GPT برنامج يميل للتحيز
جرى تدريب Chat GPT على الكتابة الجمعية للبشريين من حول العالم في الماضي والحاضر القريب. يعني ذلك أن التحيز الموجود على الإنترنت قد يظهر في حواراته وردوده.
وقد بين مستخدمو Chat GPT في عدة مناسبات أن هذا البرنامج قدم لهم ردودا سيئة من هذه الناحية، مثل التحيز ضد النساء. إلا أن الأمر يتجاوز الخطوط الحمراء العريضة حيث تمثل بعض إجابات Chat GPT أذى نفسيا ضخما بالنسبة لبعض الأقليات حول العالم.
لا يمكن لوم البيانات الموجودة على الإنترنت فقط بخصوص هذا الأمر، إذ أن الباحثين والمطورين في شركة (OpenAI) يختارون المعلومات والبيانات المستخدمة في تدريب البرنامج. لهذا السبب تطلب شركة (OpenAI) من جميع المستخدمين إعطاء آرائهم والإبلاغ عن أي محتوى يوصف بأنه منحاز ضد أي طرف.
مع احتمال التسبب بالأذى المعنوي أو المادي لأي طرف أو مجموعة من الناس، يرى البعض أن Chat GPT لم يكن جاهزا للإطلاق للعامة بعد وأن هذه المشاكل كان يجب أن يتم معالجتها ودراستها أولا.
Chat GPT يشكل تحديا للمدرسين
يمكن للطلاب أن يطلبوا من Chat GPT أن يدقق وظائفهم المدرسية المكتوبة باللغة الإنجليزية أو أن يخبرهم عن كيفية تحسين أدائهم فيها، أو حتى أن يريحوا أنفسهم من كتابة الواجبات وأن يطلبوا من Chat GPT أن يتكفل بكتابة الواجب من الألف إلى الياء.
وقد حاول المدرسون أن يختبروا قدرات Chat GPT في كتابة الواجبات المدرسية وتلقوا أداءً أفضل من أداء العديد من طلابهم في الحقيقة.
يحفز هذا الأمر التفكير بعواقب إطلاق هذا النوع من البرامج للعامة، هل يواظب الطلاب على التعلم والكتابة في المستقبل بوجود من يحل واجباتهم ويفكر عنهم دون عناء؟
في الحقيقة يستدعي شيوع تطبيقات الذكاء الاصطناعي التصرف السريع والتكيف الذكي من قبل المدارس والمعلمين إلا أن هذا القطاع ليس القطاع الوحيد الذي سرعان ما سيواجه عواقب انتشار هذا النوع من البرامج.
Chat GPT يمكن أن يؤدي إلى أذى حقيقي
ذكرنا سابقا أن المعلومات الخاطئة التي قد يقدمها Chat GPT للمستخدمين قد تؤدي إلى أذى حقيقي على أرض الواقع والمثال الأوضح والأبسط على ذلك هو إعطاء النصائح الطبية المغلوطة.
هناك مشكلة أكبر وأعقد تتمثل بالحسابات المزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي وما تنشره من محتوى يهدف إلى تسهيل عمليات الاحتيال وخصوصا أن Chat GPT يستقي معلوماته من مختلف نواحي الإنترنت مما قد يجعله أداة في عمليات الاحتيال هذه.
إن نشر المعلومات الخاطئة واحد من المشاكل واردة الحدوث مع Chat GPT وخصوصا أنه قادر على مناقشة أرائه ودعمها بشكل مقنع ومنطقي.
القوة التي تستحوذ عليها OpenAI
تستحوذ الشركة المصممة والمالكة لـChat GPT على قوة لا يستهان بها مع النجاح الذي لقيه البرنامج مؤخرا وخصوصا أنها واحدة من أوائل الشركات التي يلاقي أحد منتجاتها هذا الانتشار والسمعة.
تختار شركة (OpenAI) المعلومات والبيانات التي تستخدمها لتدريب Chat GPT وكيف تتعامل مع العواقب السلبية لاختياراتها هذه. وسواء أعجبنا الأمر كمستخدمين أم لا فإن الشركة ستواصل تطوير برمجياتها وفق أهدافها الخاصة.
تصرح شركة (OpenAI) أن الأمان أولويتها الكبرى، إلا أن المستخدمين يجهلون الكثير عن طريقة تصنيع أنواع برامج الذكاء الاصطناعي التي تقدمها الشركة مثل (Dall-E 2 و GPT-3 و Chat GPT).
وسواء كنت من الأشخاص الذين يؤمنون أن الشركة يجب أن تشرح للعامة أكثر عن طريقة تطوير برامجها أم لا، فالأمر لا يعود لنا وإنما هو بيد الشركة بشكل كلي ومن هنا تأتي قوتها.
التعليقات