مصادم الهدرونات في سيرن يسجل رقما قياسيا في إنتاج الطاقة

من المفترض أن تكون الدلالة العملية لزيادة الطاقة في مسرع الجزيئات العملاق انكشاف العلماء على جسيمات جديدة غير معروفة، حيث أن ارتفاع مستويات الطاقة يعني نشوء جسيمات ثقيلة ونادرة

مصادم الهدرونات في سيرن يسجل رقما قياسيا في إنتاج الطاقة

بعد أسبوع واحد من إعادة تشغيله مجددا، وصل مصادم الهدرونات في مركز بحوث الفيزياء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية 'CERN' إلى أقصى طاقته، حيث وصلت إلى 13 تريليون إلكترون – واط (TeV)، بما يشكل كمية الطاقة الأكبر التي أنتجت بوسائل صناعية من قبل الإنسان وزود بها جسيم تحت ذري واحد.

ومن المفترض أن تكون الدلالة العملية لزيادة الطاقة في مسرع الجزيئات العملاق انكشاف العلماء على جسيمات جديدة غير معروفة، حيث أن ارتفاع مستويات الطاقة يعني نشوء جسيمات ثقيلة ونادرة، استنادا إلى القاعدة الفيزيائية المعروفة التي وضعها ألبرت أينشتاين، والتي تربط بين الطاقة والكتلة (E=mc2).

ويعتبر مصادم الهدرونات (LHC)، الأكبر في مختبر (CERN) الماكنة الأكبر والأكثر تعقيدا في التاريخ، ويقع في نفق بيضوي يصل طوله إلى 27 كيلومترا، على عمق 100 متر تحت سطح الأرض، ويتم فيه تسريع بروتونات باتجاهات متضادة بهدف خلق تصادمات على مستويات طاقة عالية جدا. ومع تزايد احتمال حصول تصادمات فإن احتمال نشوء جسيمات غير معروفة يتزايد أيضا، ضمن عملية محاكاة للظروف التي أعقبت 'الانفجار الكبير' الذي نشأ عنه الكون قبل ما يقدر بـ13.8 مليار عام.

ومع تفعيل مسرع الجزيئات مجددا، فقد بدأ العلماء بإطلاق حزم جسيمات في اتجاهي المسرع، وسط تقديرات بأن تصادم الجزيئات الأولي بشدة 13 TeV سيحصل بدءا من شهر حزيران (يونيو). وبحسب مصادر في CERN فقد تم تسجيل تصادمات جسيمات أولى الآن، ما يعني أن العلماء يستطيعون البدء بمراحل البحث وجمع معطيات حول التصادمات وتحليلها في مسرع الجزيئات، بحثا عن جسيمات جديدة.

وقال رولف هوير المدير العام لـ'سيرن' للباحثين والمهندسين الذين بدت عليهم السعادة 'من المدهش أن نرى أن العمل يسير على ما يرام بعد عامين وبعد هذه الإصلاحات الرئيسية'.

وكانت دراسة مليارات من عمليات تصادم الجسيمات في المرحلة الأولى من تشغيل المصادم بين عامي 2010 و2013 قد برهنت عام 2012 على وجود جسيم 'بوزون هيجز' وهو أحد الجسيمات تحت الذرية الذي يعد من اللبنات الأساسية لنشأة الكون والذي ظل العلماء يحلمون به طويلا، وهو جسيم افتراضي قال عالم الفيزياء الأسكتلندي بيتر هيجز، قبل ثلاثة عقود من الزمن، إنه يساعد على التحام المكونات الأولية للمادة ويعطيها تماسكها وكتلتها.

وتتركز الآمال بعد اعادة تشغيل المصادم على حل شفرة نظرية 'النموذج المعياري' التي وضعت قبل 40 عاما، والتي تفسر حركة الكون على مستوى الجسيمات الأولية حتى يتسنى للعلماء دخول عالم 'الفيزياء الحديثة'.

ومن بين مفاهيم نظرية النموذج المعياري المادة المعتمة الغامضة التي تمثل 96 في المئة من مادة الكون، وهو تعبير أطلق على مادة افتراضية لا يمكن قياسها إلا من خلال تأثيرات الجاذبية الخاصة بها، والتي بدونها لا تستقيم حسابيا العديد من نماذج تفسير الانفجار العظيم وحركة المجرات.

ومن النظريات الأخرى نظرية التناظر الفائق التي تتنبأ بأنه مقابل كل جسيم معروف يوجد جسيم آخر غير مرئي أكبر منه يسمى الشريك الفائق وهو في صورة مادة خفية.

وقال أوليفر بوخمولر أحد العلماء المسؤولين عن الأجهزة التي تسجل كل تصادم على حدة 'إذا كان لي أن أراهن عما سنجده فانني أرشح نظرية التناظر الفائق، لكن قد نجد أيضا شيئا غير متوقع مختلفا تمام الاختلاف'.

لكن علماء 'سيرن' سينتقلون تدريجيا نحو استخدام كامل الطاقة المتاحة الآن في مصادم الهدرونات واضعين في اعتبارهم حدوث تسرب لغاز الهليوم عام 2008 الذي اضطر العاملين إلى إيقاف تشغيل المصادم عامين، علاوة على حدوث عطل كهربي أرجأ استئناف العمل أسبوعين بعد أن كان مقررا أصلا الشهر الماضي.

التعليقات