عن حياة على سطح كوكب آخر...

تواترت خلال الفترة الأخيرة عدة اكتشافات تدلل على وجود حياة خارج كوكب الأرض، وكان آخرها اكتشاف وجود مياه على سطح كوكب المريخ، ما مثل دليلًا أكثر قوة حول احتمال وجود حياة على الكواكب الأخرى، وإعادة افتراضية وجود كائنات أخرى تشارك الإنسان في

عن حياة على سطح كوكب آخر...

تواترت خلال الفترة الأخيرة عدة اكتشافات تدلل على وجود حياة خارج كوكب الأرض، وكان آخرها اكتشاف وجود مياه على سطح كوكب المريخ، ما مثل دليلًا أكثر قوة حول احتمال وجود حياة على الكواكب الأخرى، وإعادة افتراضية وجود كائنات أخرى تشارك الإنسان في هذا الكون لتتصدر الواجهة من جديد في ضوء عدد من الدلالات، والتي تؤكد أن الإنسان ليس وحيدا في هذا الكون.

اعتقد البشر في الأزمنة القديمة أن الأرض هي مركز الكون، وأن الأجرام السماوية تدور حولها، ولكن العالم “غاليلو غاليلي” غيّر تلك الموازين، ووضع معادلة جديدة، حيث نزع الأرض من مركزها ليجعلها جرما كباقي الأجرام السماوية التي تدور حول الشمس، ومن ثم اتجه العلماء إلى الاعتقاد بوجود كواكب أخرى قد تحتوي على الحياة وكائنات فضائية تشارك الإنسان في هذا الكون الفسيح، ومع مرور الوقت واكتشاف المجموعة الشمسية بطرق أدق انتقل الاستكشاف إلى البحث عن كواكب شبيهة بالأرض في مجرة درب التبانة، فظهرت أعداد ضخمة من الكواكب، وبعد أن كانت السماء مليئة بالنجوم فقط، أصبحت أعداد الكواكب تعادل أعداد النجوم، والتي تقدر بنحو 300 مليار نجمة في المجرة.

وبدراسة تفاصيل الحياة، فإنها تتكون من تراكيب كيميائية وجزيئات “دي إن أي” المعقدة، وكل هذه التراكيب تتكون في الأساس من ذرات كانت جزءا من نجم منفجر في يوم ما، بما في ذلك الكربون الذري، والأكسجين، والنيتروجين، والتي تمثل المكونات الأساسية للحياة، حيث تكاتفت هذه المكونات على مدى مليارات السنين، لتشكل سحبا غازية ونجوما جديدة وكواكب، وهو ما يعني وجود مكونات الحياة، وبالتالي إمكانية الحياة موجودة خارج كوكب الأرض، بل وربما تنتشر كائنات أخرى في جميع أنحاء الكون.

ومع التطور التكنولوجي واكتشاف الفضاء بطرق وأساليب أكثر دقة وتطورًا، ظهر عدد من الاكتشافات العلمية والدلائل التي تشير بقوة إلى أن هناك حياة خارج الأرض إما في النظام الشمسي أو خارجه، مما يغير السؤال عن إمكانية وجود حياة خارج كوكب الأرض إلى متى  سنعثر عليها؟

ولعل أبرز تلك الاكتشافات حدثت في وقت سابق من هذا العام، حيث قدر فريق من العلماء تابع لوكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، أنه منذ 4 بليون سنة ضوئية كانت خمس مساحة المريخ على الأقل مغطاة بمحيط يبلغ عمقه 450 قدمًا، أي علامات للحياة التي ربما تكون قد سبحت يومًا في هذه المياه، وتكون مخفية في تربة المريخ.

وفي دراسة أجريت في أغسطس من العام الماضي، اكتشف أن المياه كانت موجودة على سطح المريخ لمدة 200 مليون سنة أطول مما كان يعتقد سابقا، وما هو أكثر من ذلك، أنه كانت هناك حياة على الأرض في نفس الوقت الذي تواجدت فيه آخر البحيرات على سطح المريخ.

ويقول أستاذ علوم الفضاء بالجامعة الأمريكية في القاهرة، د. علاء إبراهيم، إن أصل انطلاق الحياة إنما يعود للماء، فالماء نقطة محورية وأساسية في تشكل الكائنات البدائية على الأرض، ومن ثم تطورت لأشكال مختلفة بعد ذلك، لافتًا إلى أن هذا الماء لم تعد الأرض هي المركز الحاضن له بانفراد، حيث أن هناك النيازك والكويكبات التي تحتوي على كميات هائلة منه، مشيرًا إلى أن اكتشاف ناسا الأخير، والذي أكد وجود المياه على سطح كوكب المريخ هو ما طرح أمر وجود حياة على الكوكب الأخرى بقوة، وجعل إمكانية وجود كائنات أخرى تشارك الإنسان هذا الكون أقرب للحقيقة والتصديق من أي وقت مضى.

ويوضح إبراهيم، أن كل الدلائل تؤكد على أن المواد الخام التي تتكون منها الكائنات في الأرض موجودة في كل أنحاء الكون، وهو ما يوفر مقومات صناعة الحياة، التي منها ما ينجح، ومنها ما يفشل، وتزيد فرصها في تلك الكواكب الوسطية التي تتمتع بمناخ يسمح بإقامة حياة، ربما مع اختلافات في أشكالها ونمطها وصورها.

يعتقد العلماء أن الكويكبات والمذنبات هي مفتاح تكوين الحياة على الأرض، وخاصة المذنبات، حيث أن تأثير المذنبات يسبب تجمع الأحماض الأمينية وتشكل اللبنات الأساسية للحياة، ووفقًا لما يتوافر من معلومات حول تكوين النظام الشمسي، فإن هناك مذنبات في الأنظمة الكوكبية يمكنها أن تفعل الشيء نفسه وتشكل مناخا يصلح للحياة، ما يمثل دليلًا على توافر الظروف والمقومات للحياة خارج كوكب الأرض.

ومن الأدلة الأكثر إقناعًا بوجود حياة خارج كوكب الأرض، وتحديدًا على سطح إنسيلادوس، قمر كوكب زحل، ما جاء في ورقتين نشرتا في وقت سابق من هذا العام، وتشيران إلى أن إنسيلادوس يؤوي محيطًا ضخمًا تحت غلافه الجوي الجليدي، وتوجد الفتحات الحرارية المائية من نفس النوع الذي ولد الحياة على كوكب الأرض، تظهر وكأنها تبطن قاع محيط القمر، والذي يمثل مكانًا محتملًا للحياة خارج الأرض.

وقد أكدت “ناسا” في مارس عام 2011، وجود حياة أخرى في الكون، وذلك في بحث نشره عالم الفلك بمركز “مارشال” التابع لوكالة ناسا، البروفيسور ريتشارد هوفر، والذي أشار فيه إلى وجود حياة أخرى في الكون، وأن الإنسان ليس وحده في هذا الكون على عكس ما يعتقده الكثيرون من أن الحياة تقتصر على كوكب الأرض. وتضمن بحث هوفر دراسة فئات نادرة من النيازك، أكدت وجود أدلة حفرية جرثومية داخل النيازك متبقية من كائنات حية دقيقة، وهو ما يعتبر دليلًا على وجود كائنات أخرى في الكون، على الرغم من الشكوك التي يمكن أن تحيط بها.

في مقابل تلك الاكتشافات والأدلة، يؤكد عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، د. هاني الضليع، أن كل ما يقال عن وجود حياة على الكواكب الأخرى، هو مجرد اجتهادات علمية تفتقد لأدلة قوية تؤكدها وتفرضها كحقيقة، موضحًا أن العلماء لم يجدوا حتى الآن أية إشارة “راديوية” بعثت من كوكب يمتلك حضارة ذكية، أو أية دلائل على الحياة الميكروبية في أي كوكب، ولا حتى اكتشافًا لكوكب واحد مطابق للأرض تمامًا، مما يجعل الأدلة الملموسة على وجود حياة خارج كوكب الأرض شبه معدومة، ويجعل الأمر بحاجة إلى مزيد من البحث والاكتشافات حتى الوصول إلى دليل دامغ بوجود حياة على كواكب أخرى دون الأرض، مما يعني بطبيعته وجود كائنات فضائية تشارك الإنسان في هذا الكون الممتد.

اقرأ/ي أيضًا | مؤشرات لارتطام مذنب بالأرض قبل 56 مليون سنة

التعليقات