هذا البحر لي: انطلاق قلنديا الدولي بمشاركة 200 فنان

من المؤتمر الصحافيّ في مركز خليل السكاكينيّ | عدسة حمدي شحادة

أعلنت اللجنة التنظيميّة لـ 'قلنديا الدوليّ'، اليوم، الثلاثاء، 04 تشرين الأوّل (أكتوبر)، عن انطلاق فعاليّات محفِلها الثقافيّ لعام 2016، وذلك في مؤتمر صحافيّ عُقِدَ في مركز خليل السكاكينيّ برام الله.

وستفتتح أعمال 'قلنديا الدوليّ' غدًا، الأربعاء، في خمس مدن بشكل متزامن؛ حيفا، وغزّة، وبيروت، وعمّان، ولندن، لتنضمّ إلى برنامجه بعد ذلك كلّ من القدس، ورام الله، وبيت لحم.

يمتدّ برنامج 'قلنديا الدوليّ' من 5 حتّى 31 تشرين الأوّل (أكتوبر)، بتنظيم 16 مؤسّسة وشراكة حوالي 200 فنّان فلسطينيّ وعالميّ.

لماذا العودة؟

تحدّث مدير برنامج الثقافة والفنون في مؤسّسة عبد المحسن القطّان، محمود أبو هشهش، حول ثيمة 'قلنديا الدوليّ' بنسخته الثالثة، قال: 'اخترنا العودة لتكون ثيمةً هذا العام، لأنّ النكبة ما زالت تجدّد نفسها وتتحوّل من شكل إلى آخر، وما زال الفلسطينيّ يعيشها، سواء داخل فلسطين التاريخيّة أو في أماكن اللجوء والمنافي، ما يجعل سؤال العودة حاضرًا وملحًّا، لا على المستوى السياسيّ فقط، بل على المستوى الإنسانيّ والوجوديّ أيضًا.'

وأوضح أيضًا: 'لماذا العودة؟ لأنّها أصبحت ديباجة محدودة في خطب السياسيّين، الذي كادوا يفرغون هذا الحقّ المقدّس من معناه، فهم يطرحونه بشكل يفتقر إلى أيّ جدّيّة. لماذا العودة؟ لأنّنا، نحن العاملين في المجال الثقافيّ، من واجبنا أن نبقي على أسئلة مصيريّة تخصّ الشعب الفلسطيني، وأيضًا شعوبًا أخرى حولنا، متّقدة وحيويّة، وأن ونبثّ فيها الحياة والاحتمالات الجديدة، وليس أقدر من الفنّانين والمبدعين على ذلك.'

لماذا 'هذا البحر لي؟'

وحول شعار 'هذا البحر لي'، قال أبو هشهش: 'أمّا لماذا ’هذا البحر لي‘ شعارًا لقلنديا الدوليّ؟ فلأنّ خطاب النكبة الذي يركّز على فقدان البيت والأرض، سقطت منه، إلى حدٍّ كبير، خسارة البحر مكوّنًا أساسيًّا في هذا الوطن، ودون البحر لا يمكن تخيّل فلسطين أصلًا، ونحن نريد إعادة هذا المكوّن من مكوّنات الوطن والجغرافيا الروحيّة إلى الوجدان والخطابين الثقافيّ والسياسيّ. من شأن تناول موضوعة العودة من منظار البحر أن يمنح تلوّنات جديدة وطازجة وملهمة لموضوعة العودة، ومن شأن فكرة البحر أن تسحب فكرة العودة من ساحة الساسة ومحدوديّتها إلى ساحة البداهة والحقّ الإنسانيّ، فنحن نتحدّث عن حقوق بديهيّة للإنسان؛ أن يستمتع بالمشهد الطبيعيّ وبهذا المعطى الجامع للإنسانيّة.'

وأضاف أبو هشهش حول دلالات البحر أيضًا: 'ما يجري حاليًّا في منطقتنا العربيّة والعالم من حروب طاحنة تقود إلى تهجير أعداد هائلة من السكّان، ونزوحهم من مواطنهم وركوب البحر، ما يمنح الأخير دلالات أبعد وأكثر تعقيدًا. وللمفارقة، البحر يُرْكَبُ طوقَ نجاة من الحرب، ليتحوّل إلى مصيدة وقبر في الوقت ذاته، بل يصبح هذا المدى المفتوح في غزّة جدارًا وحصارًا آخر، وهناك الكثير من الدلالات الممكنة.'

نموذج للشراكة

بدوره، تحدّث مدير جمعيّة الثقافة العربيّة في حيفا، إياد برغوثي، حول منظومة عمل المؤسسات الشريكة العاملة في حقول الفنون والثقافة والحوار، قائلًا إن الشركاء التقوا بعد النسخة الثانية من 'قلنديا الدولي' عام 2014، واختاروا بعد نقاش فكري وسياسي عميق موضوعة العودة ثيمةً للنسخة الحالية، تعمل عليها المؤسسات. وأوضح أنّ 'لكلّ مؤسّسة كانت الحرّيّة الكاملة في أن تعمل على مشروعها ونشاطاتها في إطار قلنديا الدوليّ بما يتلاءم مع رؤيتها وتوجّهاتها الفنّيّة والثقافيّة. ثمّة مساحة نلتقي فيها جميعًا لنحدّد الموضوعات والسياسات وأولويّات العمل، وقد كنّا نلتقي شهريًّا، وقد خلقنا رؤية ثقافيّة مشتركة للمؤسّسات الثقافيّة الفلسطينيّة.'

وتحدّث برغوثي عن الإنجازات التي حقّقتها المؤسّسات الشريكة قائلًا: 'لقد حقّقنا في إطلاقنا لقلنديا الدولي بنسخته الثالثة إنجازين، أوّلهما أنّ المؤسّسات في الداخل الفلسطينيّ التي شاركت في النسخة السابقة حافظت على شراكتها، بل تعزّزت العلاقة بين المؤسّسات وغدا التواصل أيسر، وذلك رغم كلّ الصعوبات التي يمكن تخيّلها بسبب واقع الاحتلال والحصار، وكذلك التنوّع الجغرافيّ الكبير لمواقع المؤسّسات، إذ سخّرنا كلّ الأدوات اللازمة لتحقيق التواصل الدائم بإشراف طاقم التنسيق النشيط جدًّا، محرّكنا الأساسيّ في ذلك خلق حالة ثقافيّة فلسطينيّة موحّدة ومتنوّعة في آن، فنحن نعمل تحت مظلّة هويّاتيّة واحدة، مع محافظة كلّ مؤسّسة على حرّيّة في عمل والتوجّه، وقد تمكّنا من إشراك مئات المثقّفين والأكاديميّين والفنّانين والقيّمين في محفلنا.'

لملمة المفتّت

وأضاف برغوثي: 'قلنديا الدوليّ منظومة نموذجيّة للتعاون الفلسطينيّ بين القطاعات المختلفة، إذ تتحوّل العلاقة من تنافسيّة إلى تكامليّة، لا سيّما في القطاع الثقافيّ، حيث الموارد محدودة والصعوبات جدّيّة جدًّا، لأنّ الثقافة والفنون ليسا أولويّة. بدلًا من أن نحوّل الأمر إلى بكائيّات، قرّرنا أن نتعاون مع بضعنا البعض وأن نتشارك في الموارد ونحّدد أولويّاتنا في الإنتاج والعمل الثقافيّ، وهو نوع من استقلاليّة القرار، وهذا إنجاز بحدّ ذاته.'

واختمم بالقول: 'أدعو شعبنا الفلسطيني أن يكون فخورًا بهذا الإنجاز الكبير، الذي يخلق هذه الشبكة والحوار الفلسطينيّ الواسعين، فلولا قلنديا الدولي كان من الصعب جدًّا أن يكونا. نحن بطريقة عملنا نلملم القطع المفكّكة للشعب المبعثر، وبالتالي لا نساهم فنّيًّا فقط في عملنا على موضوع العودة واللجوء والعلاقة مع التاريخ والجغرافيا، بل أيضًا ثقافيًّا ووجوديًّا.'

واستعرضت منسّقة المشاريع في مؤسّسة المعمل للفنّ المعاصر، ألين خوري، أبرز معارض وفعاليّات 'قلنديا الدوليّ'، مؤكّدة على أهمّيّة الطروحات المقدّمة في الأعمال الفنّيّة المختلفة، والتي تتناول العودة واللجوء من منظور مختلف وبطريقة غير مباشرة، وأشارت إلى تنوّع الفعاليّات المقدمة خارج إطار موضوع العودة. 

وبعد اختتام المؤتمر، نُظّمت للصّحافيّين المشاركين جولة إلى عدد من المؤسّسات المنظّمة لمعارض وفعاليات 'قلنديا الدوليّ' في رام الله، والبيرة، وبير زيت.