"هَنُرقُص دبكة"، ورشة رقص دبكة فلسطينيّة بنكهة سكندريّة

"وَيْلِي دَلعونا وَيْلِي دلعونا راحوا الحبايب ما ودّعُونا... يا أرضِ بلادي يا بَعِدْ رُوحي، عنك ما أتنازل والله ما بروحِ.."، تلك الكلمات الشّاعريّة على ألحان الدّبكة الفلسطينيّة تغنّت بها الإسكندريّة في نهار الأحد 28 شباط (فبراير) 2016، كتمهيد، أثناء استقبال الشّباب والشّابات الذين يرغبون ويرغبن في تعلّم رقص الدّبكة الفلسطينيّة في ورشة مطوّلة خلال شهر آذار (مارس) الجاري، تحت عنوان "هنُرقُص دبكة". هذا النّهار الشّتويّ بحيّ العطّارين العتيق بوسط المدينة، في مساحة ستوديو فنّيّ، تجمع أكثر من خمسة وأربعين شابًا وفتاةً سكندرييّن، لتحقيق رغبتهم مع راقصة فلسطينيّة من طراز شعبيّ خاص، كانت حريصة على بثّ الرّوح الفلسطينيّة، بتراثها الجليل، في الحاضرين باستحضارها للموسيقى الفلسطينيّة وتاريخ الرّقص التّراثيّ الفلسطينيّ.

وفي إطار التّعاون بين فريقي عمل "ستوديو جناكليس للفنّون البصريّة" و"مؤسّسة بيانولا للفنّون"، نظّم فريق "بيانولا" هذه الورشة لتعليم رقص الدّبكة مع المدرّبة الفلسطينيّة سما عبد الهادي، الرّاقصة في فرقة الفنون الشعبيّة برام الله، بمساحة ستوديو جناكليس بوسط المدينة.

الرّقص كمساحة للتعارف على الثّقافات

تحدّثت ولاء عبد المنعم، إحدى المدراء الشّباب في "مؤسّسة بيانولا للفنّون" لـ "فُسْحة"، حول رغبتهم الشّديدة في محاكاة الرّقص الفترة القادمة، من خلال خطط طويلة الأمد لتنفيذ ورش رقص من شتى البلدان العربيّة والأوروبيّة في الإسكندرية. حيث يأمل فريق "بيانولا" بالخروج عن الأحداث المعتادة داخل المجتمع الثّقافيّ، والابتعاد عن التّكرار والاهتمام بطرق الأبواب المغلقة والمهملة في المشهد الثّقافيّ السّكندريّ، فالرقص، هو أحد هذه المساحات المهملة من وجهة نظرهم؛ ويستكمل المدير التنفيذيّ لـ "ستوديو جناكليس"، المخرج عبد الله شركس، ما بدأته عبد المنعم، بالقول إنه في هذا العام، يعمل "جناكليس" على الاهتمام بالجانب الإبداعيّ، بالأخص في الموسيقى والرقص، ولذلك كان من المناسب جدًا التعاون مع فريق "بيانولا" في تنفيذ ورش الرقص بشتّى أنواعها.

الدّبكة، إرث فلسطينيّ يحكي القصّة

أما المدرّبة سما عبد الهادي، فقامت بتقديم الدّبكة وتاريخها التّفصيليّ للحاضرين، مع عرض بعض مقاطع الفيديو لفرق شعبيّة فلسطينيّة ترقص دبكة، فالدبكة الفلسطينيّة، كما يعرف الجميع، لم تستوحِ شاعريتها وقوتها هذه فقط من الأعراس، لكنها، منذ النكبة عام 1948، اكتسبت بعدًا آخر لدى الشّعب الفلسطينيّ في النّضال اليومي ضد الاحتلال الصّهيونيّ، وصارت إرثًا ثقافيًا يحرص الشّعب الفلسطينيّ على تداوله بحرص وتكرار للحفاظ على الهويّة الفلسطينيّة، التي يعمل الاحتلال على طمسها. ثم طلبت سما من الجميع أن يصطفوا في نصف دائرة، ممسكين أيديهم بأيدي بعضهم البعض، ثم توسطتهم هي، لتبدأ في الشّرح عن الدّبكة بأحد الغرف ذات السّقف المرتفع في تلك البناية القديمة لـ "ستوديو جناكليس".

بعد ساعات من التّدريب والمتعة والاستماع لأغاني الدّبكة الفلسطينيّة والتّماهي مع أداء المدربة سما وسلاسة التّعلّم، صار الجميع يتحرك بخفّة شديدة بقلبٍ واحدٍ، يدبك دبكةً واحدةً، فلسطينيّةً سكندريّةً بديعة. وقد يكون هذا هو ما تميّز به هذا اليوم، هذا الخليط السّحريّ ما بين الإسكندريّة وفلسطين. فتلك هي التّجربة الثّانيّة لفريقي "بيانولا" و"جناكليس" مع الرّقص، بعد ورشة التّانغو، التي أقامها المدرّب والرّاقص المصريّ، أحمد قمر، وحازت على إقبال جماهيريّ، أيضًا، ولكن ما ميز ورشة "هنُرقُص دبكة"، هو الرّوح الفلسطينيّة التي عمّت أجواء هذا النّهار، في مشهدٍ فنيٍّ سكندريٍّ سيستمر حتى نهاية آذار (مارس)، وكأن فلسطين نُقِلت اليوم إلى حي العطّارين السّكندريّ.

عن "بيانولا" و"جانكليس"

من الجدير بالذكر أنّ "بيانولا" هي مؤسّسة فنيّة ومساحة في حيّ الجمرك (بحري) بالإسكندريّة، تأسست في نيسان (أبريل) من العام الماضي، على يد مجموعة من الشّباب الجامعيّين، بجهودهم الذّاتية، يعملون في مجال التّنميّة الثّقافيّة، من خلال نشر الفنّون في عدة مجالات والتّعاون مع مؤسّسات شريكة أو مجموعات أخرى، مثل اتحاد طلبة الجامعات أو مؤسّسات فنّيّة مثل "جناكليس". أما "جانكليس"، الذي تأسس في عام 2011، من قبل مجموعة من صانعي الأفلام السّكندرييّن، بعد فترة وجيزة من اجتياح الموجة الثّوريّة المنطقة، ويهدف "جناكليس" إلى مساعدة صناع الأفلام والفنّانين البصريّين، على أداء دورهم السّياسيّ والاجتماعيّ في المرحلة الرّاهنة، محاولينَ ملء الهوة بين الفنّانين والمجتمع ودعم الفنّانين المحليّين، و تحفيز مختلف المصريّين على استخدام وسيط الفيديو كوسيلة من وسائل التّعبير عن الرأي والذات. وهذا العام، يعمل جناكليس على رعاية الجانب الإبداعيّ، بالأخص الموسيقى والرّقص.

*صحافيّة مصريّة