الروزنا لفُسْحَة: الثقافة جسر فلسطين إلى العالم

من فعاليّة "ضحكة بيدر" الفنّيّة

'الروزنا'، اسم يحضر بقوّة، مؤخّرًا، في المشهد الثقافيّ الفلسطينيّ بالشتات، وهي مجموعة شبابيّة فلسطينيّة تنشط في الدوحة – قطر، تتميّز فعاليّاتها بحرصها على لمّ الشمل الفلسطينيّ، عبر استضافتها شخصيّات ثقافيّة وإبداعيّة من مختلف أماكن وجود الفلسطينيّين، وتنويع مضامينها بين الفنون والآداب والتراث والبحث والتربية، بالإضافة إلى تنوّع جمهور هدفها، إذ لا يقتصر على الفلسطينيّين، بل يشمل أيضًا العرب والأجانب المقيمين في الدوحة.

نظّمت 'الروزنا' منذ انطلاقها، عام 2015، سلسلة فعاليّات لاقت نجاحًا مضطّردًا، وحازت دعمًا من جهات مختلفة في الدوحة، على رأسها الحيّ الثقافيّ – كتارا، والسفارة الفلسطينيّة، ومعهد الدوحة للدراسات العليا، والمدارس الفلسطينيّة، وغيرها.

من فعاليّة 'تعالوا نحكيلكم عن فلسطين'

حاورنا في فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة أعضاء المجموعة، لنسلّط الضوء على مبادرة شبابيّة ثقافيّة مستقلّة، جاءت لتخدم ثقافة الفلسطينيّين وقضيّتهم في الشتات.

من أين وُلِدَت فكرة الروزنا، وكيف انطلقت؟

تأسّست الروزنا عام 2015، وهي مجموعة شبابيّة فلسطينيّة تنشط في الدوحة - قطر، وتضمّ 7 أعضاء. وقد وُلِدَت المجموعة من إدراكنا لضرورة التعريف بالثقافة الفلسطينيّة ونشرها، وتقديم فلسطين الحياة من خلال فعاليّات ثقافيّة منوّعة.

نظّمت المجموعة فعاليّتين في عامها الأوّل؛ 'شتلة حنين'، وهي مأدبة إفطار دعمًا لبرنامج المليون شجرة الثالث في فلسطين، الذي تشرف عليه 'العربيّة لحماية الطبيعة'، ويهدف إلى تعزيز صمود المزارعين وتحقيق أمنهم الغذائيّ. وقد تكلّلت الفعاليّة بتبنّي زراعة 14 ألف شجرة. أمّا الفعاليّة الثانية فكانت بعنوان 'تعالوا نحكيلكم عن فلسطين'، استهدفت الأطفال عبر التعليم التفاعليّ، وقد سُلّط الضوء فيها على مواقع أثريّة وسياحيّة وشعراء وأدباء ومثقّفين فلسطينيّين، ومحطّات تاريخيّة ومبادرات شبابيّة، بالإضافة إلى عرض عن الأرشيف الفلسطينيّ.

نجاح فعاليّتانا الأوّلان منحنا رغبة كبيرة في الاستمرار والتطوير.

ما هي أهمّ أهداف المجموعة، ما هي أحلام أعضائها، أين ترى نفسها بعد سنوات من الآن؟

هدف الروزنا تسليط الضوء على الثقافة الفلسطينيّة، وذلك عبر استضافة مجموعة من المثقّفين والمبدعين الفلسطينيّين في الدوحة، من مختلف أماكن الوجود الفلسطينيّ، سواء داخل فلسطين أو خارجها.

من فعاليّة 'قعدة فلسطينيّة' الشعريّة

ترى الروزنا في التطوّع قيمة سامية، وتؤمن أنّ العمل الشبابيّ ركيزة أساسيّة في تحقيقها. كما تحلم أن تزرع فسيلة ثقافيّة فلسطينيّة في الدوحة، لتنمو وتنتشر في مختلف أنحاء العالم، وهي ترى نفسها، بعد سنوات، منصّة للإبداع الفلسطينيّ، تجول به شتّى المنصّات الثقافيّة في العالم.

ما معنى أن تنشطوا في عاصمة عربيّة، لا سيّما الدوحة؟

وجودنا في عاصمة عربيّة متنوّعة ثقافيًّا، كالدوحة، دفعنا إلى أن ننشط فيها؛ فمن المهمّ جدًّا إطلاع الثقافات العربيّة الأخرى على الثقافة الفلسطينيّة، وفي ذلك تجسيد لقيم الانفتاح الثقافيّ على العالم. تحرص الروزنا على تعميق تواصلها مع الحياة الثقافيّة في المدينة، والتي، على الرغم من صغر مساحتها، إلّا أنّها تحاول أن تزرع في نفوس قاطنيها التنوّع الثقافيّ، وتتيح لهم التعرّف إلى مختلف الثقافات التي تسكنها وتزورها.

يبدو من مطالعة فعاليّات الروزنا أنّها تسلّط الضوء على الجانب الثقافيّ، فلماذا الثقافة تحديدًا دون غيرها؟

نرى أنّ الاهتمام بثقافة الأمم والشعوب مركّب رئيس من مركّبات التنمية والنهوض، أمّا الاهتمام بالثقافة الفلسطينيّة، فنراه أساسًا من أسس التحرّر. الأمم التي تهتمّ بثقافة أبنائها وتنمّي روحهم المعرفيّة والإبداعيّة، تساهم في تقدّمهم الاجتماعيّ والسياسيّ والاقتصاديّ، بل والقيميّ. نحن نسعى، شبابًا فلسطينيًّا حرًّا، إلى نهضة فلسطينيّة وعربيّة عبر الثقافة.

ما هي أهمّ التحدّيات التي واجهتكم حتّى الآن؟ هل يمكنكم طرح مثال أو اثنين لتحدّيات تعاملتم معها؟

لا شكّ في أنّ التحدّيات التي تعيق العمل الشبابيّ التطوّعيّ جمّة، فالعمل على برامج ومشروعات يشارك فيها نشطاء شباب، يأخذون على عاتقهم نشر ثقافتهم، تحتاج وقتًا وتفرّغًا كبيرين. أغلب أعضاء المجموعة من طلبة الجامعات، ويحول التزامهم الدراسيّ، أحيانًا، دون التفرّغ للعمل التطوّعيّ.

من محاضرة طارق البكري في 'المدارس الفلسطينيّة'

يسعى أعضاء المجموعة إلى زيادة المشاركة الشبابيّة من أبناء الجاليّات العربيّة في الدوحة، وقد استقطبت ما يقارب الـ 15 متطوّعًا من خارج أعضاء المجموعة، لتقديم الدعم والإسناد في تنظيم الفعاليّات.

كيف تجدون الإقبال على فعاليّاتكم؟ هل أنتم راضون عنه؟

إقبال الجمهور على الفعاليّات في الدوحة متنوّع ومتعدّد، ولا يمكن الحكم على جميع النشاطات بالمقياس نفسه، إذ يتعلّق الأمر بمحتوى الفعاليّات وبالشخصيّات المشاركة فيها. الإقبال على أنشطتنا يزداد مع كلّ فعاليّة، وهو ما يضعنا في امتحان جديد مع كلّ فعاليّة. نحن راضون تمامًا عن الإقبال، لا سيّما أنّ الجمهور لا يقتصر على الفلسطينيّين، بل يشمل أبناء الوطن العربيّ والأجانب.

ما هي المقولة السياسيّة التي تتضمّنها فعاليّات الروزنا حول القضيّة الفلسطينيّة؟

مقولتنا أنّ القضيّة الفلسطينيّة قضيّة عادلة وسامية، وأنّ فلسطين تستحقّ كلّ الدعم والجهد، لا سيّما من شبابها، للتعريف بها، تاريخها وواقعها وثقافتها، واستقطاب المؤيّدين لها.

ما هي آليّة اختيار الشخصيّات المشاركة في فعاليّات الروزنا، هل من معايير لذلك؟ يُلاحظ في أنشطتكم أنّكم تنوّعون لدى اختياركم ما بين شخصيّات تسكن داخل فلسطين التاريخيّة وفي الشتات؟ هل هذا من معاييركم، مثلًا؟

الأمر الجميل في مجموعتنا أنّنا نركّز على الموهبة، وندعو، في الوقت نفسه، المبدعين الفلسطينيّين من مختلف أماكن وجودهم للمشاركة في أنشطتنا، ساعين إلى تعريف جمهورنا إليهم. كما نضع في رأس أولويّاتنا لمّ الشمل الفلسطينيّ هنا، في الدوحة، وهم المحرومون من ذلك في وطنهم بسبب الحدود والحواجز والجدار التي يفرضها الاحتلال.

معرض 'طير حرّ' لمحمّد قريقع

تحرص المجموعة على استشارة شخصيّات ذات خبرة واطّلاع على المجالات الثقافيّة المختلفة، لاختيار المبدعين الذين تدعوهم للمشاركة في أنشطتها، وتراعي في ذلك الإبداع والاحتراف.

يبدو واضحًا أنّ تنظيم فعاليّات الروزنا يتطلّب الكثير من الإجراءات اللوجستيّة، بالإضافة إلى التكاليف المادّيّة، فمن أين تحصلون على الدعم؟ وكيف تموّلون أنفسكم؟

تعتمد الروزنا على رعاية ثقافيّة كريمة من الحيّ الثقافيّ في الدوحة – كتارا، بالإضافة إلى تلقّيها الدعم المادّيّ من رجال أعمال فلسطينيّين يقيمون في قطر، وتعلن المجموعة، دومًا، عن التمويل الذي تتلقّاه لكلّ فعاليّة في المنشورات الخاصّة بها. لاحظنا، في الآونة الأخيرة، أنّ اهتمام رجال الأعمال الفلسطينيّين في ازدياد مضطّرد، نظرًا للنجاحات التي تحقّقها نشاطاتنا.

تنظّمون في الآونة الأخيرة فعاليّات تحت عنوان 'الموسم الفلسطينيّ'، فما هي فكرة هذا الموسم، وماذا نظّمتم في إطاره حتّى الآن؟

الموسم الفلسطينيّ سلسلة فعاليّات نقدّمها لجمهورنا، وتقوم فكرته على تنظيم نشاط واحد أو اثنين في كلّ شهر. افتتحنا الموسم في تشرين الأوّل (أكتوبر) عام 2016، حيث نظّمنا معرض 'طير حرّ' للفنّان الفلسطينيّ محمّد قريقع القادم من قطّاع غزّة، كما استضفنا الباحث والموثّق المقدسيّ طارق البكري في سلسلة محاضرات شملت الحيّ الثقافيّ – كتارا، ومعهد الدوحة للدراسات العليا، وجامعة قطر، والمدرسة الفلسطينيّة. أمّا فعاليّة شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، فقد نظّمناها لمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطينيّ، والذي أقيم بالتعاون مع معهد الدوحة للدراسات العليا، حيث أقمنا معرضًا منوّعًا بين التراثيّات والمبادرات الفلسطينيّة وناجي العلي.

جمهور فعاليّة 'ضحكة بيدر'

أمّا فعاليّة شهر كانون الأوّل (ديسمبر) 2016، فقد تركت صدى واسعًا، لأنّها تمكّنت من لمّ الشمل الفلسطينيّ في الدوحة، فالفعاليّة التي حملت اسم 'قعدة فلسطينيّة' استقطبت شعراء من داخل فلسطين والشتات؛ رولا سرحان من مدينة القدس، وعلي مواسي من باقة الغربيّة في أراضي 48، ومصطفى مطر من غزّة، وعرفات الديك من كفر نعمة في الضفّة الغربيّة، وديمة الخطيب من الدوحة، وقد رافقهم موسيقيًّا الفنّان باسم الأشقر. كما قدّم علي مواسي محاضرة حول واقع الثقافة الفلسطينيّة في معهد الدوحة للدراسات العليا، وورشة في الهويّة في المدارس الفلسطينيّة.

أمّا أولى فعاليّات عام 2017، فكانت ليلة فنّيّة فلسطينيّة تحت عنوان 'ضحكة بيدر'، تنوّعت فقراتها بين زجل الفنّانين محمّد الندّاف ومحمّد عدنان، وغناء الفنّانين أيمن أمين من مخيّم شتيلا، والفنّانة رلى عازر من الناصرة، ودبكة فرقة الدلعونا من الدوحة، ورسم محمّد الديري من الضفّة الغربيّة، بالإضافة إلى الكوميديّ محمّد زكارنة من الدوحة.