كريمتهم (خ) وقصص أخرى

جرافيتي، تصوير Fotoerich

 

النادر

يُحكى أنّ الرجل الوحيد في العالم الّذي يرفع غطاء المرحاض قبل استعماله، تزوّج ولم يعد أعزبَ متوفّرًا، أو سافر إلى بلاد بعيدة أو كوكب آخر، أو اعتقله جهاز مكافحة رافعي غطاء المراحيض، أو اغتاله تنظيم متشدّد يكفّر رفع المراحيض، أو ربّما بكلّ بساطة، قد كذب هذا الصرماية عليكِ في موعدكما الرابع، عندما أخبرك أنّه يرفع غطاء المرحاض قبل استعماله.

 

 

استثمار سيّء

يُحكى أنّ شابًّا جعلته دراسة العلوم الماليّة والمصرفيّة في الجامعة يعشق المخاطرة في عالم الأسهم والبورصات؛

الراتب: ثمانمائة دينار.

إلّا أنّه كان حذرًا للغاية عندما قرّر الزواج على نحو تقليديّ من فتاة صالحة، سأل عنها وعن أهلها عدّة مرّات؛

المهر: خمسة آلاف دينار.

الكسوة: ألف دينار.

تكاليف الزفاف: اثنا عشر ألف دينار. 

تحضيرات البيت: ستّة آلاف دينار.

شهر العسل في تايلند: ألفا دينار.

ومع أنّ العريس نشر صورته وهو يضع يده مغامرًا، على قفا النمر، في إحدى حدائق الحيوان التايلنديّة، إلّا أنّ زوجته فضّلت أن تغامر وتضع يدها على قفا شخص آخر بعد عامين.

 

 

نهاية أسبوع سعيدة

يُحكى أنّ رجلًا كان يرجع البيت سكرانًا مساء الخميس، من أجل أن يضرب زوجته.

أمّا ظهر الجمعة، فكان يذهب إلى الصلاة للإكثار من التسبيح والاستغفار.

وأمّا عصر السبت، فقد كان يذهب في مهمّة نسويّة عظيمة، لمراجعة إحدى منظّمات حقوق المرأة، من أجل ضمان أن تحصل والدته المرحومة على حقّها في الميراث بالتساوي مع إخوتها الذكور. 

 

 

تمنّيات عميقة

يُحكى أنّ فتاة "صبابا" أرادت الزواج من شاب "عَفَرْيانْ". أرادت أن يكون لديه بيت دافئ في الشتاء بارد في الصيف بفعل "المزجان". أرادت أن يعشق مثلها أجود أنواع "العوجوت"، وأن يحمل "بيليفون" طراز العام. كذلك أرادت أن يكون متهوّرًا مقدامًا يقطع "الرَّمْزونْ" قبل أن يخمّس "بالجَدونْ"، في سيّارته ذات "المعريخِتْ" الصاخبة. والأهمّ من كلّ ذلك، أن تكون رجولته وقدراته في الفراش "كالمِفْرَغا".

 

 

كيدهم

يُحكى أنّ مخلوقًا فضائيًّا وصله على الرادار تسجيل صوتيّ من كوكب الأرض، يصرّح "بأنّ كيدهنّ عظيم". أراد أن يتأكّد من الموضوع، فنظر في التلسكوب إلى كوكب الأرض، فرصد مجموعة من الرجال في ديوان قرية كفر لبص، يقتتلون ويصرخون بسبب اقتراب موعد الانتخابات البلديّة.

 

 

إقصاء اجتماعيّ

يُحكى أنّ أنيس المومني كان شابًّا وحيدًا أعزب، حسن النيّة، ولم يرد إلّا شرب الشاي بالحليب في أحد المقاهي. دخل فوجد ثلاثة أصناف من الطاولات: تلك الّتي تجلس حولها مجموعة من الصديقات اللّاتي تتحدّثن عن عائلاتهنّ، وتلك الّتي يجلس حولها شابّ وفتاة يتحدّثان عن موضوع بناء عائلة في المستقبل، وتلك الّتي تجلس حولها عائلة مكتملة المعالم. إلّا أنّ أنيس استغرب وجود عدد من التماثيل في أنحاء المقهى على هيئة ذكور في مقتبل العمر. اقترب الشابّ من أمينة الصندوق ليطلب كوبًا من الشاي بالحليب، وليسألها عن ديكور المقهى الغريب. أدارت الموظّفة وجهها فإذا هي "ميدوسا". حملقت هي والأفاعي على رؤوسها في عيني أنيس المرتعدتين قبل أن صاحت بالعبارة السحريّة: "للعائلات فقط"! فتحوّل المسكين إلى صنم.        

 

 

كريمتهم (خ)

يُحكى أنّ خالد خليل الخيط وضع في بطاقة الدعوة إلى حفل زفافه حرف "خاء"، إشارةً للعروس، تغطيةً لاسمها، حفاظًا على شرفها. بعد أن دخلت "خخخخ" عشّ زوجيّة خالد خليل الخيط، أعرب أهل الحيّ عن إعجابهم بقدراتها على الطبخ، فقد كانت "خخخخ" بارعة في كبس المخلّلات وطهي الملوخيّة وتحضير أقراص السبانخ. إلّا أنّ "خخخخ" توقّفت فجأة عن الطبخ وبدأت الأخبار تنتشر عن عشّ الزوجيّة الحريريّ الّذي بات يتحوّل شيئًا فشيئًا إلى قفص مليء بالخوازيق. في البداية، منعها خالد خليل الخيط من الخروج إلّا بإذنه، ثمّ منعها من الخروج إلّا مع أخواتها، ثمّ منعها من الخروج إلّا وهي ترتدي الخمار. بعد عدّة سنوات تقدّمت "خخخخ" بدعوى خلع ضدّ خالد خليل الخيط، ولأسباب قانونيّة واجتماعيّة ونفسيّة وأخلاقيّة، هلّ اسمها الحقيقيّ مرّة أخرى على حياتها مطبوعًا بأحرف واضحة على لائحة الدعوى؛ "خُزامى".

 

 

ذكور مارس

يُحكى أنّ تيمور أبو جراد كان فتًى دنيئًا ماكرًا لا أخوات له. وفي أواخر شهر آذار، بعد أن أقام فتية الحزب الوطنيّ في مدرسة البنين احتفالًا من أجل "المرأة"، وبعد أن أقام أشبال الحزب الإسلاميّ احتفالًا من أجل "الأمّ"، عزم تيمور على أن يتسلّل من المدرسة ويشتري علبة سجائر قبل أن يتوجّه إلى مدرسة البنات؛ ليقيم احتفالًا من أجل "أخوات" الجميع!

 

 

فخري الصرداوي

 

كاتب وقاصّ من رام الله. يعمل في مجال القانون الدوليّ والعلوم السياسيّة، حاصل على الماجستير في العمل الدوليّ الإنسانيّ من "جامعة ديوستو" في إقليم الباسك. اختير عام 2018 للمشاركة في برنامج "حَبْكَة" لكتابة القصّة، في مركز خليل السكاكيني الثقافيّ.