إجازات الجنود

سجن، 1982 | سليمان منصور

 

(1)

حين توشـك على الانتهاء، إجازات الجنود

كما تستعدّ للقحط فروع الشجر

يقلّلون شرب الماء، وأوقات جلوسهم حول المواقد

تخشوشبُ أذرعهم حـول أعنــاق نسائهم

ولا يقبّلون الأطفال... لحظة يغطّونهم في الليل

وفي حقائب العيون يرصّون صفًّا

من الفظاظة

كأنّهم يستعدّون لرؤية الأعداء

حين توشك إجازاتهم على الانتهاء

يتذكّرون

ما تيسّر من أحلام اليقظة

تلك الّتي ستنقذهم من مساءات المعسكر

وقبل أن يعودوا إلى البساطير والبنادق

ينظرون، بشيءٍ من الضيق،

إلى اكتظاظ الشوارع والبنايات

كأنّهم ذئابٌ وحيدةٌ تفتقد الفلوات

كأنّ قلوبهم

نهشتها أنياب القمر

وصدورهم للتوّ

قد احتشدت بالعواء

 

(2)

إلى كمال أبو وعر

قامته طويلة

مثل عمود الصليب

ربّما هي كذلك من شدّة النحول

كتفاه العريضتان كغصن "الكينا"

ربّما هكذا رأيناهما

من ثقل السلاح المعلّق على جذعه

عيناه الحادّتان

كنصلين مجلوخين في خيمة الغيب

وبيت أهله على الجبل فوق الحرش

والأحاديث الكثيرة أيضًا

عن فرائس الجنود الّتي اصطادها من الأعالي

كلّها تؤكّد أنّ له جناحي صقرٍ يطير فوق الملائكة

أراد الخروج ليخبرنا الحقيقة

لكنّهم سجنوه إلى الأبد

وأخفوا جثّته عن الحكايات

وأجبرونا أن نتذكّره هكذا

كما قالت الصورة

صورة الإله في الميثولوجيا

وصورة البطل في الأسطورة

 

 


 

فارس سباعنة

 

 

شاعر وإعلاميّ. يعمل مسؤولًا عن العلاقات العامّة والشراكات المحلّيّة في مؤسّسة محمود درويش. صدرت له مجموعتان شعريّتان؛ 'يصدقني الكمان' (2016)، و'كأنّها سحابة' (2012). ساهم في العديد من المبادرات والحملات والمهرجانات الأدبيّة والثقافيّة، يكتب المقالة  في منابر فلسطينيّة وعربيّة.