كلامٌ يشبه لثام الطوارق

Ekoanug

 

الطريق إلى عينيكِ الواسعتين

كلّ الأشياء في هذا اليوم تقودني

إليكِ،

ربطة عنقي المائلة في غيابكِ

وحبّة السفرجل وصورتها المعكوسة على زجاج الطاولة 

الأغنية الّتي انتظرتني على باب الوقت

والقهوة الّتي توصّلتُ إلى أفضل الطرق في إعدادها كاملةً بغير نقصان

وحبّات البرتقال بجانب الكتاب الّذي أقرؤه لغاية ملحّة،

والصحون المرتّبة على الرفوف كأنّها في متحف،

وحبّات المانجو الّتي تطلّ من أحدها

كلّها تقودني إليكِ

والنصّ الّذي يسرى بيننا ملحمةً في أوّلها تبدأ من نخلةٍ وحيدةٍ تسكن لوحتي الأخيرة،

اتّقاءً للموت بغتةً

واتّقاءً لخوفي من خطأ الطواغيت في حساب الوقت

وفائض التأويل لما قاله المنجّمون لمواليد هذا الشهر،

كلّما جاءني هاجسٌ استدللت بكِ إلى بيتٍ آمنٍ في قصيدةٍ نائية

وكلّما استقامت الأشياء قلت لنفسي: بفضلك تستقيم عبارات الحبّ في دفاتري

وبطاقات المعايدة ورسائلي،

يذهب قلقي كلّما أتيتُ إلى عينيك الواسعتين،

ويحضر كلّما ذهبتُ

تقودني إليك رغبتي في حرب عصاباتٍ أُطلق فيها كلّ الرصاص على الأوغاد والوشاة

وأدخل كلّ السرايا فاتحًا

يقودني إليكِ العشب المبلول على طريق بيتي

والأشجار الواقفة على أهبةٍ لإيواء العصافير الطريدة

والليل نفسه يقودني إليكِ بخَفَرٍ كمَنْ يحمي سرًّا سقط للتوّ من نجمة تالفة،

والقطط على بابي تنتظر أن أطعمها كوصيّة ابنتي الغائبة، تقودني إليكِ

وهذا الكلام الّذي يشبه لثام الطوارق يضعونه كلّما دخلوا التاريخَ يدلّني عليكِ، أيضًا

***

كلّ الأشياء في هذا اليوم أردتُها أن تقودني إليكِ

 

 

أغاني الحانات

-1-

أنتِ المتّكئة على المصطبة

أحبّك هذه الليلة وحدَكِ

لو تقبلين دعوتي للرقص

لعانقتك كما لم يعانقك أحدٌ من قبل

لراقصتك كعريس

لرفعتك أعلى من نخلة

من نجمة

ثمّ تعودين إلى المصطبة

وأعود أنا

أنظر إليك وأفكّر برقصةٍ أخرى

 

-2-

علّقتَ عليّ نظراتِكَ مدّة ساعتين

وسبع دقائق، حسبتُها على ساعتي

قلتَ سأذوب

أو أنكسر

سأبتسم في أقلّها

أو أغمز بعينيَ اليسرى

حسبتَني مفتونةً بدخان سجائركَ

وقلتَ لا بدّ أن تمتثل

فلم،

في بالي أغنيةٌ باللغة الأخرى

في قلبي صورةٌ ليست لكَ

 

-3-

أحبّ العاشقيْن اللذين يعيشان سهرةً كاملة

على زجاجة بيرةٍ واحدة

أحبّ حديثهما الضاحك

وعنقًا تميل على عنقٍ

ويدًا مشبوكةً بيدٍ

أو حرّةً في البحث عن وردة

أحبّ العاشقيْن

يبحثان عن أغنيةٍ تناسب مزاجهما

تضمّهما بعد أن ضاقت الحانة

بالرغبة تنداح بينهما

 

-4-

أقاسمكم الأنس والسجائر

أضاحككم فتذهب الغربة

أستمع معكم إلى الموسيقى

وأصير منكم

أردّد كلام الأغنيات

وأنسى

تصير الحانة كونًا

وأنا ذرّةٌ فيه

أو نيزكٌ

يضيء

أو ينزلق

 

-5-

تنحني بكلّ مفاتنها

تصبّ لي الكأس الثالثة

لو أنّها تحضن قلبيَ البارد، قلتُ

لو أنّها ترى إلى عينيّ لأدركتْ

كم أنا هشٌّ الآن

خذي يدي على الأقلّ

كي آمن

أو هبيني كأسًا رابعة

فيفيض حلمي عليّ

 


 

مرزوق الحلبي

 

 

 

شاعر وناقد من فلسطين، يكتب في عدد من المنابر الفلسطينيّة والعربيّة. يعمل وينشط في الجانب الحقوقيّ والمجتمع المدنيّ. له مجموعة شعريّة بعنوان "في مديح الوقت".