08/03/2009 - 16:55

حصاد المرأة الفلسطينية: 440 شهيدة بيد الاحتلال و 121 شهيدة بيد العائلة.

-

حصاد المرأة الفلسطينية: 440 شهيدة بيد الاحتلال و 121 شهيدة بيد العائلة.
المرأة الفلسطينية تعمل بدأب منذ مطلع القرن الماضي على تحسين شروط حياتها ومشاركتها، وحاولت التحرر من مجتمع سيطر عليه الرجل الذي صادر حقوقها باسم الدين والعادات والتقاليد التي اخترعها بنفسه، وبين أول مؤتمر نسوي عقد في مدينة القدس حضره (300) سيدة فلسطينية وعربية سنة (1929)، واليوم حيث ترتفع نسبة الطالبات عن الطلبة في جامعة النجاح الوطنية كبرى الجامعات الفلسطينية بـ( 5) في المئه مسافة قرن من التحرر من القيود الاجتماعية والسياسية.

في هذه الفترة الزمنية خطت المرأة الفلسطينية خطوات واسعة، واحتلت مكانتها في العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، غير أن مسيرة التحرر هذه التي لم تكتمل بعد، و لم تكن معبدة بالورود بل بالتضحيات.

في مسيرة التحرر من القيود الاجتماعية دفعت النساء أثمانا باهظة و استحقاق أظلم قانون ذكوري، وهو القتل المعنون بـ"الشرف"، حيث تستمر هذة الظاهرة، وسنويا يوثق مقتل العشرات من النساء لمجرد اختيارهن للشريك. وقد وثقت مؤسسات نسوية مقتل (121) امرأة فلسطينية خلال الأعوام الستة السابقة.

أذكر مشاهدتي لأكبر تجمع لإحدى العائلات شمال الضفة الغربية، عندها خرج أحد الشبان من منزلة يحمل سكينا ويقول "اشهدوا غسلت العار".. بعدها شاع أنه قتل شقيقته البالغة (18) عاما، لأنها تعرضت للاغتصاب من قبل ثلاثة رجال من قرية مجاورة خطفوها ليومين. حينها علمت أن هذا الشاب اتخذ القرار بعد التشاور مع من يسمونهم بحكماء العائلة. وطبعا لم يعاقب أحد على هذه الجريمة، فقد قتلت الضحية مرتين؛ مرة عندما اغتصبت ومرة عندما نحرت أمام شهود الزور، وأغلق الموضوع.

ولا زلت أذكر منذ طفولتي مأساة ثلاث فتيات في إحدى القرى، كان والدهن وأشقاؤهن يرفضون فكرة زواجهن لسببين، الأول من أجل أن يعملن في مزرعة العائلة ويخدمن أشقاؤهن المتزوجين لأنهم يملكون أرضا كبيرة، والسبب الثاني كان على لسان الأخ الاكبر في العائلة الذي قال "لن أزوج أختي كي تنام في حضن رجل"!.. ولا زلت أذكر كلام إحدى هؤلاء الفتيات كيف كانت تتمنى الخلاص من عبودية العائلة، وهي ترغب بالزواج كحق طبيعي ومتطلب إنساني. في حينه لم أكن أعي لماذا كانت هذة الفتاة تختلس النظر الى سائق الجرار الزراعي الذي كان يعبر من جانب بيتها صباح مساء، دون أن يعرف الرجل أن في هذا البيت نساء.

وفي المسيرة السياسية ظهر دور المرأة الفلسطينية جليا في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث أخذت دورها بجدارة وشاركت في الفعاليات الشعبية، ووقفت إلى جانب الرجل، بل أخذت مكانه في بعض الأحيان، حيث كانت هى الأم وهى الأب عندما يغييب الرجل عن البيت بسبب مطاردة الأحتلال له، أو بسبب السجن لعدة أعوام أو عندما يستشهد.

وفي الانتفاضة الثانية قتلت اسرائيل (440) امرأة فلسطينية حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فيما اعتقلت المئات لفترات متفاوتة، علاوة على إجبار العشرات من النساء على الولادة عند الحواجز العسكرية الاسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية، التي تقدر أعدادها حسب مؤسسات أممية ومحلية (630) حاجزا، منها (80) حاجزا يتواجد عليه جنود إسرائيليون و(80) حاجزا متنقلا، والبقية عبارة عن بوابات حديدية ومكعبات اسمنتية وجدران وسدات ترابية.

دفعت المرأة الفلسطينية الكثير مما تم تحقيقه من مكاسب على الصعيد الاجتماعي، خاصة بعد أن سيطر رجال المقاومة المسلحين على مقاليد الأمور في الشارع الفلسطيني، حيث فقدت المرأة الكثير من دورها الميداني مع كل قطعة سلاح جديدة يحملها ويتبختر بها قائد عسكري أمّر نفسه على المجتمع خارج القانون، وتدخل في شؤون الأسرة من زواج وطلاق وفرض قوانيين المرحلة التي كانت بمعظمها قوانيين ذكورية، ومع تراجع أشكال المقاومة الشعبية تعثر دور النساء.

حاول مسلح فلسطيني في مدينة طولكرم إجبار فتاة على الصعود بسيارته المسروقة في الشارع العام وأمام الناس، وعندما صرخت رافضة الذهاب معه وصفها بالبذاءة.. حينها اكتفى المارة بالنظر دون أن يتدخل احد.

لقد ذهلت من نتائج بحث أجرته صحفية كندية قبل سنوات في عشرة دول عربية وإسلامية من بينها فلسطين حول أوضاع المرأة العربية والمسلمة، تبين فيه ان المرأة الفلسطينية الأكثر اضطهادا من قبل المجتمع رغم ارتفاع نسبة تعليم المرأة بشكل ملحوظ.

تصفحت المواقع الألكترونية الفلسطينية، فوجدت العشرات من الجمعيات النسوية التي لا يبدو لها تأثير على تغيير الارث الثقافي تجاه المرأة في المجتمع الفلسطيني/ على الأقل حتى آلان، وما زلنا نسمع جعجعة ولا نرى طحنا، وكأننا مجتمع وأد النساء.

التعليقات