31/10/2010 - 11:02

القدومي يقدم جرد حساب للثورة الفلسطينية

-

القدومي يقدم جرد حساب للثورة الفلسطينية


استعرض أمين سر حركة فتح فاروق القدومي، مسيرة الثورة الفلسطينية في العقود الأخيرة، وطرح تساؤلات حول ممارسات السلطة والفساد الإداري والمالي، وإعاقة مسيرة التحرر، وملاحقة المقاومة.

وقال القدومي في بيان وصل موقع عرب48:

" يجدر بنا هذه الايام ان نستعرض بأمانة مراحل الثورة وتطوراتها منذ انطلاقتها عام 1965، كي نتعرف على أخطائها ومنجزاتها وكيف كانت قيادتها تواجه مصاعبها وخلافاتها البينية ".

"لا يمكن ان ننكر أن الثورة الفلسطينية قد تعرضت لأزمات سياسية أو تنظيمية بسبب اقتراف أخطاء تكتيكية عند الممارسات اليومية لفرد أو لأفراد من قيادتها المركزية، كما تعرضت المقاومة لازمات خارجية استطاعت معالجتها بدراية وروية . هذا عدا المواجهات اليومية الساخنة مع العدو الإسرائيلي ".

"بعد ان شنت اسرائيل عدوانها الغادر والشامل على لبنان الشقيق عام 1982، وحاصرت الثورة في بيروت الشرقية لمدة سبعة وثمانين يوما ( 87 )، اضطرت قيادة المقاومة ان تغادر لبنان العزيز، فتوزعت قواتها العسكرية في عدد من البلدان العربية بينما استضافت تونس الشقيقة القيادة السياسية لحركة فتح" .

"وبالرغم من هجرة الثورة بقواتها وكوادرها وقيادتها المركزية الفتحاوية بعيدا عن الارض المحتلة، سرعان ما انطلقت الانتفاضة الاولى عام 1987 فكانت اعمدتها الفاعلة تتمثل في منظمات الشبيبة بتوجيهات من القائد الرمز الشهيد ابو جهاد، كانت اسلحة الشبية هي الحجارة والمظاهرات الشعبية، الاضرابات المتكررة، وقد شملت الانتفاضة عناصر جديدة من فصائل المقاومة . لقد فوجئت اسرائيل بزخم هذا الانتفاضة الشعبية مما جعل الولايات المتحدة الامريكية تجري محادثات مع اعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بواسطة وزير خارجية السويد اندسون الذي قام باتصالات مع المستر شولتس وزير خارجية الولايات المتحدة، وتم الاتفاق على اجراء حوار بين وفد فلسطيني وسفير الولايات المتحدة المستر بلتيرو في مدينة تونس . ولكن هذا الحوار لم ينجح لسبب او لآخر".

"وبالرغم من الآثار السلبية التي تركتها حرب الخليج الاولى التي امتدت عشر سنوات ونيف منذ 1981، ساهمنا كمنظمة التحرير مع دول صديقة من الدول الاسلامية ودول عدم الانحياز في اخماد نارها المشتعلة، علما اننا عشنا خلالها اياما قاسية بسبب حصارنا السياسي والمالي ".

"بعد حرب الخليج الاولى خرجت امريكا بمبادرتها السياسية – الارض مقابل السلام – واشتركنا مع دول الجوار العربي في اجراء المفاوضات مع اسرائيل وتشكلت لجنة عربية سباعية تنسق فيما بيننا كأطراف عربية".

"لقد فوجئنا كأطراف عربية بعد مرور اثنين وعشرين شهرا من المفاوضات الفاشلة ان وفدا فلسطينيا مكتوما قد توصل مع اسرائيل الى اتفاق اوسلو، الذي يقضي بوجود " حكم ذاتي محدود " لسنوات خمسة، يتم بعدها التفاوض على المسائل النهائية – الدولة، والقدس، واللاجئين، والارض، والمياه، وغيرها من المسائل الاخرى، ولكن اسرائيل لم تلتزم بشروط اوسلو كعودة النازحين واعادة الانتشار لقواتها في حينها، والحفاظ على نشاط جميع المؤسسات الفلسطينية الاجتماعية والاقتصادية والاعلامية، وبيت الشرق والاماكن الاسلامية والمسيحية المقدسة وعدم المساس بوجودها ".

"في البداية نظرنا الى اتفاق اوسلو كتجربة لاختبار مصداقية اسرائيل ومدى احترامها للالتزامات التي تعهدت بتنفيذها، كلنا فوجئنا في شهر ديسمبر عام 1995 باغتيال اسحق رابين وبرفض نتنياهو الرئيس المنتخب لاتفاق اوسلو وعدم رغبته في لقاء الاخ ابو عمار «الارهابي» علما ان اسرائيل تبادلت الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية مع تحفظ عدد قليل من الأخوة الأعضاء في اللجنة التنفيذية ".

"لقد بانت النوايا الخبيثة لحكام إسرائيل بعدم تنفيذها لكل ما تم الاتفاق عليه، بل اوقعت في تلك الآونة صدامات دامية حول النفق وأخرى حول قبر يوسف في نابلس وتحت الضغوط الأمريكية عقد مؤتمر واي بلانتيشن الهزيل في اكتوبر 1998 ثم كامب ديفيد في شهر تموز عام 2000 وتبعه مؤتمر كامب ديفيد الفاشل، بعد ذلك قام شارون بزيارة الحرم الشريف لاستفزاز المواطنين فاشتعلت انتفاضة الأقصى المباركة ولقنت شارون وزبانيته دروسا قاسية بعدها تعكر صفو المفاوضات الثنائية، وتكاثرت الوساطات الدولية ولكنها فشلت في عودة المفاوضات الثنائية، اما شارون فأقدم على فعلته الإجرامية بحصاره للقائد العام للثورة الفلسطينية في المقاطعة برام الله، وتدبيره لمؤامرته الاجرامية من بعد ذلك" .

"لقد لازم حكم شارون تولي الرئيس بوش رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت اولى تصرفاته رفض التعامل مع الرئيس عرفات، واصر على استحداث شاغر جديد هو رئيس وزراء للسلطة الفلسطينية بصلاحيات كاملة مقترحا ان يشغله الأخ ابو مازن لإدارة المفاوضات مع إسرائيل" .

"والآن لا أرى ضرورة مزيدا من التفاصيل بسرد وقائع هذه الفترة بالتفصيل فقد وقعت فيها كما اسلفنا جريمة تسميم الأخ أبو عمار بتآمر أعوان إسرائيل في بداية شهر نوفمبر لعام 2004" .

"لقد استهل الرئيس بوش حكمه بشن حرب ضروس على الإسلام والمسلمين باسم مقاومة القاعدة والإرهاب الدولي، ونادى بعدها بالديمقراطية واحتل العراق الشقيق وكان يعتدي على البلدان العربية الأخرى دون أسباب او رادع دولي" .

"وفي هذه الأثناء نادى بمشروع حل الدولتين، وعندما قدم العرب المبادرة العربية عام 2002 خرج الرئيس بوش بخريطة الطريق بعدما اتم احتلال العراق الشقيق وتسريح الجيش، والأمن العراقي ثم السيطرة على الثروات النفطية، وعاث فسادا في البلاد وأثار الصراع الطائفي، وكان سببا في إعدام الرئيس الشهيد صدام حسين" .

"لم تسلم خارطة الطريق من الاختراقات والعبث بنصوصها فقد نزع الرئيس بوش منها الضمانات الخمسة وقدمها لشارون ليضمن نجاحه في الدورة القادمة للانتخابات الرئاسية، ففقدت خارطة الطريق عناصرها الفاعلة، وقد نصت هذه الضمانات على إنكار وجود الشريك الفلسطيني في المفاوضات مع إسرائيل، وأنكرت حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وأقرت بشرعية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وان حدود الهدنة عام 1949 لاغيه" .

"وبالرغم من كل هذه الوقائع المخزية، فقد اضطر شارون ان يخرج قواته العسكرية والمستوطنين من غزة عام 2005، كل ذلك بسبب المقاومة الفلسطينية النشطة آن ذاك ".

"بعد استشهاد الاخ أبو عمار سكنت المقاومة واتهمت السلطة ان الانتفاضة الثانية جلبت الفوضى والخراب للضفة الغربية، وعكرت صفو المفاوضات السياسية، استمرت مرحلة تصفية مظاهر المقاومة في الضفة الغربية واركنت السلطة الى المفاوضات السياسية وتعزيز التنشق والتعاون مع سلطات الامن الإسرائيلية، ثم عين الجنرال دايتون مسؤولا عن تدريب وقيادة الآلاف من صغار الشباب الذين دربهم ولقنهم تعليماته لملاحقة رجال المقاومة واعتقالهم ومصادرة أسلحتهم باسم الحفاظ على الامن، وقد وزعت الحواجز والموانع على كل الطرقات فزاد عددها عن 669 حاجزا عدا نقاط التفتيش المتحركة، اعاقت هذه الحواجز حركة المواطنين وتنقلاتهم واصاب الاقتصاد الوطني الركود فتصاعدت نسبة البطالة حتى وصلت 87%، واصبحت الضفة الغربية محاصرة في كل اتجاه، لا دخول ولا خروج الا بإذن إسرائيلي مسبق ".

"ومن جهة اخرى نشطت حركة الاستيطان ومصادرة إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وأقيمت المئات من البؤر الاستيطانية، وتزايد عدد المستوطنين في الضفة الغربية وحول القدس الشريف وداخلها ".

"اصبح الجنرال دايتون يتحكم بمستقبل الضفة الغربية وأهلها ويفاخر بالتعاون الأمني مع جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي ما زال يمارس عمليات القمع بحقهم واعتقالهم بمجرد التهمة".

"أصبحت المقاومة بعد كل هذه الإجراءات التعسفية من المحرمات، ويعاقب بالسجن كل من يتهم بها وأصبحت المفاوضات السياسية عبارة عن لقاءات عائلية في المنازل الإسرائيلية بالقدس المحتلة" .

"جرت انتخابات عامة مرتين في ظل الاحتلال الإسرائيلي باسم الديمقراطية الزائفة ليأتوا بأناس من غير المناضلين، حملة السلاح، لكل تتقبل الجماهير مناهج الحياة في ظل الاحتلال الإسرائيلي ولكل يستكينوا للتعامل مع السلطان الإسرائيلية الحاكمة" .

"لقد جلبت لنا الانتخابات فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة وتصاعدت الخلافات الفلسطينية فكان الحوار الوطني بإشراف عربي قد عجز عن التوصل إلى حلول مقبولة حتى الآن".

"لقد شدد الحصار على شعبنا في قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي في شهر كانون الثاني / يناير من هذا العام، وبالرغم من الخراب الذي أحدثته الهجمة الإسرائيلية المجرمة، ما زال المواطنون ينتظرون مشاريع التعمير التي لم تبدأ حتى الآن ويرى البعض ان عدم حل الخلافات الفلسطينية لبدء مشروع التعمير وفتح المعابر وفك الحصار عن المواطنين" .

"غرق البعض من العاملين في جمع المال الحرام وتمرغوا في قضايا الفساد والتهريب وكان الإسرائيليون يغضون الطرف عن أعمالهم ..."

"هل قرأتم في التاريخ عن قادة حركات ثورية كانوا يملكون الملايين من الدولارات او الجنيهات الاسترلينية، هم او ابناءهم، ان " صرصورا " في فتح قد اختلس ما يزيد عن مئة مليون من الدولارات، ثم هل سمعتم بقائد ثورة او مقاومة وطنية ما زالت بلاده محتلة يتفاوض مع أعدائه الذين يحتلون بلاده ثم يتنقل علنا بطائرة خاصة مع حراساته من بلد لآخر ؟ هل سمعتم بمسؤولين يجبون الضرائب والرسوم الجمركية لحسابهم الخاص، وهل مر عليكم في التاريخ المعاصر ان تهدد ثورة او دولة معاصرة بوقف صرف رواتب العاملين ام مخصصات المناضلين ان لم يتمردوا على قادة آخرين من رفاقهم او يتجسسوا عليهم".

"كم من الآلاف المؤلفة من قدامى المناضلين وأصحاب الخبرات الطويلة أحيلوا للتقاعد واستبدلوا بفتية من صغار السن بلا علم ولا خبرة تؤهلهم لتسلم مواقع حساسة مثل هذه".

"الا يشعر قادة السلطة ان زحف الاستيطان الإسرائيلي والمستوطنين يقترب من مؤتمر يعقد في مدينة بيت لحم في حضن الاحتلال وتحت سمعه وبصره" .

"هل استكان الرواد الأوائل من أبناء فتح الأصالة حتى ينسوا مبادئ الثورة وبرامجها السياسية، لا اعتقد أيها الرواد فالأيام القادمة حبلى بالأحداث والتطورات". نهاية بيان القدومي.





التعليقات