31/10/2010 - 11:02

د.بشارة في بيت لحم: متغيرات خطيرة أحدثتها الحرب؛ تواطؤ عربي رسمي وتدخل مباشر من الولايات المتحدة

"القضية الفلسطينية قضية ثابتة، ربما تتغير عناوين الأخبار أو الاهتمام الإعلامي بحكم سخونة قضية أخرى كالعدوان على لبنان أو العراق لتعود القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى الواجهة"

د.بشارة في بيت لحم: متغيرات خطيرة أحدثتها الحرب؛ تواطؤ عربي رسمي وتدخل مباشر من الولايات المتحدة
قال د.عزمي بشارة إن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان أحدثت وضعا جديدا وخطيرا في ذات الوقت لم يكن بهذا الوضوح منذ نشوء الصراع العربي الإسرائيلي، والذي تمثل أولا في التواطؤ العربي الرسمي من قبل بعض الأنظمة العربية مع العدوان بشكل صارخ، الأمر الذي أدى بالفعل إلى تعميق الانقسام العربي بشكل خطير.

أما المتغير الآخر الذي شهدته هذه الحرب هو المساهمة المباشرة في هذه الحرب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي أوعزت لإسرائيل، وبعد أسر الجنديين من قبل حزب الله، على ضرورة شن الحرب، متعهدة على أن تتولى أمر مجلس الأمن لعدم إصدار أية إدانة ضد هذه الحرب أو ممارسات إسرائيل فيها، لغاية سحق حزب الله، ظنا من حكام أمريكا وإسرائيل أن عملية إنهاء حزب الله ستكون عملية واردة وسهلة أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية الضخمة. ولكن الذي حصل أن السحر انقلب على الساحر، ولا شك فان هذه المرة الأولى التي تعطي أمريكا أوامرها لإسرائيل بهذا الشكل السافر.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها مؤسسة الكارينال هاوس ببيت لحم بالتعاون مع دار الندوة الدولية وفي مقرها، بحضور حشد كبير من المدعوين والمدعوات. حيث أكد د.بشارة وجود دول عربية تتلقى أوامرها من الولايات المتحدة عبر الهاتف لتنفذ ما يطلب منها، وهو متغير خطير للغاية ولم تعد هذه الدول تخفي دورها في العدوان حسب تعبيره، حيث قال "لقد ذهلت في بداية الحرب من اعتبار أسر الجنديين مغامرة غير محسوبة. بل لقد أحضرت في هذه المعركة عدة طائفية كريهة. حتى الدول التي ليس فيها شيعة استخدموها ضد طوائف أخرى".

وأشار بشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية القوة الوحيدة في العالم، التي تسرح وتمرح وتفرض شروطها على معظم الدول في هذا الكون، وضعت أمام عينيها الهجوم على حزب الله الذي بوجوده أعاق تحول لبنان إلى الحظيرة الأمريكية بعد انسحاب سوريا منه بالكامل. ولما لم تنجح هذه الغاية نظرا لوجود حزب الله كتنظيم متماسك وقوي ومتجانس تنظيميا وفكريا ومسلحا بترسانة مهمة، كان لا بد من شن حرب عليه سواء خطف جنود أم لم يخطف وخاصة بعد الحرب التي شنت على حماس في فلسطين.

وشدد د.بشارة أن حزب الله حقق انتصارا في هذه المعركة بإفشال المشروع الإسرائيلي الأمريكي في هذه المرحلة، وهو انتصار هام وجيد مع ملاحظة وجود فوائد أخرى أحرجت الدول العربية المتواطئة مع العدوان. حيث أحرجت هذه الدول بفعل عاملين اثنين أولا حجم الجريمة التي نفذتها القوات الإسرائيلية، فدمرت البنية التحتية وردمت المرافق والمباني والمنازل والجسور وقتلت المدنيين بشكل عشوائي كعادتها في كل حرب وعدوان، أما العامل الثاني فيتمثل بحجم البسالة التي بذلها حزب الله في وجه العدوان ووقوف جماهير الشعب اللبناني وخاصة في الجنوب خلف المقاومة قلبا وقالبا ليجعل مهمة الإسرائيلي صعبة بل مستحيلة في تطويع المقاومة وبالتالي تطويع لبنان بأسره.

وتطرق بشارة في محاضرته إلى الوضع الفلسطيني فأكد أن القضية الفلسطينية قضية ثابتة، ربما تتغير عناوين الأخبار أو ربما يتغير الاهتمام الإعلامي بحكم سخونة قضية أخرى كالعدوان على لبنان أو العراق، لتعود القضية الفلسطينية مرة أخرى إلى الواجهة، وبالتالي فإننا أمام وضع خطير يتطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية لمواجهة هذه المخاطر، محذرا من تصعيد الوضع منتقدا بعض الأشخاص الذين يستغلون بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية ليتهجموا على حماس ويوجهوا لها الإنتقادات.

وقال:" هذا لا يجوز على الإطلاق، ففي الوقت الذي تتعرض فيه حماس لهجمة إسرائيلية شرسة تتمثل باعتقال رموزها ونوابها وقادتها، نقوم نحن بانتقادها في وسائل الإعلام الإسرائيلية. هذه الوسائل مغرضة وغير ديمقراطية".

هذا وفي نهاية الندوة التي أدارها مجدي الشوملي مدير مؤسسة " الكارينال هاوس " أجاب بشارة على العديد من أسئلة الحضور.

وكان العميد يوسف الشرقاوي قد ألقى في بداية الندوة كلمة رحب فيها بالدكتور بشارة واصفا إياه بأنه من المفكرين العرب البارزين وقال:" اليوم نلتقيك في بيتك الثاني بيت لحم يا من وقفت دوما مع مقاومة العرب ضد الظلم والإبادة وكسر الإرادة والاستخفاف بحقوقنا وضد الاستعباد والمهانة والإذلال ".

التعليقات