22/07/2014 - 13:39

غزة: الكابوس المتواصل للمسعفين بمواجهة القصف الإسرائيلي

مع مغيب الشمس يستعد المسعفون الفلسطينيون لمواجهة ليلة جديدة من الرعب وهم يتنقلون في سياراتهم سعيا للإنقاذ جرحى أو انتشال جثث إثر غارات إسرائيلية لم تتوقف منذ نحو أسبوعين وحصدت مئات الشهداء وآلاف الجرحى.

غزة: الكابوس المتواصل للمسعفين بمواجهة القصف الإسرائيلي

سيارة إسعاف دمرها القصف الإسرائيلي في حي الشجاعية (محمد عابد/ أ ف ب)

مع مغيب الشمس يستعد المسعفون الفلسطينيون لمواجهة ليلة جديدة من الرعب وهم يتنقلون في سياراتهم سعيا للإنقاذ جرحى أو انتشال جثث إثر غارات إسرائيلية لم تتوقف منذ نحو أسبوعين وحصدت مئات الشهداء وآلاف الجرحى.
 
ويعمل المسعفون يدا بيد، وكأنهم عائلة واحدة، بعد أن خاضوا معا تجارب تفوق كل تصور، في منطقة اعتادت على الحروب والقصف.
 
وبلغ عدد الشهداء أكثر من 600 شهيداً وآلاف الجرحى معظمهم من المدنيين، ودمرت مئات المنازل، في العدوان الجوي والبري منذ 8 تموز (يوليو).
 
ويواصل المسعفون جمع الأشلاء، وأجساد الأطفال التي مزقتها القذائف، رغم كل الضغوط وحالة الإنهاك، وشظايا القذائف التي تنهمر عليهم من كل حدب وصوب، من البر والجو. وكثيرا ما يجدون أنفسهم عالقين بين النيران الإسرائيلية.
 
وقال جهاد سليم الذي يعمل مسعفا منذ 17 عاما إنه مصر على القيام بواجبه كمسعف رغم الحروب التي عاشها.
 
إلا أن جهاد يأمل ألا يسير أولاده على خطاه. "ما نراه مؤلم جدا. ندخل منزلا ونجد أشلاء. يلتقط أحدهم يدا، ويمدها لنا ويقول: خذوها... ولكننا مع الوقت نعتاد على ذلك".
 
ويتحدث عادل الزعبوط البالغ من العمر 30 عاما هو الآخر بلهجة حازمة: "صراحة، أنا أتصرف من دون تفكير. إذا رأيت أشلاء، من مسؤوليتي أن أتعامل مع الأمر، وأفعل ذلك بمهنية".
 
وفي هذه الظروف المرعبة، يعيش هؤلاء في حالة خوف دائم من أن يتلقوا نداء استغاثة من منزل أهلهم أو أقاربهم.
 
وقال الزعبوط إنه قرر أن يصبح مسعفا خلال الانتفاضة الثانية، وأضاف: “أفضل ما يمكن أن يفعله الانسان، هو مساعدة اخيه الانسان، لي الشرف أن اساعد الآخرين".
 
ولا يتوقف الهاتف خلفه عن الرنين، ويشرح أنهم يتلقون باستمرار اتصالات من أطفال يتسلون بطلب نمرة الإسعاف المجانية.
 
ويقول سليم أن “أسوأ ما حصل لنا هو جعل رقمنا مجانيا. والآن، كل من يريد أن يتأكد أن هاتفه يعمل، يتصل بنا".
 
ولكن غالبا ما يكون الاتصال للإبلاغ عن حالات خطيرة.
 
وتتصل عائلات تعيش قرب الحدود مع إسرائيل لطلب نقلها بسيارة إسعاف، ولكن المسؤول لا يمكنه إرسال سيارة من دون التنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.
 
وصباح أول من أمس الأحد، مع بداية اليوم الذي شهد سقوط أكبر عدد من القتلى والجرحى في غزة، قتل المسعف فؤاد جابر في القصف على حي الشجاعية، شرق غزة، حيث قتل 70 فلسطينيا في ذلك اليوم الدامي.
 
ورافق جثمانه موكب من سيارات الإسعاف ورفاقه الباكون حتى منزل عائلته حيث تعيش زوجته وطفلته البالغة من العمر سنتين.
 
وحتى في أوقات الحرب، يضطر المسعفون للتعامل مع حالات عاجلة عادية.
 
وبين ضحايا الغارات، يتوجهون لنجدة ضحايا حادث سير. وفي مرة تلقوا نداء لإسعاف طفلة سقطت عن الطابق الثالث. اهتم المسعفون بتثبيت عنقها وأوصلوها مع أهلها الى مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
 
وفي اليوم الرابع عشر من الهجوم، يقول سليم إن الوضع اسوأ من الحربين  في نهاية 2008 وفي نهاية 2012.
 
ويقول إن "كل حرب اسوأ من التي سبقتها. لم يشهد أي بلد في العالم ثلاث حروب في ست سنوات".
 
ويعمل المسعفون يدا واحدا ليتمكنوا من الصمود في هذه الظروف الصعبة.
 
"نحن عائلة واحدة" يقول سليم المسؤول عن فريقه الصغير، "نواجه الوضع معا، نتعاون، ننام ونصحو معا".
 
ورغم كل المعاناة، وربما بسببها، يبقي المسعفون الجو في مركزهم خاليا من التوتر، فيتحدثون عن الحلوى التي سيأكلونها بعد الإفطار، أو عمن واجه أقسى الظروف في الليلة الفائتة.
 
ويقول الزعبوط: "نحاول إشاعة أجواء خفيفة، لأننا نعرف أن الهاتف يمكن أن يرن في أي لحظة، وعندها سنخرج، ولكننا لا نعرف إن كنا سنعود".

التعليقات