04/04/2016 - 14:15

صيادو غزة: خيبة أمل وصيد شحيح

عبر صيادو السمك في قطاع غزة، اليوم الإثنين، عن خيبة أملهم مع بدء سريان قرار توسيع المنطقة التي يسمح لهم بالصيد فيها، والذي اتخذته اسرائيل التي تفرض حصارا محكما على القطاع منذ 2006، حيث شكلّت ساعات الغروب من مساء أمس الأحد، حدثا استثنائيا

صيادو غزة: خيبة أمل وصيد شحيح

عبر صيادو السمك في قطاع غزة، اليوم الإثنين، عن خيبة أملهم مع بدء سريان قرار توسيع المنطقة التي يسمح لهم بالصيد فيها، والذي اتخذته اسرائيل التي تفرض حصارا محكما على القطاع منذ 2006، حيث شكلّت ساعات الغروب من مساء أمس الأحد، حدثا استثنائيا بالنسبة للصياد الفلسطيني بهجت أبو عودة، إذ تمكن هو والمئات من أقرانه، من اصطياد كميات من "الأسماك" كبيرة الحجم في أول رحلة صيد يبحرون فيها إلى مسافة تسعة أميال بحرية داخل البحر المتوسط.

أبو عودة (55 عاما)، واحد من مئات صيادي الأسماك في قطاع غزة، الذين كانوا يصفقون فرحا كلما ابتعدت قواربهم عن شاطئ قطاع غزة، ليصلوا مناطق لم يدخلوها منذ عشر سنوات.

وأبحر المئات من صيادي الأسماك في قطاع غزة مساء أمس، الأحد، مسافة تصل 9 أميال بحرية، عقب سماح الاحتلال الإسرائيلي بتوسيع مساحة الصيد في البحر المتوسط. ورافق طاقم وكالة الأناضول الصيادين في رحلتهم التي استغرقت نحو 17 ساعة، منذ لحظة خروجهم من ميناء غزة، حتى عودتهم وهم يحملون ما وصفه الصياد أبو عودة بـ"الغنيمة" و"الرزق الطيب".

أبو عودة الذي كان على متن القارب، برفقة تسعة صيادين آخرين يعيلون نحو 50 فردا، قال إنه ولأول مرة تتمكن صناراتهم من التقاط أسماك كبيرة الحجم منها ما يصل لـ"20" كيلو جرام مثل (دنيس، لوكس، بكلاي)، معربا في ذات الوقت عن فرحته وأمله في أن تسمح السلطات الإسرائيلية لهم بالإبحار نحو مسافات أكبر.

وقال رائد أبو عودة (35 عاما)، "بعد 17 ساعة من العمل لم نجن ما كنا نتوقعه". وأضاف أن "الصيادين ألقوا الشباك خمس مرات وفي أماكن مختلفة ومسافات مختلفة من الشاطئ، من غزة وحتى رفح جنوبا"، مشيرا إلى أن "تكلفة دخول المركب للبحر من وقود وعمال تبلغ حوالى 1200 دولار في اليوم الواحد".

واستخدم الصيادون "الصنارة"، بدلا من الشباك من أجل اصطياد الأسماك كبيرة الحجم. ولدى اقتراب قوارب الصيادين من نهاية المساحة الممنوحة لهم، فوجئوا بانتشار الزوارق العسكرية الإسرائيلية. وأقدم زورق إسرائيلي على رش المياه في الهواء كخطوة تحذيرية للصيادين، فيما تحدث أحد جنود البحرية الإسرائيلية، بلكنة عربية من مكبر الصوت، محذرا الصيادين من تخطي الحدود البحرية المتفق عليها، قائلا:" اقتربتوا (اقتربتم) من الحدود، ارجعوا للحدود الشرقية".

ويقول الصياد أبو عودة إنه يشعر بالحسرة، لعدم تمكنهم من الوصول إلى مسافات أكبر، عائدا بذاكرته إلى الوراء، قبل عقدين من الزمن.

وتابع: "أعمل كصياد منذ 20 عاما، أذكر كيف كنا قبل سنوات مضت، نبحر إلى أكثر من 12 ميلا، ونصطاد كميات كبيرة ومتنوعة من الأسماك".

ولدى غروب الشمس في مياه البحر المتوسط، بدأ الصيادون في التحرك بقواربهم باحثين عن أسماك جديدة. وفي ساعات الليل، أشعل الصيادون كشافات كهربائية كبيرة مثبتة على القارب، كي تتجمع حولها الأسماك.

ويصف الصياد أحمد الصعيدي 40 عاما، رحلة الصيد بأنها "متعبة" و"مرهقة". ويضيف: "المشكلة البحر محاصر، نفسنا (أمنيتنا) نبحر زي ما بدنا (كما نريد)، فرحانين اليوم أننا وصلنا لهان (هنا)، وإن شاء الله الأيام الجاية بيكون الصيد وفير أكثر".

وعلى القارب، يغني الصيادون أغانٍ شعبية للصيد، وترتفع أصواتهم وهم ينشدون: "البحر كويس (جيد)، يا ريس، وإن شاء الله توصل مراكبنا، والفرحة تكمل.. امشي يا ريس من مينا لمينا".

وبعد مرور أكثر من 16 ساعة داخل البحر، يطل نهار جديد، ويبدأ الصيادون في رحلة العودة إلى مرافئ الصيادين وإفراغ ما تم اصطياده لتوريده إلى "الحسبة" (سوق السمك).

وفي أول يوم للصيد داخل مسافة 9 أميال، لم يكن الصيد كما تمنى الصيادون. إلا أن أحد الصيادين قال لـ"الأناضول": "الرزق على الله، اليوم ما في كتير بكرا إن شاء الله بيكون". وتراجعت مهنة صيد الأسماك بشكل غير مسبوق في قطاع غزة، نتيجة لتراجع حجم الصيد اليومي لمئات الصيادين، بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على المساحات التي يسمح لهم بالصيد فيها.

وتنص اتفاقية أوسلو (معاهدة السلام الموقعة عام 1993)، وما تبعها من بروتوكولات اقتصادية، على حق صيادي الأسماك في قطاع غزة، بالإبحار لمسافة 20 ميلاً، بهدف صيد الأسماك، إلا أن ذلك لم ينفذ منذ عقد ونصف العقد. وبحسب نقابة الصيادين في القطاع، فإن نحو 4 آلاف صياد يعيلون أكثر من 50 ألف فرد، يعملون بشكل شبه يومي على أكثر من ألف قارب صيد مختلفة الأحجام والأنواع.

ويقول نقيب الصيادين في قطاع غزة، نزار عياش، لوكالة الأناضول: "تعرضت مهنة صيد الأسماك في قطاع غزة إلى انهيار كبير، خلال السنوات التي أعقبت حصار غزة (2006)، ليتراجع متوسط حجم الصيد السنوي إلى 800 طن سنويا، انخفاضاً عن 5 آلاف طن سنوياً قبل فرض إسرائيل حصارها".

ويتراوح دخل الصياد الفلسطيني في غزة يوميا ما بين 20 و50 دولارا أميركيا. ويعرب عياش عن أمله، في أن تشهد الأيام القادمة صيدا وفيرا، من الأسماك يعوض الصيادين خسارتهم اليومية.

ولم يكشف عياش عن الكميات التي تم اصطيادها في أول رحلة صيد داخل المسافة الجديدة مكتفيا بالقول: "تم اصطياد أسماك كبيرة الحجم، نأمل في الأيام القادمة ومع بدء موسم السردين، أن يصطاد الصيادون كميات وفيرة، والأهم أن تزيد مساحات الصيد إلى ما هو أكثر".

وسمحت إسرائيل عقب الحرب الأخيرة على القطاع في تموز/يوليو 2014، بالصيد لمسافة ستة أميال بحرية بدلا من ثلاثة، إلا أن نقابة الصيادين تقول إنَّ قوات البحرية الإسرائيلية تعرقل أعمال الصيد على شواطئ غزة، وتطلق بشكل شبه يومي نيران أسلحتها تجاه قواربهم.

التعليقات