07/03/2017 - 15:37

هبوط بنسبة %95 في دعاوى الفلسطينيين ضد الاحتلال

"بتسيلم": إسرائيل تواصل فرض سلطتها على ملايين الفلسطينيين، وما من طرف يُلزمها بتقديم الحساب عن أفعالها: جهاز تطبيق القانون العسكري يطمس، المحكمة العليا تضفي الشرعية القانونية، ودولة الاحتلال تؤمّن لنفسها إعفاء شبه تام من دفع التعويضات

هبوط بنسبة %95 في دعاوى الفلسطينيين ضد الاحتلال

(أ.ف.ب)

أنشأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في العقدين الأخيرين، واقعًا يمكّنها من التملّص شبه التامّ من دفع التعويضات للفلسطينيين المتضرّرين جراء ممارسات قواته، رغم أنّ هذا واجبها الذي ينصّ عليه القانون الدولي.

ونشرت منظمة 'بتسيلم' الحقوقية الإسرائيلية اليوم، الأربعاء، تقريرا جديدا يتقصّى كيف جرى ذلك ويبيّن النتائج المترتّبة عليه. وقالت المنظمة إنه 'تشهد السنوات الأخيرة انخفاضًا حادًّا في عدد دعاوى التعويضات التي يقدّمها فلسطينيون، كما أجريت ’تخفيضات’ على الثمن المدفوع مقابل الأضرار اللاحقة بهم'، مؤكدة على أن 'هذا النهج الإسرائيلي يكشف عُمق الاستهتار بحياة الفلسطينيين وسلامة أجسادهم وممتلكاتهم'.

وأوردت المنظمة الحقوقية مثالا على هذا النهج من جانب الاحتلال، بالإشارة إلى أنه في كانون الأوّل/ديمير العام 2011 'قُتل مصطفى التميمي، من قرية النبي صالح، نتيجة لإطلاق قنبلة غاز بشكل مخالف للقانون استهدفته مباشرة خلال مظاهرة في قريته. وفي الشهر الماضي، وبعد مرور ثلاث سنوات على إغلاق النيابة لملفّ التحقيق دون اتّخاذ أيّ إجراء، ردّت المحكمة المركزية في القدس دعوى تعويضات قدّمتها عائلة تميمي، حيث جاء في قرار الحُكم أنّ موت مصطفى حصل أثناء ’عملية قتاليّة’، وألزمت المحكمة العائلة بتغطية المصاريف المستحقّة لها من طرف الدولة، بدفع مبلغ قدره 60 ألف شاقل'.

وتقرير 'بتسيلم'، بعنوان 'لا حسيب ولا رقيب: كيف تُخلّ إسرائيل بواجب دفع التعويضات للفلسطينيين عن أضرار ألحقتها بهم قوّات الأمن'، يفصّل المراحل المختلفة التي تشكّل من خلالها هذا الإعفاء شبه الجارف الذي منحته دولة الاحتلال لنفسها، وطُبّقته في حالة تميمي أيضًا.

وقالت المنظمة الحقوقية إن 'التعديلات التشريعية التي وسّعت نطاق الإعفاء الممنوح للدولة في شأن ’عملية قتاليّة’ وحدّدت قيودًا إجرائية وإثباتيّة، ومن ثمّ طريقة تأويل المحاكم لهذه التعديلات، كلاهما تخفضان اليوم إلى حدّ الصفر احتمال تلقّي المدّعين الفلسطينيين تعويضًا عن الأضرار اللاحقة بهم'.

وبواسطة هذه التغييرات، خفّض الاحتلال ثمن إلحاق الأذى بالفلسطينيين، إلى جانب استمراه في عرض وهميّ يُظهر وكأنّ هنالك جهاز محاكم يقوم بوظيفته على نحوٍ موضوعيّ.

ومن بين المعطيات التي حوّلتها وزارة الأمن الإسرائيلية إلى 'بتسيلم' بخصوص دعاوى التعويضات التي قدّمها فلسطينيون من سكّان الضفة الغربية وقطاع غزّة، يتبيّن أنّه 'من عام 1997 إلى عام 2001 دفعت الدولة ما معدّله 21.6 مليون شاقل تقريبًا، في السنة؛ وفي المقابل، من عام 2012 إلى عام 2016 هبط المعدّل إلى ما يقارب 3.8 مليون شاقل في السنة – أي بنسبة أكثر من %80. وخلال هذه المدّة توقّف الفلسطينيون، تقريبًا، عن تقديم دعاوى التعويضات: من عام 2002 إلى عام 2006 قُدّمت دعاوى بمعدّل 300 كلّ سنة؛ وفي المقابل هبط المعدّل بين عام 2012 وعام 2016 إلى 18 دعوى مقدّمة كلّ سنة – أي إنّه هبوط بنسبة %95'.

وأكدت المنظمة أنه 'تواصل إسرائيل فرض سلطتها على ملايين الفلسطينيين سكّان الضفة الغربية وقطاع غزة، وما من طرف يُلزمها بتقديم الحساب عن أفعالها: جهاز تطبيق القانون العسكري يقوم بالطمس، المحكمة العليا تضفي الشرعية القانونية، والدولة تؤمّن لنفسها إعفاء شبه تام من دفع التعويضات عن الأضرار التي ألحقتها قوّات الأمن. يمكن لكلّ غبن أن يكون منصوصًا في قانون بحيث تدخل أجهزة تطبيق القانون لتبدو وكأنّها تقوم بإحقاق العدالة. ولكنّه عرض وهميّ زائف، فهذا كلّه لا ينجح في إخفاء الجوهر الحقيقي لنظام الاحتلال، ولا في سَتر سُبل إسرائيل في التملّص من تحمّل مسؤوليات أفعالها حين تطلق لنفسها العنان بلا حسيب ولا رقيب وتمارس عدوانيتها الشديدة بحقّ الفلسطينيين الخاضعين لسلطتها، دون أيّة مساءلة ومحاسبة، جنائية أو إدارية أو مدنية'.

التعليقات