"أصدقاء الإنسان": 2009 أسوأ السنوات التي قضاها الأسرى في سجون الاحتلال

أكد تقرير مفصّل عن واقع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، صادر عن منظمة "أصدقاء الإنسان الدولية"، اليوم السبت (6/2) أن سنة 2009 الفائتة هي أسوأ السنوات التي قضاها الأسرى على الإطلاق.

وقال التقرير، الذي صدر تحت عنوان "وراء الشمس"، ووصل "قدس برس" نسخة منه: "إن إدارة السجون الإسرائيلية مارست أساليب جديدة ضدهم؛ تهدف إلى زيادة الضغط النفسي والجسدي عليهم، ومواصلة احتجازهم في أجواء غاية في الصعوبة، أو إخراجهم أجساد بلا أرواح، بحيث لا يستطيعون العيش والاستمرار في الحياة، وقد تعدى الأمر عقاب الأسير وتدمير نفسيته ليصل إلى عائلته وأسرته من خلال سياسات تقوم بها مصلحة السجون الإسرائيلية كأن تحرم الأسير من زيارة ذويه لفترات طويلة جداً".

وقالت المجموعة الحقوقية إن الحركة الفلسطينية الأسيرة "لا زالت تسطر أمثلة إنسانية؛ قل نظيرها في التاريخ، في الصبر ومكابدة المعاناة؛ في ظل ظروف مأساوية اضطُر خلالها عشرات الآلاف من الأسرى الفلسطينيين لتحمل أسابيع متواصلة بل أشهر عديدة، وهم يرزحون تحت التعذيب وسياط جلادي الاحتلال في أقبية التحقيق، ويتجرعون القهر سنوات مديدة على أيدي السجانين وأفراد الشاباص. وأن مجرد قدرة الأسير على تحمل تلك الظروف وبقائه إنساناً ليمثل معنىً عظيماً في عملية الدفاع عن الحق في الحياة".

وأشارت المنظمة أن عدد الأسرى في معتقلات الاحتلال بلغ في نهاية العام الفائت (2009)، سبعة آلاف ومائتي وست وثمانون (7286) أسيرة وأسير، منهم ست وثلاثون أسيره فلسطينية، وكذلك عشرون وزيراً ونائباً تم أسرهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى 250 طفلاً؛ أعمارهم أقل من 18 عاماً تحرم القوانين اعتقالهم. كما تعتقل سلطات الاحتلال 319 أسيراً منذ ما قبل اتفاقية أوسلو للسلام التي وقعت بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي عام 1993؛ وهم ما يعرفون إصطلاحاً بالأسرى القدامى، ومن بين هؤلاء 115 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً، منهم ثلاثة أسرى مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاماً وهم كل من الأسير نائل البرغوثي والأسير فخري البرغوثي والأسير أكرم منصور.

وركّز التقرير على الأسرى الفلسطينيين الذين قال إنه "يُراد لهم التهميش من قبل سلطات الاحتلال"، وهم أسرى منطقة القدس وأسرى المناطق الفلسطينية المحتلة سنة 1948، لأن سلطات الاحتلال ترفض الإفراج عنهم ضمن اتفاقات تبادل الأسرى مع الفلسطينيين، وقد بلغ عدد أسرى القدس في العام الماضي 273 أسيراً وأسيره، ويعتبر الأسير فؤاد الرازم من بلدة سلوان بالقدس المحتلة عميد الأسرى المقدسيين وقد اعتقل قبل 29 عاماً. وبلغ عدد الذين قضوا في السجون الإسرائيلية من سكان القدس 14 أسيراً، وقد كان أولهم الأسير قاسم عبد الله ابو عكر؛ الذي قضى نتيجة التعذيب أثناء التحقيق في سجن المسكوبية عام 1969، أما آخرهم فكان الأسير جمعه كيالة، والذي توفي قبل ما يقرب من عام، بعد أن أمضى 13 سنة في مستشفى سجن الرملة.

وعن الأشقاء من أسرى القدس تقول المنظمة في تقريرها "إن 31 أسيراً منهم يعانون مرارة الحياة في سجون الإحتلال، منهم 3 من الإخوه الأشقاء محكومين مدى الحياة وهم موسى وخليل وإبراهيم السراحنه والمعتقلين منذ عام 2002".

أما أسرى العزل فيوجد منهم أسيرين مقدسيين وهما الأسير عبد الناصر الحليسي؛ معزول منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً، والأسير معتز حجازي معزول منذ تسع سنوات. ويوجد نائب مقدسي واحد أسير وهو النائب محمد ابو طير، والذي امضى ما يزيد عن خمسة وعشرين عاماً في سجون الاحتلال.

وعن الأسيرات المقدسيات ذكرت المنظمة الحقوقية التي تعنى بحقوق السجناء حول العالم، أن 4 أسيرات من بيت المقدس هن: الأسيرة إبتسام عيساوي محكومة 14 عام، من سكان جبل المكبر، وآمنة منى أقدم أسيرة مقدسية وهي من سكان البلدة القديمة ومحكومة مدى الحياة وكذلك الأسيرة سناء شحادة وهي من سكان مخيم قلنديا أصدر بحقها نفس الحكم هي الأخرى، وأخيراً الأسيرة ندى درباس من سكان بلدة العيسوية وهي محكومة لمدة 4 سنوات.

وفي سياق عرضها لأحوال أسرى القدس، أعادت المنظمة إلى الأذهان أن أكبر أسير مقدسي سناً هو الأسير علي حسان عبد ربه شلالده والبالغ من العمر 61 عام ونصف العام، ومعتقل منذ 19 عام ويقضي حكما بالسجن لمدة 25 عام، ولديه من الأبناء 12، تزوج منهم 8 وهو يرزح في الأسر.

وعن صاحب أعلى حكم في تاريخ الأسرى المقدسيين، ذكرت أنه الأسير وائل محمود قاسم من بلدة سلوان، محكوم بالسجن المؤبد 35 مرة إضافة إلى 50 عام وهو متزوج وأب لأربعة أطفال. وأعلى حكم كان لشقيقين وهما الأسير المقدسي رمضان عيد مشاهرة وشقيقه فهمي عيد مشاهرة؛ حُكما بالسجن المؤبد 20 مرة، وقد قامت قوات الإحتلال الإسرائيلي بهدم منزليهما. وسمت الأسيرين المقدسيين الضريرين وهما الدكتور عبد العزيز عمرو والمحكوم بالسجن مدى الحياة والأسير علاء الدين البازيان والمحكوم كذلك بالسجن مدى الحياة.

وبشأن الانتهاكات بحق الأسرى، تبرز قضية تشكيل لجنة وزارية إسرائيلية رسمية ومعلنة في آذار (مارس) الماضي والتي تعتبر، بحسب وجهة نظر منظمة "أصدقاء الإنسان الدولية"، أخطر ما شهده العام 2009؛ والتي "هدفها هو دراسة أوضاع الأسرى الفلسطينيين وتقييمها، بهدف التضييق عليهم. وبالفعل فإن تلك اللجنة إتخذت العديد من القرارات والإجراءات الظالمة، حيث وصل التضييق عليهم ذروته منذ ذلك الحين، علماً أنه يوجد أكثر من ألف أسير في السجون مصابون بأمراض مزمنة ويتعرضون لسياسة الإهمال الطبي. وكذلك هناك أكثر من 1500 أسير فلسطيني محرومون من رؤية ذويهم منذ فترات طويلة، منهم 775 أسير من قطاع غزه مُنعت زيارتهم منذ فرض الحصار على القطاع عام 2006، وكذلك هو حال الباقين من أبناء الضفة الغربية، يمنعون من رؤية ذويهم دون إبداء الأسباب من قبل سلطات الإحتلال، سوى التذرع بالأمن".

وتضيف المنظمة "لقد سُجلت انتهاكات جديدة، فعلى سبيل المثال تم إستخدام المعتقلين كدروع بشرية خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وقامت قوات الإحتلال باحتجاز الأسرى في حُفر أمام مرمى النيران، وكذلك حولت بيوتاً للفلسطينيين للاستخدام كثكنات عسكرية، بينما قامت باحتجاز الأسرة صاحبة البيت في إحدى غرفه الفارغة".

وتابعت "ارتفع عدد حالات احتجاز وإعتقال الصيادين في عرض البحر بقطاع غزة ومصادرة قواربهم ومعداتهم وابتزاز البعض منهم، كما قامت قوات الإحتلال بإعتقال مرضى والتحقيق معهم؛ أثناء توجههم للعلاج عبر معبر بيت حانون "ايريز"، والضغط عليهم للتعامل مع أجهزة المخابرات التابعة لها". وأكدت المنظمة أن "جميع من اعتقلوا تعرضوا لأحد أشكال التعذيب أو الإهانة، وأن ممارسة التعذيب بأشكاله المختلفة شكلت ظاهرة وسياسة ثابتة في التعامل مع المعتقلين".

وأشارت "أصدقاء الإنسان" إلى أن سلطات السجون الإسرائيلية حاولت عام 2009 فرض اللون البرتقالي لزي الأسرى بدل الزي البني، "وهي بذلك تريد أن تشابه بينهم وبين المحتجزين في سجون أمريكا في غوانتانامو؛ فإذا ما شاهد المرء الأسرى الفلسطينيين في مثل هذه الثياب يتبادر إلى ذهنه الشبه المفترض بين الفئتين، لكن القرار قوبل بالرفض من قبل الأسرى وصبروا على العقوبات، وأدركت إدارات السجون أنها لن تكون قادرة على تمريره فأجلت تطبيق ذلك".

وذكرت المنظمة الحقوقية الدولية أنه تم خلال العام الماضي تسجيل 15 حالة من الاعتقالات بحق فلسطينيين جلهم من سكان قطاع غزة وفق صفة ما يسمى "مقاتل غير شرعي"، من هؤلاء المعتقلين من تم اعتقاله خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ومنهم من صدرت بحقهم قرارات تعتبرهم "مقاتلين غير شرعيين" بعد انتهاء فترة محكومياتهم في السجون الإسرائيلية، وحسب ذلك تم إبقاؤهم في المعتقلات. واعتبرت أن "هذا الإجراء الظالم مخالفة كبيرة لمبادئ حقوق الإنسان ومعايير المحاكمة العادلة، حيث لا يتمكن المعتقل الفلسطيني من ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه ولا يتم توجيه تهمة محددة له، ويستمر احتجازه دون نهاية محددة".




التعليقات