(7600) طفل اعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى..

-

(7600) طفل اعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى..
أعلن الأسير السابق والباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فراونة بأن سلطات الإحتلال اعتقلت ( 7600 ) طفل وطفلة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000، وأن من بينهم قرابة ( 200 طفل قاصر ) تعرضوا للاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، وأنه لا يزال منهم ( 246 ) طفلا يقبعون في سجون الإحتلال، بعضهم لا يتجاوز الثانية عشر من عمره.

وأشار بأن أصغر أسير في العالم يوجد من بين الأطفال الفلسطينيين الأسرى، وهو الطفل الأسير " يوسف " (13 شهرا ) الذي لم يعتقل مباشرة، ولم توضع السلاسل في يديه لبرهة واحدة، لكنه اعتقل وهو في رحم أمه الأسيرة "فاطمة الزق"، لتنجبه وهي مقيدة الأيدي والأرجل بالأصفاد الحديدية، ليبصر النور رغم عتمة الزنازين وليطلق صيحاته الأولى، وربما ينطق أولى الكلمات وهو لا يزال داخل السجن.

وأكد فراونة أن استهداف اعتقال الأطفال الفلسطينيين، إنما هي جزء أساسي من استهداف الأطفال الفلسطينيين عامة وقمعهم وردعهم وتحطيم معنوياتهم وسلب طفولتهم، باعتبار أن الأطفال هم عنوان للتحدي والصمود وعماد المستقبل وأمله، وذلك في سياق سياسة الاعتقالات العشوائية التي تُمارس منذ عقود من الزمن بحق الفلسطينيين، والتي طالت مئات الآلاف منهم وشملت عائلات بأكملها، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو طبيعة المهنة والعمل، حتى بات الاعتقال مفردا ثابتا في القاموس الفلسطيني.

معرباً عن قلقه الشديد على مستقبل هؤلاء الأطفال، لما للاعتقال والسجن والتعذيب من توابع وتأثيرات وخيمة على نشأتهم وتركيبتهم السيكولوجية وميولهم المستقبلية، وتحطيم نفسياتهم، والتسبب لهم بأمراض جسدية عديدة، وفقدان العديد منهم لحقهم الأساسي في مواصلة التعليم.

للأطفال مقاعد الدراسة... لا زنازين الاحتلال

وقل الباحث فراونة في تقريره: بأنه لمن دواعي القلق والأسف أن ينشأ هؤلاء ويترعرعون ويقضون سنوات طفولتهم خلف القضبان، في سجون ومعتقلات هي أشبه بأن توصف "بمقابر الأحياء"، وعلى أسرة السجون و" أبراش " المعتقلات، ويُجبرون على التعامل مع سجان حقير لا يميز في تعامله اللا إنساني ما بين طفل أو شاب، ليتقنوا وببراعة لغة السجان وحياة السجن وكأنها حفرت في عقولهم وذاكرتهم للأبد، بدلاً من أن يقضون سنوات طفولتهم أحراراً في كنف أسرهم، وبين أهلهم وأحبتهم، ويترددون على مدارس مؤهلة، ليجلسوا على أماكنهم الطبيعية على مقاعد الدراسة ليتلقوا معلومات من مدرسين وفقاً لمناهج مدروسة تراعي أوضاعهم وظروفهم وأعمارهم.

وأضاف بان مئات الأطفال الفلسطينيين قد انقطعوا عن الدراسة بسبب الاعتقال، ومستقبلهم مهدد بالضياع، وأن مئات آخرين من الأسرى القابعين في السجون الإسرائيلية الآن، كانوا قد اعتقلوا وهم أطفال ليكملوا سنوات طفولتهم في السجون، ومنهم من مضى في السجن سنوات طوال من عمره تفوق ما أمضاه من سنوات قبل الاعتقال.

وتابع في أحياناً كثيرة يوضعون بجانب السجناء الجنائيين الذين اعتدوا عليهم مراراً بالضرب بأدوات حادة، ويدفعونهم للانحراف الجنسي ومحاولات اغتصابهم، ودفعهم للإدمان على المخدرات.


قانون الاحتلال سلب من الأطفال حقوقاً منحهم إياها القانون الدولي...

وأكد فراونة بأن القوانين الدولية واتفاقية الطفل، قد منحت الطفل حقوقاً أساسية، ولا يسمح المساس بها تحت أي ظرف من الظروف، أهمها عدم حرمان الطفل من حريته، وعدم التعرض للاعتقال العشوائي، وإذا كان ولابد من الاعتقال فليكن الملاذ الأخير، مع وجوب معاملتهم معاملة حسنة واحتجازهم في أماكن نظيفة وصحية وذات تهوية مناسبة، تكفل لهم حياة إنسانية وتتوفر فيها كافة حقوقهم من مأكل وملبس وتعليم ورعاية صحية وتوفر لهم أدوات الترفيه والتسلية، وآليات الاتصال الدورية بالأهل.. الخ وليكن هذا الاعتقال لأقصر فترة ممكنة.

تعذيب قاس وأحكام جائرة....!

مضيفاً بأن سلطات الاحتلال تضرب كل تلك الاتفاقيات والنصوص بعرض الحائط، ولا يمر يوم واحد إلا وتعتقل خلاله عدد من الأطفال، ولا تفرق في معاملتها ما بين الطفل المعتقل أو الشاب والشيخ، وأن جميع الأطفال يتعرضون أثناء اعتقالهم للضرب والتنكيل والإهانة، فيما أن قرابة 93 % تعرضوا لصنوف مختلفة ولأكثر من شكل من التعذيب الجسدي والنفسي والتي هي أكثر قسوة خلال التحقيق معهم.

وأضاف بأن غالبية الاعترافات انتزعت منهم بالقوة وتحت التهديد و الضغط الجسدي والنفسي لا يحتمله الأطفال، وكثيراً ما تكون اعترافاتهم كاذبة وغير دقيقة.

ومع ذلك يقول فراونة: تعتمد سلطات الاحتلال هذه الاعترافات كمستندات إدانة لهم، وعلى ضوئها تصدر المحاكم العسكرية أحكامها الجائرة ضدهم وفقاً لقوانين الإحتلال الظالمة، تصل لفترات وسنوات طويلة، بل وفي بعض الأحيان تصل للسجن المؤبد، ويتم التعامل معهم كبالغين بخلاف القانون الدولي الذي يتيح اعتقال الأطفال كملاذ أخير ويُلزم على أن يكون لأقصر فترة ممكنة.

ويضيف فراونة بأن هذه المعطيات تؤكد بأن سلطات الاحتلال تتعمد استهداف الأطفال ضمن اعتقالاتها وممارسة الضغط عليهم والزج بهم في سجونها لفترات متفاوتة لتصل أحياناً لعشرات السنين والمؤبد أحيانا أخرى، بهدف تحطيم طفولتهم والقضاء على مستقبلهم والتأثير السلبي على الطفولة الفلسطينية عموماً.

مبيناً بأن من اعتقلوا وهم أطفال وامضوا سنوات في سجون الاحتلال، تأثروا بطبيعة الحال بالبيئة التي قضوا فيها سنوات طفولتهم، وواجهوا بعد خروجهم من السجن صعوبات جمة في التأقلم والتكيف مع العالم الخارجي ومع آبائهم وباقي أفراد الأسرة ً، وأدت بالكثيرين منهم إلى الميل إلى ممارسة سلوك عنيف كالسلوك الذي تعايش معه داخل السجن، أو الميل للعنف والانتقام ممن عذبوه في طفولته وبعضهم عاد واعتقل من جديد.

محاولات لتجنديهم والإيقاع بهم في وحل العمالة...

وأوضح فراونة بأن الأطفال الأسرى وبجانب ما يتعرضون له من انتهاكات متواصلة لا تعد ولا تحصى لحقوقهم الأساسية، فان جهاز المخابرات الإسرائيلي يبتدع بين الفينة والأخرى أساليب جديدة للإيقاع بهم في " شرك العمالة " والضغط عليهم وابتزازهم لتجنديهم بهدف العمل لصالحه، وفي شهادات كثيرة يتعرضون للتحرش الجنسي وللتهديد باغتصابهم أو إجبارهم على التعري والتقاط بعض الصور، كوسيلة لانتزاع اعترافات ولو كاذبة يُحاكم عليها قانون الإحتلال أو قبولهم التعامل مع المخابرات، وللأسف الشديد كثير من الأطفال كانوا ضحايا لذلك.

ويشدد فراونة على أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية لا تتوانى عن استخدام أنجع الوسائل لتجنيد الأطفال وإسقاطهم في وحل الخيانة والعمالة المرفوضة طبعاً بل والمنبوذة من قبل المجتمع الفلسطيني.

وفي هذا السياق ناشد فراونة كافة الفصائل الفلسطينية ووسائل الإعلام المختلفة لاسيما الحزبية منها إلى التركيز على الجانب التعبوي الإرشادي للأطفال، وتثقيفهم حول كيفية مواجهتهم لما قد يتعرضون له أثناء الاعتقال بما في ذلك كيفية تجاوزهم لمحاولات إيقاعهم في " وحل العمالة ".

وطالب فراونة المؤسسات الدولية لاسيما تلك المختصة بشؤون الأطفال وحقوق الإنسان بالتدخل لاجبار الاحتلال على احترام الاتفاقيات والنصوص المتعلقة بحقوق الأطفال، وضمان عودة الأطفال الفلسطينيين إلى مقاعدهم الدراسية بدلاً من بقائهم في زنازين الاعتقال، صوناً لطفولتهم وحفاظاً على مستقبلهم المهدد بالضياع.

الاحتلال هو الدافع الرئيسي لإنخراط بعض الأطفال في المقاومة..

وأوضح فراونة بأن ممارسات الاحتلال الدموية ومشاهد القتل والدمار، والاعتقالات للآباء والأشقاء والأقارب، تؤثر وبدون شك على تنشئة الأطفال وسلوكهم الآني والمستقبلي، وتخلق جيلاً أكثر ميلاً للعنف والانتقام من الاحتلال، وتدفعهم للانخراط مبكراً في العمل النضالي، والتوجه بشكل فردي للحواجز والحدود أو لساحات المواجهة المباشرة لممارسة العنف الارتجالي ضد الاحتلال والذي يؤدي بهم أحياناً إلى الاعتقال لسنوات طويلة.

وتابع بأن هناك أطفال فلسطينيين تراوحت أعمارهم مابين 16-18 عاماً أو اقل من ذلك بقليل، انتموا للفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية وانخرطوا من خلالها بشكل مباشر في المقاومة بما فيها المقاومة العنيفة، وهم لم يتجاوزُ سن الطفولة (18 عاماً).

معتبراً بأن السبب وراء ذلك يعود للاحتلال وممارساته، ولا يمنح الاحتلال مبرراً للاعتقالات العشوائية للأطفال الفلسطينيين أو للممارسات القمعية ضدهم وارتكاب الانتهاكات الخطيرة لحقوقهم الأساسية ولاحتجازهم سنوات طويلة داخل السجون.

وفي هذا الصدد دعا فراونة الفصائل الفلسطينية للقيام بواجباتها تجاه الأطفال عموماً واطلاعهم على ما يمكن أن يتعرضون له من ممارسات من قبل الاحتلال وأجهزته المختلفة، بما فيها الاعتقالات العشوائية والتعذيب وما يجري داخل السجون، بجانب واجبها بتعبئتهم بثقافة حب الوطن والجهاد في سبيله، على أن يكون ذلك في إطار منظومة متكاملة تراعي أعمارهم وحقوقهم وقدرة استيعابهم، وتصون طفولتهم بما يضمن لهم نمو سليم ونشأة طبيعية وتربية نموذجيه ومستقبل مشرق.

التعليقات