دراسة: 181 شهيدا فلسطينيا سقطوا في السجون الإسرائيلية منذ 67

-

دراسة: 181 شهيدا فلسطينيا سقطوا  في السجون الإسرائيلية منذ 67

أوصت دراسة بحثية جديدة، حول شهداء الحركة الوطنية الأسيرة في السجون الإسرائيلية، بضرورة تدخل المجتمع الدولي الفوري، بكافة مؤسساته، لوقف انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها إسرائيل بحق الأسرى الفلسطينيين.

وشددت الدراسة، التي أعدها عبد الناصر فروانة، وهو أسير محرر وباحث مختص بقضايا الأسرى، على ضرورة التدخل الفوري لإنقاذ حياة ألاف الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون والمعتقلات الإسرائيلية و الإفراج عنهم، وخاصةً المرضى وكبار السن وممن أمضوا فترات طويلة في الأسر.

ودعا الباحث في دراسته، بشكل خاص اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتوجيه مندوبيها وطواقمها الطبية، لزيارة كافة السجون والمعتقلات الإسرائيلية بصورة عاجلة، من أجل الإطلاع على الأوضاع القاسية واللا إنسانية هناك، والتي تتنافى وكافة المواثيق والأعراف والاتفاقيات الدولية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية، لإجبارها على احترام المواثيق الدولية، التي تكفل حقوق الأسرى والمعتقلين وخاصة اتفاقية جنيف.

ولفتت الدراسة، إلى أهمية أن يدرك المجتمع الدولي ودعاة السلام والديمقراطية في العالم، أن قضية الأسرى هي قضية مركزية بالنسبة لشعبنا الفلسطيني، وأنهم بوصلة الاستقرار في المنطقة و أكثر الناس توقاً للعيش بسلام، مشددةً على أنه كي يتحقق السلام ويكتب لأي إتفاق النجاح، لابد من الإفراج عنهم جميعاً دون قيد أو شرط أو تمييز.

وأشارت الدراسة، إلى ضرورة قيام كافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية المحلية، بالعمل بشكل جدي لتوثيق حالات التعذيب، ومن ثم متابعتها قانونية ورفع قضايا في المحاكم الدولية ضد الحكومة الإسرائيلية، بهدف مساندة وتعويض هؤلاء الضحايا، بما في ذلك إعادة تأهيلهم وتعويضهم مادياً ورد الاعتبار.

وأكدت أن التعويض، هو حق للمُعذبين تكفله لهم اتفاقية مناهضة التعذيب خاصة في مادتيها للـ 13 ، 14، وأن هذا الحق لا يسقط بالتقادم، كما أنه جزء من العلاج للتخلص من آثار التعذيب النفسية، إضافة إلى العمل بكل جدية لإعداد مراكز لتأهيل ومساندة ضحايا التعذيب من الأسرى المحررين اجتماعياً ومهنياً ونفسياً وتوفير الرعاية الطبية اللازمة لهم، والبحث عن مصادر عربية ودولية لتمويل هذه المشاريع.
وشدد فروانة في دراسته، على ضرورة منح جميع الأسرى المحررين، أو من أمضوا عدة سنوات، إعفاء كامل لعمل فحوصات كاملة وشاملة، وبصورة دورية مرة كل عام للتأكد من خلوهم من الأمراض، وإذا ما ظهرت بعض الأمراض فمن الواجب توفير العلاج الضروري لها، إضافةً إلى منح كل أسير محرر تعرض لمرض يحول دون قدرته على ممارسة أي عمل ما، راتب يوفر له ولعائلته لقمة العيش بحدودها الأساسية.

ودعا كافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، التعاون لعمل نصب تذكاري ضخم لشهداء الحركة الأسيرة، في أحد المواقع الهامة في فلسطين، وإعداد كتاب شامل يتضمن سيرة حياة كل واحد منهم وصورته، بعد حصرهم وتوثيق من هم غير موثقين.

فقد استشهد خلال المسيرة الطويلة للحركة الأسيرة، (181 أسيراً)، حسب ما هو موثق لدى وزارة الأسرى والمحررين، حيث كان آخر من التحق بقافلة شهداء الحركة الأسيرة، والذي حمل الرقم 181هو الشهيد جواد عادل أبو مغاصيب من دير البلح وسط قطاع غزة، والذي استشهد بتاريخ 28 -7 -2005 في معتقل "أنصار 3" العسكري الإسرائيلي في صحراء النقب نتيجة للإهمال الطبي.

كما أن هناك مئات الأسرى، استشهدوا بعد التحرر، نتيجة لتلك الممارسات وآثار السجن ومنهم فايز بدوي، وليد الغول، عبد الوهاب المصري، طلال الطحان، صالح دردونة، أحمد خضرة، شيبوب، محمود أبو مذكور، وكان آخرهم الشهيد العربي السوري الأسير المحرر هايـل حسـين أبو زيد، الذي استشهد في مستشفى رامبام بحيفا بأراضي الـ "48" بتاريخ 7-7-2005.
وهناك المئات من الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، يعانون من أمراض مزمنة وإصابات مختلفة، بانتظار الموت المحقق نتيجة لسياسة الإهمال الطبي المتبعة من قبل إدارات مصلحة السجون وإدارات المعتقلات العسكرية الإسرائيلية، كما أن هناك أيضاً آلاف المحررين يعانون من أمراض عديدة يعود سببها للسجن والتعذيب وآثارهما.

وكانت العديد من الدراسات العلمية، أثبتت أن الأعراض والأمراض المزمنة والمستعصية، والتي ظهرت وبدأت تظهر على الأسرى المحررين، لها علاقة بصورة دالة إحصائياً بتجربة السجن والتعذيب، فمنهم من ظهرت عليهم الأمراض بعد سنوات من التحرر، وما يعزز ذلك ما كشفته عضو الكنيست الإسرائيلي ورئيس لجنة العلوم البرلمانية الإسرائيلية داليا ايتسيك، قبل بضع سنوات عن وجود (1000) تجربة، لأدوية خطيرة تحت الاختبار الطبي، تجرى سنوياً على الأسرى الفلسطينيين والعرب في إسرائيل.

وقد اعتادت وزارة الصحة الإسرائيلية، إصدار ألف تصريح لشركات الأدوية الإسرائيلية الكبرى، لإجراء تجاربها على الأسرى الفلسطينيين في إسرائيل ، كما كشفت (أمي لفتات) رئيس شعبة الأدوية في وزارة الصحة الإسرائيلية أمام الكنيست في ذات الجلسة، أن هناك زيادة سنوية قدرها 15% في حجم التصريحات، التي تمنحها وزارتها لإجراء المزيد من تجارب الأدوية الخطيرة على الفلسطينيين و العرب في السجون الإسرائيلية كل عام.

وعزت الدراسة، استشهاد (181 أسيرا) منذ العام 1967م وحتى يومنا هذا، حسب سبب استشهادهم إلى ثلاثة أسباب رئيسية: التعذيب، والإهمال الطبي، والقتل العمد بعد الاعتقال، كما أن هناك بعض الحالات، قتلت برصاص حراس المعتقل المدججين بالسلاح.

فقد استشهد نتيجة التعذيب (70 أسيراً)، كان أولهم الشهيد يوسف الجبالي، الذي استشهد بداية عام 1968م في سجن نابلس، والشهداء يونس أبو سبيتان، عون العرعير، محمد الخواجا، إبراهيم الراعي، خضر الترزي، مصطفى عكاوي، عطية الزعانين، خالد الشيخ علي، عبد الصمد حريزات . . إلخ.
يذكر أن إسرائيل، هي الدولة الوحيدة في العالم، التي شرعت التعذيب قانوناً في سجونها، وبات نهجاً أساسياً في معاملتها للمعتقلين عموماً، حيث تعتبر توصيات لجنة "لنداو" عام 1987، والتي أقرتها الكنيست هي أول من وضع الأساس لقانون فعلي يسمح بتعذيب الأسرى، وشكل حماية لرجال المخابرات.
وبعد الضجة الإعلامية، التي أثيرت حول قتل المعتقل عبد الصمد حريزات، في 25-4-1995 في أروقة مركز تحقيق "المسكوبية" بمدينة القدس، نتيجة الهز العنيف، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، عدة قرارات خلال العام 1996 سمحت بموجبها لمحققي أجهزة الأمن الإسرائيلية، باستخدام الضغط الجسدي المعتدل.

وقضت المحكمة، بأنه إذا كان المحقق على يقين بأن المعتقل يخفي معلومات خطيرة من شأن الكشف عنها حماية أمن الدولة، والتي درجت الأجهزة الأمنية والقضائية على تسميتها بالقنبلة الموقوتة، فمن حق المحقق أن يستخدم الضغط الجسدي المعزز، وأسلوب الهز العنيف ضد المعتقلين أثناء استجوابهم، شريطة أن يحصل المحقق على إذن من مسؤوليه، وصولاً إلى رئيس "الشاباك" إذا اضطر إلى استخدام العنف الشديد الأكثر من معتدل.

وبعد جهود بذلت من مؤسسات حقوقية وإنسانية أصدرت المحكمة العليا "الإسرائيلية" في التاسع من أيلول- سبتمبر عام 1999 م، قراراً منعت بموجبه استخدام الوسائل البدنية ضد المعتقلين، ولكن لم تتم ترجمة هذا القرار بشكل فعلي ولم يؤدِ إلى إلغاء التعذيب أو الحد منه.

واستخدمت الحكومة الإسرائيلية، في هذا الصدد قرابة 80 شكلاً للتعذيب، جسدياً ونفسياً مثل الشبح والهز العنيف والضرب و الحشر داخل ثلاجة والحرق بالسجائر والحرمان من النوم والتحرش الجنسي والعزل الانفرادي.

إلخ، ولم تقتصر ممارسة التعذيب على الشبان، أو على رجال المقاومة، بل مورس ضد الأطفال والشيوخ والنساء، وحتى ضد أقارب وأصدقاء وجيران الأسرى.

وكانت صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" الصادرة باللغة العبرية، كشفت في تقرير لها صدر حديثاً، بأن المحققين الإسرائيليين يستمتعون بتعذيب الأسرى، وأن كل فلسطيني أصبح عدواً، وأن أسباب هذه التصرفات اللاإنسانية مع الأسرى هو شعور المحقق والجندي، أنه لن يحاسب على أفعاله وأنه سيحظى بإسناد من رفاقه وقادته، ولم يسبق وأن قدم أي مسؤول إسرائيلي للمحاكمة والمسائلة عن جرائم حرب ارتكبت في أقبية التحقيق والسجون، لأن القانون الإسرائيلي أعطى الحماية للمحققين ولم يسمح بملاحقتهم.

وأكد التقرير أيضاً على أن حياة الأسير الفلسطيني، هبطت عند المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية إلى أدنى حد ووصل الأمر، أن بعض الجنود قالوا إن ما يقومون به من سياسة إذلال وعمليات قمع وحشية بحق الأسرى، ما هو إلا مجرد تسلية ومتعة.

ولم تكتفِ الحكومة الإسرائيلية بتشريعها للتعذيب، بل تصدرت الدول المنتجة والمصدرة لأدوات التعذيب، حيث جاء في تقرير نشرته منظمة العفو الدولية تحت عنوان " تجار الألم " أن دولة " إسرائيل "، هي أكثر الدول من حيث إنتاجها لوسائل تعذيب مختلفة واستخدامها والاتجار بها مثل القيود، السلاسل، الأصفاد وكراسي التكبيل ومواد كيماوية تسبب الشلل مثل غاز الأعصاب، الغاز المسيل للدموع والسموم المخدرة، أجهزة الصعق الكهربائي.

يذكر أن إسرائيل، تتصدر قائمة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان والقوانين الدولية، وتتجاهل كل الحقوق المدنية للمواطنين العزل، ولم تفرق في معاملتها ما بين مقاوم مسلح أو مواطن عادي، أو ما بين شيخ وامرأة أو شاب وطفل.

فقد حرمت الأسرى والمعتقلين العزل، من أبسط حقوقهم الإنسانية، وفق ما نصت عليها كل الأعراف والمواثيق الدولية، وجعلتهم يعيشون في ظروف قاسية لا تليق بالحياة الآدمية وغرف وخيام مكتظة، ومارست ضدهم التعذيب المميت الممنهج، والذي منح الغطاء القانوني.


اضغط هنا لقراءة النص الكامل للدراسة

التعليقات