في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب: المؤسسة القضائية والأمنية والطبية للاحتلال تشارك في التعذيب

الاحتلال يمارس التعذيب ضد الأسرى في السجون كسياسة ممنهجة ومدروسة وبتصريح من الجهاز القضائي الذي يعطى الضوء الأخضر للمحققين لاستخدام أساليب التعذيب المحرمة ضد الأسرى لانتزاع المعلومات، وليس سلوكا فرديا

في اليوم العالمي لمناهضة التعذيب: المؤسسة القضائية والأمنية والطبية للاحتلال تشارك في التعذيب

اعتبر "مركز أسرى فلسطين للدراسات" أن استخدام التغذية القسرية ضد الأسرى المضربين هو أسلوب من أساليب التعذيب كما أكدت العديد من المنظمات الحقوقية والطبية، وأنه مخالف لأبسط قواعد حقوق الإنسان، ويشكل خطورة على حياة الأسرى في حال استخدامه، وأن الاحتلال كان يريد شرعنة هذا الأسلوب عبر إقراره قانونيا في الكنيست، ويضاف إلى قائمة طويلة من أساليب التعذيب التي ينتهجها الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين.

وقال المركز إن الاحتلال يمارس التعذيب ضد الأسرى في السجون كسياسة ممنهجة ومدروسة وبتصريح من الجهاز القضائي الذي يعطى الضوء الأخضر للمحققين لاستخدام أساليب التعذيب المحرمة ضد الأسرى لانتزاع المعلومات، وليس سلوكا فرديا.

وأوضح المدير الإعلامي للمركز الباحث رياض الأشقر، في تقرير، وصل عــ48ـرب، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب الذي يصادف السادس والعشرين من يونيو من كل عام، أن دولة الاحتلال تشرع التعذيب باسم القانون، حيث يسمح الاحتلال لمجرمي الشاباك بممارسه التعذيب ضد الأسرى، دون احترام لآدمية الإنسان، ووفرت لهم غطاء من المحاكم الإسرائيلية، حتى لا تتم ملاحقتهم قضائياً في حال رفعت دعاوى ضدهم أمام تلك المحاكم، معتبرا ذلك دعوة صريحة للتمادي في استخدام أساليب التعذيب المحرمة دولياً ضد الأسرى الفلسطينيين في سجونه، حيث كان قد استشهد ( 71 ) أسيرا تحت التعذيب كان أخرهم الأسير عرفات جرادات من الخليل.

الشهيد جرادات

وأشار المركز إلى التقرير الذي أعدته الدكتورة التركية " شبنم كورور"، وهي أخصائية عالمية في التشريح القضائي، أكدت فيه بان "أن الكدمات التي ظهرت على جسد الأسير الشهيد عرفات جرادات لم تنجم عن عملية محاولة إحيائه -كما زعمت سلطات الاحتلال- بل هي نتيجة لتعرضه للضرب بواسطة جسم صلب، وأن هناك علاقة سببية بين هذه الكدمات وبين الصعوبة في التنفس التي تسببت بوفاته". وهذا يؤكد استشهاد الأسير جرادات نتيجة استخدام أساليب التعذيب القاسية بحقه.

وأضاف المركز أن الاحتلال يستخدم أكثر من 80 أسلوبا للتحقيق والتعذيب الجسدي والنفسي، وهذه الوسائل العنيفة أدت إلى استشهاد (71) أسيراً في سجون الاحتلال، من أصل (205) هم شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967، بحيث نادراً ما لا يتعرض معتقل فلسطيني لأحد أشكال التعذيب، وغالباً يتعرض المعتقل لأكثر من أسلوب من أساليب التعذيب، حيث أكدت الإحصائيات أن 98% من الأسرى الذين تعتقلهم سلطات الاحتلال تعرضوا للتعذيب في أقبية التحقيق التابعة لأجهزة الأمن الإسرائيلية ومراكز الاعتقال المختلفة.

مشاركة الأطباء

وكشف الأشقر أن التعذيب في سجون الاحتلال لم يقتصر على السجان أو المحقق بل امتد ليشمل من يسمى نفسه بالطبيب أو الممرض الذي أساس مهنته إنسانية بحته، حيث شارك الأطباء خلال الأسابيع الأخيرة التي شهدت إضراب الأسرى الإداريين في الضغط على الأسرى المضربين، ومساومتهم على وقف الإضراب مقابل تقديم العلاج اللازم لهم، وكانت جمعية "أطباء من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيلية قد كشفت عن قيام الأطباء في السجون بممارسه التعذيب ضد الأسرى وحرمانهم من العلاج لإجبارهم على الاعتراف، وكذلك تعمد تجاهل الأمراض التي يعاني منها الأسرى حين الكشف الأولي فور وصولهم إلى السجون، ويكتبون تقريراً مزوراً بان الأسير بصحة جيدة ولا يعاني من أي مرض، وهذا يشكل تصريحاً طبياً بمواصلة تعذيبه، حيث يدفع بالمحققين لممارسه ضغط بدني ونفسي أكبر على الأسير، مما يجعلهم متواطئين في تعذيب الأسرى.

آثار بعيدة

وبين الأشقر أن التعذيب يبدأ منذ لحظة الاعتقال التي تتم في وسط جو من الإرهاب وإطلاق النار، ثم تقييد الأسير ووضع رباط على عينيه، وإلقاءه في الجيب العسكري والاعتداء عليه بالضرب والتهديد والشتم، وحين وصوله إلى أحد مراكز التحقيق والتوقيف، يتعرض الأسير إلى أشد أنواع التعذيب والإهانة لانتزاع اعترافات منه بالقوة.

وآثار التعذيب لا تقتصر على فترة التحقيق والاعتقال فقط بل تمتد لما بعد الاعتقال، نتيجة لإصابات عدد من الأسرى بعاهات دائمة نتيجة تعرضهم للتعذيب المستمر، وهذا ما حدث مع الأسير لؤي الأشقر من طولكرم الذي أصيب بالشلل جراء قيام محققي مركز توقيف الجلمة بكسر إحدى فقرات العمود الفقري له نتيجة الضرب الشديد، وأصبح يستخدم الكرسي المتحرك للتنقل والحركة، ناهيك عن المعاناة النفسية طويلة المدى التي يتركها السجن على نفوس هؤلاء الأسرى بعد تحررهم من الأسر، والأمراض التي لازمتهم نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، حيث استشهد عشرات الأسرى المحررين، بعد إطلاق سراحهم بشهور قليلة نتيجة المعاناة والأمراض التي أصيبوا بها داخل السجون، وكان آخرهم الشهيد زهير لبادة الذي عانى من الفشل الكلوي ورفض الاحتلال علاجه، حتى وصل إلى مرحلة خطيرة جداً، فقام الاحتلال بإطلاق سراحه واستشهد بعدها بثلاثة شهور فقط، وسبقه الأسير زكريا عيسى الذي عانى من مرض السرطان.

ضد القانون

وقال المركز إن استصدار مثل هذه التشريعات من المحاكم تتناقض تماماً مع مبادئ حقوق الإنسان وما ورد في اتفاقية جنيف الرابعة وملحقاتها، حيث ّحرمت القوانين الدولية التعذيب بشكل قاطع، ولم تسمح بأي مبرر لحدوثه، وأفردت اتفاقية خاصة بمناهضة التعذيب، إضافة إلى العديد من المواد والمبادئ التي تضمنتها معاهدات واتفاقيات دولية أخرى. منها على سبيل المثال، المادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على: "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب، ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة…". إضافة إلى المبدأ السادس من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، والذي ينص على أنّه: "لا يجوز إخضاع أي شخص يتعرض لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة، ولا يجوز الاحتجاج بأي ظرف كان كمبرر للتعذيب.

ودعا مركز أسرى فلسطين إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للكشف عن جرائم الاحتلال بحق الأسرى والوقوف على كافة أشكال التعذيب التي يتعرض لها الأسرى، وأن يضمن المجتمع الدولي وصول تلك اللجنة إلى سجون الاحتلال والاتقاء بالأسرى للاستماع منهم شخصياً، حتى لا يتكرر من منع الاحتلال للجنة التحقيق الأوروبية من الوصول للسجون.

التعليقات