الأسرى بسجون الاحتلال: شهادات قاسية لقاصرين وظروف لا إنسانية

تُواصلُ قوات الاحتلال تصعيد جرائمها بحق المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، ولا سيّما الأطفال منهم، ولا تكتفي باعتقالهم وحرمانهم من حريتهم، إنما تقوم بالاعتداء عليهم وضربهم بوحشية منذ لحظات الاعتقال الأولى وصولا لمراكز التوقيف الإسرائيلية، لتبدأ هناك جولة جديدة من التنكيل والمعاملة

الأسرى بسجون الاحتلال: شهادات قاسية لقاصرين وظروف لا إنسانية

وقفة تضامُن في غزة مع الأسرى (أ ب أ)

تُواصلُ قوات الاحتلال تصعيد جرائمها بحق المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، ولا سيّما الأطفال منهم، ولا تكتفي باعتقالهم وحرمانهم من حريتهم، إنما تقوم بالاعتداء عليهم وضربهم بوحشية منذ لحظات الاعتقال الأولى وصولا لمراكز التوقيف الإسرائيلية، لتبدأ هناك جولة جديدة من التنكيل والمعاملة المهينة، وفقًا لما أكّدته هيئة شؤون الأسرى والمحررين.

وأصدرت الهيئة، اليوم الإثنين، تقريرًا شمل عدة شهادات أدلى بها شبان وفتية فلسطينيون تم اعتقالهم مؤخرا وزجهم في معتقل "مجدو"، ومن بين الذين تعرضوا للضرب والإهانة بشكل مُتَعمَّد وجنوني، القاصر إبراهيم فروخ (17 عاما) من بلدة العيسوية بالقدس، والذي تم اعتقاله من وسط بلدته بعد أن لاحقه جيب عسكري هو وصديقه أحمد درباس، حيث تعمد جنود الاحتلال الاقتراب بالجيب العسكري نحو الفتى فروخ لإلصاقه بالحائط والضغط على جسده، وفي ما بعد هاجمه عدد من الجنود وانهالوا عليه بالضرب الشديد بأيديهم وأرجلهم وبالخوذ العسكرية التي يلبسونها على مختلف أنحاء جسده، ومن ثم قاموا بجره وزجه بالجيب العسكري، ونُقل بعدها إلى مركز شرطة بريد القدس للتحقيق معه قبل أن يتم نقله إلى قسم الأسرى الأشبال في "مجدو".

وتعرض الأسير القاصر محمد سالم ديب (17 عاما) من مخيم جباليا شمال شرقي مدينة غزة، لمعاملة قاسية أثناء اعتقاله، بعد إطلاق جنود الاحتلال الرصاص عليه وإصابته بعدة أماكن في جسده، ورغم سوء وضعه الصحي إلا أنه لم يسلم من الخضوع للتحقيق عدة مرات في مركز توقيف "عسقلان"، ومكث داخل الزنازين 15 يوما، قبل نقله إلى معتقل "مجدو".

ونكّل جيش الاحتلال بالأسير الطفل وسيم أبو جزر (15 عاما) من مدينة رفح أثناء اعتقاله بالقرب من حاجز "إيرز"، بعد أن أجبره جنود الاحتلال على خلع ملابسه، وعلى الفور قاموا بتعصيب عينيه وتقييد يديه ونقله إلى مركز توقيف "عسقلان" للتحقيق معه، وخلال استجوابه لم يسلم الفتى من التهديد والإهانة والصراخ والشتم والبصق في وجهه لإجباره على الاعتراف بالتهم الموجه ضده.

واعتدى جنود الاحتلال بالضرب المبرح على المعتقلين محمد شاور (20 عاما) من بلدة بيت ريما برام الله، ومحمود الملاح (27 عاما) من بلدة قلنديا شمال مدينة القدس، اللذان يقبعان حاليا في معتقل "عوفر".

استغلال حق الأسرى في العلاج للتنكيل بهم

وتستخدمُ إدارة معتقلات الاحتلال، حق الأسرى في العلاج، كأداة لفرض مزيد من الإجراءات التنكيلية بحقهم، حيث تنتهج سلسلة من الإجراءات لتنفيذ ذلك، أبرزها عمليات المُمَاطلة في إجراء الفحوص الطبية، والعمليات الجراحية، وتقديم أدوية لا تناسب الحالة الصحية للأسير.

وفي التقرير الذي أصدره نادي الأسير اليوم الإثنين، بيّن أن المئات من الأسرى ينتظرون منذ سنوات أن تُقَدَّم لهم العلاجات المناسبة، جزء منهم استشهد بعد استفحال المرض ووصوله إلى مراحل متقدمة، حتى أصبح تقديم العلاج خطوة متأخرة.

ولم تتردد سلطات الاحتلال بدفع ذوي الأسرى تحمُّل تكاليف علاج أبنائهم في معتقلات الاحتلال، رغم أن القانون يفرض عليها بتوفير العلاج الكامل لهم. ويُضاف إلى ذلك رحلة العذاب التي ترافقهم جراء نقلهم عبر عربة "البوسطة"، فعدد كبير من الأسرى المرضى يمتنعون عن الذهاب للعلاج بسبب عملية النقل القاسية، والتي تستغرق في بعض الأحيان أياما، وتكون في أغلب نتائجها هي عودة الأسير إلى حيث كان دون أن يُحقق هدف نقله وهو العلاج، عدا عن بعض الاعتداءات التي تنفذها قوات الاحتلال أثناء عملية نقلهم.

ووصل عدد الأسرى المرضى، وفقا لعمليات التوثيق، إلى أكثر من (700) أسير، منهم (16) أسيرا يقبعون في معتقل "الرملة"، وجزء كبير من المرضى هم من الجرحى تحديدا ممن أُصيبوا خلال الهبة الشعبية عام 2015.

وقام محامو نادي الأسير خلال شهر أيلول الجاري، بعدة زيارات لمجموعة من الأسرى في معتقل "الرملة" ومعتقل "إيشل"، ووثّقوا بعض الحالات التي تمت زيارتها.

وذكر المحامون أن الأسير صالح عمر صالح، من نابلس، هو أحد الأسرى الجرحى حيث اعتقل بتاريخ 26 نيسان 2017، بعد إطلاق النار عليه على حاجز حوارة العسكري، الأمر الذي أدى إلى إصابته بالشلل، وهو اليوم يتنقل بمساعدة كرسي متحرك، وينتظر أن تُجرى له عملية جراحية في ظهره، كما ويعاني منذ نحو شهرين من التهابات حادة أدت إلى ارتفاع في درجة الحرارة، وما يزال يعاني حتى اليوم من مضاعفات إثر ذلك.

ويُعاني الأسير أشرف أبو الهدى، من نابلس، من آلام حادة في الظهر والقدمين، حيث تعرض لإصابة أثناء عملية اعتقاله، سببت له أضرارا كبيرة في منطقة الحوض والعمود الفقري والعصب، وهو يعتمد على عكاز للحركة.

وتُعدُّ حالة الأسير سامي أبو دياك من جنين، من أصعب الحالات المرضية في معتقل "الرملة" فهو يعاني من مرض السرطان، فمنذ اعتقاله عام 2002 تعرض الأسير لإهمال طبي واضح، وخضع لأربع عمليات جراحية على الأقل منذ عام 2015. علما أن الأسير محكوم بالسجن لثلاثة مؤبدات و(30 عاما).

وأوضح المُحامون أن الأسير إياد حريبات من الخليل، مصاب منذ العام 2014 بمرض عصبي يسبب له رعشة مستمرة في جسده، وقد تدهور وضعه الصحي وأصبح مضطرا لاستخدام الكرسي المتحرك في التنقل، فالأسير لا يستطيع القيام بأموره اليومية بنفسه، وهو بحاجة إلى مساعدة الأسرى بكل شيء، كما ويعاني من ضعف بيديه ولم يعد قادرا على حمل أي ثقل بهما، علما أن الأسير حريبات محكوم بالسجن لـ(20 عاما).

ويحتاجُ الأسير محمد أبو حويلة من جنين، إلى علاج مُكثّف، بسبب إصابة بالغة في قدمه اليسرى، تعرّض لها في تاريخ السادس والعشرين من حزيران العام الحالي، أثناء اعتقاله، بعد أن أطلقت قوات الاحتلال النار عليه.

ويُعاني الأسير مراد أبو معيلق من غزة، من التهابات حادة في الأمعاء، أصيب بها بعد إضراب الأسرى عام 2004، أسفرت عن خضوعه لثماني عمليات استئصال وتنظيف للأمعاء، وكان الأطباء قد أخبروا أبو معيلق بأنه لا يوجد علاج له، سوى مسلسل الاستئصال من الأمعاء، علما أن الأسير محكوم بالسجن (22 عاما)، وهو معتقل منذ عام 2001، ويقبع في سجن "ايشل".

وتسببت مشاكل في دقات وعضلات القلب، المعاناة الكبيرة للأسير زامل أبو شلّوف من غزة، الذي تعرَّض خلال السنوات الماضية، لعدة أزمات صحية، أثرت على دمه، وإصابته بدوخة مستمرة، وما فاقم من ذلك تعرضه لخطأ طبي أصاب مركز الأعصاب، الأمر الذي أدى إلى إصابته بنوبات شلل وحالات إغماء، علما أنه محكوم بالسجن لـ(15 عاما)، وهو معتقل منذ عام 2008.

أما الأسير راغب عليوة من نابلس، فيعاني من مشاكل في القلب قبل اعتقاله عام 2015، وبعد اعتقاله أصبح يعاني من التهابات في الكلى، وفي آخر زيارة للأسير اشتكى من تعمد إدارة المعتقل إهمال وضعه الصحي، إضافة إلى المعاملة السيئة التي يتلقاها أثناء نقله إلى المستشفى، التي نُقل إليها وعاد دون أن يقدموا له العلاج، يُشار إلى أن الأسير محكوم بالسجن المؤبد لمرتين و(30 عاما).

التضييق على الأسرى حتى في التفتيشات اليومية وإهمال أوضاعهم الصحية

ولم يسلم الأسرى من الاحتلال حتّى في النشاطات اليومية، إذ كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عن سوء الأوضاع الاعتقالية لأسرى معتقل "نفحة"، خاصة التفتيشات اليومية لأقسامهم، التي يتخللها عبث وتخريب بمقتنيات الأسرى.

وأشارت الهيئة في تقريرها، إلى حالتين مرضيتين بحاجة إلى تدخل طبي عاجل، وهما حالة الأسير حسام زعانين (33 عاما) من غزة، الذي يعاني من إصابةٍ منذ اعتقاله عام 2013، حيث أُصيب بعدة مناطق في جسده، كما أنه يشتكي من ظفرٍ في العين ومن كتل دهنية، وهو بحاجة ماسة لإجراء عملية لعصب يده اليمنى بأسرع وقت ممكن.

وأكدت أن الأسير خالد أبو عمشة (60 عاما) من بلدة بيت حانون في غزة، يشتكي من ضعف في عضلة القلب منذ 6 أعوام، وفي كثير من الأحيان يُصاب بضيق في التنفس ويشتكي من أوجاع في المعدة، كما أنه يعاني من انزلاق غضروفي في الفقرة الرابعة والخامسة، تُسبب له أوجاعا جسيمة، ورغم مشاكله الصحية تكتفي إدارة معتقل "نفحة" بإعطائه مسكنات للأوجاع دون تقديم علاج حقيقي لحالته الصحية، أو تشخيص ما يُعانيه بشكل صحيح.

وطالبت هيئة شؤون الأسرى في تقريرها، المجتمع الدولي بوضع حدٍ لهذا الكم الهائل من الانتهاكات بحق الأسرى، خاصة المرضى منهم.

 

التعليقات