"رُزنامة الحُريّة": فلسطيني يعدُ الأيام المتبقية لعناق إبنه الأسير

حوّل الفلسطيني سميح قعدان (77 عاما)، لوحة كبيرة بيضاء، إلى جدول زمني (رُزنامة) تحمل عدد أيام سنة كاملة بانتظار حرية نجله عبد الرؤوف. 

فلسطيني يعدُ الأيام المتبقية لعناق إبنه الأسير (الأناضول)

حوّل الفلسطيني سميح قعدان (77 عاما)، لوحة كبيرة بيضاء، إلى جدول زمني (رُزنامة) تحمل عدد أيام سنة كاملة بانتظار حرية نجله عبد الرؤوف.

وتبدأ رزنامة المسن قعدان بالترتيب التنازلي من الرقم 365، انتهاء بـ"واحد"، وهو رقم الفرح بالنسبة للرجل المسن، عندما ينعم نجله بالحرية من داخل السجون الإسرائيلية.

فمنذ دخول عبد الرؤوف، الذي يبلغ من العمر الآن (42 عاما)، عامه الأخير من الاعتقال، بعد نحو 17 عاما في سجون إسرائيل، بدأ قعدان بعدّ الأيام وهو على أحرّ من الجمر بانتظار اليوم المنشود لحرية نجله.

وبذلك يخوض الفلسطيني قعدان، من مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، معركة استثنائية من الانتظار، مع الشهور والأيام الأخيرة، التي تبشّره باقتراب موعد تحرر نجله.

وفي مقابلة لقعدان مع وكالة الأناضول، قال: "أنتظر الأيام بترقب وشوق ولوعة، وأتخيل اللحظة التي سأعانق فيها عبد الرؤوف (..) لحظة وصوله إلى غزة، بعد أن قضى زهرة شبابه في معتقلات الظلم والحرمان".

وفي صبيحة كل يوم، يمسك قعدان بقلم أحمر اللون، ويضع علامة على الرقم الذي يمثّله هذا اليوم، والآن لم يتبقّ في رزنامة الحرية الخاصة بنجله إلا 118 يوما لم تزين باللون الأحمر أي أقل من أربعة أشهر.

وأوضح قعدان، أن "فكرة رزنامة الحرية راودته في العام الأخير من سنوات أسر نجله"، وأضاف أن"كل يوم يمر أشطبه من الرزنامة، حتّى تنتهي هذه الأيام المُرة، ويحين وقت الحرية والعناق".

وصف قعدان شعوره بـ"ثقل الأيام المتبقية، وطول فترتها الزمنية"، واصفا اليوم الواحد منها كأنه "عقد من الزمن". واستطرد قائلا "كأن الأيام المتبقية لا تريد أن تمضي، أحصي الأيام في الرزنامة كما الغريق الذي يتعلق بقشة!"

وإلى جانب هذه الرزنامة، التي علقها قعدان على جدران غرفته، ألصق صورا لنجله الأسير حصل عليها من معتقلين سابقين حملوها إليه عندما أفرج عنهم من داخل السجون الإسرائيلية.

وعلى مدار ما يزيد عن عقد ونصف، لم يفقد قعدان الأمل يوما بلقاء نجله عبد الرؤوف، وهو على يقين أن "الحرية آتية".

وقال بصوته الخافت المتعب "عشت أيامي وأنا أدعو الله أن أعيش عمرا أطول كي أرى فرحة تحرر عبد الرؤوف (..)، لم أعد أحتمل فشوقي ولهفتي ليوم اللقاء كبيرة".

وذكر أن والدة عبد الرؤوف هي الأخرى، قبل وفاتها، كانت تنتظر يوم الحرية، إلا أن الاحتلال حرمها من ذلك، وتوفيت قبل أن يفرح قلبها برؤيته.

وفي عام 2018، توفيّت والدة عبدالرؤوف، بعد أن نال منها "القهر على فلذة كبدها، والشوق إليه"، كما يقول قعدان.

وتابع: "كانت والدته تعذب في ظل غيابه، وتشتاق لرؤيته، خاصة وأنها لم تكن تراه إلا في أوقات الزيارة القصيرة جدا، كل شهرين أو أكثر".

عبد الرؤوف ليس الابن الوحيد لقعدان، فهو واحد من ستة أبناء، لكنّه يعيش الظروف الأصعب، والبُعد القسريّ الأقسى.

وفي 7 تشرين ثاني لعام 2004، اعتقل الجيش الإسرائيلي قعدان من وسط قطاع غزة.

وأصدرت المحكمة الإسرائيلية آنذاك حكما على عبد الرؤوف بالسجن لمدة 27 عاما، قبل أن يتم تخفيض الحكم إلى 17 بعد جهود بذلها محام فلسطيني في هذا الإطار.

ووجّهت المحكمة الإسرائيلية لعبد الرؤوف، عدة تهم، منها "الانتماء لحركة فتح، والدخول في نشاط مقاوم ضد الجيش الإسرائيلي"، بحسب ما يقول والده.

ومن المقرر أن ينتهي الحكم بالسجن الصادر بحق عبدالرؤوف، الموجود حاليا في معتقل "نفحة" الصحراوي، جنوبي إسرائيل، في نوفمبر/ تشرين ثاني لعام 2020.

وقال قعدان، إن نجله عبد الرؤوف "اعتقل وهو في بداية العشرينات من عمره، وبعد نحو 4 شهور يخرج من السجن وهو في مطلع الأربعينات".

واعتقلت إسرائيل، بحسب بيانات فلسطينية، نحو مليون فلسطيني، منذ 1967، وهو عام احتلالها الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويبلغ عدد الفلسطينيين القابعين داخل السجون الإسرائيلية حاليا نحو 4700 معتقل، بينهم نحو 700 معتقل مريض و41 سيدة.

التعليقات