25/05/2017 - 12:02

"داعش" يغادر مخيم اليرموك إلى الرقة في صفقة غامضة

افتتح عناصر الدولة الاسلامية "داعش"، ما يشبه السوق في شارع العروبة بمخيم اليرموك المحاصر جنوب العاصمة السورية دمشق، حيث جلبوا كل مقتنياتهم وأعلنوا عن رغبتهم ببيعها بأسعار بخسة، كالأثاث والملابس والهواتف النقالة وغيرها، إذ يرغب عناصر التنظ

افتتح عناصر الدولة الاسلامية "داعش"، ما يشبه السوق في شارع العروبة بمخيم اليرموك المحاصر جنوب العاصمة السورية دمشق، حيث جلبوا كل مقتنياتهم وأعلنوا عن رغبتهم ببيعها بأسعار بخسة، كالأثاث والملابس والهواتف النقالة وغيرها، إذ يرغب عناصر التنظيم الذي يسيطر على المخيم ومنطقة الحجر الأسود وأجزاءً من حي القدم، بالتخلص منها قبل مغادرة المنطقة باتجاه الرقة في شمال البلاد، وفق الأنباء التي لا تزال غير مؤكدة حتى الساعة.

ليست هذه المرة الأولى التي تكثًر فيها الأنباء عن قرب خروج التنظيم المتطرف من جنوب العاصمة السورية، إلا أنها المرة الأولى التي يتصرف فيها عناصر التنظيم بجدية، والتي توحي بأن المفاوضات التي لم يعلن عنها بين التنظيم والنظام السوري، تسير باتجاه الاتفاق، حيث وزع يوم السبت الماضي منشورات قال فيها إنه مستعد لنقل من يود من المدنيين معه باتجاه الرقة، أو ما سماها "أرض المسلمين" وحدد ثلاث نقاط يستقبل فيها الراغبين بالخروج، داخل المخيم وخارجه.

حتى يوم الأحد الماضي، لم يكن النظام السوري قد ذكر أي شيء عن الاتفاق، لتقول قناة "سما" الموالية للنظام السوري من دمشق في خبر لها، إن التنظيم سيغادر اليرموك، وسينتشر "الجيش السوري مع القوات الرديفة في المخيم، بعد تفكيك الألغام، وذلك تمهيداً لعودة سكان المخيم إليه".

 عززت القناة في خبرها من التفاؤل في أوساط مهجري المخيم المنتشرين في دمشق ومناطق الجوار، من قرب العودة الى منازلهم التي أحرق التنيظم بعضها خلال مواجهاته مع هيئة فتح الشام "النصرة سابقاً".

المشهد المعقد

لا يتواجد التنظيم وحده في المخيم اليوم، فهو وإن كان يسيطر على أكثر من 90% منه، إلا أن قوى أخرى لا تزال موجودة في مخيم اللاجئين الفلسطينيين، الذي لم يعد فيه من عدد سكانه السابق الذي كان يصل إلى 450 ألف فلسطيني وسوري، إلا ما يزيد عن ألفي شخص بقليل، من كبار السن ومعدمي الحال والأطفال.

تنتشر جبهة فتح الشام التي كانت حتى الأمس القريب، التي تسمي نفسها "جبهة النصرة لأهل الشام"، في مساحة ضيقة في اليرموك، وهي ساحة الريجة ومحيطها، حيث يستعد فيها أقل من 100 عنصر من الهيئة، للمغادرة باتجاه إدلب، في توقيت لم يكشف عنه بعد، وذلك بعد أن خرج فعلاً عدد منهم باتجاه المدينة التي تسيطر عليها "فتح الشام"، قبل اسابيع قليلة.

في غرب المخيم ايضاَ، لا يزال فلسطينيون لا يتجاوز عددهم اصابع اليد، ينتشرون في محيط البلدية، والذين يعرفون محلياً باسم "الكراعين"، وهم وإن كانوا في هدنة مع تنيظم الدولة، فهم لا يزالون يكنون العداء ليس للنظام فقط، بل أيضاَ لميليشبات فلسطينية تقاتل معه مداخل المخيم.

في بلدا المجاورة، والتي نزح إليها سكان اليرموك إبان اجتياح تنظيم الدولة للمخيم في نيسان/ أبريل 2015، لا يزال فصيل أكناف بيت المقدس، أو من بقي منه، ينتظرون الفرصة للعودة للمخيم والانتشار فيه، فيما يراقب جيش الإسلام الذي يشتبك مع التنظيم أسبوعيًّا، المشهد بترقب كبير، ويمتنع عن التصريح.

وتنتشر في بلدا، كتائب أخرى، منها "شام رسول"، والتي لم تعد تخوض أي اشتباكات مع أيّ جهة كانت، إذ تنتظر بدورها المشهد الذي قد يتغير جذريًّا في المخيم، خلال أيام أو ساعات مقبلة.

هل تًخلق ضاحية دمشق؟

ورجح الصحافي الميداني مطر اسماعيل في حديثه لعرب 48، أنّ التطورات المحتلمة في مخيم اليرموك تشمل مناطق جواره ، أي بدات بيت سحم وببيلا ويلدا.

 وقال إسماعيل،  "سيظهر إلى العلن صراع الاتفاقيات، فمن المفترض أن تكون هذه المناطق مشمولة باتفاق "المدن الأربع"، أي أنها تخضع لحالة من تجميد الوضع لمدة 9 أشهر، وهذه المدة كفيلة بإبعاد شبح أي تهجير أو أيّ عمل عسكري عن المنطقة، وقد تتغيّر الظروف الدولية باتجاه حل سياسي حقيقي يشمل الأراضي السورية كافّة، ولكن في حال تملّص النظام من الاتفاق، فإنه بالتأكيد سيسعى لإرضاخ المنطقة للتوقيع على اتفاق "مصالحة"، شبيه بما حصل في قدسيا والهامة وغيرها، ما يعني إخلاء البلدات الثلاث، وحي القدم، من أي تواجد ثوري معارض، خاصّة في ظل انحسار احتمال قيام عملية عسكرية في هذه البلدات، الأمر الذي سيعيد جنوب دمشق كاملاً بشكل أو بآخر إلى سيطرة نظام الأسد".

وعن المشهد الأمني والعسكري في كل دمشق، قال إسماعيل، إن الاتفاقات والتسويات التي تشهدها العاصمة ستفتح الباب على ما يسميه الحلم الإيراني، وأضاف، "ما يحدث يفتح المجال الواسع لتنفيذ المخططات التي تحلم إيران بها منذ سنوات، والمتعلّقة بإنشاء "ضاحية دمشق الجنوبية" الشبيهة للضاحية الجنوبية في بيروت، وتشييع المنطقة وتهجير سكانها بالوسائل الناعمة".

الاسئلة المفتوحة

بالنسبة للناشط الفلسطيني المقيم في يلدا، حمادة حميد، فإن خروج "داعش" المحتمل من اليرموك لن يعني نهاية الصراع.

 وقال حميد لعرب 48 "منذ سنوات ونحن نتوقع صراعاً مستمراً بين فصائل فلسطينية معارضة وأخرى موالية في المخيم، توقفت المواجهة بفعل سيطرة داعش في اليرموك، أما اليوم وفي حال خروج التنظيم من المخيم، فإن الظروف لعودة الصراع بين من هم خارج المخيم ومن هم داخله قائمة".

وأضاف حميد، إن التفاؤل كبير بين المهجرين من المخيم بقرب العودة إليه، مع أن الجهة التي من الممكن أن تنتشر عسكرياً فيه لا تزال غير واضحة، إذ لم تشهد أي مفاوضات مناطقية في سوريا، تعتمياً، يشبه هذا الذي يحيط بخروج تنظيم داعش من جنوب دمشق، والذي إن تم بالفعل، فسيكون ثمرة أول مفاوضات مباشرة بين النظام والتنظيم، وسيفتح الباب أمام أسئلة كبرى حول علاقة الطرفين ببعضهما البعض، بالذات حول ماهية الوسيط الذي استطاع أن يتواصل مع أكثر التنظيمات المتطرفة في العالم، وأكثر الأنظمة استبداداً في المنطقة على الأقل.

التعليقات