في الذكرى الستين للنكبة: مدى الكرمل يعقد مؤتمرا أكاديميا تحت عنوان: الوطن كمنفى: الفقدان والاغتراب وأنماط المقاومة

-

في الذكرى الستين للنكبة: مدى الكرمل يعقد مؤتمرا أكاديميا تحت عنوان: الوطن كمنفى: الفقدان والاغتراب وأنماط المقاومة
عقد مركز مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية – في فندق العين في الناصرة مؤتمراً أكاديميّاً تحت عنوان "ستون عاماً من النكبة – الوطن كمنفى: الفقدان، الاغتراب وأنماط مقاومة"، وذلك احياءً للذكرى الستين لنكبة فلسطين، وإسهاما في المسعى الفلسطيني العام لإبقاء هذه الذكرى حية توجهّ العمل من أجل نيل الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني، وفي محاولة للتشديد على ان النكبة طالت الشعب الفلسطيني في اسرائيل بأشكال عميقة لم يتم تداولها بعد.

تخلّل المؤتمر أربع جلسات؛ سبقتها كلمة ترحيب من السيدة أفنان اغبارية، عضو ادارة مدى الكرمل؛ ثم افتتاحيّة للبروفيسور نديم روحانا، مدير عام المركز، تحدث فيها عن غياب المركز الوطني والثقافي لفلسطينيي الداخل مشدّداً على أن النكبة ليست نكبة اللاجئين فحسب بل انها نكبة الشعب الفلسطيني بكل أجزائه بما في ذلك الفلسطينيين في اسرائيل، وعلى كيفية تأثير النكبة على تشكّلهم الاجتماعي والسياسي والقيمي.

كانت الجلسة الأولى بعنوان كيف نُفي عنا الوطن: البعد الحيزي، برئاسة السيدة منار حسن، باحثة متخصصة في علم الإجتماع من جامعة تل أبيب، وتحدث فيها د. يوسف جبارين حول نهاية جغرافيات فلسطين، د.نادرة شلهوب-كيفوركيان عن سياسات الحيّز الإسرائيليّة، وتحدث خليل توفكجي عن خرائط نفي الحيّز، وتحدثت عناية بنا- جريس عن الأراضي الفلسطينية بين الماضي والحاضر.

وقد أظهر المتحدثون أن السياسات الاسرائيليّة المتمثّلة بسلب ومصادرة الأراضي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، حيث هبطت ملكيّة الفلسطينيين للأراضي بشكل منهجيّ من ما يزيد عن 90% قبل عام 1948 الى ما لا يزيد عن نحو 4% في عام 2008.

تناولت الجلسة الثانية والتي ترأسها د. مصطفى كبها، الأبعاد الاجتماعيّة للنكبة، تحت عنوان سلب الوطن وتشتيت الشعب. أعطى فيها بروفيسور مروان دويري مداخلة حول الأبعاد النفسيّة الاجتماعيّة لنكبة الانسان الفلسطيني، مبيّناً مشاعر السخط والغضب التي تتملك الانسان الفلسطيني جراء النكبة.

تلاه بروفيسور اسماعيل ابو سعد متحدثاً عن النكبة المستمرة لدى عرب النقب مشدّدا على كونهم منسيّين ومحرومين من الاعتراف منذ ستين عاماً ولا يزالون. ثم تحدّث بروفيسور محمد حاج يحيى حول الفلسطينيين في اسرائيل بين الصدمة والصمود، واستقرأ ردود الفعل المختلفة للفلسطينيين في الداخل في تعاملهم مع واقعهم الذي أفرزته النكبة، بحيث يمكن تقسيمهم الى فئات مثل الصامدين، والمسحوقين، والمرعوبين والمبهورين.

استعادة التاريخ وكيف للمقموع ان يرسّخ رواية تاريخه كان محور الجلسة الثالثة برئاسة بروفيسور نديم روحانا. تحدثت فيها د.شيرين صيقلي من جامعة جورجتاون في واشنطن عن تأريخ ما قبل النكبة دون الارتهان للفشل، وشدّدت فيها على دور الطبقة الوسطى الفلسطينية ابان النكبة. تلتها د. رونيت لينتين من كليّة ترينيتي في ايرلندا التي تحدثت عن الإسرائيليين الذين يخلّدون ذكرى النكبة مبيّنة المحاولات الاسرائيليّة لاستملاك الرواية التاريخيّة حتى عندما يحاولون إبراز الرواية الفلسطينيّة. ثم تحدث د. عادل منّاع عن تأريخ معنى النكبة بالنسبة للعرب في إسرائيل خلال العقد الأوّل للنكبة 1948- 1958، مشدّداً على الحاجة لدراسة معمّقة لهذه الفترة الحرجة في تاريخ الفلسطينيين.

اما الجلسة الأخيرة فتمحورت حول مواجهة عنف الدولة وأشكال من المقاومة والخضوع، ترأسها بروفيسور فؤاد مغربي من جامعة تينيسي في الولايات المتحدة، الذي قدّم مداخلة مطوّلة مبيّناً تداخل اثار النكبة بين جميع اجزاء الشعب الفلسطيني. ثم استعرض د. أحمد سعدي بعض أوجه التعامل والمقاومة لدى الجماهير العربية في الخمسينات، وتحدثت بعد ذلك د. هنيدة غانم عن المثقّف وصياغة العلاقة مع الوطن والدولة في فترة ما بين النكبة والنكسة، وأشارت الى ان المثقّف العربي شدّد بعد النكبة على الوطنيّة والعلاقة مع الوطن وأن هذا التشديد قد بدأ يعود مؤخراً، بعد المرور في مرحلة تشديد على قضايا مواطنة مثل المساواة وما الى ذلك.

هذا وقد أجمع المتحدثون في المؤتمر على اعتبار النكبة الفلسطينيّة حدثاً مفصلياً ومؤسِّساً في صياغة الوعي الوطني الفلسطيني وفي تشكَُّل وبلورة أنماط التعامل مع هذا الحدث، كما سلّط المؤتمر الضوء من جديد على ان انعكاسات النكبة وتداعياتها وآثارها ما زالت حاضرة حتى يومنا هذا على كافة المستويات وبين جميع أجزاء الشعب الفلسطيني لا سيّما هذا الجزء الباقي في وطنه.

يشار الى أن هذا المؤتمر عقد بدعم من مؤسسة التعاون.

التعليقات