المقدسيون ينفون و"يديعوت أحرونوت" تدعي أن جهات عربية وإسلامية تستثمر مئات ملايين الدولارات في القدس

* خليل التفكجي: ما نشرته الصحيفة سيصار إلى استغلاله لتوفير المزيد من الميزانيات لتوسيع رقعة الاستيطان والتهويد في المدينة، بحجة أن هناك مستثمرين عربا بدأوا يدخلون المدينة

المقدسيون ينفون و
أوردت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصادرة يوم أمس، الإثنين، تقريرا ادعى أن هناك معركة حقيقية على العقارات في القدس، وأن جهات عربية وإسلامية تمول امتلاك شقق وأراضي في القدس، وكأن ذلك يأتي بشكل مواز لنشاط جمعيات استيطانية يهودية تعمل على تهويد المدينة المحتلة.

وفي المقابل فإن هذه الادعاءات قد قوبلت بالنفي التام من الجانب الفلسطيني، واعتبرت أنها تأتي بهدف استغلالها لتوفير المزيد من الموارد المالية للمستوطنين لتوسيع رقعة الاستيطان في القدس، من خلال استنفار المتمولين اليهود ودفعهم إلى تقديم الموارد المالية من أجل توسيع الاستيطان.

وجاء في تقرير "يديعوت أحرونوت" أنه بعد سنوات عملت فيها، لوحدها، جمعيات يهودية بتمويل من أصحاب رؤوس الأموال على "تهويد" مبان وأراض في القدس الشرقية، ظهر في الفترة الأخيرة هيئات إسلامية بدعم من أصحاب رؤوس الأموال في الخليج، وهيئات مسيحية رأسمالية مرتبطة بالكنيسة.

كما قال التقرير أن فلسطينيين أغنياء من الضفة الغربية، وبمساعدة أموال النفط من السعودية ودول الخليج، يحاولون شراء بيوت كثيرة وأراض في القدس الشرقية، وخاصة في البلدة القديمة، وذلك من أجل إبعاد الجمعيات اليهودية إلى خارج المدينة، وخاصة تلك التي تعمل بتمويل الملياردير اليهودي الأمريكي أروين موسكوفيتش.

وبحسب الصحيفة فإن الجهات العربية تدفع أسعارا تزيد بضعفين أو ثلاثة أضعاف السعر الذي تعرضه الجمعيات اليهودية. وتذكر في هذا السياق المليونير النابلسي منيب المصري. كما تدعي أن دولا إسلامية، بالإضافة إلى مصارف إسلامية، وحتى جمعيات مرتبطة بحركة حماس، تقدم تمويلا أيضا من خلال قروض سكنية بشروط مريحة.

وتضيف أيضا أنه في الآونة الأخيرة فإن "لجنة المساكن" التابعة لبيت الشرق قد جددت نشاطها مؤخرا، وتعمل على تقديم قروض ومساعدات مالية لمن يقوم بشراء وترميم شقق في البلدة العتيقة.

وبحسب الصحيفة أيضا فإن الشركات العربية قد تمكنت في الأشهر الأخيرة من امتلاك 12 شقة سكنية في البلدة القديمة. وهناك صفقة تنتهي قريبا يتم فيها امتلاك 4 شقق سكنية في الربع الإسلامي، كانت تسعى الجمعيات اليهودية لامتلاكها. كما امتلكت الشركات المذكورة شققا في بيت حنينا وشعفاط، وقطعة أرض كبيرة في جبل الزيتون/ الطور، بالإضافة إلى قطعة أرض تصل مساحتها إلى 20 دونما في منطقة قرية شرفات جنوب القدس، حيث سيتم بناء حي فلسطيني جديد بين مستوطنة "غيلو" والقطمون.

كما ادعت الصحيفة أن تركيا تساعد في عملية الامتلاك، وذلك من خلال منع وصول الجمعيات اليهودية إلى أرشيف تسجيل الأراضي العثماني (الطابو)، لمنعها من محاولة إثبات الملكية اليهودية على البيوت والأراضي في المنطقة.

وتشير الصحيفة أيضا أن الجمعيات اليهودية سجلت "نجاحات" كثيرة في السنوات الأخيرة، وعلى سبيل المثال في قرية سلون، حيث قامت جمعيتا عطيرت كوهانيم" و"إلعاد" بشراء أملاك كثيرة.

وفي هذا السياق، تشير الصحيفة إلى أن ناشط اليمين، أرييه كينج، المقرب من الملياردير اليهودي الأمريكي موسكوفيتش، قام في الشهور الأخيرة بتشكيل جمعية جديدة تدعى "الصندوق لأراضي إسرائيل"، تهدف إلى محاولة شراء المزيد من الشقق والأملاك في القدس. وادعى أن الفلسطينيين يضخون عشرات ملايين الدولارات في القدس الشرقية.

وفي حديثه مع موقع عــ48ـرب، قال راسم عبيدات، وهو ناشط وسجين سياسي سابق، ويترأس اللجنة الثقافية في المؤتمر الوطني الشعبي المقدسي، إن هناك قصورا واضحا من قبل الجهات الرسمية الفلسطينية، فيما يتعلق بمدينة القدس، والتي تتعرض لحملة تهويد وأسرلة منظمة وممنهجة، وكان آخرها الاستيلاء على 11 منزلا في بلدة سلوان، من قبل الجمعية الاستيطانية "عطيرت كوهانيم".

وأضاف أن هناك حملة استيطانية مكثفة وواسعة في داخل البلدة القديمة والقرى العربية المحيطة بالقدس؛ سلوان والمكبر وأبو ديس والشيخ جراح. كما أن هناك عمليات حفر وشق أنفاق وطرقات لربط الأحياء الاستيطانية في القدس الشرقية مع بعضها البعض من أجل إحكام السيطرة على المدينة وإخراجها من أية مفاوضات مستقبلية.

وتابع عبيدات أن ما يشاع عن دعم عربي وإسلامي ليس له أي سند حقيقي على الأرض. كما نفى عبيدات أن يكون بيت الشرق قد جدد نشاطه، وذلك في أعقاب تجديد إغلاقه قبل أسبوع لمدة عام آخر. وأشار في هذا السياق إلى أن إسرائيل تمنع أية نشاطات حتى في المؤسسات التي نصت عليها اتفاقات أوسلو في منطقة القدس، مثل بيت الشرق والغرفة التجارية ونادي الأسير والمنظمات الشعبية.

وقال الكاتب والمحلل السياسي، يونس العموري، إنه ليس صحيحا ما تدعيه السلطات الإسرائيلية، والتي وردت في تقرير "يديعوت أحرونوت"، حول أموال الدعم العربية والإسلامية، والتي زعمت أنها تتدفق على القدس.

وقال: "برأيي إن هذا الزعم إنما يهدف إلى إشعار الرأي العام الإسرائيلي أولا أن ثمة خطوة على القدس وذلك لحثهم على استنهاض همتهم، وثانيا يصور للرأي العام العربي والفلسطيني وكأن هناك فعلا أموالا عربية وإسلامية تأتي إلى القدس ولا تصرف بهذا الاتجاه، وهو أمر غير صحيح".

ومن جهته قال مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق، الأستاذ خليل التفكجي، لموقع عــ48ـرب، إن ما تدعيه صحيفة "يديعوت أحرونوت" بشأن رؤوس أموال عربية وإسلامية هو مبالغ فيه، و"نتمنى أن يكون صحيحا".

وأضاف أنه مقابل المليارات التي تصرف من قبل إسرائيل على الاستيطان، فإن العالمين العربي والإسلامي لا يتبرعان سوى ببضعة ملايين. كما أشار إلى أن هناك فعلا مستثمرين فلسطينيين، ولكن ذلك لم يصل بعد إلى المستوى المرجو.

واعتبر التفكجي ما نشرته الصحيفة بأنه سيصار إلى استغلاله لتوفير المزيد من الميزانيات لتوسيع رقعة الاستيطان والتهويد في المدينة، بحجة أن هناك مستثمرين عربا بدأوا يدخلون المدينة.

ولفت في هذا السياق إلى محطتين؛ الأولى في العام 2010، والثانية في العام 2020. وقال إنه في المحطة الأولى، 2010 يوجد انتخابات إسرائيلية، ونظرا لكون القدس والاستيطان محط إجماع إسرائيلي، فإن أولمرت يريد أن يذهب إلى الانتخابات القادمة بورقة نجاحه في القدس والاستيطان.

وتابع "أما في العام 2020، فهو العام الذي يفترض أن ينجز فيه مشروع إنهاء قضية القدس. وهذا المشروع وضعه أولمرت في العام 1994، عندما كان يشغل منصب رئيس بلدية القدس، ونشر عنه للمرة الأولى في العام 2000. ويتحدث المشروع بوضوح عن أن القدس أحادية القومية، بمعنى أغلبية يهودية وأقلية عربية، وهي عاصمة إسرائيل الأبدية، بالإضافة إلى مواصلة عملية التهويد والتطهير العرقي للبلدة القديمة، وتعميق الاستيطان من خلال تخصيص المليارات من الدولارات".

كما لفت التفكجي إلى أن ما يحصل على الأرض لا يبشر بالخير، مشيرا على سبيل المثال إلى ارتفاع عدد المستوطنين في داخل القدس الشرقية وحدها من صفر في العام 1967، إلى 191 ألف مستوطن، وكذلك تواصل عملية السيطرة على البيوت بمختلف القوانين. كما يشير إلى أنه في سلون وحتى العام 1992 لم يكن هناك أي مستوطن، أما الآن فيصل عدد البؤر الاستيطانية فيها إلى 25 بؤرة..

التعليقات