منظمة تحرير معطلة تمدد لمجلس تشريعي معطل

-

منظمة تحرير معطلة تمدد لمجلس تشريعي معطل
اتخذ المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، اليوم، قرارا بتمديد ولاية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، والمجلس التشريعي المعطل الى حين اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية. ويصر مؤيدو القرار على أن منظمة التحرير هي السلطة العليا للمؤسسات الفلسطينية وهي مخولة باتخاذ مثل هذا القرار، في حين يطعن المعارضون بهذه الشرعية.

ويجري ذلك وسط أزمة فلسطينية داخلية متفاقمة، وفي ظل تعثر مسار التسوية الذي تعول عليه السلطة الفلسطينية. وفي وضع «هو الاسوأ في تاريخ الشعب الفلسطيني وقضيته على كافة الاصعدة» كما وصفه القيادي في حركة فتح والأسير السابق حسام خضر في حديث لصحيفة "القدس".

وصف مسؤلون فلسطينيون القرار بأنه «تحصيل حاصل»، وأنه يأتي لتعذر إجراء انتخابات، ولتجاوز الفراغ الدستوري الذي سينشأ بعد الخامس والعشرين من يناير، كانون الأول المقبل، موعد انتهاء ولاية المجلس التشريعي، وموعد انتهاء التمديد لرئيس السلطة الفلسطينية.

لا يختلف أثنان بأن دور منظمة التحرير هُمش بتاتا منذ نشوء السلطة الفلسطينية عام 1994، وأصبحت المؤسسة التي قادت النضال الفلسطيني على مدى عدة عقود، مؤسسة صورية لا حول لها ولا قوة، دخلت في سبات عميق. وما زال اتفاق عام 2005 لإعادة بناء المنظمة وتوسيعها لتشمل كافة الفصائل الفلسطينية ينتظر التنفيذ. ولكن في الشهور الأخيرة أيقظ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المنظمة من سباتها، وبادر إلى عقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني في رام الله في أغسطس/ آب الماضي، وانتخب "من حضر" ستة أعضاء لإشغال الأماكن الشاغرة(آخر جلسة علنية للمجلس الوطني الفلسطيني عقدت عام 1996 في غزة، حيث صوت المجلس على إجراء تعديلات على الميثاق الوطني الفلسطيني بحضور الرئيس الأمريكي حينذاك، بيل كلينتون).

وجاء اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني بعد أيام من نجاح عباس في بسط هيمنته على حركة فتح في مؤتمرها الأخير. وبرأي المراقبين فقد تحولت منظمة التحرير من «الممثل الشرعي والوحيد» إلى مؤسسة مهمشة في فترة عرفات، ثم أصبحت في الشهور الأخيرة ذراعا تابعا للسلطة الفلسطينية وآداة طيعة بيد رئيس السلطة الفلسطينية، تستدعى من سباتها لتوفير غطاء لقرارات السلطة، ثم تعود إليه، ولكنها معطلة على مستوى دورها الحقيقي.

قرار التمديد سياسي

واعتبر عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير، عبد اللطيف غيث، أن قرار التمديد هو سياسي. وقال في حديث لموقع عرب48 أن الحل الذي تقرر اليوم هو حل مؤقت إلى حين تحقق المصالحة الفلسطينية. وأضاف أن الأزمة الفلسطينية الراهنة أدت إلى الخروج من النطاق الدستوري إلى النطاق السياسي للبحث عن مخرج للأزمة. معتبرا أن الحل بالتالي هو حل سياسي حيث أن المصالحة ستحل بشكل ضمني الكثير من المشاكل العالقة. ودافع غيث عن شرعية قرار المجلس المركزي، وقال إن منظمة التحرير هي «الأب» للسلطة الفلسطينية. وردا على سؤال حول التنسيق الأمني الفلسطيني الإسرائليي، ودور «الأب» في وضع حد لها قال إن «هناك هيمنة لمؤيدي عباس في المجلس ولا يتاح طرح مثل هذه المطالب».

ويقول مراقبون فلسطينيون إن المجلس المركزي بقراره التمديد للمجلس التشريعي وعدم تولي صلاحياته، حتى لو كانت مجمدة، تفادى تصعيد الخلاف وتوسيع الشقاق. وأعتبروا أن القرار الحالي هو قرار منطقي في الظروف الراهنة. ولكنهم أشاروا في الوقت ذاته إلى أن التمديد لجسم معطل من جسم معطل يعكس الواقع الفلسطيني المأزوم.

المصالحة المتعثرة

إذن إجراء انتخابات فلسطينية منوط بالمصالحة الفلسطينية، ولكن هل هناك مصالحة في الأفق؟
يقول الكاتب والمحلل السياسي المقدسي يونس العموري إن المصالحة ستتحقق بكل تأكيد لأن لا خروج من الأزمة الفلسطينية سوى عن طريق المصالحة الوطنية. وتوقع العموري يأن يتحقق ذلك بعد أن تفرغ حركة "حماس" من صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال، لأنها بذلك تعزز موقفها الشعبي والسياسي، وتتجه للمصالحة بإنجاز كبير.

ولكن هل المسألة هي مسألة صلح عشائري كما ينظر إليها البعض؟ وهل يمكن أن يلتقي خيار السلطة الفلسطينية الوحيد(المفاوضات)، مع مواقف حماس التي تعترض على هذا النهج؟
يجيب مصدر فلسطيني مسؤول رفض الإفصاح عن اسمه، بالقول: لا اريد أن أبث التشاؤم، ولكن المصالحة برأيي ستفشل في الأوضاع الراهنة، لأن الخيارات متناقضة. ويشرح: "هناك شق يراهن بكل ما أوتي من قوة على المفاوضات التي وصفها اليوم في مقابلة مع صحيفة هآرتس بأنها كمفاوضات بين «زبون وصاحب حانوت»، وشق يعتبر تلك المفاوضات عبثية ويؤمن بأن المقاومة هي السبيل الوحيد للتحرير. شق ينسق أمنيا مع الاحتلال ويعتقل مناضلي الشق الآخر، وشق يحافظ على نهجه، وكي أكون منصفا فهذا الشق ينزلق إلى خطوات انتقامية(حماس).
ويتابع المصدر: برأيي حتى لو حصلت المصالحة دون تغيير جذري يشمل من يقف على رأس السلطة، وسياسة السلطة، ودون هيمنة تيار فتح الراديكالي عليها، فإن احتمالات فشلها أكبر من احتمالات نجاحها.

وعن المصالحة يقول الكاتب والمحلل السياسي والعسكري، يوسف الشرقاوي: للأسف المصالحة الفلسطينة بعيدة جدا واكاد اقول انها مستحيلة، واعتقد انه ستحصل مصالحة يوما ما ولكن ستكون على اطلال اشلاء، لان ماهو آت مرعب للغاية استيطان واسع بالضفة واجتياح لقطاع غزة بحجة تنامي قوة حماس، للاسف الاحتلال الصهيوني لفلسطين رسّخ مفهوم أن التنظيم والعشيرة والطائفه اكبر من الوطن والتنظيمات للاسف اصبح عندها ثقافة ان الزعيم والامين العام اكبر من الوطن.
وأضاف الشرقاوي في حديث لموقع عرب48: الاحتلال ادخل مفهوم فئوي طيلة احتلالة لفلسطين وللاسف ان هناك مثقفين فلسطينيين اصبحوا متعصبين لتنظيماتهم اكثر من تعصبهم للوطن، يعملون عكس منطق الاشياء فلسطينيون داخل تنظيماتهم وفئويون في الشارع والمؤسسات الشعب ضائع بين ماهو محتل ارضه وبين ماهو محتل عقلة والتنظيمات لم تقتنع بعد انه قد آن لها بعد تكرار المصائب ان تخرج من قمقم الفصيل الى رحاب الفضاء الوطني , اصبح الاحتفال بانطلاقه التنظيم والحزب اهم من فلسطين واصبح التنظيم المهم عندة الحشد للاحتفال وليس الحشد للنضال.
وتابع: هناك امر مرعب في الساحة الفلسطينية ولدى كل التنظيمات الا وهو عدم تقبل الغير اصبحت ثقافة عدم تقبل الغير هي السائدة وما يسمى بالمثقفين عززوا هه الثقافة، زيادة عن هذا النظام الاقليمي لايرغب بالمصالحة ويدخل الشياطين في تفاصيل الوثائق المقدمة لاتمام المصالحة مما يشكك المتخاصمون بالنوايا.

وأضاف: هناك لحظات كان يمكن ان تحقق مصالحة فلتت من بين ايدي الفلسطينين اهم لحظه الحرب على غزة، وتوسع الاستيطان، وتهويد القدس، وتقرير غولدستون، وتقارير سرقه المياة وتقارير سرقه اعضاء الفلسطينيين، وملاحقة المحاكم الدولية لمجرمي الحرب من القادة الاسرائيليين، للاسف ان لم تجمع تلك القضايا الفصائل فما الذي سيجمعها، المناكفات اصبحت العمل اليومي للفصائل وهذا ان دل على شيء فانما يدل على تدني الوعي الوطني لدي الفصائل الفلسطينية الغارقة مابين المبالغة في العداء واستسهال استهدافات العدو الاسرائيلي.

وأنهى الشرقاوي حديثه بالقول: واذا حدثت مصالحة مستقبلا فانها ستحدث على ارضية هشه كمن يغلق جرحا والاوساخ في داخلة لابد ان ينفجر هذا الجرح بعد تقيحة، لكن سيحدث مصالحة بعد كارثة مرعبة ستحدث وعندها لاينفع الندم ، هناك ثقافة مرعبة في الساحة اضمحلال الهامش الديمقراطي وفشل المجتمع الفلسطيني في تشكيل رأي عام ، اصبحت القضية الوطنية تتلاشى شيئا فشيا من حولنا



حماس تندد بالقرار


ونددت حركة حماس بالقرار الذي اعتبرته "غير الشرعي" و"حيلة جديدة لاضفاء الشرعية" على عباس و"تعميقا للازمة الداخلية". وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم في تصريحات نقلتها وكاة «فرانس برس» ان قرار المجلس المركزي هو "حيلة جديدة لاضفاء الشرعية على عباس من خلال القول ان الجميع (الرئيس والمجلس التشريعي) في سلة واحدة".

واضاف برهوم ان "القرار غير شرعي ويعتبر رشوة سياسية من قبل المجلس المركزي وابو مازن للتغطية على عدم شرعية التمديد للرئيس وقرارات المجلس المركزي".

وشدد برهوم على ان "ابو مازن انتهت ولايته ولا يحق لاحد ان يمدد له و(المجلس) التشريعي هو سيد نفسه حسب النظام السياسي وسيستمر بممارسة اعماله ومهامه بكامل صلاحياته حتى يتم انتخاب (مجلس) تشريعي جديد (في انتخابات تكون) ثمرة مصالحة".

واضاف المتحدث باسم حماس ان "حل ازمة ابو مازن من بوابة تعميق الازمة الداخلية الفلسطينية هي محاولة لرفع الشرعية عن المجلس التشريعي وليصبح قراره بيد (المجلس) المركزي، وهذا يجعلنا اكثر تمسكا بالمجلس التشريعي المنتخب".

من جانبه قال واصل ابو يوسف عضو المجلس المركزي لوكالة فرانس برس "ان المجلس انعقد في ضوء اقتراب الموعد الدستوري للانتخابات الرئاسية والتشريعية في الرابع والعشرين من الشهر القادم واعلان لجنة الانتخابات المركزية عن عدم تمكنها من اجراءها بهذا الموعد بسبب منع حركة حماس لهم من العمل في قطاع غزة".
وتابع "وبالتالي تدارس المجلس الموضوع واكد على عدم وجوب ترك اي فراغ دستوري في السلطة الفلسطينية وقرر استمرار الرئيس عباس والتشريعي في عملهم الى حين الانتخابات".
وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشرواي ان المجلس المركزي "من خلال هذا القرار يريد الحفاظ على شرعية مؤسسات السلطة الفلسطينية". واضافت "اننا ملتزمون باجراء الانتخابات ونطالب حركة حماس باجرائها".


خلاف حول دستورية الخطوة

النائب الاول لرئاسة المجلس التشريعي د. أحمد بحر اعتبر اليوم، الاربعاء، إنه بموجب القانون الأساسي فإن مأزق انتهاء الولاية الدستورية محصورٌ برئيس السلطة الفلسطينية فقط وليس بالمجلس التشريعي. وقال بحر إن المجلس التشريعي ليس بحاجة إلى تمديد، فبموجب القانون الأساسي فإن «مدة ولاية المجلس التشريعي القائم تنتهي عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستورية".

ونفى بحر أن يكون المجلس التشريعي او حماس تقدما بطلب للرئيس محمود عباس لتمديد ولاية المجلس التشريعي. واشار د. بحر الى عدم وجود أي مادة مشابهة تقضي بتمديد ولاية رئاسة السلطة الفلسطينية إلى حين إجراء الانتخابات الجديدة على غرار نص المادة (47 مكرر) الوارد في القانون الأساسي والخاص بالمجلس التشريعي الفلسطيني. وتابع "فإذا كانت مدة الولاية الدستورية للمجلس التشريعي الحالي واضحة تماما في القانون الأساسي المعدل فكيف يمكن للكتلة البرلمانية الأكبر في المجلس التشريعي أن تطلب تمديد ولايتها من رئيس غير شرعي بعد انتهاء مدة ولايته الدستورية؟!! وكيف يمكن أن تُناقش مسألة مدة ولاية المجلس التشريعي المنتخب، المحسومة بنص دستوري صريح وقاطع يتمثل في المادة (47 مكرر) من القانون الأساسي، في مجلس مركزي مُعيّن فقد شرعية وجوده منذ سنوات طويلة".

وبالمقابل يقول عزام الأحمد، رئيس كتلة فتح البرلمانية، إن "الولاية الرئاسية لا تنتهي بمدة الرئاسة المحددة وفق القانون الاساسي باربع سنوات وانما حسب المادة 47 من القانون الاساسي الفلسطيني ما ينتهي هو فترة الاربع سنوات ولكن الولاية تنتهي عندما ينتخب رئيس جديد ومجلس تشريعي جديد ويؤدوا اليمين الدستورية ويباشروا اعمالهم".
وقال الاحمد إن المجلس طلب من الرئيس عباس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تهيئة الاجواء من اجل اجراء الانتخابات في اسرع وقت ممكن على ان يجتمع المجلس في دورته العادية القادمة بعد ثلاثة اشهر للاستماع للجهود المبذولة لانجاز المصالحة الفلسطينية واجراء الانتخابات".

وأضاف ان قرار المجلس المركزي يبقي الباب مفتوحا للمصالحة مع حركة حماس ونحن تركناه من الاساس مفتوحا ووقعنا المصالحة لكن حماس حتى الان لم توقع " لكنه شدد ان الباب "لن يبقى مفتوحا الى الابد وعلى حماس ان تقفل باب التدخلات الاقليمية بالشان الفلسطيني". وقال انه لا يوجد مشكلة قانونية بعد الخامس والعشرين من الشهر القادم الذي تنتهي به فترة الرئاسة الفلسطينية والمجلس التشريعي .

وقال ان موضوع المصالحة الفلسطينية اخذ الحيز الاكبر من نقاشات المجلس المركزي حرصا على المصلحة الوطنية الفلسطينية". وشدد الاحمد انه "لا بد من اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية حتى لو بقيت حالة الانقسام الفلسطيني مع ضمان مشاركة قطاع غزة فيها".
وعن تجديد تاكيد عباس انه لن يترشح للانتخابات القادمة قال الاحمد ان "ابو مازن هو المرشح الوحيد لحركة فتح للرئاسة القادمة وهذا ليس من صلاحيات احد سوى اللجنة المركزية للحركة ولا صحة لاي كلام عن وجود مرشحين اخرين". وكان عباس قد ألمح اليوم في مقابلة مع صحيفة هآرتس إلى إمكانية ترشحه في حال حصول تقدم على المسار التفاضي مع إسرائيل.


التعليقات