كلمة الهيئة الوطنية لحماية الحقوق الثابتة في اللقاء التشاوري

"مواجهة المشروع الصهيوني هي مسؤولية عربية أولا وبالأساس. والفلسطينيون في هذه المواجهة هم مقاتلو الصف الأول فحسب"..

كلمة الهيئة الوطنية لحماية الحقوق الثابتة في اللقاء التشاوري

 

 

أخواتي وإخواني

قامت (الهيئة الوطنية لحماية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني)، لتعيد التأكيد على الثقافة السياسية التي تحفظ تاريخ القضية الفلسطينية ومستقبلها. هذه الثقافة التي أرادوا شطبها يوم تم إلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني.

 

قامت الهيئة لتواجه نهج التفاوض الذي تكرس في اتفاق أوسلو، وثبت فشله بالكامل، وها هم الآن يهبطون به دركات، من خلال ما يسمى بالمفاوضات المباشرة.

 

قامت الهيئة لتؤكد نهج المقاومة، لكامل مخطط الحركة الصهيونية، على طريق تحرير الأرض والوطن. الأرض الأصل والوطن الأصل.

 

قامت الهيئة لتقف في وجه التنازل المتصل عن الثوابت الفلسطينية، استجابة لضغوط تأتي أحيانا من الولايات المتحدة الأميركية، وتأتي أحيانا من قادة العدو الإسرائيلي، وتأتي أحيانا من بعض العرب الذين أوغلوا في نهج التسوية والتطبيع.

 

قامت الهيئة من أجل أن تخاطب الجيل الفلسطيني الجديد، وتنشر بين صفوفه ثقافة الثوابت، التي يريدون له أن ينساها. وذلك من أجل بقاء هذه الثوابت حية في أذهان الشباب الفلسطيني، الذي لا بد له أن يتصدى لمواصلة المسيرة النضالية الفلسطينية، مسيرة تحرير الأرض والوطن، ويتولى قيادتها.

 

من أجل هذا قامت الهيئة، كهيئة فلسطينية، تواجه مهمات سياسية ونضالية مباشرة. ولكن ثمة بعدا أعمق لهيئتنا الوطنية هذه:

فالهيئة الوطنية تؤمن وبعمق، أن المشروع الصهيوني الذي تجسد في ما يسمى دولة إسرائيل، هو مشروع خطير وشامل، يتجاوز الخطر على الشعب الفلسطيني، إلى خطر مادي وملموس على العرب جميعا. خطر يحاصر المنطقة العربية، ويحاصر الأنظمة العربية، ويحاصر الأمة العربية. خطر يسعى لكي يهيمن على المنطقة العربية عسكريا واستراتيجيا، ويسعى لكي يمنع أي تطور يتصدى للمخطط الاستعماري في المنطقة. خطر يبذل كل جهد يستطيعه لمنع أي نوع من الوحدة العربية بين دولنا وشعوبنا. إنه يحتل فلسطين وعينه على النفط العربي، وعلى مياه النيل، ويده ممدودة في الوقت نفسه نحو دارفور ونحو جنوب السودان، ونحو أي شكل من أشكال التطور العربي المعادي للمخطط الاستعماري الأشمل.

 

ولهذا فإن الهيئة الوطنية تؤمن، بأن مواجهة المشروع الصهيوني هي مسؤولية عربية أولا وبالأساس. والفلسطينيون في هذه المواجهة هم مقاتلو الصف الأول فحسب. ونحن نتطلع إلى إعادة إحياء هذا المفهوم العربي لمواجهة المشروع الصهيوني. ولهذا دعوناكم إلى هذا اللقاء التشاوري، لا لكي يتضامن العرب مع الفلسطينيين، بل لكي يتعاونوا في بناء الجبهة العربية في وجه المشروع الصهيوني ــ الاستعماري.

 

نعرف أنكم تؤمنون بذلك، ولكننا نريد أن نتعاون معا، وأن نعمل معا، ضد الأفكار والسياسات ، التي تتعامل مع الخطر الصهيوني على أن مسؤولية مواجهته هي مسؤولية فلسطينية، يدعمها العرب ويتعاطفون معها. يقولون: ليقرر الفلسطينيون ما يريدون ونحن سنؤيدهم، ونحن سندعمهم. نحن نتطلع إلى عكس ذلك تماما، إلى تلاحم فلسطيني ــ عربي في معركة واحدة، بل نقول إن الدور العربي هو الدور الأكبر، وهو الدور الأهم، وهو الدور الاستراتيجي.

 

لنتطلع حولنا، ولنراقب، كيف تبتعد الأنظمة العربية عن الانخراط في المعركة ضد المشروع الصهيوني ــ الاستعماري، وكيف تبتعد الجامعة العربية عن التشاور لوضع الخطط الاستراتيجية لمواجهة أخطار السياسة الإسرائيلية الإسرائيلية، وكيف تتصدى بعض الأنظمة العربية لتعمل كوسيط من أجل تسهيل المفاوضات الفلسطينية ــ الإسرائيلية.

 

هذه هي المفاهيم السائدة، وعلينا مواجهتها، بعمل فلسطيني ــ عربي مشترك. وقبل ذلك: من خلال فهم فلسطيني ــ عربي مشترك، فهم للمشروع الصهيوني، وفهم لدور هذا المشروع الصهيوني في تمهيد طريق السيطرة أمام المخطط الاستعماري الكبير ...... وبعد ذلك: في عمل ثقافي سياسي شعبي، مشترك وشامل، يبذل جهده الكامل لنشر هذه الثقافة في الوسط الشعبي الكبير، ليقف في وجه ثقافة التسوية التي لم تجلب لنا سوى الانصياع والتبعية للنفوذ الصهيوني ــ الاستعماري.

 

وما نريده بالتحديد، ومن خلال هذا اللقاء:

أن نسمع رأيكم بموقف الهيئة هذا.

وأن نسمع رأيكم في تحديد وسائل التلاحم النضالي الفلسطيني ــ العربي.

وأن نسمع رأيكم في أشكال هذا التلاحم، وفي كيفية تحويله إلى عمل متصل لا يقتصر على البيانات.

ما نريده بالتحديد، ومن خلال هذا اللقاء: أن نسمع رأيكم بالمفاوضات الجارية حاليا، وفي كيفية مواجهة التنازلات التي يتم دفع المفاوض الفلسطيني نحوها، وصولا إلى موقف عربي يقف سدا في وجه هذه المفاوضات. ووصولا إلى موقف عربي يدعم نهج الحفاظ على الثوابت، وبما تنطوي عليه الثوابت من صمود ومقاومة للمشروع الصهيوني العنصري، الذي يهدد الفلسطينيين، كما يهدد العرب سواء بسواء.

 

أخواتي وإخواني:

أملنا بكم كبير، ونحن لا نستطيع العيش الحر من دونكم. فساعدونا لكي نرفع معا صوت النضال الفلسطيني ــ العربي لموحد، ضد المشروع الصهيوني الخطير.

وشكرا لكم . شكرا لقدومكم. وسنبقى معا إن شاء الله.

بلال الحسن

بيروت 20/9/2010  

التعليقات