إضاءات على قضية اللاجئين../ أسمهان شريح*

-

إضاءات على قضية اللاجئين../ أسمهان شريح*
تكتسب قضية اللاجئين الفلسطينيين أهميتها باعتبارها جوهرالقضية الفلسطينية، والتي هي باختصار قضية شعب اقتلع من أرضه بهدف إحلال جماعات غريبة مكانه، حيث يشكل المهجرون/اللاجئون الفلسطينيون زهاء ثلثي الشعب الفلسطيني، ما يؤكد مركزية قضية اللاجئين، قياساً إلى مجمل مكونات المسألة الفلسطينية.

وبما أن سبل النضال قد سدت في وجه اللاجئين الفلسطينيين في الشتات وأهمها الكفاح المسلح، فإن التمسك بحق العودة والدفاع عنه بشتى السبل المتاحة من قانونية واجتماعية وسياسية ودبلوماسية وثقافية. . . وغيرها يغدو من أولى مهمات النضال الفلسطيني في المرحلة الراهنة. ذلك أن التمسك بحق العودة والدفاع عنه هو شكل من أشكال التمسك بحقنا في فلسطين كاملة لا فلسطين أدبيات أوسلو التي يقصد بها الضفة والقطاع فقط. أو ما تبقى منهما.

ونظراً لهذه الاعتبارات، فإن تظهير هذه القضية لتأخذ مكانتها اللائقة في المشهد السياسي الفلسطيني، يصبح أهم مهمات اللاجئين الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم.

تشكل قضية اللاجئين الفلسطينيين بالمعنى العميق، أساس المسألة الفلسطينية والنواة الصلبة للهوية الوطنية الفلسطينية، ولا يمكن تحقيق نجاح في عملية التسوية دون مقاربة قضية اللاجئين مقاربة سياسية في المقام الأول. فقضية اللاجئين/ المهجّرين تكمن في قلب السيادة الفلسطينية التي هي مبدأ كل دولة على الإطلاق. ففي السيادة كما يقول الفيلسوف الفرنسي جيرار ميريه، يفصح الشعب عن هويته التاريخية والثقافية ويعيد امتلاك ذاته في آن.

وهكذا يتبين لماذا أن الطريقة التي تتم فيها حل قضية السيادة هذه لا تحدد مستقبل فلسطينيي الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967 في الضفة والقطاع فحسب، بل مستقبل الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.

ثمة مكونات عدة تنطوي عليها قضية اللاجئين الفلسطينيين: بدءاً من نشوء هذه المشكلة والظروف التي أحاطت بها، إلى مواقف الأطراف المعنية بهذه المشكلة/ القضية من محلية وإقليمية ودولية، إلى تطورات هذه القضية قبل عملية التسوية وإبانها وبعدها، وبالتالي المشاريع المطروحة لحل هذه القضية. بالإضافة إلى مكانة الأونروا في قضية اللاجئين: ظروف نشأتها ومهامها والدور الذي لعبته في حياة اللاجئين.

عن ظروف ولادة مشكلة اللاجئين، فقد شكل الوجود الفلسطيني الراسخ في أرض فلسطين عقبة حقيقية للمشروع الصهيوني، فأخذ القادة الصهاينة، في ابتداع الأفكار والخطط القاضية بتفريغ فلسطين من أصحابها الشرعيين. وعليه فلم يكن بوسع الاستراتيجية الصهيونية، كما تشير وقائع التاريخ ووثائقه، التفكير بغير وسيلة واحدة، وهي تنظيم الطرد الجماعي للفلسطينيين. وفي مذكراته ليوم 20 كانون الأول 1940، يطلق يوسف فايتس، مدير الصندوق القومي اليهودي العنان لتأملاته بخصوص مستقبل فلسطين بعد الحرب: "ينبغي أن يكون واضحاً أنه لا مكان للشعبين في هذه البلاد. . الحل الوحيد هو أرض إسرائيل من غير العرب. ولا مكان للحلول الوسط. ولا طريق غير ترحيل العرب من هنا. . ترحيلهم كلهم . . ولا قرية يجب استثناؤها، ولا قبيلة. . فقط بعد هذا الترحيل ستغدو البلاد قابلة لاستيعاب الملايين من إخواننا". بيد أن فكرة الترحيل ستأخذ لدى بن غوريون صيغة خطة استراتيجية مركزية قيد التنفيذ. في "خطوط للسياسة الصهيونية" يوضح بن غوريون أن "إمكان ترحيل السكان بالقوة قد ثبت بالدليل عندما تم ترحيل اليونان والأتراك بعد الحرب العالمية الأولى. وفي الحرب الحاضرة ( العالمية الثانية)، فإن فكرة ترحيل السكان تحظى بعطف متزايد لكونها عملية، ولأنها أكثر السبل أمناً لحل مشكلة الأقليات القومية الخطرة".

وقد وجدت كل من تأملات فايتس، وتخطيطات بن غوريون تعبيها العملي في الخطة " دالت"، وهي الخطة المركزية لاحتلال فلسطين التي شرحها بن غوريون على النحو التالي: "مقابل كل هجوم عربي، ينبغي أن نكون مستعدين للرد بضربة حاسمة، بتحطيم الموقع، أو بطرد السكان وباحتلال مكانهم". هكذا سيكون على عصابات الهاغاناه التي يقودها ييغال يادين تطويق القرى والبلدات العربية" وفي حالة المقاومة. . تحطيم القوة المسلحة وطرد السكان خارج حدود الدولة".

تم تهجير الفلسطينيين من ديارهم وفق خطة محكمة هي الخطة دالت، التي تم بموجبها تشريد ما يقارب ثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني وتحويله إلى لاجئين. لا يوجد إحصاء دقيق لأعداد المهجريّن/ اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من بيوتهم وأراضيهم عام 1948. وحسب سجل النكبة الذي أنجزه د. سلمان أبو ستة، فقد كثر الجدل حول عدد اللاجئين عام 1948، وذلك لأسباب سياسية.كان عدد القرى التي تم احتلالها نتيجة حرب 1948، 531 وعدد اللاجئين منها 804.76 ( وهو الفرق بين عدد السكان الكلي قبل التهجير والباقون هناك)، وبالمقارنة مع عدد اللاجئين المسجلين لدى الأونروا يكون المجموع 935.573.
وفي التقديرات الإسرائيلية هم 520.000، وهو رقم غير معقول، ولكنه مفهوم لأنه حسب الملفات الإسرائيلية، إن الإسرائيليين يريدون "تفادي جحافل اللاجئين الذين لا بد أن تقبل عودتهم يوماً ما. أما لجنة التوفيق في فلسطين فقد قدرت عدد اللاجئين/ المهجرين بـ 766.000، ووزارة الخارجية البريطانية بـ 600.000- 760.000. وهما رقمان متقاربان. وحسب الدراسة التي قامت بها جانيت أبو لغد، فإن عدد اللاجئين هو770.000. لكن كل هذه الإحصائيات تهمل أهالي بئر السبع، أو تقلل عددهم. وإذا أضيفوا إلى إحصائية أبو لغد لأصبح الرقم 804.000 وهو مطابق للرقم الذي اعتمده أبو ستة.
إن حق العودة ليس ابتكاراً فلسطينياً، وإنما هو حق طبيعي تقره الشرعية الدولية، وقد جرى التعبير عنه بالقرار 194، الصادر في 11/12/1948، بناءً على توصيات الكونت برنادوت، مبعوث الأمم المتحدة إلى فلسطين.
وهنا بعض الأسئلة المتداولة بين اللاجئين/ المهجرين الفلسطينيين حول حق العودة.


_ ما هو القرار 194 :
قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر كانون الأول عام 1948 ، على أثر النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني وتضمن القرار حقك كلاجئ بالعودة إلى ديارك واسترداد ممتلكاتك وحقك بالتعويض عن المعاناة التي أصابتك نتيجة النكبة وفي الشتات والتعويض عن ممتلكاتك التي تم إتلافها عند حدوث النكبة .
ونصّ القرار في الفقرة ( 11 ) على أنه:
(( تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة والعيش بسلام مع جيرانهم ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر ، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون الدولي والإنصاف أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة . وتصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل عودة اللاجئين ، وتوطينهم من جديد ، وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي وكذلك دفع التعويضات)) .

1_ أقبل بالعودة إلى دياري واسترداد ممتلكاتي ولكن لا أعود تحت سلطة الاحتلال الصهيوني

_ نصّ القرار 194 على عودتك إلى ديارك وإسترداد ممتلكاتك بغض النظر عن السلطة القائمة حتى ولو كانت ((إسرائيل))
ملاحظة : إن قبولك بالعودة وفقاً لنصّ القرار 194 لا يعني اعترافك بالسلطة القائمة ((إسرائيل)) أو تنازلك عن حقك كمواطن في تقرير المصير.

2_ إذا قبلت بالعودة إلى دياري واسترداد ممتلكاتي هل يضمن لي القرار 194 الحقوق الأساسية كمواطن وإنسان ويؤمن لي حياة كريمة

_ كفل لك القرار 194 العودة إلى ديارك واسترداد ممتلكاتك وكفل لك أيضاً حقوقك كمواطن وإنسان والحياة الكريمة على أرضك مكفولة أيضاً بموجب قرارات الشرعية الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

3_ إذا قبلت بالعودة والتعويض فهل يعني هذا بيع ممتلكاتي في فلسطين
_ نصّ قرار 194 على حقك بالتعويض عن ممتلكاتك وعن معاناتك منذ النكبة وعودتك إلى ديارك وقبولك بالتعويض لا يعني بيعك لأرضك أو التنازل عن أي حق من حقوقك الفردية أو الجماعية .

4_ إذا قرّرت قبول التعويض وعدم العودة إلى دياري واسترداد ممتلكاتي بموجب القرار 194 ، كيف يؤثر ذلك على مستقبلي ومستقبل أولادي وأحفادي .

_ إن القرار 194 نصّ على حقك في التعويض الكامل عن أملاكك وعن معاناتك في الشتات منذ حدوث النكبة ، وعدم قبولك بالعودة إلى ديارك واسترداد ممتلكاتك هو قرار فردي ويترك عواقب عليك وعلى أولادك وأحفادك في المستقبل وأهمها :
أ_ قبولك بالتعويض وعدم العودة يعني تنازلك الأبدي عن كامل حقوقك السياسية والاقتصادية والوطنية في فلسطين
ب_ قبولك بالتعويض وعدم العودة يّسقط حقك وحق أبناءك وأحفادك بالمطالبة لاحقاً بأي حق في ديارك وممتلكاتك
ج_ قبولك بالتعويض وعدم العودة يعني أن أملاكك ستنتقل لكل اليهود وليس لفرد أ و شخص بعينه وبالتالي فإنه تنازلاً نهائياً.
د_ التعويض الذي ستحصل عليه سيذهب القسم الأكبر منه لتعويضات الدولة التي استضافتك وقدمت لك الخدمات والرعاية منذ النكبة.

5_ هل يرتبط حقي بالعودة بأي حل سياسي للصراع العربي _ الإسرائيلي
_ هذا الحق مكفول بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وخاصةً القرار 194 الذي لم يشترط عودتك إلى ديارك وإسترداد ممتلكاتك بأي حل للصراع العربي _ الإسرائيلي.

6_ إذا لم أوافق على العودة إلى دياري واسترداد ممتلكاتي كما نصّ عليه القرار 194 ولم أقبل بالتعويض، فهل يسقط ذلك حقي التاريخي بالعودة
_ هذا الحق لا يسقّط بمرور الزمن.




* الباحثة من مهجري ترشيحا ومقيمة في دمشق، مختصة بالدفاع عن قضايا اللاجئين وحق العودة، افتتحت مؤخرا داراً للنشر مؤخراً . وأنشأت لجنة نسائية لدعم حق العودةعنوان موقعها هو:www.womencsprr.org

التعليقات