التوجه إلى مجلس الأمن بطلب الاعتراف هو اعتراف بالفشل

-

التوجه إلى مجلس الأمن بطلب الاعتراف هو اعتراف بالفشل
لم تصل التسوية مع إسرائيل إلى طريق مسدود هذه الأيام، بل قبل تسع سنوات، وكان نتيجة ذلك اندلاع الانتفاضة الثانية التي قمعت بوحشية، ورسمت نهايتها معالم المرحلة القادمة.

يصف عدد من المحللين المرحلة التي أعقبت وفاة الرئيس ياسر عرفات بأنها مرحلة هيمنة الخيار الواحد، الخيار المسالم - مع احتلال متغطرس. ويرون أن خطوة السلطة الفلسطينية الأخيرة التوجه إلى مجلس الأمن بطلب الاعتراف بدولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 هي اعتراف غير مباشر بفشل هذا الخيار، إلا أنها لا تعتبر تنصلا منه، بل مواصلة اللعب في ملعبه.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري أن قرار السلطة الفلسطينية التوجه لمجلس الأمن بطلب الاعتراف بدولة فلسطينية، هو ردة فعل على فشل المفاوضات الثنائية وتراجع إدارة أوباما عن وعودها وتعنت الحكومة الإسرائيلية. إلا أنها في الوقت ذاته تفتح الطريق لبلورة استراتيجية بديلة لكن هذا بحاجة إلى انهاء الانقسام الفلسطيني وإلى تراجع أصحاب "المفاوضات حياة"عن هذا النهج.

وأشار المصري إلى أنه من المبكر نعي المفاوضات الثنائية، فهي ضرورية للبقاء في السلطة، وهي بمثابة قطع طريق عن البدائل الأخرى. واعتبر المصري أن إعلان أبو مازن عدم نيته الترشح للانتخابات الرئاسية يأتي في سياق ممارسة الضغط وتحذوه الآمال في تحقيق اختراق، ولكن إذا لم يتحقق هذا الاختراق فإن سيمضي في ما أعلن عنه، وتهديده سينفذ.

وشدد المصري على أن رئيس السلطة الفلسطينية لا يطرح خيارا جديدا، وما تصريحاته ضد الانتفاضه سوى تدليل على أنه يواصل نفس الطريق ويرفض أي بديل آخر. وحتى لو لم يترشح للانتخابات الرئاسية فإنه يسعى لتغيير الشخص وليس النهج. وأشار المصري أن أبو مازن يرفض أن يكون مقاوما، وفي الوقت ذاته يرفض أن يكون عميلا لإسرائيل.

واعتبر المصري أن خطوة نتنياهو الأخيرة، الإعلان عن تجميد جزئي ومؤقت، لن يرضي القيادة الفلسطينية واستبعد بشدة أن يعود الفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات على إثر ذلك. معتبرا أن عباس يحرق نفسه إذا قبل العودة إلى المفاوضات بناء على خطوة نتنياهو. وقال إن نتنياهو يسعى من وراء الإعلان عن التجميد الوهمي للاستيطان إلى نقل الضغط عن كاهله وتحويله إلى السلطة الفلسطينية. مؤكدا أن الإسرائلييين لا ينوون تجميد الاستيطان، وغير جادين في هذا الإعلان، فحسب القرار الإسرائيلي، سيتواصل البناء لسد احتياجات التكاثر الطبيعي وسيتواصل بناء المباني العامة. كما أن القدس خارج هذا القرار. وهو بذلك تجميد على مستوى إعلامي فقط.

وانتقد المصري في الوقت ذاته حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وقال إنها لا تطرح مشروعا وطنيا بديلا وتسعى لفتح قناة حوار مع إسرائيل، وهي ليست ضد طريق المفاوضات.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات أن التوجه إلى مجلس الأمن بطلب الاعتراف بدولة فلسطينية لا يأتي في إطار استراتيجية نضالية شاملة، بل هو تكتيك يخدم خيار المفاوضات. ويُعتبر آلية للضغط على الولايات المتحدة لتمارس بدورها ضغطا على إسرائيل لإنعاش خيار التسوية.

ويضيف عبيدات: أن هذه الخطوة لا تعتمد على خيار نضالي، أو على استراتيجية للمواجهة، ولا تعدو كونها عملية تحريك للعملية السياسية، ولإنقاذ ماء الوجه لذوي خيار التسوية، من عرب رسمييين وقيادة فلسطينية.
ويرى عبيدات أن القيادة الفلسطينية التي تتبنى الخيار السلمي لا تريد التنازل عن امتيازاتها ومراكزها ومواقع تأثيرها، واتخاذ خطوات جريئة.
الكاتب والمحلل السياسي المقدسي يونس العموري، يرى أن فكرة التوجه إلى مجلس الأمن، وإعلان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس بأنه لا ينوي ترشيح نفسه في الانتخابات القادمة، هو في واقع الأمر دليل ليس فقط على فشل أصحاب خيار المفاوضات بل على نهجهم السياسي بمجمله. ويشير ذلك، بحسب العموري، ايضا إلى أن القيادة الفلسطينية التي تؤمن بالخيار السلمي في مأزق حقيقي وجدي.

ويضيف العموري، أن إسرائيل لا تحترم أي قرار دولي. وحتى لو نجحت القيادة الفلسطينية في استصدار مثل هذا القرار، اي قرار اعتراف بدولة فلسطينية، وهذا احتمال غير وارد في الواقع الراهن، فإنه سيضاف إلى باقي قرارات الأمم المتحدة التي تتنكر إسرائيل لها وترمي بها في عرض الحائط بكرة وعشية. وتساءل العموري: لماذا لا تطالب السلطة الفلسطينية مثلا بتطبيق قرار 181 الذي يمنح الفلسطينيين مساحة أكبر بكثير من حدود عام 1967.

ويضيف العموري أن فكرة التوجه إلى مجلس الأمن، هي خطوة سياسية تأتي في إطار النشاط السياسي السلمي دون أي فعل جماهيري أو عمل نضالي. والقيادة الفلسطينية اليوم ليس لديها أوراق في ظل المسار التسووي ولم يبق أمامها سوى هذه الورقة التي يبدو انها محروقة.

وحول امكانية عودة القيادة الفلسطينية إلى طاولة التفاوض من جديد في ظل موقف نتنباهو القاضي بتجميد الاستيطان مؤقتا وجزئيا والذي لا يشمل القدس، قال العموي أن ذلك مرهونا بترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وإنجاز المصالحة الوطنية ومرهونا أيضا بموقف عربي مساند للموقف الفلسطيني حتى الآن. بمعنى أن هناك تخوف من ممارسة ضغوط ما عربية أو إقليمية على الطرف الفلسطيني الرسمي لإجباره للعودة إلى طاولة المفاوضات.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي يوسف الشرقاوي إن الفكرة الاعتراف بدولة فلسطينية لن تجد لها ترجمة على أرض الواقع بسبب الوضع الدولي الراهن وغياب آلية نضال فلسطينية ضاغطة. كما أنها لا تضيف شيئا في طريق أزالة الاحتلال. مشيرا إلى أن الغضب الجماهيري يمكنه أن يحدث تغييرا في المعادلات القائمة، ولكن يبدو أن السلطة غير معنية بهذا الغضب.

ويشير الشرقاوي إلى أن هناك خلل في الأداء اليومي للقيادة الفلسطينية، وخلل في رؤيتها الاستراتيجية. ويرى أن خطوة التوجه إلى مجلس الأمن ما هي إلا قفزة إلى المجهول. ويضيف أنه في ظل التوسع الاستيطاني وسياسة هدم المنازل في القدس وفرض الأمر الواقع بحاجة إلى استراتيجية فلسطينية نضالية بعيدة الأمد تعتمد على المواجهة.

ويعود الشرقاوي إلى أساس نهج الخيار الواحد، ويقول، القيادة الفلسطينية حشرت نفسها عمليا في خيار المفاوضات بعد الخروج من بيروت عام 1982 الى المنافي، وجاء خيار اوسلو تتويجا للمفاوضات. لقد أوسلو كان ضرورة اسرائيلية عمل على اخراجة للواقع 300 بروفيسور اسرائيلي منهم خبراء في القانون الدولي واعتمدوا 3 خطوط عريضة الاقتصاد السياسةالاستيطان. حتى ان النرويجيون المتواضعين في السياسة استغربوا من التوقيع على الاتفاق بسرعة بدون دراسة ممحصة.

ويضيف الشرقاوي: القيادة الفلسطينية لاخيار امامها الا المفاوضات لانها اعدمت خياراتها الاخرى، ولم تدرس عمق الكيان الصهيوني حيث أن بامكان سلاح الغضب الجماهيري صناعة المستحيل وتحييد السلاح الاسرائيلي وانجاز التحرر بالقوة بل كذلك فرض شروط الشعب الفلسطيني وخاصة في ملفات التفاوض التي تم تأجيلها الى مفاوضات الحل النهائي، حق العودة والقدس والحدود والمياه أما تطمين الاحتلال بان الشعب الفلسطيني لن ينتفض مرة ثانية كان الاولى أن يصرح بأن الشعب الفلسطيني لن يسلك مرة ثانية طريق التفاوض العبثي.
ويتابع: القيادة الفلسطينية عاجزة عن انتاج خيار كفاحي مسلح وكذلك عاجزة عن انتاج خيار نضالي آخر كخيار العصيان المدني (غاندي) في الهند أو نلسون مانديلا في جنوب افريقيا لان العجز والفشل حوّل الاحتلال الاسرائيلي الى ارخص احتلال في العالم احتلال (ديلوكس) خمس نجوم واصبحت الدول المانحة تمول الاحتلال لاعفاءه من دفع ثمن احتلاله. واعتقد أن المشكلة الاساسية غياب الديمقراطية وعدم تقبل النخب المهيمنة على حياة ومقدرات الشعب النقد من ناحية وفشل كل الاحزاب والتنظيمات والاحزاب العاملة على الساحة الفلسطينية دون استثناء. وأردف: على القيادة الفلسطينية ان كانت تقرأ يجب أن تباشر قراءة كتاب قديم للمفكر عبد الرحمن الكواكبي وهو " طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد " كتبة قبل 107 اعوام عن الاستبداد والاستعباد وتحويل الشعب الى جزء من ماكينة الاحتلال . يجب ان ينتظم الشعب الفلسطيني ويعلي صوته بوجه النخب السياسية ويجب ان ينتفض حتى ولو انتفاضة اخلاقية منظمة لان ليس من حقة الانتفاضة بوجه الاحتلال بل من واجبة.


التعليقات