العودة إلى غزة

-

العودة إلى غزة
عدت لغزة لأول مرة منذ قبل الانسحاب الاسرائيلي في عام 2005 فلم اجد البيت الذي اقمت فيه لفترات متقطعة طيلة ستة اعوام.

لم تعد الشواطئ تزدحم بالمصطافين واختفت الراقصات والمشروبات الروحية من المطاعم والاسماك من الاسواق المزدحمة.

وتراجع الطلب على السمك نتيجة ضخ مياه الصرف الصحي في مياه البحر مما جعل الناس يخافون تناوله.

وعند معبر اريز الحدودي وقفت لمدة 15 دقيقة محتجزة في حجيرة في مواجهة جدار من الاسمنت به بوابة من الصلب السميك وقضبان حديدية على الجانبين وكاميرات للمراقبة من أعلى.

وقال اناس انهم يقفون هناك منذ اكثر من ساعة حيث يراقبهم بعض الجنود دون ان يتمكنوا من مخاطبة اي شخص.

وهتف عامل من وراء القضبان الحديدية وهو ينشغل باصلاح ما اتلفه مهاجم انتحاري في مايو ايار "يجب ان تقفوا أمام البوابة حتى يرونكم ويفتحونها."

لم تكن غزة بالمكان الذي يوصف بانه جنة ابدا. وكان الدخول دائما اسهل من الخروج وعادة ما كان الهواء يحمل دوي الاعيرة النارية التي يطلقها مسلحون من الفصائل الفلسطينية المتناحرة.

ولكن كانت الحياة تدب في ارجاء المدينة والناس يأملون في الحرية قبل انسحاب الاسرائيليين من غزة.

وحين عبرت الحدود اخيرا تجاهلني رجال ملتحون وسألوا سائق السيارة الاجرة عن هويتي ووجهتي. وسمح بمرور السيارة بعدما ابلغهم السائق اننا نتبع سيارة اخرى يستقلها مدير مكتب رويترز في القدس ومراسل الوكالة في غزة.

وليس ثمة شك عمن يسيطر على غزة فبعد صراع على السلطة مع حركة فتح عقب وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات سيطرت حركة المقاومة الاسلامية حماس على غزة في منتصف 2007 وترفرف الاعلام الخضراء لحماس في كل مكان.

ولم يعد يسمع دوي الاعيرة النارية في الخلفية.. لم ار سوى رجالا ملتحين ينتمون لقوات امن وشرطة حماس حاملين السلاح فيما ران الصمت والدمار وانتشرت المباني الايلة للسقوط.

وتندر السيارات في الشوارع بسبب نقص البنزين ويتنقل الناس بعربات تجرها الحمير أو دراجات نارية جلبوها من مصر حين اقتحم الفلسطينيون الحدود المصرية في يناير كانون الثاني لكسر الحصار المفروض على القطاع.

وسويت منطقة بيت حانون التي كانت منطقة صناعية مزدحمة من قبل بالارض بما في ذلك مطعم اوسلو الذي افتتح بعد توقيع عرفات اتفاق سلام مؤقتا في عام 1993 مع اسرائيل عقب مفاوضات سرية في اوسلو بالنرويج.

واغلقت عدة متاجر وعدد قليل من المصانع على الطريق المؤدي لوسط غزة. وقلما تجد روادا في المتاجر والمطاعم التي فتحت ابوابها. وتناثرت اكياس القمامة في الشوارع وعلى الارصفة وتدهور الوضع الاقتصادي نتيجة العقوبات الدولية التي فرضت عقب سيطرة حماس على غزة.

وتوجهت الي متجر بحي الرمال الراقي وسألت صاحب المتجر عن تبدل الاحوال.

واثار سؤالي نقاشا محتدما بين زبائن المتجر فدافعت امراة بقوة عن حماس بينما شكا اخرون من تدهور الاوضاع.

وقالت امراة ذكرت فقط أن اسمها أم احمد "لم اشعر ابدا بالامان في ظل حكم فتح العلماني بمسؤوليه اللصوص والفاسدين. الان اشعر بالامان مع حماس التي تتقي الله."

وقاطعتها امراة اخرى قائلة "يعامل من لا ينتمون لحماس معاملة سيئة. احتجزت واستجوبت لانتقادي حماس ثم فصلت من وظيفتي."

وقال رجل كان موظفا في السلطة الفلسطينية انه احتجز لمدة سبعة ايام استجوب خلالها عن اسباب شربه الجعة قبل ثمانية اعوام.

وكثيرات من الفلسطينيات محجبات في غزة حيث الالتزام الديني اقوى منه في مناطق اخرى في الاراضي الفلسطينية. ولا زالت بعض النساء دون غطاء رأس الا ان الحجاب اضحى اكثر انتشارا.

وقالت امراة رفضت ذكر اسمها مثل الاخرين انها لم تكن ترتدي الحجاب من قبل.

وتضيف "لم تفرض حماس علينا غطاء الرأس ولكننا مضطرات لارتدائه تفاديا للتعليقات اللاذعة لرجالها ونسائها في الشوارع."

ويتفاوض الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع اسرائيل لاقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ولم تعد غزة منفصلة عن الاراضي الفلسطينية جغرافيا فحسب بل اضحت تعيش واقعا سياسيا مختلفا.

من وفاء عمرو - قطاع غزة (رويترز)



التعليقات