الوضع الفلسطيني في ندوة بمشاركة شخصيات سياسية وأكاديمية في طولكرم

-

الوضع الفلسطيني في ندوة بمشاركة شخصيات سياسية وأكاديمية في طولكرم
ناقش عدد كبير من الأكاديميين والصحفيين والكتاب والمحللين السياسيين والقادة الحزبيين والنشطاء النقابيين ورجال أعمال آخر المستجدات السياسية على الساحة الفلسطينية، في ندوة سياسية عقدت في مدينة طولكرم بالضفة الغربية..

واستعرض المشاركون في الندوة السياسية الجماهيرية التي عقدها تحالف السلام الفلسطيني في مدينة طولكرم والتي تأتي ضمن فعاليات تهدف إلى نشر لغة وثقافة الحوار بين أوساط الشعب الفلسطيني، والتي تحدث فيها كل من السيد د.حسن خريشي عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، وفضيلة الشيخ قاسم خضر القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، والسيد رأفت بلعاوي ممثلا عن محافظ طولكرم طلال دويكات، استعرضوا المعوقات التي تعترض الحوار الفلسطيني الداخلي، والمحاولات الرامية لبلورة إستراتيجية فلسطينية موحدة، عبر الحوار الذي تجريه السلطة مع حماس .

وفي بداية الندوة تطرقت الآنسة لبنى سلامة مديرة الندوة إلى الوضع السياسي العام الذي يمر به شعبنا الفلسطيني، مؤكدة على انه من أصعب فترات العمل الوطني الفلسطيني، وان أقسى ما يواجهه الفلسطينيون في تاريخهم يجري الآن،حيث أن كل ما يمكن أن يعذب الإنسان الفلسطيني تم بشكل منهجي ومدروس، وكل هذا يجري في ظرف إسرائيلي لا يشجع على التفكير لفتح الملف السياسي.

وقالت سلامة في ورقة النقاش التي قدمها تحالف السلام الفلسطيني إن هناك استحقاقات مفروضة على أبناء شعبنا وهي استحقاقات داخلية تضاعف من مهامهم السياسية الوطنية والمتمثلة بالحوار الجدي و الإصلاح الداخلي الفلسطيني عبر برنامج وطني شامل.

وشددت سلامة على أن المحاولات الرامية للحوار والإصلاح دارت في حلقة مفرغة ولذلك لعدة أسباب تمثلت أهمها في انعدام جدية الطرفين المهيمنين على الساحة الفلسطينية، وموقف حركة حماس المشكك والمتشكك، بالإضافة إلى ضعف الفصائل والتيارات الأخرى، وعليه لم يكن مفاجئا أبدا وصول كافة مساعي الحوار و الإصلاح والتفعيل وإعادة البناء - بصرف النظر عن المسميات - إلى طريق مسدود .

وناقش المشاركون في الندوة ورقة العمل التي قدمها تحالف السلام والتي تضمنت بعض الملاحظات التي سجلت خلال ورش العمل والمؤتمرات و الندوات السياسية التي نفذها التحالف، والتي تركزت على موضوع الحوار الوطني وإنهاء حالة الانقسام والاستقطاب التي يعيشها الشارع الفلسطيني، حيث اشتملت هذه الملاحظات على قضايا عدة كان من أهمها الحديث مجددا عن إحياء منظمة التحرير وإعادة بنائها أو تفعيلها تحت ضغط الانقسام الفلسطيني الداخلي وانفصال الضفة عن القطاع، وحماس عن فتح، في الوقت الذي لم يتم فيه حتى الآن التطرق إلى الحاجة لإعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية وفق رؤية إستراتيجية تلحظ احتياجات النضال الوطني الفلسطيني للسنوات العشر أو العشرين القادمة، كما انحكمت كافة محاولات الحوار بنظرة جزئية، ترقيعية ترميمية، فلم يجر تناول مسألتي الحوار والإصلاح والتفعيل من زاوية إستراتيجية، بل جرى التعامل معها من منظور تكتيكي ضيق، وغالبا كرد فعل على تطور موازين القوى في الصراع الفلسطيني الداخلي، أو كنتيجة لتزايد الضغوط الخارجية على السلطة والمنظمة، في الوقت الذي تبدو فيه الحاجة ماسة هذه الأيام للتفكير بإستراتيجية تخرج بالمسألة الفلسطينية من دهاليز اليوميات والتفاصيل القاتلة، ذلك التفكير الذي يرى الغابة بمجملها ولا يسمح لشجرة واحدة أو بضع شجيرات بحجب مدى الرؤية، فالحركة الوطنية الفلسطينية وصلت إلى طريق مسدود، والقضية الفلسطينية تبدو مهددة بالضياع والتبديد، والعمل الوطني الذي انتقل إلى "ضفاف الأسلمة" مع حماس، مرشح لدخول "عصر السلفية الجهادية"، في الوقت الذي يحتاج فيه الجميع إلى إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير على قاعدة الانتخاب المباشر لأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني ومؤسسات المنظمة ومنظماتها الشعبية والأهلية، لان الطريق الذي تقودنا إليه حماس لا يمكن أن يخرجنا من أطواق العزلة التي تحيط بنا من جهاتنا الخمس، وبالتالي آن الأوان لفتح الأبواب والنوافذ أمام رياح التغيير والتجديد من خلال الاحتكام إلى صناديق الاقتراع مجددا.

وفيما يتعلق بمسألة الاحتكام إلى الشعب، شدد المتحدثون على انه خيار ديمقراطي وتبكير الانتخابات أمر معمول به في كثير من الديمقراطيات، على أن تبكير الانتخابات وتحديد موعدها الجديد يأتي في سياق توافقي بين الغالبية والأقلية، الحكومة والمعارضة، وهو شرط غائب عن ساحة العمل السياسي الوطني الفلسطيني، فالانتخابات طرحت في سياق الصراع على السلطة وفي مناخات الانقلاب العسكري من جهة والاستئصال السياسي من جهة ثانية، فكيف يمكن للانتخابات أن تكون سيناريو للحل وليس مدخلا للخراب؟ كيف يمكن لحماس أن تستمر في إدارة ظهرها لنداءات الاحتكام للشعب؟ انه مأزق عام، يعتصر الرئاسة والحكومة المقالة وحركتي فتح وحماس والسلطة والمنظمة والحكومتين معا.

وشدد المشاركون في مداخلاتهم على أن حركة فتح لا تقف وحدها على المفترق الأصعب في تاريخها، فحركة حماس بدورها تقف على المفترق ذاته أيضا، وهي مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالإجابة عن أسئلة لطالما جهدت في تأجيل الإجابة عليها ما أمكنها إلى ذلك سبيلا حيث أنها وبالرغم من تبايناتها مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بأن تحسم حالة الازدواج التي تعيشها، فاستمرار الجلوس على مقعدين ما عاد مريحا، لا للحركة ولا للشعب الذي تمثله، خاصة بعد أن أخفقت برغم تحولاتها وتبدلاتها في رفع الحصار المضروب على الشعب الفلسطيني، وعجزت عن تطوير منظومة الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية للشعب الفلسطيني، من دون أن تعود قادرة على ممارسة "برنامجها المقاوم"، أو أن تفلح في تبني "برنامج مسالم" يخرجها ويخرج الفلسطينيين من قبضة الحصار والاحتلال والقتل والاستيطان، مؤكدين على انه كلما أسرعت الحركة في حسم ازدواج موقعها وموقفها، كلما كان ذلك أفضل لها ولشعبها، ولن ينفعها الدخول في جدل بيزنطي أو في توزيع الاتهامات بالمسؤولية شرقا وغربا عن المآلات الصعبة التي الت إليها حماس حركة وحكومة، فالمطلوب اليوم الإجابة بسرعة ومن دون تردد عن سؤال: ماذا بعد؟!

وأشار المشاركون في الندوة على انه سيزداد الأمر سوءا على حماس، إن هي تصرفت بعقلية المنتصر، أو حاولت أن تقيم دولة "الإسلام" في القطاع، فالتعددية الفلسطينية أبعد وأعمق من أن تختصر وتلغى بجولة عسكرية واحدة، حيث أن حماس ستكتشف أن الأيام القادمة قد تكون أصعب عليها وعلى شعبها إن هي أدارت ظهرها لصوت العقل والمنطق.

وركز المشاركون في الندوة على إن الطريق الوحيد للخروج من هذا المأزق، يبدأ بالحوار والتوافق، وتحديدا على الانتخابات المبكرة من حيث موعدها وقانونها وآليات إجرائها، والأهم ضمانات احترام نتائجها والتقيد بها، وشمولها السلطة بمختلف مناطقها وفصائلها، والمنظمة حيثما أمكن، ومن دون ذلك سيظل النظام السياسي الفلسطيني واقفا على المفترق الصعب المفضي إلى الخيارات الأصعب والمتمثلة بمجموعة من السيناريوهات والتي أهمها سيناريو الانهيار القائم على فرضية استمرار الانقسام وانتقال المواجهة إلى حروب عصابات متبادلة في الضفة والقطاع وسيناريو "الضفة الغربية أولا" إضافة إلى سيناريو العودة لصيغ المحاصصة بين فتح وحماس والتسويات المؤقتة والانتقالية تحت الضغط المصري والسعودي.

وفي مداخلته شدد د.حسن خريشي عضو المجلس التشريعي الفلسطيني على أهمية الوثيقة المصرية الداعية لإنهاء الانقسام، حيث قال إن الوثيقة ركزت على ضرورة إنهاء الإنقسام والحرص على الوحدة الوطنية حيث تشمل هذه الوثيقة مبادئ عامة تؤكد على أهمية إجراء المصالحة الوطنية والتأكيد على وحدة الأرض المحتلة سياسيا وجغرافيا ووطنيا، وأن الحوار الوطني الشامل هو الحل الوحيد للنزاعات الداخلية والتمسك بالديمقراطية كسبيل لتداول السلطة والتأكيد على حرمة الدم الفلسطيني، وأن المقاومة تأتي في إطار التوافق الوطني الشامل استنادا إلى مرجعيات الحوار والمتمثلة باتفاق القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني واتفاقية مكة ومبادرة سيادة الرئيس وقرارات القمة العربية المتعلقة بالمصالحة.

وقال الدكتور خريشي إن الوثيقة تضمنت مجموعة من النقاط الهامة المتعلقة بالوضع الراهن كالحكومة ومهامها مع التاكيد على اجراء الانتخابات المتزامنة في توقيت متفق عليه مع ضرورة توفير المتطلبات اللازمة للالتزام بالمرحلة القادمة والحفاظ على التهدئة وتوفير المناخ الداخلي لإنجاح المصالحة الشاملة وفيما يتعلق بالمفاوضات أكدت الوثيقة على أن هناك تفويض لمنظمة التحرير لإجراء المفاوضات على قاعدة التمسك بالأهداف الوطنية.

وذكر الدكتور خريشي أن هناك شكوكا ومخاوف في الشارع الفلسطيني من عدم التزام الأطراف المعنية بما يتم الاتفاق عليه في القاهرة خصوصا أن الشارع الفلسطيني متفائل بأنه في حال اتفاق الحركتين على إنهاء الانقسام سيتم انتهاء مرحلة بالغة الشذوذ في الساحة الفلسطينية.

وفي مداخلته قال الشيخ قاسم خضر القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي إن الشعب الفلسطيني يعيش أزمة قرار في إدارة الشؤون الداخلية وفي إدارة الصراع مع الإسرائيليين، حيث أكد أنه وبدخول الانتفاضة الثانية إزداد الحضور الإسلامي وبشكل لافت للنظر، وهذا الحضور أجاز طرح التساؤل من يقرر، فكان رفع الشعار شركاء في الدم شركاء في القرار والذي تمثل وتتوج بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية التشريعية الأخيرة والتي لم تشارك بها حركة الجهاد الاسلامي والذي أراد الجميع من هذه الانتخابات أن تكون مخرجا لأزمة من يقرر، فوقع المحظور من حيث عدم اعتراف العالم بنتائج الانتخابات وعدم تقبل البعض التواجد في سدة الحكم او في مقاعد المعارضة.

وأضاف الشيخ قاسم أن شعار الدم الفلسطيني خط احمر قد تهاوى في خضم تداعيات وإفرازات المرحلة السياسية الراهنة وخير دليل على ذلك المشهد اليومي الذي يعيشه الشارع الفلسطيني في ظل وجود الانقسام السياسي وحالة الاستقطاب المسيطرة عليه.

واختتم الشيخ قاسم مداخلته بالقول أنه لا خيار للشعب الفلسطيني سوى خيار الوحدة الوطنية وأن يبدأ كل مواطن فلسطيني بنفسه أولا، ويجب أن توجه البوصلة الوطنية الشاملة تجاه برنامج واحد يتفق عليه الجميع يضمن الحياة الكريمة للمواطن الفلسطيني على أرضه ونيل كافة حقوقه لإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وأشار رأفت بلعاوي ممثل محافظ طولكرم إلى أن الشارع الفلسطيني في المحافظة ليس متفائلا بالحوار إن لم يبن على أسس متينة وثابتة، مؤكدا على أن المشهد السياسي الحالي ولا سيما في الشهرين المقبلين ينعكس وبشكل كبير على الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني العادي.

وأضاف بلعاوي أنه إذا أردنا أن ينتصر الحوار يجب أن تنتصر الوحدة الوطنية الفلسطينية أولا وأن تصفى النفوس وأن يذهب الجميع للحوار وهو يحمل نوايا صادقة تجاه إخراج الشارع الفلسطيني من هذه الحالة الشاذة وأن أي اتفاق من الممكن تطبيقه إذا ابتعد الجميع عن المصالح الفئوية الضيقة باتجاه تغليب المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا.

التعليقات