سياسيون وقادة وشخصيات اعتبارية يتوقعون انتهاء حوارات القاهرة بتهدئة وكنفدرالية بين الضفة الغربية وقطاع غزة..

-

سياسيون وقادة وشخصيات اعتبارية يتوقعون انتهاء حوارات القاهرة بتهدئة وكنفدرالية بين الضفة الغربية وقطاع غزة..
ناقش سياسيون وقادة عمل وطني عددا من السيناريوهات المتعلقة بإنهاء حالة الانقسام التي يعيشها الشعب الفلسطيني ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأكد المشاركون في الندوة السياسية الجماهيرية التي عقدها تحالف السلام الفلسطيني في مدينة نابلس والتي تأتي ضمن فعاليات تهدف الى نشر لغة وثقافة الحوار بين اوساط الشعب الفلسطيني، والتي تحدث فيها كل من السيد تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ،عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية ، و د.نجاة أبو بكر عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة فتح والسيد غسان المصري ممثل محافظة نابلس وفضيلة الشيخ محمد البشتاوي.

وأكد المتحدثون على أن صورة المشهد الفلسطيني على المدى القصير قد ارتسمت معالمها ما لم يحدث ما ليس في الحسبان وتنقلب الطاولة على رؤوس الجميع، وذلك بعد انتهاء المشاورات المصرية – الفلسطينية (الفصائلية) وهذه الصورة تشتمل على معالم تهدئة" فلسطينية – فلسطينية، ولا تنطوي على أسس ومعالم حل جذري متماسك لأزمة الانقسام الفلسطيني الداخلي، ومن الواضح تماما أن الوسيط المصري وفريقي الصراع الفلسطيني أدركا تمام الإدراك صعوبة اجتراح معالجة جذرية للداء الفلسطيني، فاكتفيا ببعض المسكنات والجراحات التجميلية.

واكد المتحدثون في الندوة انه وكمحصلة لذلك تشهد الساحة السياسية الفلسطينية حراكا نشطا، حيث تدور المشاورات والاتصالات الفلسطينية الداخلية، والفلسطينية الإقليمية حول سلسلة من الخيارات والسيناريوهات، وحيث يقف كل فريق وقفة مراجعة مع حساباته وخياراته.

وشدد المتحدثون على ان تطورات مهمة ستشهدها الساحة الفلسطينية الداخلية في غضون الشهرين القادمين، ومن أهمها حسم حالة الانقسام الذي يعيشه المجتمع الفلسطيني وحسم حالة الازدواج والشلل التي يعيشها النظام السياسي الفلسطيني (نظام الرأسين والرئاستين)، وحسم مسألة الجندي الأسير جلعاد شاليت، وفقا لصفقة تبادل تضع مصر اللمسات الأخيرة عليها في اتصالات كثيفة مع حماس الخارج والداخل من جهة، والأجهزة الأمنية الإسرائيلية من جهة ثانية. أما عناصر الصفقة فتتحدث عن الإفراج عن 800 – 1000 أسير فلسطيني على ثلاث دفعات تنتهي بنهاية العام الحالي، مقابل الإفراج عن الأسير الإسرائيلي، وفي السياق ذاته، يتم الإفراج عن وزراء حماس ونوابها.

واكد المتحدثون في الورشة ان الرئيس محمود عباس ابو مازن يواجه سلسلة من الضغوط الداخلية والخارجية وفي اتجاهات مختلفة. فهو من جهة يواجه بضغط من داخل حركة فتح والمنظمة والسلطة لاستخدام صلاحياته لإنهاء "الوضع الشاذ القائم"، وهو من جهة ثانية يواجه ضغطا مماثلا وفي الاتجاه ذاته من قبل دوائر عربية ودولية عدا عن ضغط الشارع الفلسطيني وضغط حركة حماس والفصائل الحليفة لها والمحور الذي يدعمها، ويدرك أن هناك حدودا لما يمكن أن يفعله.

وفيما يتعلق بخيارات الأطراف في المرحلة القادمة اكد المشاركون في الندوة ان مجموعة من السيناريوهات التي قد تلائم المعظم للخروج من الازمة، حيث اكدوا ان خيارات الرئيس محمود عباس تتلخص في اربعة سيناريوهات يتمثل الأول بالنجاح في الوصول إلى اتفاق مع حماس لتشكيل حكومة وحدة وطنية، عمادها الرئيسي حركتا فتح وحماس، بيد أن ثمة عوائق عديدة ما زالت تعترضه ومنها الفجوة السياسية بين برنامجي فتح وحماس، سيما وأن الحركة نفسها ما زالت منقسمة على نفسها بين صقور وحمائم، داخل وخارج، ضفة وغزة وسجون مع وجود تيار داخل حركة فتح والسلطة الوطنية يريد لحكومة حماس أن تنهار أولا قبل التفكير بأي ائتلاف جدي معها، ويتحين الفرصة للعودة إلى السلطة منفردا بالتزامن مع وجود تيار داخل حماس متلهف للسلطة وشغوف بالبقاء فيها.

والسيناريو الثاني يتمثل بتشكيل حكومة "تكنوقراط" مطعمة بسياسيين، وتتولى رئاستها شخصية مستقلة يتفق عليها، بيد أن هذا السيناريو يحتاج لتنفيذه إلى موافقة حماس، وحماس ليست موافقة عليه حتى الآن على الأقل، ودونه الكثير من العقبات التي تبدأ بالبرنامج السياسي للحكومة ولا تنتهي بالاتفاق على رموزها، ثم أن خيارا كهذا لا يجد صدى فلسطينيا واسعا، فالمرحلة التي يعيشها الشعب الفلسطيني سياسية بامتياز وتحتاج إلى حكومة سياسية بامتياز كذلك.

اما السيناريو الثالث فيكمن في بقاء حكومة الطوارئ ولكن مشكلات هذا السيناريو مع ذلك تظل كبيرة، حيث أن حكومة الطورائ بموجب النظام الأساسي مؤقتة وانتقالية حيث المطلوب من الرئيس في نهاية بضعة أشهر أن يجري انتخابات رئاسية وتشريعية تفضلها فتح ولا تحبذها حماس، وهي خطوة محفوفة بالمجازفة بخسارة حركة فتح للرئاسة الأولى بعد أن خسرت التشريعي والحكومة، الأمر الذي يقلل من شأنه مراقبون عدة، يعتقدون بأن حماس فقدت كثير من بريقها وألقها، وأن الانتخابات القادمة ستعيد تحالف فتح وفصائل المنظمة مع هامش أكبر من المستقلين إلى سدة الائتلاف الحكومي، عدا عن أن حماس تعتبر "حكومة الطوارئ" انقلابا عليها.

والسيناريو الرابع والاخير هو حل السلطة الفلسطينية برمتها، وهو سيناريو كثر الحديث بشأنه مؤخرا، وأبدت أجنحة من حماس وبعض الشخصيات الفلسطينية ميلا واضحا له، بيد أن القرار بهذا الشأن عائد إلى منظمة التحرير الفلسطينية التي لا وجود لحماس أو الجهاد في أي من هيئاتها أو مؤسساتها القيادية.

وشدد المتحدثون على ان خيارات حركة حماس للمرحلة تتمثل في خمسة خيارات، الاول منها هو التشبث بالسلطة بأي ثمن، والمقامرة بمواجهة حالة من العصيان المدني الآخذ في التشكل والتصاعد على خلفية أزمة الرواتب والحصار الدولي السياسي والاقتصادي والمالي.

والخيار الثاني، العمل ما أمكن للاحتفاظ برئاسة الحكومة وعدد من الوزرات السيادية، والعمل في نفس الوقت على تشكيل حكومة ائتلاف تحتفظ فيها حماس بموقع الأغلبية والقرار، على أن تظل هوية الحكومة القادمة هي حماسية.

اما الخيار الثالث فهو الانسحاب من الحكومة وتركها لحركة فتح والفصائل والاكتفاء بموقع الرقيب والحسيب على أدائها، وتحديدا لجهة صون المكتسبات التي حققتها حماس داخل مؤسسات السلطة وإداراتها، وهذا خيار لا تؤيده أغلبية واضحة في حماس، وإن كان مطلبا لتيارات صقرية داخل الحركة.

ويتمثل الخيار الرابع بحل السلطة الوطنية الفلسطينية، وهو أمر يصطدم برفض غالبية فتح كما أن القرار بشأنه ليس رهنا بإرادة المجلس التشريعي أو الحكومة أو حتى السلطة، بل رهن بقرار منظمة التحرير الذي لا تمتلك حماس وسيلة للتأثير فيه أو صياغته.

اما الخيار الأخير فهو القبول بشروط المجتمع الدولي الثلاث: الاعتراف بإسرائيل، الموافقة على الاتفاقيات السابقة، ونبذ العنف، والتأهل بالتالي لولوج أعتاب مرحلة جديدة في تاريخ حماس في السلطة وليس في المعارضة، وهذا الخيار وإن كانت تؤيده شرائح مهمة من حماس في الداخل إلا أن الحسم بشأنه ينتظر موافقة الخارج الخاضع بدوره لضغوطات إقليمية ممتدة من طهران إلى دمشق وصولا إلى حزب الله وفصائل دمشق العشرة.

ولفت المتحدثون النظر الى أنه من بين مختلف الخيارات والسيناريوهات المطروحة، يبدو خيار حكومة الائتلاف الوطني هو الأكثر "شعبية" في فلسطين، وهو الذي يمكن الساحة الفلسطينية من تجاوز نظام الرأسين وضبط الفوضى ويمهد لتأهيل حماس للمشاركة في السلطة أو ممارستها، فمثل هذا الخيار ليس مستحيلا، وإن كان الوصول إليه صعبا للغاية، فثمة غالبية واضحة من الشعب الفلسطيني ومختلف الفصائل تؤيد هذا الخيار. وهو أيضا خيار يعارضه المتشددون في حماس، وأصحاب الشهية المفتوحة على السلطة منهم، مثلما يعارضه في فتح الذين لم يعتادوا بعد على الجلوس في مقاعد المعارضة، كما تعارضه أطراف عربية لأسباب خاصة بها وتتعلق بأوضاعها الداخلية، بيد أن هذه المعارضة يمكن التغلب عليها وهو يحظى بقبول بعض الأوساط في المجتمع الدولي، أوروبا وبعض الإسرائيليين، وثمة جدل بشأنه في أوساط الإدارة الأمريكية التي ما زالت أسيرة شروطها الثلاث للتعامل مع حماس، لكن الحكومة الائتلافية يمكن أن تقلع خصوصا إذا تولى رئاستها شخص من خارج حماس وأسندت حقيبتي المال والخارجية لعناصر فتحاوية أو مستقلة، وفي هذا المقام توقع المتحدثون ان تبرز مجموعة من المحاذير ومن أهمها قضية الحصار وعودته من جديد وبشكل اكبر ومدى قبول المجتمع الدولي لحكومة ائتلافية..

واشار المتحدثون في الندوة انه وبدلا من حكومة "التكنوقراط" التي تطالب بها حركة فتح، و"الوحدة الوطنية" التي تطالب بها حماس، سنكون أمام حكومة "توافق وطني" مطعمة بسياسيين فصائليين ومستقلين وتكنوقراط، وستستند الحكومة إلى ركام الوثائق والبيانات الوزارية وكتب التكليف والمبادرات السابقة، من وثيقة الأسرى إلى اتفاق مكة إلى بيان حكومة الوحدة وكتاب التكليف الرئاسي فضلا بالطبع عمّا يمكن أن ينجم عن حوارات القاهرة المقبلة من تفاهمات وأوراق وملخصات.

واكد المتحدثون انه بدا واضحا للعيان أن حماس لن تذهب بعيدا في "تنازلاتها السياسية" لصالح فتح، خصوصا وأن فتح ليس لديها ما "تحرج" به قيادة حماس وتضعها في الزاوية الضيقة، فالمفاوضات لم تصل إلى مكان، وأركان السلطة يتبارون في توصيف حالة الفشل التي انتهت إليها عملية أنابوليس، ومناخات التشاؤم والتشدد تخيم على خطابات أكثر المسؤولين والمفاوضين الفلسطينيين اعتدالا، وتنظيميا وأمنيا وماليا. ليس لدى الأطراف النيّة لتقديم تنازلات جوهرية لبعضها البعض، فتح لن تتخلى عن أجهزتها الأمنية وكذا الأمر بالنسبة لحماس... فتح ليست في وارد فتح أبواب الضفة لحماس وكتائبها ولجانها وجمعياتها، وكذا الأمر بالنسبة لحماس في قطاع غزة... فتح ليست لديها النية لفتح ملف إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية المغلق منذ أن سيطرت فتح على المنظمة قبل أربعة عقود، وحماس لن تتخلى عن "عصفورها" الذي في القطاع، لصالح عشرات العصافير التي تغرد خارج سربها وتتقافز فوق أشجار منتشرة في أماكن لا سيطرة لحماس عليها.

في مداخلته عرج تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية على الاتفاقات السابقة لحركتي فتح وحماس، وما آلت اليه من اقتتال داخلي برهن على فشل تلك الاتفاقات، وتطرق لحوار القاهرة الحالي الذي أبقى باب الحوار مفتوحا لتسجيل التحفظات والذي اعتبره امرا طبيعيا في الحوارات السياسية ووصف حوار القاهرة بالصعب والمعقد الذي من الصعب الوصول الى نتائج سريعة.

ودعا خالد من أجل ضمان نجاح الحوار عدم المراهنة على اوراق لا تسهم في نجاح الحوار، وانما تعطل وتثقل الحوار خاصة ورقة نهاية ولاية الرئيس محمود عباس.

وذكر خالد ان هناك ثلاثة متطلبات لانجاح الحوار الفلسطيني يتمثل الاول بالتوافق على حكومة لاتعيد فرض الحصار على الشعب الفلسطيني تكون تحت الرعاية والمساءلة، والمتطلب الثاني هو التوافق على انتخابات رئاسية وتشريعية على قاعدة التمثيل النسبي الكامل وليس على قاعدة النظام المختلط، والمتطلب الثالث والاخير هو المساعدة العربية في إعادة بناء الاجهزة الامنية.

وفي مداخلتها تطرقت د. نجاة أبو بكر عضو المجلس التشريعي الفلسطيني إلى أثر الانقسام سياسيا واجتماعيا على الساحة الفلسطينية.

وقالت د. ابو بكر إن الانقسام وما حدث بغزة أضفى على الساحة الفلسطينية مصطلحات لم تكن متداولة من قبل أثر على مناحي الحياة الاجتماعية.

وعدت د. أبو بكر المنظومة الاجتماعية أخطر من السياسية لأن الأخيرة يمكن السيطرة عليها في النهاية وحلها.

وأشار غسان المصري ممثل محافظة نابلس الى الوضع السياسي الراهن وانعكاسة على مدينة نابلس ومواطنيها مشددا على ان المدينة عانت ولا تزال تعاني من سياسات الاغلاق والحواجز المنتشرة على مداخلها مما يسبب المعاناة المستمرة لمواطنيها.

ودعا الشيخ محمدالبشتاوي الى نبذ الانقسام والفرقة ورص الصفوف لتوحيد الكلمة وتغليب الارادة الالهية على المصالح الدنيوية وقضية التنوع ظاهرة طبيعية ولا يخالفها الدين ولكن التنوع يكون بما يخدم ويسهم في بناء الوطن وتنميته.

ومن خلال النقاش المفتوح ركز المشاركون في الندوة على بروز سيناريو جديد في الاونة الاخيرة يتحدث عن امكانية تهدئة بين فتح وحماس ومن ائتلف معهما، ستسمح من خلالها حماس لفتح ببعض مظاهر الوجود في القطاع شريطة عدم الإخلال بتوازن القوى هناك، وستفعل فتح في الضفة الغربية شيئا مماثلا، وستشكل حكومة توافق بمشاركة وزراء من الجانبين وربما برئاسة مستقلة، وسيمدد لسيادة الرئيس محمود عباس بالتوافق وستعقد الانتخابات المبكرة تشريعيا والمتأخرة رئاسيا بالتوافق أيضا.

وتم اختتام الندوة بفتح باب الاسئلة المباشرة والتي تم التركيز من خلالها على أن حوارات القاهرة ستنتهي في أحسن الحالات إلى "تهدئة" و"كونفدرالية"، التهدئة بين فتح وحماس بعد التهدئة بين حماس وإسرائيل، و"الكونفيدرالية" بين الضفة والقطاع وليس بين الأردن وفلسطين كما ظل يتردد حتى الآن.

التعليقات